عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 01-10-2021, 10:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (53)
صـ 368 إلى صـ 374

[أدلة السمع على حدوث العالم لا يمكن تأويلها]
والنصارى (1) وغيرهم، فبينوا فساد ما سلكه (2) القائلون بقدم العالم من العقليات، وذكروا الحجج المنقولة عن أرسطو وغيره واحدة واحدة، وبينوا فسادها،
ثم قالوا: نتلقى هذه المسألة (3) من السمع، فالرسل قد أخبرت بما لا يقوم دليل [عقلي] (4) على نقيضه، فوجب تصديقهم في هذا.
ولم يمكن تأويل ذلك لوجوه:
أحدها: أنه قد علم بالاضطرار مرادهم، فليس في تأويل ذلك إلا التكذيب المحض للرسل.
والثاني:
أن هذا متفق عليه بين أهل الملل، سلفهم وخلفهم، باطنا وظاهرا، فيمتنع مع هذا أن تكون الرسل كانت مضمرة لخلاف ذلك، كما يقوله [من يقوله] (5) من هؤلاء الباطنية.
الثالث:
أنه ليس في العقل ما ينافي ذلك، بل كل ما ينافيه من المعقولات فهو فاسد يعلم فساده بصريح العقل.
الرابع: أن في العقليات ما يصدق ذلك، ثم كل منهم يسلك في ذلك ما تيسر له من العقليات.
الخامس:
أنه معلوم بالفطرة [والضرورة] (6) أنه لا بد من محدث
(1) والنصارى: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: ما سلك.
(3) ا، ب: الملة، وهو تحريف.
(4) عقلي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) عبارة " من يقوله ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) والضرورة: ساقطة من (ن) ، (م) .
******************************
للمحدثات، وفاعل للمصنوعات، وأن كون (1) المفعول [مقارنا لفاعله لم يزل ولا يزال معه ممتنع في فطر العقول. وهذا مما يحتج به على هؤلاء، كما قد بسط في موضعه، فإنه إذا بين لهم فساد قول إخوانهم، وتبين لهم أن الفاعل لا بد أن يقوم به من الأحوال مما يصير به فاعلا، امتنع مع هذا أن يكون مفعوله المعين] (2) مقارنا له أزلا (3) وأبدا، فإن هذا إخراج له عن أن يكون مفعولا له.
السادس: أن يقال لهؤلاء وهؤلاء جميعا: أصل ما أنتم عليه الرجوع إلى الوجود، والفلسفة معرفة الوجود على ما هو عليه، والفلسفة الحقيقية هي العلوم الوجودية التي بها يعرف الوجود، وأنتم لا تثبتون [شيئا] (4) في الغالب إلا بقياس:
إما شمولي وإما تمثيلي، فهل علمتم فاعلا يلزمه مفعوله أو يقارنه (5) في زمانه لا يحدث شيئا فشيئا، سواء كان فاعلا بالإرادة أو بالطبع؟ .
وهل علمتم فاعلا لم يزل (6) موجبا لمفعوله، ولم يزل مفعوله معلولا له؟ فهذا شيء لا تعقلونه أنتم ولا غيركم، فكيف تثبتون بالمعقول (7) ما لا يعقل أصلا معينا، فضلا عن أن يعقل مطلقا (8) ؟ والمطلق فرع

(1) ا (فقط) : وإن كان.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (م) ، (ن) .
(3) ن، م: مقارنا لفاعله أزلا. .، وهو خطأ.
(4) شيئا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) م: أو يقاربه؛ ا، ب: ويقارنه.
(6) ن، م: وهل علمتم أنه لم يزل.
(7) ب (فقط) : بالعقول.
(8) ا، ب: عن أن يكون مطلقا.
*************************************
المعين، فما لا يكون موجودا معينا لا يعقل لا معينا ولا مطلقا، ولكن يقدر تقديرا في الذهن كما تقدر الممتنعات.يبين ذلك أن العلم بكون الشيء ممكنا في الخارج يكون العلم بوجوده، أو بوجود ما ذلك الشيء أولى بالوجود منه،
كما يذكره الله في كتابه في تقرير إمكان المعاد كقوله:
{لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} [سورة غافر: 57] ،
وقوله:
{وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} [سورة الروم: 27] ،
وقوله:
{ألم يك نطفة من مني يمنى - ثم كان علقة فخلق فسوى - فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى - أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} [سورة القيامة: 37، 40] (1) ،
وقوله:
{أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير} [سورة الأحقاف: 33] ،
وقوله:
{وضرب لنا مثلا ونسي خلقه} [سورة يس: 78] إلى قوله: {أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى} [سورة يس: 81] ، وأمثال ذلك مما يدل على أن إعادة الخلق أولى بالإمكان من ابتدائه، وخلق الصغير أولى بالإمكان من خلق العظيم. فأما ما لا (2) يعلم أنه ممكن إذا عرض على العقل ولم يعلم امتناعه، فإمكانه ذهني، بمعنى عدم العلم بالامتناع، ليس إمكانه خارجيا، بمعنى العلم بالإمكان في الخارج.
ولهذا ما تذكره طائفة من النظار كالآمدي وغيره: إذا أراد أن يقرر

