عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-12-2021, 04:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,004
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟ [*]

رامي حنفي محمود



تفسير الربع الأول من سورة الأنبياء










الآية 1: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ على أعمالهم، ﴿ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ عَمَّا ينتظرهم مِن حسابٍ وجزاء، ﴿ مُعْرِضُونَ عن الاستعداد لهذا الحساب بالإيمان والعمل الصالح (بعد ترْك الشرك والمعاصي).



الآية 2، والآية 3، والآية 4: ﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ يعني: ما مِن شيءٍ يَنزل من القرآن ﴿ مُحْدَثٍ أي جديد النزول، مُجَدِّدًا لهم التذكير والموعظة: ﴿ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾: أي كان سَماعهمله سَماع لعبٍ واستهزاء، ﴿ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ يعني: قلوبهم غافلة عن تدبر القرآن، مشغولة بشهوات الدنيا ومَلَذَّاتها، ﴿ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾: أي اجتمع الظالمون من رؤساء قريش على أمْرٍ خَفِيٍّ - ليَصُدُّوا به الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم - فقالوا لهم: ﴿ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ؟ يعني: ما محمد إلا إنسان مثلكم لايَختلف عنكم في شيء، وما تصديقكم لنُبُوَّته إلا مِن أثر سِحرٍ سحَرَكم به ﴿ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ يعني فكيف تأتون إلى هذا الساحر ﴿ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أي: بَصَركم سليم؟، (وقد كَذَبوا في ذلك الادِّعاء الباطل، فإنه لو كانَ ساحراً، لسَحَرَهم لِيؤمنوا به، حتى يستريحَ هو وأصحابه من ذلك الإيذاء والتعذيب الذي يَلقونه منهم، وحتى لا يُخرجوهم مِن بلدهم وديارهم وأموالهم كما فعلوا).

واعلم أن المقصود بوصف القرآن بأنه (مُحدَث) أي حديث النزول على النبي صلى الله عليه وسلم، إذ كان يَنزل آية بعد آية وسورة بعد سورة، بحسب الحوادث والأحوال.

فلمَّا أخبر اللهُ رسوله بالكلام الذي قالوه، أخبرهم صلى الله عليه وسلم أنّ اللهَ الذي عَلِمَ تَحَدُّثهم سِرّاً، يَعلم كل قول في السماء والأرض فـ ﴿ قَالَ لهم: ﴿ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (سِرّاً كانَ أو علانية)، ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ لِمَا أسررتموه مِن حديثكم، ﴿ الْعَلِيمُ بأفعالكم وكَيدكم، (وفي هذا تهديدٌ ووعيدٌ لهم).



الآية 5، والآية 6: ﴿ بَلْ جَحَدَ الكفار بالقرآن، واضطربت أقوالهم فيه بعد أن شعروا بالهزيمة في أن يأتوا بمِثله، فـ ﴿ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ يعني منهم مَن قال: إنه أحلام مُختلَطة رآها في المنام، ومنهم مَن قال: ﴿ بَلِ افْتَرَاهُ أي اختلق محمد القرآن مِن عند نفسه، ومنهم مَن قال: ﴿ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ (أي هذا الذي جاء بهشِعر)، وإذا أراد أن نُصَدِّقه ﴿ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ﴾: أي فليأتنا بمعجزة محسوسة كناقة صالح، وعصا موسىوسائر معجزات الرُسُل مِن قبله.

فرَدَّ اللهُ عليهم بقوله: ﴿ مَا آَمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا يعني: لا توجد قرية - قبل كفار مكة - طلب أهلها المعجزات فآمَنوا بها لمَّا تحققت لهم، بلإنهم كَذَّبوا بها فأهلكناهم، ﴿ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ﴾: يعني أيُؤمن كفار مكة إذا تحققت المعجزات التي طلبوها؟! (والاستفهام للنفي) يعني: كلاإنهم لن يؤمنوا، (إذاً فلا معنى مِن إعطائها لهم ونحن نعلم أنهم لن يؤمنوا).



الآية 7: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ - أيها الرسول - ﴿ إِلَّا رِجَالًا أي رُسُلاً من الرجال (لا منالملائكة)، وكنا ﴿ نُوحِي إِلَيْهِمْ لِيُبَلِّغوا رسالات ربهم إلى الناس، (وقد كانَ هذا رداً على قولهم: ﴿ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ؟).

