عرض مشاركة واحدة
  #87  
قديم 29-09-2021, 05:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[*]

رامي حنفي محمود





تفسير الربع الخامس من سورة يونس كاملا بأسلوب بسيط


الآية 71: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ ﴾: أي واقصُص - أيها الرسول - على كفار "مكة" خبر نوح عليه السلام ﴿ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي يعني إنْ كانَ ثَقُلَ عليكم وجودي بينكم، وضاقت أنفسكم من دَعْوَتي لكم إلى توحيد ربكم ﴿ وَتَذْكِيرِي لكم ﴿ بِآَيَاتِ اللَّهِ وحُجَجِه: ﴿ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ أي فعلى اللهِ وحده اعتمادي، وبه ثقتي في أن يَحفظني مِن شَرِّكم، ﴿ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ﴾: أي فأعِدُّوا لي ما استطعتم مِن مَكرٍ وقوة حتى تؤذوني، وادعوا أيضاً شركاءكم المزعومين، ﴿ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ﴾: أي ولا تجعلوا كيدكم لي في الخفاء، بل اجعلوه ظاهرًا منكشفًا، ﴿ ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ ﴾: أي ثم اقضوا عليَّ بالعقوبة وأَصِيبوني بالسُوء الذي في إمكانكم ﴿ وَلَا تُنْظِرُونِ ﴾: أي ولا تُمهِلوني، بل عَجِّلوا بعقوبتي، فإني لا أهتم بآلهتكم، لاعتمادي على حِفظ اللهِ وحده.


الآية 72، والآية 73: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ ﴾: أي فإن أعرضتم عن دَعْوَتي: ﴿ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ ﴾: يعني فإنني لم أطلب منكم أجرًا على دَعْوَتي لكم حتى تُعرِضوا؛ ﴿ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ﴾: أي فثَوَابي عند ربي وأجري عليه سبحانه، ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أي المُنقادين لِحُكم اللهِ تعالى وأوامره.


﴿ فَكَذَّبُوهُ أي فاستمَرُّوا على تكذيبه، فدعانا لِنُصْرَتِه ﴿ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ من المؤمنين ﴿فِي الْفُلْكِ أي في السفينة، ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ أي يَخْلُفون هؤلاء المكذبين، ويَسكنون الأرض مِن بعدهم جِيلاً بعدَ جِيل، ﴿ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ: أي فتأمل -أيها الرسول - كيف كان عاقبة القوم الذين أنذَرَهم رسولهم بعذاب اللهِ فكذَّبوه.


واعلم أنّ في تلاوة هذا القَصَص فائدتان: (الأولى: تصبير الرسول صلى الله عليه وسلم على ما يَلقاه مِن أذى قومه، والثانية: تنبيه المشركين وتحذيرهم من الاستمرار على الشِرك والعصيان حتى لا يَحِلّ بهم مِن العذاب ما حَلّ بغيرهم).


الآية 74: ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ أي أرسلنا من بعد نوحٍ ﴿ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ (كصالح وهود وإبراهيم ولوط وشعيب وغيرهم) ﴿ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾: أي فجاء كُلُّ رسولٍ قومه بالمعجزات الدالَّة على صِدق رسالته، ﴿ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ ﴾: يعني فلم يُقِرّ أقوامهم بالتوحيد، كما لم يُقِرّ به قومُ نوحٍ ﴿ مِنْ قَبْلُ، ﴿ كَذَلِكَ نَطْبَعُ ﴾: يعني وكما ختمنا على قلوب هؤلاء الأقوام لإصرارهم على الشرك وعدم توبتهم منه، فكذلك نَختم ﴿ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ الذين تجاوزوا حدود اللهِ تعالى في كل زمان، عقوبةً لهم على شِركهم وعلى مخالفتهم لرسلهم.


ويُحتمَل أن يكون معنى قوله تعالى: ﴿ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ﴾ أي: فما كان اللهُ لِيَهديهم للإيمانِ ﴿ بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ﴾ أي بسبب تكذيبهم بهذه الآيات الواضحة عندما جاءتهم أول مرة (جزاءً لهم على رَدِّهم الحق)، كما قال تعالى: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾، واللهُ أعلم.


الآية 75، والآية 76: ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ - أي مِن بعد هؤلاء الرسل - أرسلنا ﴿ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ - وهم أشراف قومه - ﴿ بِآَيَاتِنَا أي بالمعجزات الدالّة على صِدقهما، ﴿ فَاسْتَكْبَرُوا ﴾: أي فاستكبر فرعون وأشراف قومه عن قَبول الحق ﴿ وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ حيث أفسدوا القلوب والعقول، وسفكوا الدماء وعذبوا الضعفاء، ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا وهي الآيات التي جاء بها موسى عليه السلام وعددها تسع، ﴿ قَالُوا أي قال فرعونَ وقومَه - ليتخلصوا من الهزيمة التي أصابتهم أمام قومهم -: ﴿ إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ أي إنَّ هذا لَسِحرٌ ظاهر.


الآية 77: ﴿ قَالَ لهم ﴿ مُوسَى مُتعجبًا: ﴿ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ إنه سِحر؟! ﴿ أَسِحْرٌ هَذَا ؟! أي انظروا إلى وَصْف ما جئتكم به، تجدوه الحق، ﴿ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ يعني: واعلموا أنّ الساحرين لا يُفلحون ولا يَنتصرون، لأنّ صَنِيعهم ما هو إلا تخييل وتمويه لأعين الناس، (وقد عَلِموا بعد ذلك - وظَهَرَ لكل أحد - مَن الذي سَحَرَ أعين الناس، ومَن الذي أبْطَلَ السِحر بما معه من الحق فأفلح وانتصر).


