
26-09-2021, 12:53 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثانى -كتاب الزكاة
الحلقة (57)
صــــــــــ 30 الى صـــــــــــ37
(قال الشافعي) : - رحمه الله -
لبعض من يقول هذا القول: إن كان ما احتججت على ما احتججت فأنت تارك مواضع الحجة؛
قال: وأين قلت زعمت أن الماشية، والزرع إذا كانا ليتيم كانت فيهما الزكاة؟ فإن زعمت أن لا زكاة في مال فقد أخذتها في بعض ماله ولعله الأكثر من ماله وظلمته فأخذت ما ليس عليه في ماله، وإن كان داخلا في الإرث؛
لأن في ماله الزكاة فقد تركت زكاة ذهبه وورقه أرأيت لو جاز لأحد أن يفرق بين هذا فقال: آخذ الزكاة من ذهبه وورقه ولا آخذها من ماشيته وزرعه، هل كانت الحجة عليه إلا أن يقال لا يعدو أن يكون داخلا في معنى الآية؛ لأنه حر مسلم فتكون الزكاة في جميع ماله، أو يكون خارجا منها بأنه غير بالغ فلا يكون في شيء من ماله الزكاة؟ أو رأيت إذ زعمت أن على وليه أن يخرج عنه زكاة الفطر فكيف أخرجته مرة من زكاة وأدخلته في أخرى؟ أو رأيت إذ زعمت أنه لا فرض للصلاة عليه فذهبت إلى أن الفرائض تثبت معا وتزول معا، وأن المخاطبين بالفرائض هم البالغون، وأن الفرائض كلها من وجه واحد يثبت بعضها بثبوت بعض ويزول بعضها بزوال بعض حتى فرض الله عز ذكره على المعتدة من الوفاة أربعة أشهر وعشرا ثم زعمت أن الصغيرة داخلة في معنى فرض العدة، وهي رضيع غير مدخول بها، أو رأيت إذ فرض الله عز وجل على القاتل الدية فسنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على العاقلة بجناية القاتل خطأ كيف زعمت أن الصبي إذا قتل إنسانا كانت فيه دية وكيف زعمت أن الصبي في كل ما جنى على عبد وحر من جناية لها أرش، أو أفسد له من متاع، أو استهلك له من مال فهو مضمون عليه في ماله كما يكون مضمونا على الكبير وجنايته على عاقلته، أليس قد زعمت أنه داخل في معنى فرائض خارج من فرائض غيرها؟ أو رأيت إذ زعمت أن الصلاة، والزكاة إذا كانتا مفروضتين فإنما تثبت إحداهما بالأخرى أفرأيت إن كان لا مال له أليس بخارج من فرض الزكاة؟ ، فإذا خرج من فرض الزكاة أيكون خارجا من فرض الصلاة؟ أو رأيت إن كان ذا مال فيسافر أفليس له أن ينقص من عدد الحضر؟ أفيكون له أن ينقص من عدد الزكاة بقدر ما نقص من الصلاة؟ أرأيت لو أغمي عليه سنة أليس تكون الصلاة عنه مرفوعة أفتكون الزكاة عنه مرفوعة من تلك السنة؟ أو رأيت لو كانت امرأة تحيض عشرا وتطهر خمسة عشر وتحيض عشرا أليس تكون الصلاة عنها مرفوعة في أيام حيضها؟ وأما الزكاة عليها في الحول أفيرفع عنها في الأيام التي حاضتها أن تحسب عليها في عدد أيام السنة؟ فإن زعمت أن هذا ليس هكذا فقد زعمت أن الصلاة تثبت حيث تسقط الزكاة، وأن يكون قياسا على غيره، أو رأيت المكاتب أليس الصلاة عليه ثابتة، والزكاة عليه عندك زائلة؟ فقد زعمت أن من البالغين الأحرار وغير الأحرار، والصغار من يثبت عليه بعض الفرض دون بعض؟
قال: فإنا روينا عن النخعي وسعيد بن جبير وسمى نفرا من التابعين أنهم قالوا: ليس في مال اليتيم زكاة فقيل له: لو لم تكن لنا حجة بشيء مما ذكرنا ولا بغيره مما لعلنا سنذكره إلا ما رويت كنت محجوجا به قال: وأين قلت زعمت أن التابعين لو قالوا كان لك خلافهم برأيك فكيف جعلتهم حجة لا تعدو أن يكون ما قلت من ذلك كما قلت فتخطئ باحتجاجك بمن لا حجة لك في قوله، أو يكون في قولهم حجة فتخطئ بقولك لا حجة فيه، وخلافهم إياك كثير في غير هذا الموضع،
فإذا قيل لك: لم خالفتهم؟ قلت إنما الحجة في كتاب، أو سنة، أو أثر عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قول عامة المسلمين لم يختلفوا فيه، أو قياس داخل في معنى بعض هذا ثم أنت تخالف بعض ما رويت عن هؤلاء.
