البحث التفسيري للايات 21-22 من سورة البقرة
عبير ماجد
المسائل البلاغية
سبب تسمية السماء بذلك
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
قال أبو جعفرٍ: وإنّما سمّيت السّماء سماءً لعلوّها على الأرض وعلى سكّانها من خلقه، وكلّ شيءٍ كان فوق شيءٍ آخر فهو لما تحته سماءٌ.
ولذلك قيل لسقف البيت سماؤه، لأنّه فوقه مرتفعٌ عليه ولذلك قيل: سما فلانٌ لفلانٍ: إذا أشرف له وقصد نحوه عاليًا عليه، كما قال الفرزدق:
سمونا لنجران اليماني وأهله*.......*ونجران أرضٌ لم تديّث مقاوله
وكما قال نابغة بني ذبيان:
سمت لي نظرةٌ فرأيت منها*.......*تحيت الخدر واضعة القرام
يريد بذلك: أشرفت لي نظرةٌ وبدت، فكذلك السّماء: سمّيت للأرض سماءً لعلوّها وإشرافها عليها.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الإعراب
إعراب (يا أيها )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (* وأما إعراب*{يا أيّها}: فـ"أي" اسم مبهم مبني على الضم؛ لأنه منادى مفرد، و"الناس" صفة لـ"أي" لازمة، تقول: (يا أيها الرجل أقبل)، ولايجوز: (يا لرجل)؛ لأن "يا" تنبيه بمنزلة التّعريف في الرجل، فلا يجمع بين "يا" وبين الألف واللام فتصل إلى الألف واللام بـ"أي"، و"ها"لازمة*لـ"أي" للتّنبيه، وهي عوض من الإضافة في "أي"؛ لأن أصل "أي": أن تكون مضافة في الاستفهام والخبر.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
«يا» حرف نداء، وفيه تنبيه، و «أي» هو المنادى.
قال أبو علي: «اجتلبت أي بعد حرف النداء فيما فيه الألف واللام لأن في حرف النداء تعريفا فكان يجتمع تعريفان، و «ها» تنبيه وإشارة إلى المقصود، وهي بمنزلة ذا في الواحد، والنّاس نعت لازم لأي».
إعراب الناس
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (*وزعم سيبويه، عن الخليل: أن المنادى المفرد مبني، وصفته مرفوعة رفعا ًصحيحاً؛ لأن النداء يطرد في كل اسم مفرد، فلما كانت البنية مطردة في المفرد خاصة؛ شبه بالمرفوع فرفعت صفته.
والمازني يجيز في (يا أيها الرجل) النصب في "الرجل"، ولم يقل بهذا القول أحد من البصريين غيره، وهو قياس؛ لأن موضع المفرد المنادى نصب، فحملت صفته على موضعه، وهذا في غير: (يا أيها الرجل) جائز عند جميع النحويين نحو قولك: (يا زيدُ*الظريفُ) و(الظريفَ)،والنحويون لا يقولون إلا (يا أيها الرجل)، (يا أيها الناس)، والعرب لغتها في هذا الرفع ولم يرد عنها غيره، وإنما المنادى في الحقيقة "الرجل"، ولكن "أيّ" صلة إليه، وقال أبو الحسن الأخفش: إن "الرجل" أن يكون صلة لـ"أي" أقيس، وليس أحد من البصريين يتابعه على هذا القول).[معاني القرآن: 1 / 96-99]
إعراب (وانتم تعلمون) ومتعلقها
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (* قوله:*{وأنتم تعلمون}*جملة حالية
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ({وأنتم تعلمون})*حال من ضمير فلا تجعلوا، ومفعول تعلمون متروك أي وحالكم أنكم من ذوي العلم والنظر وإصابة الرأي فلو تأملتم أدنى تأمل اضطر عقلكم إلى إثبات موجد للممكنات، منفرد بوجود الذات، متعال عن مشابهة المخلوقات، أوله مفعول أي: وأنتم تعلمون أنه الذي خلق ما ذكر أو أنتم تعلمون أن لا ندّ له، وعلى كل التقديرين متعلق العلم محذوف إما حوالة على العقل أو للعلم به، وسقط لأبي ذر قوله تعالى فقط.
إعراب (الذي جعل)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى:*{الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}.
