
25-10-2021, 05:36 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة :
|
|
رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام

فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْفَاتِحَةِ
المجلد الثانى
الحلقة (30)
من صــ 444 الى صــ 450
والدعاء لله وحده سواء كان دعاء العبادة أو دعاء المسألة والاستعانة كما قال تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} {وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا} {قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا} وقال تعالى: {فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون} وقال: {فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين} وقال: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}.
وذم الذين يدعون الملائكة والأنبياء وغيرهم فقال:
{قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا} روي عن ابن مسعود: أن قوما كانوا يدعون الملائكة والمسيح وعزيرا فقال الله: هؤلاء الذين تدعونهم يخافون الله ويرجونه ويتقربون إليه كما تخافونه أنتم وترجونه وتتقربون إليه.
وقال تعالى: {وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه} وقال: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله}؟ وقال: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون}. وتوحيد الله وإخلاص الدين له في عبادته واستعانته في القرآن: كثير جدا بل هو قلب الإيمان وأول الإسلام وآخره.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله} وقال: {إني لأعلم كلمة لا يقولها عند الموت أحد إلا وجد روحه لها روحا} وقال: {من كان آخر كلامه لا إله إلا الله: وجبت له الجنة} وهو قلب الدين والإيمان.
وسائر الأعمال كالجوارح له. وقول النبي صلى الله عليه وسلم {إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله: فهجرته إلى الله ورسوله. ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها: فهجرته إلى ما هاجر إليه} فبين بهذا أن النية عمل القلب وهي أصل العمل.
وإخلاص الدين لله وعبادة الله وحده ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. ولهذا أنكرنا على الشيخ يحيى الصرصري: ما يقوله في قصائده في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم من الاستغاثة به مثل قوله: بك أستغيث وأستعين وأستنجد. ونحو ذلك.
وكذلك ما يفعله كثير من الناس من استنجاد الصالحين والمتشبهين بهم والاستعانة بهم أحياء وأمواتا فإني أنكرت ذلك في مجالس عامة وخاصة وبينت للناس التوحيد ونفع الله بذلك ما شاء الله من الخاصة والعامة. وهو دين الإسلام العام الذي بعث الله به جميع الرسل. كما قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} وقال: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} وقال: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} وقال:
{يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} {وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون} وقال: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه} وقال: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}. {وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: يا معاذ أتدري ما حق الله على عباده؟ قلت الله ورسوله أعلم.
قال: حقه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ أن لا يعذبهم} وقال لابن عباس: {إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله}.
ويدخل في العبادة الخشية والإنابة والإسلام والتوبة كما قال تعالى: {الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله} وقال: {فلا تخشوا الناس واخشون} وقال: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله}وقال الخليل: {ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون} {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}. وقال: {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم} إلى قوله: {أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين} {وإياي فاتقون} وقال: {ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه} وقال نوح: {أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون}.
فجعل العبادة والتقوى لله وجعل له أن يطاع. كما قال تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله}. وكذلك قالت الرسل مثل نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وغيرهم: {فاتقوا الله وأطيعون} فجعلوا التقوى لله وجعلوا لهم أن يطاعوا. وكذلك في مواضع كثيرة جدا من القرآن: {اتقوا الله} {اتقوا الله}. {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله}. وكذلك. . . (1) وقال: {عليه توكلت وإليه أنيب} وقال: {وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له} وقال عن إبراهيم: {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين}.
وقالت بلقيس: {إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} وقال: {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا} وقال: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه} وقال: {وتوبوا إلى الله جميعا} {ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا} وقال: {فتوبوا إلى بارئكم} {توبوا إلى الله توبة نصوحا} والاستغفار: {استغفروا ربكم إنه كان غفارا}{وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه}.
والاسترزاق والاستنصار كما في صلاة الاستسقاء والقنوت على الأعداء قال: {فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له} وقال: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون} والاستغاثة كما قال: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم} والاستجارة كما قال: {قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون} {سيقولون لله قل فأنى تسحرون} والاستعاذة كما قال: {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} وقال:
{وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين} {وأعوذ بك رب أن يحضرون}. وقال: {فإذا قرأت القرآن} الآية. وتفويض الأمر كما قال مؤمن آل فرعون: {وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد}. وفي الحديث المتفق عليه في الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقال عند المنام: " اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك ".
وقال: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع} وقال: {الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع} فالولي الذي يتولى أمرك كله والشفيع الذي يكون شافعا فيه أي عونا فليس للعبد دون الله من ولي يستقل ولا ظهير معين وقال: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله} وقال: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده}وقال:
{أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون} {قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض} وقال: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير}. {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له}.
وقال: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} وقال: {وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى}.
فالعبادة والاستعانة وما يدخل في ذلك من الدعاء والاستغاثة والخشية والرجاء والإنابة والتوكل والتوبة والاستغفار كل هذا لله وحده لا شريك له فالعبادة متعلقة بألوهيته والاستعانة متعلقة بربوبيته والله رب العالمين لا إله إلا هو ولا رب لنا غيره لا ملك ولا نبي ولا غيره بل أكبر الكبائر الإشراك بالله وأن تجعل له ندا وهو خلقك والشرك أن تجعل لغيره شركا أي نصيبا في عبادتك وتوكلك واستعانتك كما قال من قال:
{ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} وكما قال تعالى: {وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء} وكما قال: {أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون} وكما قال: {ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع}.
وأصناف العبادات: الصلاة بأجزائها مجتمعة وكذلك أجزاؤها التي هي عبادة بنفسها من السجود والركوع والتسبيح والدعاء والقراءة والقيام لا يصلح إلا لله وحده. ولا يجوز أن يتنفل على طريق العبادة إلا لله وحده لا لشمس ولا لقمر
__________
[تعليق معد الكتاب للشاملة]
(1) بياض في الأصل
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|