
19-11-2021, 04:59 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,172
الدولة :
|
|
رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد الثانى
الحلقة (112)
سُورَةُ التَّوْبَةِ(1)
صـ 111 إلى صـ 115
وعن علي أيضا : أنه نزل العمة منزلة العم ، وروي ذلك عن علقمة ، ومسروق ، وهي الرواية الثانية عن أحمد ، وعن الثوري وأبي عبيد : أنهما نزلاها منزلة الجد مع ولد [ ص: 111 ] الإخوة والأخوات ، ونزلها آخرون منزلة الجدة .
وإنما صار هذا الخلاف في العمة ; لأنها أدلت بأربع جهات وارثات : فالأب والعم أخواها ، والجد والجدة أبواها ، ونزل قوم الخالة منزلة جدة ; لأن الجدة أمها ، والصحيح من ذلك تنزيل العمة أبا ، والخالة أما . اهـ . من " المغني " .
وذهبت جماعة أخرى ممن قال بالتوريث منهم أبو حنيفة ، وأصحابه إلى أنهم يورثون على ترتيب العصبات ، فقالوا : يقدم أولاد الميت وإن سفلوا ، ثم أولاد أبويه أو أحدهما وإن سفلوا ، ثم أولاد أبوي أبويه وإن سفلوا ، وهكذا أبدا لا يرث بنو أب أعلى وهناك بنو أب أقرب منه ، وإن نزلت درجتهم .
وعن أبي حنيفة : أنه جعل أبا الأم ، وإن علا أولى من ولد البنات ، ويسمى مذهب هؤلاء : مذهب أهل القرابة .
و العلم عند الله تعالى
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ التَّوْبَةِ
اعلم أولا أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكتبوا سطر بسم الله الرحمن الرحيم في سورة " براءة " ، هذه في المصاحف العثمانية ، واختلف العلماء في سبب سقوط البسملة منها على أقوال :
منها : أن البسملة رحمة وأمان و " براءة " نزلت بالسيف ، فليس فيها أمان ، وهذا القول مروي عن علي رضي الله عنه ، وسفيان بن عيينة .
ومنها : أن ذلك على عادة العرب إذا كتبوا كتابا فيه نقض عهد أسقطوا منه البسملة ، فلما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه ليقرأها عليهم في الموسم ، قرأها ، ولم يبسمل على عادة العرب في شأن نقض العهد ، نقل هذا القول بعض أهل العلم ، ولا يخفى ضعفه .
ومنها : أن الصحابة لما اختلفوا : هل " براءة " و " الأنفال " سورة واحدة أو سورتان ، تركوا بينهما فرجة لقول من قال : إنهما سورتان ، وتركوا البسملة لقول من قال : هما سورة واحدة ، فرضي الفريقان وثبتت حجتاهما في المصحف .
ومنها : أن سورة " براءة " نسخ أولها فسقطت معه البسملة ، وهذا القول رواه ابن وهب ، وابن القاسم ، وابن عبد الحكم ، عن مالك ، كما نقله القرطبي .
وعن ابن عجلان ، وسعيد بن جبير ، أنها كانت تعدل سورة " البقرة " .
وقال القرطبي : والصحيح أن البسملة لم تكتب في هذه السورة ; لأن جبريل لم ينزل بها فيها . قاله القشيري . اهـ .
قال مقيده عفا الله عنه : أظهر الأقوال عندي في هذه المسألة : أن سبب سقوط البسملة في هذه السورة ، هو ما قاله عثمان رضي الله عنه لابن عباس .
فقد أخرج النسائي ، والترمذي ، وأبو داود ، والإمام أحمد ، وابن حبان ، في " صحيحه " والحاكم في " المستدرك " وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه : عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قلت لعثمان : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي [ ص: 113 ] من المثاني وإلى براءة وهي من المائين فقرنتم بينهما ، ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم [ 1 \ 1 ] ووضعتموهما في السبع الطول فما حملكم على ذلك ؟
فقال عثمان رضي الله عنه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان إذا أنزل عليه شيء يدعو بعض من يكتب عنده ، فيقول : " ضعوا هذا في السورة التي فيها كذا وكذا " ، وتنزل عليه الآيات فيقول : " ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا " ، وكانت " الأنفال " من أوائل ما أنزل بالمدينة ، و " براءة " من آخر ما أنزل من القرآن ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها ، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يبين لنا أنها منها فظننت أنها منها ، فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم [ 1 \ 1 ] ، ووضعتها في السبع الطول . اهـ .
تنبيهان
الأول : يؤخذ من هذا الحديث أن ترتيب آيات القرآن بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو كذلك بلا شك ، كما يفهم منه أيضا : أن ترتيب سوره بتوقيف أيضا ، فيما عدا سورة " براءة " ، وهو أظهر الأقوال ، ودلالة الحديث عليه ظاهرة .
التنبيه الثاني : قال أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله تعالى : في هذا الحديث دليل على أن القياس أصل في الدين : ألا ترى إلى عثمان وأعيان الصحابة كيف لجئوا إلى قياس الشبه عند عدم النص ، ورأوا أن قصة " براءة " شبيهة بقصة " الأنفال " فألحقوها بها ، فإذا كان القياس يدخل في تأليف القرآن ، فما ظنك بسائر الأحكام .