وإن كنتم - يا مُشركي قريش - لا تُصَدِّقونَ بذلك ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ﴾: أي اسألوا أهلالكتب السابقة، ليُخبروكم أنّ الأنبياء كانوا بَشَرًا وليسوا ملائكة ﴿ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، (واعلم أنّ الآية عامة في كل مسألة من مسائل الدين - إذا لم يكن عند الإنسان عِلمٌمنها - أن يَسأل مَن يَعلمها مِن العلماء المُتمكنين في العلم).



الآية 8، والآية 9: ﴿ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ يعني إننا لم نجعل أولئك الرسل خارجين عن طباع البشر (لا يحتاجون إلى طعاموشراب)، بل جعلناهم أجساداً آدمية تحتاج في بقاءها إلى الطعام والشراب، فلماذا إذاً يَعترض هؤلاء المشركون على كَوْن الرسول صلى الله عليه وسلم بشراً يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟!

﴿ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ لا يموتون، ﴿ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ أي: ثم أنجَزنا لهم وأتْباعهم ما وعدناهم به من النصر والنجاة ﴿ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ على أنفسهم بالكفر والمعاصي.

واعلم أنّ حرف (ثم) المذكور في قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ هو ما يُعرَف في اللغة بـ (الترتيب الرَتبي)، فكأنّ المعنى: (وأهَمُّ مِمّا ذُكِر أنّنا صَدَقناهم الوعد فأنجيناهم وأهلكنا الذين كَذَّبوهم).



الآية 10: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًاوهو هذا القرآن الذي ﴿ فِيهِ ذِكْرُكُمْ أي فيه عِزُّكم وشرفكم في الدنيا والآخرة (إنْ تذكرتمبه)، إذ هو أعظم من المعجزات التي طلبتموها، ﴿ أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟ يعني: أفلا تتفكرون فيه بعقولكم، لتؤمنوا به وتعملوا بما فيه؟



من الآية 11 إلى الآية 16: ﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً يعني: وكثيرٍ مِن أهل القرى قصمناهم - بإهلاكهم وتفتيت أجسامهم - بسبب ظُلمهم وكُفرهم ﴿ وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (كانوا خيراً من أولئك الهالكين)، ﴿ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا أي فلمَّا رأى الظالمون علامات عذابنا الشديد نازلاً بهم: ﴿ إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ أي يُسرعون هاربينَ مِنقريتهم.

فنادتهم الملائكة وهم يحاولون الفرار من العذاب:﴿ لَا تَرْكُضُوا ﴾: أي لا تهربوا ﴿ وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ أي ارجعوا إلى ما كنتم تتنعمون فيه من اللذات، وارجعوا إلى مساكنكم المُحصَّنة ﴿ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ أي لعل أحداً يَمُرّ بكم فيَسألكم عَمّا كنتم فيه من النعيم فتُخبِروه، أو لعله يُطلَب منكم شيئًا مِن دُنياكم لتفتدوا به من العذاب، (وهذا كله على سبيلالسُخرية والاستهزاء بهم).

فلمَّا يَئسوا من الهرب وأيقَنوا بنزول العذاب: ﴿ قَالُوا يَاوَيْلَنَا يعني يا هَلاكنا (والمقصود أنهم يَدعون على أنفسهم بالهلاك والموت، لمُشاهدتهم عذاب الله نازلاً بهم)، وقالوا: ﴿ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ أي ظلمنا أنفسنا بالشرك والمعاصي والتكذيب والعناد، فعرَّضناها بذلك للخُسران والعذاب، ﴿ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ أي: فما زالت تلك المقالة - وهي الدعاء على أنفسهم بالهلاك واعترافهم بظلمهم - هي دَعْوَتَهم يُرَدِّدونها ﴿ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴾: أي لم نُبقِ منهم أحداً قائماً (كأنهم زرعٌ محصود)، وأصبحوا خامدينَ لا حياةَ فيهم (كالنار التي أُخمِدَت).