وقوله:*{الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}*مردودٌ على الّذي الأولى في قوله:*{اعبدوا ربّكم الّذي خلقكم}*وهما جميعًا من نعت*{ربّكم}*فكأنّه قال: اعبدوا ربّكم الخالقكم، والخالق الّذين من قبلكم، الجاعل لكم الأرض فراشًا.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى:*{الّذي جعل}*نصب على إتباع الذي المتقدم، ويصح أن يكون مرفوعا على القطع.
وما ذكر مكي من إضمار أعني أو مفعول ب تتّقون فضعيف.
إعراب (جعل)
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
و{جعل}*بمعنى صير في هذه الآية لتعديها إلى مفعولين
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
المسائل الصرفية
اشتقاق تتقون
قال عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
وأصله «توتقيون» نقلت حركة الياء إلى القاف وحذفت للالتقاء مع الواو الساكنة وأدغمت الواو الأولى في التاء).*[المحرر الوجيز: 1 / 143-144]
اشتقاق الند
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({الّذي جعل لكم الأرض فراشاً والسّماء بناءً وأنزل من السّماء ماءً فأخرج به من الثّمرات رزقاً لّكم فلا تجعلوا للّه أنداداً وأنتم تعلمون}
قوله:*{فلا تجعلوا للّه أنداداً}*فقطع الألف؛ لأنه اسم تثبت الألف فيه في التصغير، فإذا صغرت قلت: "أنيداداً".*
وواحد "الأنداد": ندٌّ. و"الندّ": المثل).*[معاني القرآن: 1 / 40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أندادا}: واحدهم ند، ويقال نديد وهو شبيه).*[غريب القرآن وتفسيره: 66]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ):*(والند يقع على معنيين متضادين؛ يقال: فلان*
ند فلان إذا كان ضده، وفلان نده إذا كان مثله؛ وفسر الناس قول الله جل وعز:*{فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون}*على جهتين:
قال الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس:*«معناه فلا تجعلوا لله أعدالا، فالأعدال جمع عِدْل والعِدْل المثل».
وقال أبو العباس، عن الأثرم، عن أبي عبيدة:*{فلا تجعلوا لله أندادًا}*أضدادا.
ويقال: فلان ندي، ونديدي، ونديدتي، فالثلاث اللغات بمعنى واحد.
قال حسان لأبي سفيان بن الحارث:
أتهجـوه ولسـت لــه بـنـد فشركما لخيركما الفداء
وقال لبيد:
أحـمــد الله فـــلا نــــد لــــه بيديه الخير ما شاء فعل
وقال الآخر:*
أتـيـمـا تجـعـلـون إلــــي نــــدا وما تيم لذي حسب نديد
وقال لبيد في إدخال الهاء:
لكي لا يكون السندري نديدتي وأشـتــم أقـوامــا عـمـومـا عمـاعـمـا
العماعم: الجماعات. ويروى: «وعما عماعما»، فالعم الرجال البالغون. ويستعمل في غير الرجال أيضا، اشترى بعض الشعراء نخلا، بعضه بالغ، وبعضه غير بالغ، فعذل في ذلك، فقال:
فـعــم لـعـمـكـم نــافــع وطفل لطفلكم يؤمل
أراد: فالبالغ من النخل ينفع الرجال البالغين، والذي ليس ببالغ ينفع الأطفال، ويؤمل بلوغه لهم؛ وإنما دخلت الهاء في «نديدة» للمبالغة، كما قالوا: رجل علامة ونسابة، وجاءني كريمة القوم؛ يراد به البالغ في الكرم، المشبه بالداهية. ويقولون في الذم: رجل هلباجة، إذا كان أحمق، فيشبهونه بالهيمة.
ويقال في تثنية الند: ندان، وفي جمعه أنداد. ومن العرب من لا يثنيه ولا يجمعه ولا يؤنثه؛ فيقول: الرجلان ندي، والرجال ندي، والمرأة ندي، والنساء ندي، كما قالوا: القوم مثلي، والقوم أمثالي؛ قال الله عز وجل:*{ثم لا يكونوا أمثالكم}، وقال تبارك وتعالى في موضع آخر:*{إنكم إذا مثلهم}*
ومجرى «ند» إذا وحد مجرى قولهم: رجل كرم، ورجال كرم، ونساء كرم، ومنزل حمد، ودار حمد، أي محمودة، ورجال شرط وقزم؛ إذا كانوا سقاطا لا أقدار لهم).*[كتاب الأضداد: 23-26]
اشتقاق السماء ومعناها ابن عطية
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
و{السّماء}*قيل هو اسم مفرد جمعه «سماوات»، وقيل هو جمع واحده «سماوة»، وكل ما ارتفع عليك في الهواء فهو سماء، والهواء نفسه علوا يقال له «سماء»، ومنه الحديث:
«خلق الله آدم طوله في السماء ستون ذراعا»، واللفظة من السمو وتصاريفه.