قوله تعالى : براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم إلى قوله تعالى : أربعة أشهر .
ظاهر هذه الآية الكريمة العموم في جميع الكفار المعاهدين ، وأنه بعد انقضاء أشهر الإمهال الأربعة المذكورة في قوله : في الأرض أربعة أشهر [ 9 \ 2 ] ، لا عهد لكافر .
وفي هذا اختلاف كثير بين العلماء ، والذي يبينه القرآن ، ويشهد له من تلك الأقوال ، هو أن محل ذلك إنما هو في أصحاب العهود المطلقة غير الموقتة بوقت معين ، أو من كانت مدة عهده الموقت أقل من أربعة أشهر ، فتكمل له أربعة أشهر ، أما أصحاب العهود الموقتة الباقي من مدتها أكثر من أربعة أشهر ، فإنه يجب لهم إتمام مدتهم ، ودليله المبين له من القرآن ، هو قوله تعالى : إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين [ ص: 114 ] [ 9 \ 4 ] ، وهو اختيار ابن جرير ، وروي عن الكلبي ، ومحمد بن كعب القرظي ، وغير واحد ، قاله ابن كثير ويؤيده حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ، بعثه حين أنزلت " براءة " بأربع : ألا يطوف بالبيت عريان . \ 5 ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامهم هذا .
ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى مدته .
ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة .
قوله تعالى : فسيحوا في الأرض أربعة أشهر .
قال بعض العلماء : كان ابتداء التأجيل بالأشهر الأربعة المذكورة من شوال ، وآخره سلخ المحرم ، وبه قال الزهري رحمه الله تعالى ولكن القرآن يدل على أن ابتداءها من يوم النحر على الأصح من أنه يوم الحج الأكبر ، أو يوم عرفة على القول بأنه هو يوم الحج الأكبر ، وذلك في قوله تعالى : وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر . وهو صريح في أن ابتداء الإعلام المذكور من يوم الحج الأكبر ، وهو يوم النحر ، ولا يخفى انتهاؤها في العشر من ربيع الثاني .
قال ابن كثير : في تفسير هذه الآية وقال الزهري : كان ابتداء التأجيل من شوال ، وآخره سلخ المحرم ، وهذا القول غريب ، وكيف يحاسبون بمدة لم يبلغهم حكمها ، وإنما ظهر لهم أمرها يوم النحر ، حين نادى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، ولهذا قال تعالى : وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر .
قوله تعالى : إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم .
يفهم من مفهوم مخالفة هذه الآية : أن المشركين إذا نقضوا العهد جاز قتالهم ، ونظير ذلك أيضا قوله تعالى : فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم [ 9 \ 7 ] ، وهذا المفهوم في الآيتين صرح به جل وعلا في قوله : وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون [ 9 \ 12 ] .
قوله تعالى : فإذا انسلخ الأشهر الحرم الآية .
اختلف العلماء في المراد بالأشهر الحرم في هذه الآية .
[ ص: 115 ] فقال ابن جرير : إنها المذكورة في قوله تعالى . منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم [ 9 \ 36 ] ، قال أبو جعفر الباقر .
ولكن قال ابن جرير : آخر الأشهر الحرم في حقهم المحرم ، وحكى نحو قوله هذا علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، وإليه ذهب الضحاك .
ولكن السياق يدل على أن المراد بها أشهر الإمهال المذكورة في قوله : فسيحوا في الأرض أربعة أشهر .
قال ابن كثير : في تفسير هذه الآية : والذي يظهر من حيث السياق ، ما ذهب إليه ابن عباس ، في رواية العوفي عنه ، وبه قال مجاهد ، وعمرو بن شعيب ، ومحمد بن إسحاق ، وقتادة ، والسدي ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أن المراد بها الأشهر الأربعة المنصوص عليها بقوله : فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ، ثم قال : فإذا انسلخ الأشهر الحرم [ 9 \ 5 ] ، أي : إذا انقضت الأشهر الأربعة التي حرمنا عليكم قتالهم فيها ، وأجلناهم فيها ، فحيثما وجدتموهم فاقتلوهم ; لأن عود العهد على مذكور أولى من مقدر ، مع أن الأشهر الأربعة المحرمة سيأتي بيان حكمها في آية أخرى اهـ .
قوله تعالى : وهموا بإخراج الرسول .
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أن كفار مكة هموا بإخراجه صلى الله عليه وسلم من مكة ، وصرح في مواضع أخر بأنهم أخرجوه بالفعل ، كقوله : يخرجون الرسول وإياكم الآية [ 60 \ 1 ] ، وقوله : وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك [ 47 \ 13 ] ، وقوله : إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا الآية [ 9 \ 40 ] ، وذكر في مواضع أخر : محاولتهم لإخراجه قبل أن يخرجوه ، كقوله : وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك [ 8 \ 30 ] ، وقوله : وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها .
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان الآية .
نهى الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن موالاة الكفار ، ولو كانوا قرباء ، وصرح في موضع آخر : بأن الاتصاف بوصف الإيمان مانع من موادة الكفار ولو كانوا قرباء ، وهو قوله : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم الآية [ 58 \ 22 ] .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|