ثم وَضَّحَ سبحانه أنّ إهلاكه لهذه الأمم المُشركة الظالمة كانَ دليلاً على أنه لم يَخلق الإنسان لعباً وعَبَثاً، بل خَلَقه ليَعبده ولا يُشرك به، ويطيعه ولا يعصيه، وأنه خَلَقَ السماوات والأرض ليُذكَر فيهما ويُشكَر، ولهذا قال: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ، وإنما ليَعلم الناس أنّ الذي خَلَقَ ذلك كله، لا تصلح العبادة إلا له، وأنه سبحانه قادرٌ على أن يُحيى الموتى،لأنّ ذلك أهْوَنُ عليه مِن خَلْق السماوات والأرض.



- الآية 17، والآية 18: ﴿ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا - من الولد أو الزوجة أو غير ذلك مِمّا نَسَبَهُ إلينا المشركون كَذِباً وافتراءً - ﴿ لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا ﴾: أي لاَتخذناه مِن عندنا لا مِن عندكم﴿ إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (وهذا يَستحيل في حقنا، لأن اللعب ليس من شأننا)، ولذلك بَرَّأَ سبحانه نفسه مِن ذلك فقال: ﴿ بَلْأي لا يليق بنا اتخاذ الزوجة والولد - لِغِنانا عن ذلك -، وإنما ﴿ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ أي نَرمي بالحق (وهو أدلة القرآن) ﴿ عَلَى الْبَاطِلِ - وهو افتراء المُضِلِّين - ﴿ فَيَدْمَغُهُ أي فيَشُقُّ الحقُ دماغَ الباطل فيُهلِكه ﴿ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ أي: فإذا بالباطل ذاهبٌ مغلوب لا يَبقى منه شيء، ﴿ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ يعني: ولكم - أيها المشركون - العذاب الشديد فيالآخرة، مِن أجْل وَصْفِكم ربكم بغير وَصْفه اللائق به، ومِن أجْل وَصْفكم لرسوله بالسحر والكذب والشعر، وأنتم تعلمون أنه الصادق الأُمِّي، الذي لم يقل الشعر ولم يتعلمه طوال حياته.



الآية 19، والآية 20: ﴿ وَلَهُ سبحانه جميع ﴿ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مُلكاً وتصرفاً وتدبيراً وإحاطة، (فهذا برهان آخر على بُطلان دعوى أنّ له تعالى زوجة وولداً، إذ هو خالقُ كل شيء ومالكه، فهليُقالُ لِمَن صَنَعَ شيئاً إنه أبو المصنوع؟! لا يوجد قائلٌ بهذا أبداً، (فسبحان مَن لا يحتاجُ إلى زوجةٍ أو ولدٍ كما يحتاج البشر، وسبحان الغني القوي الذي له الصفات العُليا، والاستغناء التام عن خَلْقه وعبيده).

﴿ وَمَنْ عِنْدَهُ من الملائكة ﴿ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ﴿ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ أي لا يَتعبون فيَتركوا العبادة ليستريحوا، بل إنهم ﴿ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾: أي يُسبِّحون اللهَ ليلاً ونهاراً ﴿ لَا يَفْتُرُونَ ﴾: أي لا يضْعُفون عن التسبيح، لأنه يخرج منهم كما يَخرج النَفَس من البشر، فكما أن البشر لا يتعبون من التنفس ولا يَمَلُّون منه ولا يُشغلهم عنه شيء، فكذلك الملائكة لا يَمَلُّون من التسبيح ولا يُشغلهم عنه شيء، (إذاً فكيف يجعلهم المشركون شركاء لله تعالى أو يزعمون أنّ له منهم ولداً وهُم لا يستكبرون عن عبادته ولا يَتعبونَ منها؟!)، (واعلم أن اللفظ: ﴿ يَسْتَحْسِرُونَ ﴾ مأخوذ من الحَسير، وهو (الجَمَل) المُنقطع عن السير بسبب التعب).



الآية 21، والآية 22، والآية 23: ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ؟! يعني: هل اتخذ المشركون آلهة عاجزة من أحجار الأرض تقدر على إحياء الموتى؟! (والاستفهام للنفي والإنكار) يعني: كلا إنهم لا يُحيون الموتى، (والذي لا يُحيي الموتى لا يستحق العبادة بحال من الأحوال، أمّا اللهُ تعالى فهو المُتفرِّد بالإحياء والإماتة، وأنتم تعلمون ذلك أيها المشركون، فلقد كنتم أمواتًا وأنتم في العَدم، فأوجدكم سبحانه ونَفَخَفيكم الحياة، فكذلك لا يُعجزه إحياء الناس بعد موتهم).