اشتقاق الماء ابن عطية
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
، وأصل ماءً موه يدل على ذلك قولهم في الجمع مياه وأمواه، وفي التصغير مويه،
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الآثار في الآية :
1- قال السيوطي : أخرج أبو عبيد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن الضريس، وابن المنذر وأبو الشيخ بن حبان في التفسير عن علقمة قال:*«كل شيء في*القرآن*{يا أيها الناس}*فهو مكي وكل شيء في القرآن (يا أيها الذين آمنوا) فإنه مدني».
وروي عن ابن مسعود والضحاك وميمون بن مهران وعروة وعكرمة ومجاهد وابن شهاب نحو ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال:*«قرأنا المفصل ونحن بمكة حجيجا ليس فيها (يا أيها الذين آمنوا)».
2- قال السيوطي : أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله:*{يا أيها الناس}*«فهي للفريقين جميعا من الكفار والمؤمنين»،*{اعبدوا}*قال:*«وحدوا».
3- قال السيوطي : أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله:*{الذي خلقكم والذين من قبلكم}*يقول:«خلقكم وخلق الذين من قبلكم»
وروي عن ابن مسعود وعن مرة والسدي ومجاهد نحو ذلك
4- قال السيوطي : أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قوله:*{لعلكم}*«يعني كي غير آية في الشعراء{لعلكم تخلدون}*[الشعراء 129]*يعني كأنكم تخلدون». وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عون بن عبد الله بن غنية قال:*«{لعل}*من الله واجب».
5- روى ابن أبي حاتم : عن مجاهدٍ، في قوله:*{لعلّكم تتّقون}*قال:«لعلّكم تطيعون». وعن الضّحّاك في قوله:*{لعلّكم تتّقون}*قال:*«يقول: لعلّكم تتّقون النّار بالصّلوات الخمس».
وروى ابن جرير عن مجاهد مثله
6- قال السيوطي : أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله:*{الذي جعل لكم الأرض فراشا}*قال:*«هي فراش يمشي عليها وهي المهاد والقرار»،*{والسماء بناء}*قال:*«بنى السماء على الأرض كهيئة القبة وهي سقف على الأرض». السيوطي
وروى ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة وابن عباس والربيع بن أنس والسدي نحوا من ذلك
7- قال السيوطي : عن إياس بن معاوية قال:*«السماء مقببة على الأرض مثل القبة».
8- قال السيوطي : عن وهب بن منبه قال:*«شيء من أطراف السماء محدق بالأرضين والبحار كأطراف الفسطاط».
9-قال السيوطي : أخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن أبي برة قال:*«ليست السماء مربعة ولكنها مقببة يراها الناس خضراء».
10- عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد اللّه قال: سألت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: " أيّ الذّنب أعظم عند اللّه؟ قال:*«أن تجعل للّه ندًّا وهو خلقك».*قلت: إنّ ذلك لعظيمٌ، قلت: ثمّ أيّ؟ قال:*«وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك».*قلت: ثمّ أيّ؟ قال:*«أن تزاني حليلة جارك»).صحيح البخاري والنسائي
11- قال السيوطي : أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن خالد بن معدان قال:«المطر ماء يخرج من تحت العرش فينزل من سماء إلى سماء حيث يجمع في السماء*الدنيا فيجتمع في موضع يقال له الأبزم فتجيء السحاب السود فتدخله فتشربه مثل شرب الإسفنجة فيسوقها الله حيث يشاء». وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال:*«ينزل الماء من السماء السابعة فتقع القطرة منه على السحابة مثل البعير».
وروي عن ابن عباس ووهب وكعب وخالد بن يزيد نحو ذلك
12- قال السيوطي : وأخرج ابن ابي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال:*«ما أنزل الله من السماء قطرة إلا أنبت بها في الأرض عشبة أو في البحر لؤلؤة».
