
11-12-2021, 01:51 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثانى -كتاب الحج
الحلقة (77)
صــــــــــ 136 الى صـــــــــــ140
فإذا لم يقل هذا فالإجارة مجهولة ، وإذا وقت له موضعا يحرم منه فأحرم قبله ثم مات فلا إجارة له في شيء من سفره ، وتجعل الإجارة له من حين أحرم من الميقات الذي وقت له إلى أن يكمل الحج ، فإن أهل من وراء الميقات لم تحسب الإجارة إلا من الميقات ، وإن مر بالميقات غير محرم فمات قبل أن يحرم فلا إجارة له ; لأنه لم يعمل في الحج ، وإن مات بعدما أحرم من وراء الميقات حسبت له الإجارة من يوم أحرم من وراء الميقات ولم تحسب له من الميقات إذا لم يحرم منه ; لأنه ترك العمل فيه ، وإن خرج للحج فترك الإحرام والتلبية وعمل عمل الحج أو لم يعمله إذا قال لم أحرم بالحج أو قال اعتمرت ولم أحج أو قال استؤجرت على الحج فاعتمرت فلا شيء له ، وكذلك لو حج فأفسده ; لأنه تارك للإجارة مبطل لحق نفسه ، ولو استأجره ليحج عنه على أن يحرم من موضع فأحرم منه ثم مات في الطريق فله من الإجارة بقدر ما مضى من سفره أو استأجره على أن يهل من وراء الميقات ففعل فقد قضى بعض ما استأجره عليه ، وإذا استأجره ، فإنما عليه أن يحرم من الميقات ، وإحرامه قبل الميقات تطوع ، ولو استأجره على [ ص: 136 ] أن يحج عنه من اليمن فاعتمر عن نفسه ثم خرج إلى الميقات الذي استؤجر عليه فأهل بحج عن الذي استأجره ، فلا يجزيه إذا أهل بالعمرة عن نفسه إلا أن يخرج إلى ميقات المستأجر الذي شرط أن يهل منه فيهل عنه بالحج منه ، فإن لم يفعل وأهل بالحج من دون الميقات فكان عليه أن يهل فبلغ الميقات فأهل منه بالحج عنه أجزأ عنه وإلا أهراق دما ، وذلك من ماله دون مال المستأجر ، ويرد من الإجارة بقدر ما يصيب ما بين الميقات الموضع الذي أحرم منه ; لأنه شيء من عمله نقصه ، ولا يحسب الدم على المستأجر ; لأنه بعمله كان ويجزئه الحج على كل حال شرط عليه أن يهل من دون الميقات أو من وراء الميقات أو منه وكل شيء أحدثه الأجير في الحج لم يأمره به المستأجر مما يجب عليه فيه الفدية فالفدية عليه في ماله دون مال المستأجر ، ولو أهل بالحج بعد العمرة عن نفسه من ميقات المستأجر عن المستأجر ثم مات قبل أن يقضي الحج ، كان له من الإجارة بقدر ما عمل من الحج وقد قيل لا أجر له إلا أن يكمل الحج ، ومن قال هذا القول قاله في الحاج عن الرجل لا يستوجب من الإجارة شيئا إلا بكمال الحج وهذا قول يتوجه ، والقياس القول الأول ; لأن لكل حظا من الإجارة ولو استأجره يحج عنه فأفسد الحج كان عليه أن يرد جميع ما استأجره به ، وعليه أن يقضي عن نفسه من قابل من قبل أنه لا يكون حاجا عن غيره حجا فاسدا ، وإذا صار الحج الفاسد عن نفسه فعليه أن يقضيه عن نفسه ، فلو حجه عن غيره كان عن نفسه ، ولو أخذ الإجارة على قضاء الحج الفاسد ردها ; لأنها لا تكون عن غيره ، ولو كان إنما أصاب في الحج ما عليه فيه الفدية مما لا يفسد الحج كانت عليه الفدية فيما أصاب والإجارة له .
