عرض مشاركة واحدة
  #67  
قديم 25-11-2021, 02:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثانى -كتاب قسم الصدقات
الحلقة (67)
صــــــــــ 86 الى صـــــــــــ90

باب جيران الصدقة ( قال الشافعي ) :
رحمه الله : كانت العرب أهل الصدقات وكانت تجاور بالقرابة ليمتنع بعضها على بعض لمن أرادها ، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤخذ الصدقة من أغنيائهم وترد على فقرائهم كان بينا في أمره أنها ترد على الفقراء الجيران للمأخوذة منه الصدقة ، وكانت الأخبار بذلك متظاهرة على رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصدقات أن أحدهم يأخذها من أهل هذا البيت ويدفعها إلى أهل هذا البيت بجنبهم إذا كانوا من أهلها ، وكذلك قضى معاذ بن جبل حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { أيما رجل انتقل عن مخلاف عشيرته إلى غير مخلاف عشيرته فصدقته وعشره إلى مخلاف عشيرته } يعني إلى جار المال الذي تؤخذ منه الصدقة دون جار رب المال فبهذا نقول إذا كان للرجل مال ببلد وكان ساكنا ببلد غيره قسطت صدقته على أهل البلد الذي به ماله الذي فيه الصدقة [ ص: 86 ] كانوا أهل قرابة له ، أو غير قرابة ، وأما أهل الزرع والثمرة التي فيها الصدقة فأمرهم بين ، يقسم الزرع والثمرة على جيرانها ، فإن لم يكن لها جيران فأقرب الناس بها جوارا ; لأنهم أولى الناس باسم جوارها ، وكذلك أهل المواشي الخصبة والأوارك والإبل التي لا ينتجع بها ، فأما أهل النجع الذين يتتبعون مواقع القطر ، فإن كانت لهم ديار ، بها مياههم وأكثر مقامهم لا يؤثرون عليها إذا أخصبت شيئا فأهل تلك الدار من المساكين الذين يلزمهم أن تكون الأغلب عليهم أولى كما كان جيران أهل الأموال المقيمين أولى بها ، فإن كان فيهم من ينتجع بنجعتهم ، كان أقرب جوارا ممن يقيم في ديارهم إلى أن يقدم عليهم ، وتقسم الصدقة على الناجعة المقيمة بنجعتهم ومقامهم دون من انتجع معهم من غير أهل دارهم . ودون من انتجعوا إليه في داره ، أو لقيهم في النجعة ممن لا يجاورهم ، وإذا تخلف عنهم أهل دارهم ولم يكن معهم منتجع من أهلها يستحق السهمان جعلت السهمان في أهل دارهم دون من انتجعوا إليه . ولقيهم في النجعة من أهلها ، لو انتقلوا بأموالهم وصدقاتهم بجيران أموالهم التي فروا بها ، وإن بعدت نجعتهم حتى لا يعودوا إلى بلادهم إلا فيما تقصر فيه الصلاة ، قسمت الصدقة على جيران أموالهم ، ولم تحمل إلى أهل دارهم إذا صاروا منهم سفرا تقصر فيه الصلاة .
باب فضل السهمان عن أهل الصدقة ( قال الشافعي ) :
رحمه الله : وإذا لم يبق من أهل الصدقة إلا صنف واحد قسمت الصدقة كلها في ذلك الصنف حتى يستغنوا ، فإذا فضل فضل عن إغنائهم نقلت إلى أقرب الناس بهم دارا ( قال ) : وإذا استوى في القرب أهل نسبهم وعدى قسمت على أهل نسبهم دون العدى ، وإن كان العدى أقرب الناس بهم دارا وكان أهل نسبهم منهم على سفر تقصر الصلاة فيه قسمت الصدقة على العدى إذا كان دون ما تقصر فيه الصلاة ; لأنهم أولى باسم حضرتهم ، ومن كان أولى باسم حضرتهم كان أولى بجوارهم ، وإن كان أهل نسبهم دون ما تقصر فيه الصلاة والعدى أقرب منهم ، قسمت على أهل نسبهم ; لأنهم بالبادية غير خارجين من اسم الجوار ، ولذلك هم في المتعة حاضرو المسجد الحرام .
باب ميسم الصدقة ( قال الشافعي ) :
رحمه الله ينبغي لوالي الصدقة أن يسم كل ما يأخذ منها من إبل ، أو بقر ، أو غنم ، يسم الإبل والبقر في أفخاذها والغنم في أصول آذانها ويجعل ميسم الصدقة مكتوبا لله ويجعل ميسم الغنم ألطف من ميسم الإبل والبقر ، وإنما قلت ينبغي له لما بلغنا أن عمال النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسمون ، وكذلك بلغنا أن عمال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كانوا يسمون ، أخبرنا مالك عن [ ص: 87 ] زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال لعمر بن الخطاب : إن في الظهر ناقة عمياء فقال عمر " ندفعها إلى أهل بيت ينتفعون بها " قال : فقلت وهي عمياء ؟ فقال " يقطرونها بالإبل " قلت : فكيف تأكل من الأرض ؟ فقال عمر " أمن نعم الجزية أم من نعم الصدقة ؟ " فقلت : لا . بل من نعم الجزية فقال عمر " أردتم والله أكلها " فقلت : إن عليها وسم الجزية قال فأمر بها عمر فأتي بها فنحرت وكانت عنده صحاف تسع فلا تكون فاكهة ولا طرفة إلا جعل منها في تلك الصحاف فبعث بها إلى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكون الذي يبعث به إلى حفصة من آخر ذلك ، فإن كان فيه نقصان كان في حظ حفصة ، قال فجعل في تلك الصحاف من لحم تلك الجزور فبعث بها إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بما بقي من اللحم فصنع فدعا المهاجرين والأنصار .