الآية 78: ﴿ قَالُوا أي قال فرعون ومَلؤه لموسى عليه السلام: ﴿ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا أي لِتَصْرفنا ﴿ عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا؟، ﴿ وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ أي وحتى يَكونُ لكما - أنت وهارون - العظمة والسلطان في أرض "مصر"؟، ﴿ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ﴾: يعني وما نحن بمقرِّين لكما بأنكما رسولان أرسلكما اللهُ إلينا لنعبده وحده ولا نُشرك به.


الآية 79: ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ لجنوده: ﴿ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ أي مُتقِن للسحر.


الآية 80، والآية 81، والآية 82: ﴿ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى: ﴿ أَلْقُوا على الأرض ﴿ مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ مِن الحبال والعِصِيِّ التي معكم، ﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى لهم: إنَّ ﴿ مَا جِئْتُمْ بِهِ وألقيتموه هو ﴿ السِّحْرُ، و ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ ويَفضحكم أمام الناس ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ الذين أفسدوا في الأرض بالشِرك والمعاصي، ﴿ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ ﴾: أي وسوف يُظهِرُ اللهُ الحقَّ الذي جئتُكُم به، وسَيُعلِيهِ على باطلكم ﴿ بِكَلِمَاتِهِ أي بأمره، إذ يقولُ سبحانه للشيء كُن فيكون ﴿ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾.

الآية 83: ﴿ فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ أي بعض الشباب من بني إسرائيل، آمَنوا بموسى عندما انتصر على السَحَرة، وكذلك آمَنَ عدد قليل من آل فرعون (كامرأة فرعون ومُؤمن آل فرعون)، ولكنهم كتموا إيمانهم، وهم ﴿ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ أي وهم خائفون من فرعون أن يَفتنهم بالعذاب، وخائفونَ أيضاً من سادة قومهم أن يُحَرِّضوا فرعون عليهم لِيُعَذبهم، وهذا التحريض كقول الملأ لفرعون: ﴿ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ ﴾، فقال لهم فرعون: ﴿ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ﴾، إذ كانَ أمْرُ العذاب بيد فرعون لا بيد الملأ، ولعل هذا هو السبب في أنّ اللهَ تعالى قال: ﴿ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ﴾ بضمير المُفرَد، ولم يقل: ﴿ أَنْ يَفْتِنَوهُمْ ﴾، ولأنّ إنكار الملأ عليهم إنما هو لِخَوفهم من فرعون أن يَسلبهم رئاستهم، فلذلك انحصر الخوف في فرعون، واللهُ أعلم).


﴿ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ أي ظالمٌ مستكبر ﴿ فِي الْأَرْضِ أي في أرض مصر المليئة بالخيرات والنعم، ﴿ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ المتجاوزين الحد في الكفر والفساد.


الآية 84، والآية 85، والآية 86: ﴿ وَقَالَ مُوسَى لقومه: ﴿ يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا أي فثِقوا بنصره، وسَلِّموا لأمْره ﴿ إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ يعني إن كنتم خاضعين له بالطاعة والانقياد، ﴿ فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا أي عليه اعتمدنا وإليه فوَّضنا أمْرَنا، ﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي لا تنصر الكافرين علينا، فيكون ذلك فتنةً لنا عن الدين، أو يُفتَن الكفارُ بنَصْرهم، فيقولوا: (لو كان هؤلاء على الحق، ما غُلِبوا)، ﴿ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ وهم فرعون ومَلَئِه؛ لأنهم كانوا يُكَلِّفون بني إسرائيل بالأعمال الشاقة.


الآية 87: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ هارون ﴿ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا أي اتَّخِذا لقومكما بيوتًا في "مصر" تكونُ مَساكن ومَلاجئ تحتمون بها مِن بطش فرعون وقومه، ﴿ وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً أي أماكن تُصَلُّون فيها عند الخوف ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ أي أدُّوها في أوقاتها على الوجه الذي شُرِعَ لكم، ﴿ وَبَشِّرِ يا موسى ﴿ الْمُؤْمِنِينَ بالنصر في الدنيا وبالجنة في الآخرة.


الآية 88: ﴿ وَقَالَ مُوسَى - وهو يدعو ربه -: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فلم يَشكروا نِعَمَكَ ﴿ رَبَّنَا، وإنما استعانوا بهذه الأموال ﴿ لِيُضِلُّوا الناس ﴿ عَنْ سَبِيلِكَ، ﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ أي أتلِفها عليهم (إمَّا بالهلاك، وإمَّا بجَعْلها حجارة)، حتى لا يَنتفعوا بها، ﴿ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ أي اختم على قلوبهم حتى لا تنشرح للإيمان ﴿ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾.

الآية 89: ﴿ قَالَ اللهُ تعالى لهما: ﴿ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا في فرعون وملئه وأموالهم (وقد كان موسى يدعو، وهارون يُؤَمِّن على دعائه، ومِن هنا نُسِبَتْ الدعوة إلى الاثنين في قوله تعالى: ﴿ دَعْوَتُكُمَا ﴾).
﴿ فَاسْتَقِيمَا على دينكما، واستمِرَّا على دعوة فرعون وقومه إلى توحيد اللهِ وطاعته ﴿ وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾: أي ولا تسلكا طريق مَن لا يَعلم حقيقة وعدي ووعيدي، (واعلم أن النون التي في قوله: ﴿ ولا تَتَّبِعَانِّ ﴾ تُسَمَّى نون التوكيد).



[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: "أيسر التفاسير" لأبو بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.
• واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.23 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.97%)]