ولو استأجره للحج فأحصر بعدو ففاته الحج ثم دخل فطاف وسعى وحلق أن له من الإجارة بقدر ما بين أن أهل من الميقات إلى بلوغه الموضع الذي حبس فيه في سفره ; لأن ذلك ما بلغ من سفره في حجه الذي له الإجارة حتى صار غير حاج ، وإنما أخذ الإجارة على الحج وصار يخرج من الإحرام بعمل ليس من عمل الحج ولو استأجر رجل رجلا على أن يحج عنه فاعتمر عن نفسه ثم أراد الحج عن المستأجر خرج إلى ميقات المحجوج عنه فأهل عنه منه لا يجزيه غير ذلك ، فإن لم يفعل أهراق دما ولو استأجر رجل رجلا يحج عن رجل فاعتمر عن نفسه ثم خرج إلى ميقات المحجوج عنه الذي شرط أن يهل عنه منه إن كان الميقات الذي وقت له بعينه فأهل بالحج عنه أجزأت عن المحجوج عنه ، فإن ترك ميقاته وأحرم منمكة أجزأه الحج ، وكان عليه دم لترك ميقاته من ماله ورجع عليه مما استؤجر به بقدر ما ترك مما بين الميقات ومكة ولو استأجره على أن يتمتع عنه فأفرد أجزأت الحجة عنه ورجع بقدر حصة العمرة من الإجارة ; لأنه استأجره على عملين فعمل أحدهما ولو استأجره على أن يفرد فقرن عنه كان زاده عمرة وعلى المستأجر دم القران وهو كرجل استؤجر أن يعمل عملا فعمله ، وزاد آخر معه فلا شيء له في زيادة العمرة ; لأنه متطوع بها ، ولو استأجره على أن يقرن عنه فأفرد الحج أجزأ عنه الحج وبعث غيره يعتمر عنه إن كانت العمرة الواجبة ورجع عليه بقدر حصة العمرة من الإجارة ; لأنه استأجره على [ ص: 137 ] عملين فعمل أحدهما ولو استأجره على أن يحج عنه فأهل بعمرة عن نفسه وحجة عن المستأجر رد جميع الإجارة من قبل أن سفرهما وعملهما واحد ، وأنه لا يخرج من العمرة إلى الحج ولا يأتي بعمل الحج دون العمرة ; لأنه لا يكون له أن ينوي جامعا بين عملين أحدهما عن نفسه والآخر عن غيره ولا يجوز أن يكونا معا عن المستأجر ; لأنه نوى أحدهما عن نفسه فصارا معا عن نفسه ; لأن عمل نفسه أولى به من عمل غيره إذا لم يتميز عمل نفسه من عمل غيره ، ولو استأجر رجل رجلا يحج عن ميت فأهل بحج عن ميت ثم نواه عن نفسه كان الحج عن الذي نوى الحج عنه وكان القول في الأجرة واحدا من قولين : أحدهما أنه مبطل لها لترك حقه فيها ، والآخر أنها له ; لأن الحج عن غيره .
ولو استأجر رجلان رجلا يحج عن أبويهما ، فأهل بالحج عنهما معا كان مبطلا لإجارته ، وكان الحج عن نفسه ، لا عن واحد منهما ، ولو نوى الحج عن نفسه وعنهما أو عن أحدهما كان عن نفسه وبطلت إجارته .
وإذا مات الرجل وقد وجبت عليه حجة الإسلام ولم يحج قط فتطوع متطوع قد حج حجة الإسلام بأن يحج عنه فحج عنه أجزأ عنه ثم لم يكن لوصيه أن يخرج من ماله شيئا ليحج عنه غيره ولا أن يعطي هذا شيئا لحجه عنه ; لأنه حج عنه متطوعا ، وإذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخثعمية أن تحج عن أبيها ورجلا أن يحج عن أمه ورجلا أن يحج عن أبيه لنذر نذره أبوه دل هذا دلالة بينة أنه يجوز أن تحرم المرأة عن الرجل ، ولو لم يكن فيه هذا كان أن يحرم الرجل عن الرجل والرجل عن المرأة أولى ، من قبل أن الرجل أكمل إحراما من المرأة وإحرامه كإحرام الرجل فأي رجل حج عن امرأة أو رجل أو امرأة حجت عن امرأة أو عن رجل أجزأ ذلك المحجوج عنه ، إذا كان الحاج قد حج حجة الإسلام .
باب من أين نفقة من مات ولم يحج ؟ ( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء وطاووس أنهما قالا : الحجة الواجبة من رأس المال .