وروي عن ابن عباس نحو ذلك
13- وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن عباس قال:«ما نزل مطر من السماء إلا ومعه البذر، أما أنكم لو بسطتم نطعا لرأيتموه».
وأخرجا أيضا « المطر مزاجه من الجنة فإذا عظم المزاج عظمت البركة وإن قل المطر وإذا قل المزاج قلت البركة وإن كثر المطر». وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال:*«ما من عام بأمطر من عام ولكن الله يصرفه حيث يشاء وينزل مع المطر كذا وكذا من الملائكة ويكتبون حيث يقع ذلك المطر ومن يرزقه وما يخرج منه مع كل قطرة».).
14- قال السيوطي : أخرج أبو داود، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جبير بن مطعم قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس وضاعت العيال ونهكت الأموال وهلكت المواشي، استسق لنا ربك فإنا نستشفع بالله عليك وبك على الله، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«سبحان الله»*فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه فقال:*«ويحك أتدري ما الله إن شأنه أعظم من ذاك وإنه لا يستشفع به على أحد وإنه لفوق*سمواته على عرشه وعرشه على*سمواته وسمواته على أرضيه هكذا - وقال بأصابعه مثل القبة - وإنه لئط به أطيط الرحل بالراكب».
15- قال السيوطي : *وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي، وابن ماجه والبيهقي عن حذيفة ابن اليمان عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:*«لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان».
16-أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي، وابن ماجه وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عباس قال:قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت،فقال:*«جعلتني لله ندا ما شاء الله وحده».
17- عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه، عزّ وجلّ*{فلا تجعلوا للّه أندادًا [وأنتم تعلمون]}*قال:*«الأنداد هو الشّرك، أخفى من دبيب النّمل على صفاة سوداءٍ في ظلمة اللّيل، وهو أن يقول: واللّه وحياتك يا فلان، وحياتي، ويقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللّصوص، ولولا البطّ في الدّار لأتى اللّصوص، وقول الرّجل لصاحبه: ما شاء اللّه وشئت، وقول الرّجل: لولا اللّه وفلانٌ. لا تجعل فيها "فلان". هذا كلّه به شركٌ». رواه ابن أبي حاتم
وروى ابن جرير عن عكرمة نحو ذلك
18- عن ابن عبّاسٍ، قال:*«نزل ذلك في الفريقين جميعًا من الكفّار والمنافقين. وإنّما عني بقوله:*{فلا تجعلوا للّه أندادًا وأنتم تعلمون}*أي لا تشركوا باللّه غيره من الأنداد الّتي لا تنفع ولا تضرّ، وأنتم تعلمون أنّه لا ربّ لكم يرزقكم غيره، وقد علمتم أنّ الّذي يدعوكم إليه الرّسول من توحيده هو الحقّ لا شكّ فيه». رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وذكره السيوطي
19– عن أبي العالية في قوله:{أندادًا}*«أي عدلا شركًا».- وروي عن الرّبيع بن أنسٍ وقتادة والسّدّيّ وأبي مالكٍ وإسماعيل بن أبي خالدٍ نحو ذلك ا رواه ابن أبي حاتم
وروي عن ابن مسعود وابن عباس ومجاهد و أبو العالية والربيع بن أنس والدي نحو ذلك
20- قال السيوطي : *عن مجاهد في قوله:*{فلا تجعلوا لله أندادا}«أي عدلاء»،*{وأنتم تعلمون}*قال:*«تعلمون أنه إله واحد في التوراة والإنجيل لا ند*
وروى ابن أبي حاتم وابن جرير عن مجاهد وقتاده نحو ذلك .
21-قال السيوطي : أخرج ابن أبي حاتم عن عوف بن عبد الله قال: خرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم من المدينة فسمع مناديا ينادي للصلاة فقال: الله أكبر الله أكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:*«على الفطرة»،*فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال:*«خلع الأنداد».