(1) آية (40) من سورة القيامة لم ترد في [ن] ، [م] .
(2) لا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
**********************************
إمكان الشيء بأنه لو قدر وجوده لم يلزم منه محال، مجرد دعوى.
وغايته أن يقول: لا نعلم أنه يلزم منه محال، وعدم [العلم] (1) ليس علما بالعدم (2) ، فهؤلاء إذا أرادوا أن يثبتوا إمكان كون المفعول لازما لفاعله، لا بد أن يعلموا ثبوت ذلك في الخارج، أو ثبوت ما ذاك أولى بالإمكان منه، وكلاهما منتف. فلا يعلم قط فاعل إلا فاعلا يحدث فعله أو مفعوله، (3) لا يقارنه مفعوله المعين ويلازمه، بل هذا إلى (4) نفي كونه فاعلا ووصفه بالعجز عن نفي اللازم له، أقرب منه إلى كونه فاعلا قادرا، فقد جعلوا الله مثل السوء، وهذا باطل.
والواجب في الأدلة (5) الإلهية أن يسلك بها هذا المسلك فيعلم أن كل كمال كان لمخلوق فالخالق أحق به، فإن كمال المخلوق من كمال خالقه، وعلى اصطلاحهم كمال المعلول من كمال العلة، ولأن الواجب أكمل من الممكن، فهو أحق بكل كمال ممكن لا نقص فيه من كل ممكن، ويعلم أن كل نقص تنزه عنه مخلوق فالخالق أحق بتنزيهه عنه، فإن النقص يناقض الكمال، فإذا كان أحق بثبوت الكمال كان أحق بنفي النقص، وهذه القضية برهانية يقينية، وهم يسلمونها.
وهم يقولون أيضا:
إن الفعل صفة كمال، ويردون على من يقول من

(1) العلم: ساقطة من (ن) فقط.
(2) ن: بعدم.
(3) ن، م: ومفعوله.
(4) ا، ب: أولى، وهو خطأ.
(5) الأدلة: ساقطة من (ا) ، (ب) .
*****************************
أهل الكلام إنه ليس صفة كمال ولا نقص، وقد قال تعالى: {أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون} [سورة النحل: 17] .
وإذا (1) كان كذلك، فمن المعقول أن الفاعل الذي يفعل بقدرته ومشيئته (2) أكمل ممن لا قدرة له ولا إرادة، والفاعل (3) القادر المختار الذي يفعل شيئا بعد شيء، أكمل ممن يكون مفعوله لازما له يقدر على إحداث شيء ولا تغييره من حال إلى حال، إن كان يعقل فاعلا يلزمه مفعوله (4) المعين، فإن الذي يقدر أن يفعل مفعولات متعددة، ويقدر على تغييرها من حال إلى حال، أكمل ممن ليس كذلك. فلماذا يصفون واجب الوجود بالفعل الناقص إن كان ذلك ممكنا؟ كيف وما ذكروه ممتنع، لا يعقل فاعل على الوجه الذي قالوه؟ .
بل من قدر شيئا فاعلا للازمه الذي لا يفارقه بحال، كان مخالفا لصريح المعقول عند الناس،
وقيل له:
هذا صفة له (5) أو مشارك له ليس مفعولا له.
ولو قيل لعامة العقلاء السليمي الفطرة:
إن الله خلق السماوات والأرض ومع هذا فلم تزالا معه، لقالوا: هذا ينافي خلقه لهما، فلا يعقل خلقه لهما إلا إذا خلقهما بعد أن لم تكونا موجودتين.
وأما إذا قيل:
لم تزالا موجودتين (6) كان القول مع ذلك بأنه خلقهما جميعا

