عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 15-11-2021, 04:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لامية الشنفرى .. تحليل وتذوق

فأيَّمْتُ نِسْوَانَاً وأيْتَمْتُ إلْدَةً

وَعُدْتُ كما أبْدَأْتُ واللَّيْلُ ألْيَلُ




ويسرد محاسنه فهو حليم لا يستخفه الجهلاء، متعفِّف عن سؤال الناس، بعيد عن النميمة وإثارة الفتن بين الناس، صبور، شجاع، حازم، لا الفقر يجعلني أبتئس مظهراً ضعفي، ولا الغنى يجعلني أفرح وأختال.




ونجد في وصف البرد والجوع تلاعبا في الألفاظ من جناس وتقارب في الحروف بتنسيق يعطي سيمفونية تطرب لها الآذان:





وأصْبَحَ عَنّي بالغُمَيْصَاءِ جَالساً

فَرِيقَانِ: مَسْئُولٌ وَآخَرُ يَسْألُ




فَقَالُوا: لَقَدْ هَرَّتْ بِلَيْلٍ كِلَابُنَا

فَقُلْنَا: أذِئْبٌ عَسَّ أمْ عَسَّ فُرْعُلُ




فَلَمْ يَكُ إلاَّ نَبْأةٌ ثُمَّ هَوَّمَتْ

فَقُلْنَا: قَطَاةٌ رِيعَ أمْ رِيعَ أجْدَلُ




فَإِنْ يَكُ مِنْ جِنٍّ لأبْرَحُ طارِقاً

وإنْ يَكُ إنْسَاً ما كَها الإنسُ تَفْعَلُ





فيسترسل في ذكر حديث القوم في الصباح وتعجبهم من نباح كلابهم ليلا لمدة قصيرة ثم هدأت! وهذا لسرعة عدو الشنفرى لدرجة أن الكلاب لم تلحظه مدة طويلة حتى توقع القوم أن تكون نبحت لرؤية شيء سريع لن يكون إلا صقر أو قطاة، فقد تعوَّدوا أن يقوم بالغارة جماعة من الرجال لا فرد واحد، وأن يشعروا بها فيدافعوا عن أنفسهم وحريمهم، أمَّا أن تكون بهذه الصورة الخاطفة فهذا الأمر غير مألوف، ولعل الذين قاموا بها من الجنّ لا من الإنس!




وبعد ذكره لتحمله الشديد ليوم شديد البرودة، يذكر مدى تحمله للحر الشديد، فربّ يوم شديد الحرارة تضطرب فيه الأفاعي رغم اعتيادها شدة الحرّ، واجهت لفح حره دون أي ستر على وجهي، وعليّ ثوب ممزّق لا يردّ من الحر شيئاً قليلاً:





وآلَفُ وَجْهَ الأرْضِ عِنْدَ افْتَراشِها

بأَهْدَأَ تُنْبِيهِ سَنَاسِنُ قُحَّلُ




وَأعْدِلُ مَنْحُوضاً كأنَّ فُصُوصَهُ

كعَابٌ دَحَاهَا لاعِبٌ فَهْيَ مُثَّلُ







ويطوي أمعاءه على الجوع فتصبح لخلوّها من الطعام يابسة ينطوي بعضها على بعض كأنها حبال أُتقن فتلها..





وَتَشْرَبُ أسْآرِي القَطَا الكُدْرُ بَعْدَما

سَرَتْ قَرَبَاً أحْنَاؤها تَتَصَلْصَل









والتعسف في وصف بعده عن النظافة لا أجد له تفسيرا سوى ندب الحال، فإن الإنسان مهما حاول إظهار التعالي والصبر والتجلد لا يلبث أن يبدو في كلامه ما يدل على إحساسه بالدونية والقهر:





وَخَرْقٍ كظَهْرِ التُّرْسِ قَفْرٍ قَطَعْتُهُ

بِعَامِلَتَيْنِ ظَهْرُهُ لَيْسَ يُعْمَلُ




فألْحَقْتُ أُوْلاَهُ بأُخْرَاهُ مُوفِيَاً

عَلَى قُنَّةٍ أُقْعِي مِرَارَاً وَأمْثُلُ







فمن شدة سرعته على أرض خالية مقفرة ألحق أولها بآخرها!





وفي الأَرْضِ مَنْأَى لِلْكَرِيمِ عَنِ الأَذَى

وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَى مُتَعَزَّلُ




لَعَمْرُكَ مَا بِالأَرْضِ ضِيقٌ على امْرِئ

سَرَى رَاغِبَاً أَوْ رَاهِبَاً وَهْوَ يَعْقِلُ

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]