ثم أبطل سبحانه دعواهم في اتخاذهم آلهةً مع الله تعالى فقال: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾: أي لو كان في السماوات والأرض آلهة غير الله تُدَبِّر شؤونهما، لاَختلَّنظامهما (لأنّ تَعَدُّد الآلهة يَقتضى اختلافهم في الإرادة والأفعال، مِمّا يؤدي إلى فساد نظام الكون)، ومِن هنا كان انتظام الكون قروناً عديدة دليلاً على أنّ خالقه واحد وأنّ العبادة لا تجب إلا له، ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾: أي تَنَزَّهَ اللهُ خالق العرش ومالكه والمُختص به، وتبرَّأَ عَمَّا يَصفه به الكافرون.

ومِن دلائل تفرُّده سبحانه بالخَلق والعبادة أنه ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ﴾: أي لا يُسأل عن قضائه في خَلقه، لأنه المالك المتصرف، ولأنه العليم الحكيم،﴿ وَهُمْ يُسْأَلُونَ أي: وجميع خَلقه يَسألهم سبحانه عن أفعالهم، لكونهم عبيدٌ خاضعونَ لتدبيره وأقداره.



الآية 24: ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً؟! يعني: بل اتخذ هؤلاء المشركون آلهة لا تنفع ولا تضر! ﴿ قُلْ لهم - أيهاالرسول -: ﴿ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ﴾: أي هاتوا دليلاً على استحقاق هذه الآلهة للعبادة، ﴿ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ﴾: أي فليس في هذاالقرآن (الذي هو ذِكر أُمّتي واتِّعاظها)، ولا في الكتب السابقة دليلٌ على ما ذهبتم إليه، (فالكل يشهد أنه لا إله إلا الله)، ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ﴾: يعني: بل أكثرهم قد أشركوا تقليدًا لآبائهم بغير عِلمٍ أو دليل، ولِذا ﴿ فَهُمْ مُعْرِضُونَ عن تأمل أدلة وبراهين القرآن العظيم.



الآية 25: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا أي لا معبودَ بحقٍإلا أنا، ﴿ فَاعْبُدُونِ ﴾: أي فأخلِصوا العبادة لي وحدي أيها الناس.



من الآية 26 إلى الآية 29: ﴿ وَقَالُوا أي قال المشركون: ﴿ اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا - بزَعْمهم أنّ الملائكة بنات الله - ﴿ سُبْحَانَهُ ﴾: أي تَنَزَّه اللهُوتقدَّس عن ذلك، ﴿ بَلْ عِبَادٌ يعني إنّ الملائكة عبادٌ للهِ تعالى (ومَن كان عبداً لا يكون ابناً ولا بنتاً)، وهُم ﴿ مُكْرَمُونَ أي مُقرَّبونَ مُخصَّصونَ بالفضائل الكريمة.

ومِن حُسن طاعتهم وأدبهم مع الله تعالى أنهم ﴿ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ أي لايتكلمون إلا بما يأمرهم به سبحانه (وهذا هو شأن العبد، أنه لا يتقدم سيده بشيء) ﴿ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ أي: وهم ولا يَعملون عملاً حتى يَأذن لهم، وهو سبحانه ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾: أي يَعلم جميع أفعال الملائكة (ما يُستقبَل منها وما مَضى)، ﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى أي لا تتقدم الملائكة بالشفاعة إلا لمن رَضِيَ اللهُ عن شفاعتهم له، (ولا يكون هذا إلا لأهل التوحيد)، ﴿ وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ أي: والملائكة - مِن أجلخوفهم مِن الله تعالى - يَحذرون أن يُخالفوا أمْره ونَهْيه، ﴿ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ يعني: ومَن يَزعم من الملائكة أنه إلهٌ مع اللهِ تعالى - على سبيل الفرض - ﴿ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ، و﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَالذين يَتعدون حدودهم ويتجاوزون قَدْرهم.





[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرةمن (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذيليس تحته خط فهو تفسير الآية الكريمة.

واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍيَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذاالأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنىواضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلماتالتي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.64 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.73%)]