( قال الشافعي ) :
وقال غيرهما لا يحج عنه إلا أن يوصي ، فإن أوصى حج عنه من ثلثه إذا بلغ ذلك الثلث وبدئ على الوصايا ; لأنه لازم ، فإن لم يوص لم يحج عنه من ثلث ولا من غيره إذا أنزلت الحج عنه وصيه حاص أهل الوصايا ولم يبدأ غيره من الوصايا ، ومن قال هكذا فكان يبدأ بالعتق بدأ عليه ( قال ) : والقياس في هذا أن حجة الإسلام من رأس المال ، فمن قال هذا قضى أن يستأجر عنه بأقل ما يقدر عليه ، وذلك أن يستأجر رجل من أهل ميقاته أو قربه لتخف مؤنته ولا يستأجر رجل من بلده إذا كان بلده بعيدا إلا أن يبدل ذلك بما يوجد به رجل قريب ، ومن قال هذا القول قاله في الحج بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم به ورآه دينا عليه وقاله في كل ما كان في معناه وقاله في كل ما أوجبه الله عز وجل عليه فلم يكن له مخرج منه إلا بأدائه ولم يكن له خيار فيه مثل زكاة المال وما كان ، لا يكون أبدا إلا واجبا عليه شاء أو كره بغير شيء أحدثه هو ; لأن حقوق الآدميين إنما وجبت لهم من رأس المال وهذا من حقوق الآدميين ، أمر أن يؤديه إلى صنف منهم بعينه فجمع أن وجب وجوب الحج بفرض الله عز وجل ، وإن كان كما وصفت للآدميين ، ومن قال هذا بدأ هذا على جميع ما معه من الوصايا والتدبير وحاص به أهل الدين قبل الورثة إذا جعله الله واجبا وجوب [ ص: 138 ] ما للآدميين ، وهذا قول يصح والله أعلم ، ومن قال هذا قاله في الحج إن لم يبلغ إلا مريضا ثم لم يصح حتى مات مريضا أنه واجب عليه لا وصية ; لأن الواجب على المريض والصحيح سواء فأما ما لزمه من كفارة يمين أو غيره .
فإن أوصى به فقد قيل يكون في ثلثه كالوصايا وقيل بل لازم وما لزمه من شيء ألزمه نفسه من نذر أو كفارة قتل أو ظهار وهو واجد فقد يخالف ما لزمه بكل حال من قبل أنه قد كان ولم يجب عليه فإنما أوجبه على نفسه ، فيختلفان في هذا ، ويجتمعان في أنه قد أوجب كلا منهما فأوجب هذا وأوجب إقرار الآدمي فيحتمل أن يقال هما لازمان معا وأنا أستخير الله تعالى فيه .
باب الحج بغير نية
( قال الشافعي ) :
رحمه الله أحب أن ينوي الرجل الحج والعمرة عند دخوله فيهما كما أحب له في كل واجب عليه غيرهما ، فإن أهل بالحج ولم يكن حج حجة الإسلام ينوي أن يكون تطوعا أو ينوي أن يكون عن غيره أو أحرم فقال : إحرامي كإحرام فلان لرجل غائب عنه فكان فلان مهلا بالحج كان في هذا كله حاجا وأجزأ عنه من حجة الإسلام ، فإن قال قائل ما دل على ما وصفت ؟ قلت فإن مسلم بن خالد وغيره أخبرنا عن ابن جريج قال أخبرنا عطاء أنه سمع جابرا يقول : { قدم علي رضي الله عنه من سعايته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بم أهللت يا علي ؟ قال : بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم قال فأهد وامكث حراما كما أنت قال : وأهدى له علي هديا } ( قال الشافعي ) : أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله وهو يحدث عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال { : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا أتى البيداء فنظرت مد بصري من بين راكب وراجل من بين يديه وعن يمينه وعن شماله ومن ورائه كلهم يريد أن يأتم به يلتمس أن يقول كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينوي إلا الحج ولا يعرف غيره ولا يعرف العمرة فلما طفنا فكنا عند المروة قال : أيها الناس من لم يكن معه هدي فليحلل وليجعلها عمرة ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت فحل من لم يكن معه هدي } ، أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن منصور بن عبد الرحمن عن صفية بنت شيبة عن { أسماء بنت أبي بكر قالت : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من كان معه هدي فليقم على إحرامه ، ومن لم يكن معه هدي فليحلل ولم يكن معي هدي فحللت ، وكان مع الزبير هدي فلم يحلل } ، أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن { عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة لا نرى إلا أنه الحج فلما كنا بسرف أو قريبا منها أمر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة فلما كنا بمنى أتيت بلحم بقر فقلت ما هذا ؟ قالوا ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه } ، قال يحيى فحدثت به القاسم بن محمد فقال : جاءتك والله بالحديث على وجهه ، أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة والقاسم مثل معنى حديث سفيان لا يخالف معناه ، أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم بن حمد عن أبيه عن { عائشة أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته لا نرى إلا الحج حتى إذا كنا بسرف أو قريبا منها حضت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال مالك أنفست : فقلت : نعم فقال : إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت قالت [ ص: 139 ] وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر } أخبرنا سفيان قال حدثنا ابن طاوس وإبراهيم بن ميسرة وهشام بن حجير سمعوا طاوسا يقول : { خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لا يسمي حجا ولا عمرة ينتظر القضاء ، فنزل عليه القضاء وهو بين الصفا والمروة فأمر أصحابه من كان منهم أهل ولم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة ، وقال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولكنني لبدت رأسي وسقت هديي فليس لي محل دون محل هديي فقام إليه سراقة بن مالك فقال يا رسول الله اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم أعمرتنا هذه لعامنا هذا أم لأبد ؟ فقال : لا ، بل لأبد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة قال ودخل علي من اليمن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : بم أهللت ؟ فقال أحدهما عن طاووس : إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وقال الآخر : لبيك حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال الشافعي : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مهلين ينتظرون القضاء فعقدوا الإحرام ليس على حج ولا عمرة ولا قران ينتظرون القضاء ، فنزل القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم فأمر من لا هدي معه أن يجعل إحرامه عمرة ومن معه هدي أن يجعله حجا } .
( قال الشافعي ) :
ولبى علي وأبو موسى الأشعري باليمن وقالا في تلبيتهما " إهلال كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهما بالمقام على إحرامهما ، فدل هذا على الفرق بين الإحرام والصلاة ; لأن الصلاة لا تجزي عن أحد إلا بأن ينوي فريضة بعينها وكذلك الصوم ، ويجزئ بالسنة الإحرام ، فلما دلت السنة على أنه يجوز للمرء أن يهل ، وإن لم ينو حجا بعينه ويحرم بإحرام الرجل لا يعرفه دل على أنه إذا أهل متطوعا ولم يحج حجة الفريضة كانت حجة الفريضة ، ولما كان هذا كان إذا أهل بالحج عن غيره ولم يهلل بالحج عن نفسه كانت الحجة عن نفسه ، وكان هذا معقولا في السنة مكتفى به عن غيره ، وقد ذكرت فيه حديثا منقطعا عن النبي صلى الله عليه وسلم ورأيا لابن عباس رضي الله عنهما متصلا ( قال ) : ولا يجوز أن يحج رجل عن رجل إلا حر بالغ مسلم ، ولا يجوز أن يحج عنه عبد بالغ ولا حر غير بالغ إذا كان حجهما لأنفسهما لا يجزئ عنهما من حجة الإسلام لم يجز عن غيرهما والله أعلم ( قال ) : وأمر الحج والعمرة سواء ، فيعتمر عن الرجل كما يحج عنه ، ولا يجزيه أن يعتمر عنه إلا من اعتمر عن نفسه من بالغ حر مسلم ( قال ) : ولو أن رجلا اعتمر عن نفسه ولم يحج فأمره رجل يحج عنه ويعتمر فحج عنه واعتمر أجزأت المعتمر عنه العمرة ولم تجز عنه الحجة ، وهكذا لو حج عن نفسه ولم يعتمر فحج عن غيره واعتمر ، أجزأت المحجوج عنه الحجة ولم تجز عنه العمرة ، ويجزيه أي النسكين كان العامل عمله عن نفسه ثم عمله عنه ، ولا يجزيه النسك الذي لم يعمله العامل عن نفسه .