هؤلاء يقولون فيما رويت: ليس في مال اليتيم زكاة، وأنت تجعل في الأكثر من مال اليتيم زكاة؟ قال فقد روينا عن ابن مسعود أنه قال أخص مال اليتيم،
فإذا بلغ فأعلمه بما مر عليه من السنين قلنا: وهذه حجة عليك لو لم يكن لنا حجة غير هذا، هذا لو كان ثابتا عن ابن مسعود كان ابن مسعود أمر والي اليتيم أن لا يؤدي عنه زكاة حتى يكون هو ينوي أداءها عن نفسه؛ لأنه لا يأمر بإحصاء ما مر عليه من السنين وعدد ماله إلا ليؤدي عن نفسه ما وجب عليه من الزكاة مع أنك تزعم أن هذا ليس بثابت عن ابن مسعود من وجهين، أحدهما أنه منقطع، وأن الذي رواه ليس بحافظ، ولو لم يكن لنا حجة بما أوجدناك إلا أن أصل مذهبنا ومذهبك من أنا لا نخالف الواحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يخالفه غيره منهم كانت لنا بهذا حجة عليك، وأنتم تروون عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه ولي بني أبي رافع أيتاما فكان يؤدي الزكاة عن أموالهم ونحن نرويه عنه، وعن عمر بن الخطاب وعائشة أم المؤمنين وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - وغير هؤلاء مع أن أكثر الناس قبلنا يقولون به، وقد رويناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجه منقطع أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: «ابتغوا في مال اليتيم لا تستهلكه الصدقة، أو لا تذهبه الصدقة» ، أو قال «في أموال اليتامى لا تأكلها، أو لا تذهبها الزكاة، أو الصدقة» شك الشافعي رحمة الله عليه بها جميعا أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال: كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال " ابتغوا في أموال اليتامى لا تستهلكها الزكاة " أخبرنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان يزكي مال اليتيم أخبرنا سفيان عن أيوب بن موسى ويحيى بن سعيد وعبد الكريم بن أبي المخارق كلهم يخبر عن القاسم بن محمد قال: كانت عائشة - رضي الله عنها - تزكي أموالنا، وإنه ليتجر بها في البحرين أخبرنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة أن عليا - رضي الله عنه - كانت عنده أموال بني أبي رافع فكان يزكيها كل عام.(قال الشافعي) : وبهذه الأحاديث نأخذ وبالاستدلال بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون خمس ذود صدقة ولا فيما دون خمس أواق صدقة» فدل قوله - صلى الله عليه وسلم - على أن خمس ذود وخمس أواق وخمسة أوسق إذا كان واحد منها لحر مسلم ففيه الصدقة في المال نفسه، لا في المالك؛ لأن المالك لو أعوز منها لم يكن عليه صدقة.
[باب العدد الذي إذا بلغه التمر وجبت فيه الصدقة]
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله: - صلى الله عليه وسلم - «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة قال سمعت عمرو بن يحيى المازني يقول أخبرني أبي عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» .
(قال الشافعي) : - رحمه الله -
وبهذا نأخذ، وليس يروى من وجه يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا عن أبي سعيد الخدري، فإذا كان قول أكثر أهل العلم به، وإنما هو خبر واحد فقد وجب عليهم قبول خبر واحد يمثله حيث كان.
(قال الشافعي) :
فليس في التمر زكاة حتى يبلغ خمسة أوسق، فإذا بلغ خمسة، أوسق ففيه الزكاة.
(قال الشافعي) :
والوسق ستون صاعا بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم - فذلك ثلثمائة صاع بصاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصاع أربعة أمداد بمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي
(قال الشافعي) :
والخليطان في النخل اللذان لم يقسما كالشريكين في الماشية يصدقان صدقة الواحد فما وجبت فيه على الواحد صدقة وجبت على الجماعة إذا كانوا شركاء في أصل النخل، وكذلك إذا كانوا شركاء في أصل الزرع.
