
10-12-2021, 05:14 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
سُورَةُ الْفَاتِحَةِ
الحلقة (5)
صــ16 إلى صــ 18
قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ النَّبِيُّونَ ، وَالصِّدِّيقُونَ ، وَالشُّهَدَاءُ ، وَالصَّالِحُونَ . وَقَرَأَ [ ص: 16 ] الْأَكْثَرُونَ "عَلَيْهِمْ" بِكَسْرِ الْهَاءِ ، وَكَذَلِكَ "لَدَيْهِمْ" وَ "إِلَيْهِمْ" وَقَرَأَهُنَّ حَمْزَةُ بِضَمِّهَا . وَكَانَ ابْنُ كَثِيرٍ يَصِلُ [ضَمَّ ] الْمِيمِ بِوَاوٍ . وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: حَكَى اللُّغَوِيُّونَ فِي "عَلَيْهِمْ" عَشْرَ لُغَاتٍ ، قُرِئَ بِعَامَّتِهَا "عَلَيْهُمْ" بِضَمِّ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ "وَعَلَيْهِمْ" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ ، وَ"عَلَيْهِمِي" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَالْمِيمِ وَإِلْحَاقِ يَاءٍ بَعْدَ الْكَسْرَةِ ، وَ"عَلَيْهِمُو" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ وَزِيَادَةِ وَاوٍ بَعْدَ الضَّمَّةُ ، وَ"عَلَيْهُمُو" بِضَمِّ الْهَاءِ وَالْمِيمِ وَإِدْخَالِ وَاوٍ بَعْدَ الْمِيمِ وَ"عَلَيُهُمْ" بِضَمِّ الْهَاءِ وَالْمِيمِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ وَاوٍ ، وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ السِّتَّةُ مَأْثُورَةٌ عَنِ الْقُرَّاءِ ، وَأَوْجُهٌ أَرْبَعَةٌ مَنْقُولَةٌ عَنِ الْعَرَبِ "عَلَيْهُمِي" بِضَمِّ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَإِدْخَالِ يَاءٍ ، وَ"عَلَيْهُمِ" بِضَمِّ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ يَاءٍ ، و"عَلَيْهِمُ" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ مِنْ غَيْرِ إِلْحَاقِ وَاوٍ ، و"عَلَيْهِمِ" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَالْمِيمِ وَلَا يَاءَ بَعْدَ الْمِيمِ .
فَأَمَّا "الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ" فَهُمُ الْيَهُودُ; "وَالضَّالُّونَ": النَّصَارَى .
رَوَاهُ عُدَيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَالضَّلَالُ: الْحِيرَةُ وَالْعُدُولُ عَنِ الْحَقِّ .
فَصْلٌ
وَمِنَ السُّنَّةِ فِي حَقِّ قَارِئِ الْفَاتِحَةِ أَنْ يُعْقِبَهَا بِـ "آَمِينَ" . قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: وَسَوَاءٌ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ فَقَالَ مِنْ خَلْفِهِ: آَمِينَ ، فَوَافَقَ ذَلِكَ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ ، غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" .
[ ص: 17 ] وَفِي مَعْنَى آَمِينَ: ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ .
أَحَدُهَا: أَنَّ مَعْنَى آَمِينَ: كَذَلِكَ يَكُونُ . حَكَاهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالْحَسَنِ .
وَالثَّانِي: أَنَّهَا بِمَعْنَى: اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ . قَالَهُ الْحَسَنُ وَالزُّجَاجُ .
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى . قَالَهُ مُجَاهِدٌ ، وَهِلَالُ بْنُ يُسَافٍ ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ .
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: مَعْنَاهَا: يَا آَمِينُ أَجِبْ دُعَاءَنَا ، فَسَقَطَتْ يَا ، كَمَا سَقَطَتْ فِي قَوْلِهِ: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا [ يُوسُفَ: 29 ] تَأْوِيلُهُ يَا يُوسُفُ . وَمِنْ طَوَّلَ الْأَلِفَ فَقَالَ: آَمِينَ ، أَدْخَلَ أَلِفَ النِّدَاءِ عَلَى أَلِفِ أَمِينَ ، كَمَا يُقَالُ: آَزَيْدٌ أَقْبِلْ . وَمَعْنَاهُ: يَا زَيْدُ . قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَهَذَا الْقَوْلُ خَطَأٌ عِنْدَ جَمِيعِ النَّحْوِيِّينَ; لِأَنَّهُ إِذَا أَدْخَلَ "يَا" عَلَى "آَمِينَ" كَانَ مُنَادَى مُفْرَدًا ، فَحُكْمُ آَخِرِهِ الرَّفْعُ ، فَلَمَّا أَجْمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى فَتْحِ نُونِهِ ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُنَادَى ، وَإِنَّمَا فُتِحَتْ نُونُ "آَمِينَ" لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الْيَاءِ الَّتِي قَبْلَهَا ، كَمَا تَقُولُالْعَرَبُ: لَيْتَ ، وَلَعَلَّ . قَالَ: وَفِي "آَمِينَ" لُغَتَانِ "آَمِينَ" بِالْقَصْرِ ، وَ"آَمِينَ" بِالْمَدِّ ، وَالنُّونُ فِيهِمَا مَفْتُوحَةٌ .
أَنْشَدَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ:
سَقَى اللَّهُ حَيًّا بَيْنَ صَارَةِ وَالْحِمَى (حِمَى) فَيْدَ صَوْبِ الْمُدْجِنَاتِ الْمَوَاطِرِ
أَمِينُ وَأَدَّى اللَّهُ رَكْبًا إِلَيْهِمُ
بِخَيْرٍ وَوَقَاهُمْ حِمَامَ الْمُقَادَرِ
وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَيْضًا:
تَبَاعَدَ مِنِّي فُطْحُلٌ وَابْنُ أُمِّهِ أَمِينٌ فَزَادَ اللَّهُ مَا بَيْنَنَا بُعْدًا
[ ص: 18 ] وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَيْضًا:
يَا رَبِّ لَا تَسْلُبْنِي حُبَّهَا أَبَدًا وَيَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدًا قَالَ آَمِينًا
وَأَنْشَدَنِي أُبَيُّ:
أَمِينٌ وَمَنْ أَعْطَاكَ مِنِّي هَوَادَةً رَمَى اللَّهُ فِي أَطْرَافِهِ فَاقْفَعَلَّتِ
وَأَنْشَدَنِي أُبَيُّ:
فَقُلْتُ لَهُ قَدْ هِجْتَ لِي بَارِحَ الْهَوَى أَصَابَ حِمَامُ الْمَوْتِ أَهُوَنَنَا وَجْدًا
أَمِينَ وَأَضْنَاهُ الْهَوَى فَوْقَ مَا بِهِ [أَمِينَ ] وَلَاقَى مِنْ تَبَارِيحِهِ جُهْدًا
فَصْلٌ
نَقَلَ الْأَكْثَرُونَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْفَاتِحَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ ، فَمَنْ تَرَكَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ، وَالشَّافِعِيِّ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا تَتَعَيَّنُ ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ ، وَيَدُلُّ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى مَا رُوِيَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ" .
وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|