
26-11-2021, 04:44 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,748
الدولة :
|
|
رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد الثانى
الحلقة (122)
سُورَةُ يُونُسَ (3)
صـ 161 إلى صـ 164
قوله تعالى : أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون .
بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن الكفار يطلبون في الدنيا تعجيل العذاب كفرا وعنادا ، فإذا عاينوا العذاب آمنوا ، وذلك الإيمان عند معاينة العذاب وحضوره لا يقبل منهم ، وقد أنكر ذلك [ ص: 161 ] تعالى عليهم هنا بقوله : أثم إذا ما وقع آمنتم به [ 10 \ 51 ] ، ونفى أيضا قبول إيمانهم في ذلك الحين بقوله : آلآن وقد كنتم به تستعجلون .
وأوضح هذا المعنى في آيات أخر ، كقوله : فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون [ 40 \ 84 ، 85 ] ، وقوله : حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين [ 10 \ 90 ، 91 ] ، وقوله : وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن الآية [ 4 \ 18 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
واستثنى الله تعالى قوم يونس دون غيرهم بقوله : فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين [ 10 \ 98 ] .
قوله تعالى : إن الله سيبطله الآية .
ذكر تعالى عن موسى في هذه الآية ، أنه قال : إن الله سيبطل سحر سحرة فرعون .
وصرح في مواضع أخر بأن ذلك الذي قال موسى إنه سيقع من إبطال الله لسحرهم ، أنه وقع بالفعل ، كقوله : فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين [ 7 \ 118 ، 119 ] ونحوها من الآيات :
قوله تعالى : ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق الآية .
ذكر تعالى في هذه الآية أنه بوأ بني إسرائيل مبوأ صدق .
وبين ذلك في آيات أخر كقوله : وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها الآية [ 7 \ 137 ] ، وقوله : فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم [ 62 \ 57 ، 58 ] إلى قوله : كذلك وأورثناها بني إسرائيل [ 26 \ 59 ] وقوله : كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم [ 44 \ 25 ، 26 ] إلى قوله : كذلك وأورثناها قوما آخرين [ 44 \ 28 ] ، ومعنى بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق : أنزلناهم منزلا مرضيا حسنا .
قوله تعالى : إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم .
صرح تعالى في هذه الآية الكريمة ، أن من حقت عليه كلمة [ ص: 162 ] العذاب ، وسبقت له في علم الله الشقاوة لا ينفعه وضوح أدلة الحق ، وذكر هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله تعالى : وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون [ 10 \ 101 ] ، وقوله : وإن يروا آية يعرضوا [ 54 \ 2 ] ، وقوله : وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين [ 6 \ 4 ] ، وقوله : وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون [ 12 \ 105 ] ، وقوله : سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون [ 2 \ 6 ] .
والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا .
قوله تعالى : إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين .
ظاهر هذه الآية الكريمة أن إيمان قوم يونس ما نفعهم إلا في الدنيا دون الآخرة ، لقوله : كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا .
ويفهم من مفهوم المخالفة في قوله : في الحياة الدنيا أن الآخرة ليست كذلك ، ولكنه تعالى أطلق عليهم اسم الإيمان من غير قيد في سورة " الصافات " ، والإيمان منقذ من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، كما أنه بين في " الصافات " أيضا كثرة عددهم ، وكل ذلك في قوله تعالى : وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين [ 147 ، 148 ] .
قوله تعالى : ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا الآية .
صرح تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لو شاء إيمان جميع أهل الأرض لآمنوا كلهم جميعا ، وهو دليل واضح على أن كفرهم واقع بمشيئته الكونية القدرية ، وبين ذلك أيضا في آيات كثيرة ، كقوله تعالى : ولو شاء الله ما أشركوا الآية [ 6 \ 107 ] ، وقوله : ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها [ 32 \ 13 ] ، وقوله : ولو شاء الله لجمعهم على الهدى [ 6 \ 107 ] إلى غير ذلك من الآيات .
قوله تعالى : أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين .
بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن من لم يهده الله فلا هادي له ، ولا يمكن أحدا أن يقهر قلبه على الانشراح إلى الإيمان إلا إذا أراد الله به ذلك .
وأوضح ذلك المعنى في آيات كثيرة ، كقوله : ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا [ 5 \ 41 ] ، وقوله : إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل الآية [ ص: 163 ] [ 16 \ 37 ] ، وقوله : إنك لا تهدي من أحببت الآية [ 28 \ 56 ] ، وقوله : من يضلل الله فلا هادي له [ 7 \ 186 ] ، والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا كما تقدم في " النساء " .
والظاهر أنها غير منسوخة ، وأن معناها أنه لا يهدي القلوب ويوجهها إلى الخير إلا الله تعالى ، وأظهر دليل على ذلك أن الله أتبعه بقوله : وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله الآية [ 10 \ 100 ] .
قوله تعالى : قل انظروا ماذا في السماوات والأرض الآية .
أمر الله جل وعلا جميع عباده أن ينظروا ماذا خلق في السماوات والأرض من المخلوقات الدالة على عظم خالقها ، وكماله ، وجلاله ، واستحقاقه لأن يعبد وحده جل وعلا .
وأشار لمثل ذلك بقوله : سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق الآية [ 41 \ 53 ] ، ووبخ في سورة " الأعراف " من لم يمتثل هذا الأمر ، وهدده بأنه قد يعاجله الموت فينقضي أجله قبل أن ينظر فيما أمره الله جل وعلا أن ينظر فيه ; لينبه بذلك على وجوب المبادرة في امتثال أمر الله جل وعلا ، وذلك في قوله تعالى : أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم الآية [ 185 ] .
تنبيه
آية " الأعراف " هذه التي ذكرنا تدل دلالة واضحة على أن الأمر يقتضي الفور ، وهو الذي عليه جمهور الأصوليين ، خلافا لجماعة من الشافعية وغيرهم .
قوله تعالى : وأن أقم وجهك للدين .
أوضح هذا المعنى في قوله : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها .
قوله تعالى : ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك .
أوضح معناه أيضا بقوله : ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون .
قوله تعالى : واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين .
لم يبين هنا ما حكم الله به بين نبيه وبين أعدائه ، وقد بين في آيات كثيرة أنه حكم بنصره عليهم ، وإظهار دينه على كل [ ص: 164 ] دين ، كقوله : إذا جاء نصر الله والفتح [ 110 \ 1 ] إلى آخر السورة ، وقوله : إنا فتحنا لك فتحا مبينا [ 48 \ 1 ] إلى آخرها ، وقوله : أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه الآية [ 13 \ 41 ] . إلى غير ذلك من الآيات .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|