22- عن الطّفيل بن سخبرة، أخي عائشة أمّ المؤمنين لأمّها، قال: رأيت فيما يرى النّائم، كأنّي أتيت على نفرٍ من اليهود، فقلت: من أنتم؟ فقالوا: نحن اليهود، قلت: إنّكم لأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: عزير ابن اللّه. قالوا: وإنّكم لأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللّه وشاء محمّدٌ. قال: ثمّ مررت بنفرٍ من النّصارى، فقلت: من أنتم؟ قالوا: نحن النّصارى. قلت: إنّكم لأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: المسيح ابن اللّه. قالوا: وإنّكم لأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللّه وشاء محمّدٌ. فلمّا أصبحت أخبرت بها من أخبرت، ثمّ أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته، فقال:*«هل أخبرت بها أحدًا؟ »*فقلت: نعم. فقام، فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال:«أمّا بعد، فإنّ طفيلا رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم، وإنّكم قلتم كلمةً كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها، فلا تقولوا: ما شاء اللّه وشاء محمّدٌ، ولكن قولوا: ما شاء اللّه وحده».*هكذا رواه ابن مردويه في تفسير هذه الآية من حديث حمّاد بن سلمة، به. وأخرجه ابن ماجه من وجهٍ آخر، عن عبد الملك بن عميرٍ به، بنحوه.
23- قال الإمام أحمد: عن الحارث الأشعريّ، أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:*«إنّ اللّه عزّ وجلّ، أمر يحيى بن زكريّا، عليه السّلام، بخمس كلماتٍ أن يعمل بهنّ، وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، وكان يبطئ بها، فقال له عيسى، عليه السّلام: إنّك قد أمرت بخمس كلماتٍ أن تعمل بهنّ وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، فإمّا أن تبلغهنّ، وإمّا أن أبلغهنّ. فقال: يا أخي، إنّي أخشى إن سبقتني أن أعذّب أو يخسف بي». قال:*«فجمع يحيى بن زكريّا بني إسرائيل في بيت المقدس، حتّى امتلأ المسجد، فقعد على الشّرف، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: إنّ اللّه أمرني بخمس كلماتٍ أن أعمل بهنّ، وآمركم أن تعملوا بهنّ، وأوّلهنّ: أن تعبدوا اللّه لا تشركوا به شيئًا، فإنّ مثل ذلك مثل رجلٍ اشترى عبدًا من خالص ماله بورق أو ذهبٍ، فجعل يعمل ويؤدّي غلّته إلى غير سيّده فأيّكم يسرّه أن يكون عبده كذلك؟ وإنّ اللّه خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئًا وأمركم بالصّلاة؛ فإنّ اللّه ينصب وجهه لوجه عبده ما لم يلتفت، فإذا صلّيتم فلا تلتفتوا. وأمركم بالصّيام، فإنّ مثل ذلك كمثل رجلٍ معه صرّةً من مسكٍ في عصابةٍ، كلّهم يجد ريح المسك. وإنّ خلوف فم الصّائم عند اللّه أطيب من ريح المسك. وأمركم بالصّدقة؛ فإنّ مثل ذلك كمثل رجلٍ أسره العدوّ، فشدّوا يديه إلى عنقه، وقدّموه ليضربوا عنقه، فقال لهم: هل لكم أن أفتدي نفسي ؟ فجعل يفتدي نفسه منهم بالقليل والكثير حتّى فكّ نفسه. وأمركم بذكر اللّه كثيرًا؛ وإنّ مثل ذلك كمثل رجلٍ طلبه العدوّ سراعا في أثره، فأتى حصنًا حصينًا فتحصّن فيه، وإنّ العبد أحصن ما يكون من الشّيطان إذا كان في ذكر اللّه».
قال: وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:*«وأنا آمركم بخمسٍ اللّه أمرني بهنّ: الجماعة، والسّمع، والطّاعة، والهجرة، والجهاد في سبيل اللّه؛ فإنّه من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، إلّا أن يراجع ومن دعا بدعوى جاهليّةٍ فهو من جثيّ جهنّم». قالوا: يا رسول اللّه، وإن صام وصلّى ؟ فقال:*«وإن صلّى وصام وزعم أنّه مسلمٌ؛ فادعوا المسلمين بأسمائهم على ما سمّاهم اللّه عزّ وجلّ: المسلمين المؤمنين عباد اللّه».
هذا حديثٌ حسنٌ، والشّاهد منه في هذه الآية قوله:*«وإنّ اللّه خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئًا».
يتبع