(1) ا، ب: فإذا.
(2) ا، ب: بمشيئته وقدرته.
(3) ا، ب: إرادة الفاعل، وهو خطأ.
(4) ن، م:. . يلزمه (فاعله) مفعوله.
(5) له: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ن، م، ا: يكونا موجودين. . يزالا موجودين.
*****************************
بين المتناقضين (1) في فطر الناس وعقولهم التي لم تغير (2) عن فطرتها.ولهذا كان مجرد إخبار الرسل بأن الله خلق السماوات والأرض ونحو ذلك كافيا في الإخبار بحدوثهما،
لم يحتاجوا مع ذلك أن يقولوا:
خلقهما بعد (3) عدمهما، ولكن أخبروا (4) بزمان خلقهما،
كما في قوله تعالى:
{خلق السماوات والأرض في ستة أيام} [سورة يونس: 3] .والإنسان لما كان يعلم أنه خلق بعد أن لم يكن، ذكر بذلك ليستدل به على قدرة الخالق على تغيير (5) العادة.
ولهذا ذكر تعالى ذلك في خلق يحيى بن زكريا [عليه السلام] (6) ، وفي النشأة (7) الثانية،
قال تعالى:
{يازكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا - قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا - قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا} [سورة مريم: 7 - 9] ، [وقال تعالى] : {ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا - أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا} ] (8) [سورة مريم: 66 - 67] .
فذكر الإنسان بما يعلمه من أنه خلقه ولم يك شيئا؛ ليستدل بذلك على قدرته على مثل ذلك، وعلى ما هو أهون منه.

(1) ب: المتنافيين.
(2) ن، م: لا تغير.
(3) ن: عند؛ م: عبد (وهو تحريف) .
(4) ن، م: أخبر.
(5) ن (فقط) : على قدرة، وهو خطأ.
(6) عليه السلام: زيادة في (ا) ، (ب) .
(7) ا، ب:. . . السلام في النشأة. . .
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
*******************************
الوجه السابع: إن هؤلاء الذين قالوا بقدم العالم عن علة قديمة، قالوا مع ذلك بأنه في نفسه ممكن، ليس له وجود من نفسه، وإنما وجوده من مبدعه، فوصفوا الموجود الذي لم يزل موجودا، الواجب بغيره، بأنه ممكن الوجود. فخالفوا بذلك طريق سلفهم وما عليه عامة بني آدم من أن الممكن لا يكون إلا معدوما، ولا يعقل ما يمكن أن يوجد وأن لا يوجد إلا ما كان معدوما.
وهذا قول أرسطو وقدماء الفلاسفة، ولكن ابن سينا وأتباعه خالفوا هؤلاء. وقد تعقب ذلك عليهم ابن رشد وغيره، وقالوا: إنه لا يعقل الممكن إلا ما أمكن وجوده وأمكن عدمه، فجاز أن يكون موجودا وأن يكون معدوما، أي مستمر العدم.
ولهذا قالوا: إن الممكن (1) لا بد له من محل،
كما يقال: يمكن أن تحمل المرأة (2) وأن تنبت الأرض وأن يتعلم الصبي، فمحل الإمكان هو الرحم والأرض والقلب، فيمكن أن يحدث في هذه المحال (3) ما هي قابلة له من الحرث والنسل والعلم.
أما الشيء الذي لم يزل ولا يزال - إما بنفسه وإما بغيره - فكيف يقال: يمكن أن يوجد ويمكن أن لا يوجد؟
وإذا قيل:
هو باعتبار ذاته يقبل الأمرين. [قيل] (4) : إن أردتم بذاته ما هو موجود في الخارج فذاك لا يقبل الأمرين، فإن الوجود الواجب بغيره لا يقبل العدم، إلا أن يريدوا أنه يقبل أن يعدم بعد وجوده، وحينئذ فلا يكون واجبا بغيره دائما، فمتى قبل العدم

(1) ا، ب: الإمكان.
(2) ا: الأرض؛ ب: الرحم.
(3) ن: الحالة؛ م: الحال.
(4) م: قلنا. ومكان الكلمة بياض في (ن) .
******************************





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.92 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.28%)]