( قال الشافعي ) :
فلم تزل السعاة يبلغني عنهم أنهم يسمون كما وصفت ، ولا أعلم في الميسم علة إلا أن يكون ما أخذ من الصدقة معلوما فلا يشتريه الذي أعطاه ; لأنه شيء خرج منه لله عز وجل كما { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب في فرس حمل عليه في سبيل الله فرآه يباع أن لا يشتريه } وكما ترك المهاجرون نزول منازلهم بمكة ; لأنهم تركوها لله عز وجل .
باب العلة في القسم ( قال الشافعي ) :
رحمه الله تعالى : إذا تولى الرجل قسم الصدقة قسمها على ستة أسهم أسقط منها سهم المؤلفة قلوبهم إلا أن يجدهم في الحال التي وصفت يشخصون لمعونة على أخذ الصدقة فيعطيهم ، ولا سهم للعاملين فيها ، وأحب له ما أمرت به الوالي من تفريقها في أهل السهمان من أهل مصره كلهم ما كانوا موجودين ، فإن لم يوجد من صنف منهم إلا واحد أعطاه سهم ذلك الصنف كله إن استحقه ، وذلك أني إن لم أعطه إياه ، فإنما أخرجه إلى غيره ممن له معه قسم فلم أجز أن أخرج عن صنف سموا شيئا ومنهم محتاج إليه ( قال ) : وإن وجد من كل صنف منهم جماعة كثيرة وضاقت زكاته أحببت أن يفرقها في عامتهم بالغة ما بلغت ، فإن لم يفعل فأقل ما يكفيه أن يعطي منهم ثلاثة ; لأن أقل جماع أهل سهم ثلاثة إنما ذكرهم الله عز وجل بجماع فقراء ومساكين ، وكذلك ذكر من معهم ، فإن قسمه على اثنين ، هو يجد ثالثا ضمن ثلث السهم ، وإن أعطاه واحدا ضمن ثلثي السهم ; لأنه لو ترك أهل صنف وهم موجودون ضمن سهمهم ، وهكذا هذا من أهل كل صنف ، فإن أخرجه من بلد إلى بلد غيره كرهت ذلك له ، ولم يبن لي أن أجعل عليه الإعادة من قبل أنه قد أعطاه أهله بالاسم ، وإن ترك موضع الجوار ، وإن كانت له قرابة من أهل السهمان ممن لا تلزمه النفقة عليه أعطاه منها وكان أحق بها من البعيد منه ، وذلك أنه يعلم من قرابته أكثر مما يعلم من غيرهم ، وكذلك خاصته ومن لا تلزمه نفقته من قرابته ما عدا أولاده ووالديه ، ولا يعطي ولد الولد صغيرا ولا كبيرا ولا زمنا ولا أبا ولا أما ولا جدا ولا جدة زمنى ( قال الربيع ) : لا يعطي الرجل من زكاة ماله لا أبا ولا أما ولا ابنا ولا جدا ولا جدة ولا أعلى منهم إذا كانوا فقراء من قبل أن نفقتهم تلزمه وهم أغنياء به ، وكذلك إن كانوا غير زمنى لا يغنيهم كسبهم فهم في حد الفقر لا يعطيهم من زكاته ، وتلزمه نفقتهم ، وإن كانوا غير زمنى مستغنين بحرفتهم لم تلزمه نفقتهم وكانوا في حد الأغنياء الذين لا يجوز أن يأخذوا من زكاة المال ، ولا يجوز له ولا لغيره أن [ ص: 88 ] يعطيهم من زكاة ماله شيئا ، وهذا عندي أشبه بمذهب الشافعي .