وإذا كان ممن له أن يبعث من يحج عنه ويعتمر أجزأه أن يبعث رجلا واحدا يقرن عنه وأجزأه أن يبعث اثنين مفترقين يحج هذا عنه ويعتمر هذا عنه وكذلك امرأتين أو امرأة ورجلا ( قال ) : وهذا في فرض الحج والعمرة كما وصفت يجزي رجلا أن يحج عن رجل وقد قيل إذا أجزأ في الفرض أجزأ أن يتنفل بالحج عنه وقد قيل يحج الفرض فقط بالسنة ولا يحج عنه نافلة ولا يعتمر نافلة ( قال الشافعي ) : ومن قال يحج المرء عن المرء متطوعا قال : إذا كان أصل الحج مفارقا للصلاة والصوم ، وكان المرء يعمل عن المرء الحج فيجزي عنه بعد موته وفي الحال التي لا يطيق فيها الحج ، فكذلك يعمله عنه متطوعا ، وهكذا كل شيء من أمر النسك ، أخبرنا ابن عيينة عن يزيد مولى عطاء قال : ربما قال لي عطاء : طف عني .
( قال الشافعي ) :
وقد يحتمل أن يقال لا يجوز أن يحج رجل عن رجل إلا حجة الإسلام وعمرته ، ومن قال هذا قال الدلالة عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالحج عن الرجل في الحال التي لا يقدر فيها المحجوج عنه أن يحج عن نفسه ، [ ص: 140 ] وإني لا أعلم مخالفا في أن رجلا لو حج عن رجل يقدر على الحج لا يجزي عنه من حجة الإسلام ، فإذا كان هذا عندهم هكذا دل على أنه إنما عذر في حال الضرورة بتأدية الفرض وما جاز في الضرورة دون غيرها ، لم يجز ، ما لم يكن ضرورة مثله ( قال الشافعي ) : ولو أهل رجل بحج ففاته فحل بطواف البيت وسعى بين الصفا والمروة لم يجز عنه من حجة الإسلام ; لأنه لم يدركها ولم تجز عنه من عمرة الإسلام ولا عمرة نذر عليه ; لأنها ليست بعمرة ، وإنما كان حجا لم يجز له أن يقيم عليه لوجهين : أحدهما : أنه حج سنة فلا يدخل في حج سنة غيرها ، والآخر أنه ليس له أن يقيم محرما بحج في غير أشهر الحج ، ولو أهل بالحج في غير أشهر الحج كان إهلاله عمرة يجزئ عنه من عمرة الإسلام ; لأنه لا وجه للإهلال إلا بحج أو عمرة ، فلما أهل في وقت كانت العمرة فيه مباحة والحج محظورا كان مهلا بعمرة وليس هذا كالمهل بالحج والحج مباح له فيفوته ; لأن ابتداء ذلك الحج كان حجا ، وابتداء هذا الحج كان عمرة ، وإذا أجزأت العمرة بلا نية لها أنها عمرة أجزأت إذا أهل بحج وكان إهلاله عمرة .
( قال الشافعي ) :
والعمرة لا تفوت من قبل أنها تصلح في كل شهر والحج يفوت من قبل أنه لا يصلح إلا في وقت واحد من السنة ، فلو أن رجلا أهل بالعمرة في عام فحبسه مرض أو خطأ عدد أو غير ذلك ما خلا العدو أقام حراما حتى يحل متى حل ، ولم تفته العمرة متى وصل إلى البيت فعمل عملها ( قال ) : ولو حج رجل عن رجل بلا إجارة ثم أراد الإجارة لم يكن له وكان متطوعا عنه وأجزأت عنه حجته ( قال ) : ولو استأجر رجل رجلا يعتمر عنه في شهر فاعتمر في غيره أو على أن يحج عنه في سنة فحج في غيرها كانت له الإجارة وكان مسيئا بما فعل ( قال ) : ولا بأس بالإجارة على الحج وعلى العمرة وعلى الخير كله ، وهي على عمل الخير أجوز منها على ما ليس بخير ولا بر من المباح ، فإن قال قائل : ما الحجة في جواز الإجارة على تعليم القرآن والخير ؟ قيل أخبرنا مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج رجلا امرأة بسورة من القرآن } ( قال ) : والنكاح لا يجوز إلا بما له قيمة من الإجارات والأثمان .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|