( قال الشافعي ) :
ولا يعطي زوجته ; لأن نفقتها تلزمه ، وإنما قلت : لا يعطي من تلزمه نفقتهم ; لأنهم أغنياء به في نفقاتهم ( قال الشافعي ) : وإن كانت امرأته ، أو ابن له بلغ فادان ثم زمن واحتاج ، أو أب له دائنا ، أعطاهم من سهم الغارمين ، وكذلك من سهم ابن السبيل ، ويعطيهم بما عدا الفقر والمسكنة ; لأنه لا يلزمه قضاء الدين عنهم ولا حملهم إلى بلد أرادوه ، فلا يكونون أغنياء عن هذا كما كانوا أغنياء عن الفقر والمسكنة بإنفاقه عليهم ( قال ) : ويعطي أباه وجده وأمه وجدته وولده بالغين غير زمنى من صدقته إذا أرادوا سفرا ; لأنه لا تلزمه نفقتهم في حالاتهم تلك .

( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى ويعطي رجالهم أغنياء وفقراء إذا غزوا ، وهذا كله إذا كانوا من غير آل محمد صلى الله عليه وسلم ( قال الشافعي ) : فأما آل محمد الذين جعل لهم الخمس عوضا من الصدقة فلا يعطون من الصدقات المفروضات شيئا ، قل ، أو كثر ، لا يحل لهم أن يأخذوها ولا يجزئ عمن يعطيهموها إذا عرفهم ، وإن كانوا محتاجين وغارمين ومن أهل السهمان ، وإن حبس عنهم الخمس وليس منعهم حقهم في الخمس ، يحل لهم ما حرم عليهم من الصدقة ( قال ) : وآل محمد الذين تحرم عليهم الصدقة المفروضة أهل الخمس ، وهم أهل الشعب ، وهم صلبية بني هاشم وبني المطلب ، ولا يحرم على آل محمد صدقة التطوع إنما يحرم عليهم الصدقة المفروضة ، أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يشرب من سقايات الناس بمكة والمدينة فقلت له : أتشرب من الصدقة وهي لا تحل لك ؟ فقال : إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة ( قال الشافعي ) :
وتصدق علي وفاطمة على بني هاشم وبني المطلب بأموالهما ، وذلك أن هذا تطوع ، وقبل النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من صدقة تصدق بها على بريرة ، وذلك أنها من بريرة تطوع لا صدقة ( قال ) : وإذا تولى العامل قسم الصدقات قسمها على ما وصفت وكان الأمر فيها عليه واسعا ; لأنه يجمع صدقات عامة فتكثر فلا يحل له أن يؤثر فيها أحدا على أحد علم مكانه ، فإن فعل على غير الاجتهاد خشيت عليه المأثم ، ولم يبن لي أن أضمنه إذا أعطاها أهلها ، وكذلك لو نقلها من بلد إلى بلد فيه أهل الأصناف لم يتبين لي أن أضمنه في الحالين ( قال ) : ولو ضمنه رجل كان مذهبا ، والله أعلم ( قال ) : فأما لو ترك العامل أهل صنف موجودين حيث يقسمها ، هو يعرفهم وأعطى حظهم غيرهم ضمن ; لأن سهم هؤلاء بين في كتاب الله تبارك وتعالى ، وليس أن يعمهم بينا في النص ، وكذلك إذا قسمها الوالي لها فترك أهل سهم موجودين ضمن لما وصفت .

( قال الشافعي ) :
الفقير الذي لا حرفة له ولا مال ، والمسكين الذي له الشيء ولا يقوم به .
باب العلة في اجتماع أهل الصدقة ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى :
وإذا كانت الصدقة ثمانية آلاف وأهل السهمان موجودين فكان فيهم فقير واحد يستغرق سهمه ومسكين واحد يستغرق سهمه وغارمون مائة يعجز السهم كله عن واحد منهم فسأل الغارمون أن يعطى الفقراء والمساكين ثلث سهم ; لأنه واحد وأقل ما يجزي عليه أن يعطى إذا وجدوا ثلاثة ، قيل ليس ذلك لكم ; لأنكم لا تستحقون من سهم الفقراء والمساكين شيئا أبدا ما كان منهم محتاج إليه والسهم مجموع مقتصر به عليهم ما احتاج إليه أحد منهم ، فإذا فضل منه فضل كنتم وغيركم من أهل السهمان فيه سواء وأنتم لا تستحقون إلا بما يستحق به واحد منهم ، وكذلك هذا في [ ص: 89 ] جميع أهل السهمان ، وإذا كان فيهم غارمون لا أموال لهم عليهم ديون فأعطوا مبلغ غرمهم ، أو أقل منه فقالوا : نحن فقراء غارمون ، فقد أعطينا بالغرم وأنتم ترونا أهل فقر ، قيل لهم : إنما نعطيكم بأحد المعنيين ، لو كان هذا على الابتداء فقال : أنا فقير غارم ، قيل له : اختر بأي المعنيين شئت أعطيناك ، فإن شئت بمعنى الفقر ، وإن شئت بمعنى الغرم . فأيهما اختار هو أكثر له أعطيناه ، وإن اختار الذي هو أقل لعطائه أعطيناه وأيهما قال هو الأكثر أعطيناه به ولم نعطه بالآخر ، فإذا أعطيناه باسم الفقر فلغرمائه أن يأخذوا مما في يده حقوقهم كما لهم أن يأخذوا مالا لو كان له ، وكذلك إن أعطيناه بمعنى الغرم ، فإذا أعطيناه بمعنى الغرم أحببت أن يتولى دفعه عنه ، فإن لم يفعل فأعطاه جاز كما يجوز في المكاتب أن يعطي من سهمه ، فإن قال : ولم لا أعطى بمعنيين إذا كنت من أهلهما معا ؟ قيل الفقير المسكين والمسكين فقير بحال يجمعهما اسم ويفترق بهما اسم وقد فرق الله تعالى بينهما فلا يجوز أن يعطى ذلك المسكين فيعطى الفقير بالمسكنة مع الفقر والمسكين بالفقر والمسكنة ، ولا يجوز أن يعطى أحدهما إلا بأحد المعنيين ، وكذلك لا يجوز أن يعطى رجل ذو سهم إلا بأحد المعنيين ، لو جاز هذا ، جاز أن يعطى رجل بفقر وغرم وبأنه ابن سبيل ، وغاز ومؤلف وعامل ، فيعطى بهذه المعاني كلها ، فإن قال قائل : فهل من دلالة تدل على أن اسم الفقر يلزم المسكين ؟ والمسكنة تلزم الفقير ؟ قيل : نعم . معنى الفقر معنى المسكنة ، ومعنى المسكنة معنى الفقر ، فإذا جمعا معا ، لم يجز إلا بأن يفرق بين حاليهما بأن يكون الفقير الذي بدئ به أشدهما ، وكذلك هو في اللسان ، والعرب تقول للرجل فقير مسكين ومسكين فقير ، وإنما المسكنة والفقر لا يكونان بحرفة ولا مال .
قسم الصدقات الثاني

أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال : فرض الله عز وجل على أهل دينه المسلمين في أموالهم حقا لغيرهم من أهل دينه المسلمين المحتاجين إليه لا يسع أهل الأموال حبسه عمن أمروا بدفعه إليه من أهله ، أو ولاته ، ولا يسع الولاة تركه لأهل الأموال ; لأنهم أمناء على أخذه لأهله منهم ، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم } . ففي هذه الآية دلالة على ما وصفت من أن ليس لأهل الأموال منع ما جعل الله عز وجل عليهم ولا لمن وليهم ترك ذلك لهم ، ولا عليهم ( أخبرنا ) : إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال : لم يبلغنا أن أبا بكر وعمر أخذا الصدقة مثناة ولكن كانا يبعثان عليها في الخصب والجدب والسمن والعجف ولا يضمنانها أهلها ولا يؤخرانها عن كل عام ; لأن أخذها في كل عام سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

( قال الشافعي ) :
رحمه الله تعالى ولم نعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 90 ] أخرها عاما لا يأخذها فيه ، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : " لو منعوني عناقا مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها لا تفرقوا بين ما جمع الله " .

( قال الشافعي ) :
هذا إنما هو فيما أخذ من المسلمين خاصة ; لأن الزكاة والطهور إنما هو للمسلمين والدعاء بالأجر والبركة ( قال الشافعي ) : وإذا أخذ صدقة مسلم دعا له بالأجر والبركة كما قال الله عز وجل : { وصل عليهم } أي ادع لهم فما أخذ من مسلم فهو زكاة والزكاة صدقة والصدقة زكاة وطهور أمرهما ومعناهما واحد .

وإن سميت مرة زكاة ومرة صدقة هما اسمان لها بمعنى واحد ، وقد تسمي العرب الشيء الواحد بالأسماء الكثيرة ، وهذا بين في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي لسان العرب ، قال الله عز وجل : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } قال أبو بكر : " لو منعوني عناقا مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه لا تفرقوا بين ما جمع الله " يعني والله أعلم قول الله عز وجل : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } واسم ما أخذ من الزكاة صدقة وقد سماها الله تعالى في القسم صدقة فقال : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } الآية تقول : إذا جاء المصدق يعني الذي يأخذ الماشية وتقول إذا جاء الساعي ، وإذا جاء العامل .

( قال الشافعي ) :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ليس فيما دون خمس ذود صدقة ولا فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة ولا فيما دون خمس أواق من الورق صدقة } ( قال الشافعي ) : والأغلب على أفواه العامة أن في التمر العشر وفي الماشية الصدقة وفي الورق الزكاة ، وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا كله صدقة ، والعرب تقول له صدقة وزكاة ومعناهما عندهم معنى واحد ، فما أخذ من مسلم من صدقة ماله ضأنا كان ، أو ماشية ، أو زرعا ، أو زكاة فطر ، أو خمس ركاز ، أو صدقة معدن ، أو غيره مما وجب عليه في ماله في كتاب ، أو سنة ، أو أمر أجمع عليه عوام المسلمين فمعناه واحد أنه زكاة ، والزكاة صدقة وقسمه واحد لا يختلف كما قسمه الله .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.91%)]