(قال الشافعي) :
وكذلك إذا كانت أرض صدقة موقوفة على جماعة فبلغت ثمرتها خمسة أوسق أخذت منها الصدقة، وإذا ورث القوم النخل، أو ملكوها أي ملك كان ولم يقتسموها حتى أثمرت فبلغت ثمرتها خمسة أوسق أخذت منها الصدقة، فإن اقتسموها بعدما حل بيع ثمرتها في وقت الخرص قسما صحيحا فلم يصر في نصيب واحد منهم خمسة أوسق، وفي جماعتها خمسة أوسق فعليهم الصدقة؛ لأن أول وجوب الصدقة كان وهم شركاء فلا تسقط الصدقة بفرقها بعد أول وجوبها، وإذا اقتسموها قبل أن يحل بيع الثمرة فلا زكاة على واحد منهم حتى تبلغ حصته خمسة أوسق.
(قال الشافعي) :
وإن تجاذبوها بغير قطع وبغير قسم لأصل النخل بتراض منهم معا، فهم شركاء بعد فيصدقون صدقة الواحد؛ لأن هذه قسمة لا تجوز.
(قال الشافعي) :
وإن كانت صدقة موقوفة فاقتسموها فالقسم فيها باطل؛ لأنهم لا يملكون رقبتها وتصدق الثمرة صدقة المالك الواحد، فإذا بلغت خمسة أوسق وجبت فيها الصدقة.وإذا كانت لرجل نخل بأرض وأخرى بغيرها بعدت، أو قربت فأثمرتا في سنة واحدة ضمت إحدى الثمرتين إلى الأخرى، فإذا بلغتا معا خمسة أوسق أخذت منها الصدقة
(قال الشافعي) :
ولو كانت بينه وبين رجل نخل فجاءت بأربعة أوسق وكانت له نخل أخرى جاءت بثلاثة أوسق أدى الصدقة عن نخليه معا؛ لأن له خمسة أوسق ولم يؤد شريكه الصدقة عن نخله؛ لأنه ليس له ولشريكه خمسة أوسق في شيء مما هما فيه شريكان، وهكذا هذا في الماشية، والزرع
(قال الشافعي) :
وثمرة السنة تختلف فتثمر النخل وتجد بتهامة، وهي بنجد بسر وبلح فيضم بعض ذلك إلى بعض؛ لأنه ثمرة واحدة، فإذا أثمرت النخل في سنة ثم أثمرت في قابل لم يضم إحدى الثمرتين إلى الأخرى.وهكذا القول في الزرع كله مستأخره ومتقدمه فإنه يتقدم ببلاد الحر ويستأخر ببلاد البرد، وإذا كان لرجل زرع بالبلدين معا ضم بعضه إلى بعض، فإذا بلغ خمسة أوسق وجبت فيه الصدقة
(قال الشافعي) :
وإذا زرع رجل في سنة زرعا فلم يخرج منه خمسة أوسق وله زرع آخر، وهما إذا ضما معا كانت فيهما خمسة أوسق، فإن كان زرعهما وحصادهما معا في سنة واحدة فهما كالزرع الواحد، والثمرة الواحدة، وإن كان بذر أحدهما يتقدم عن السنة، أو حصاد الأخر يستأخر عن السنة فهما زرعان مختلفان لا يضم واحد منهما إلى الآخر
(قال الشافعي) :
وهكذا إذا كان لرجل نخل مختلف، أو واحد يحمل في وقت واحد حملين، أو سنة حملين فهما مختلفان
(قال الشافعي) ::
وإذا كان النخل مختلف الثمرة، ضم بعضه إلى بعض، سواء في ذلك دقله وبرديه، والوسط منه وتؤخذ الصدقة من الوسط منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه قال لا يخرج في الصدقة الجعرور ولا معى الفأرة ولا عذق ابن حبيق، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زياد بن سعد عن الزهري.
(قال الشافعي) :
وهذا تمر رديء جدا ويترك لصاحب الحائط جيد التمر من البردي الكبيس وغيره ويؤخذ من وسط التمر.
(قال الشافعي) :
وهذا مثل الغنم إذا اختلفت يترك منها ما فوق الثنية، والجذعة لرب المال ويترك عليه ما دونها وتؤخذ الجذعة، والثنية؛ لأنهما وسط، وذلك أن الأغلب من الغنم أنها تكون أسنانا كما الأغلب من التمر أن يكون ألوانا، فإن كان لرجل تمر واحد بردي كله أخذ من البردي.وإن كان جعرورا كله أخذ من الجعرور، وكذلك إن كانت له غنم صغار كلها أخذها منها
(قال الشافعي) :
وإن كان له نخل بردي صنفين، صنف بردي، وصنف لون، أخذ من كل واحد من الصنفين بقدر ما فيه، وإنما يؤخذ الوسط إذا اختلف التمر وكثر اختلافه، وهو يخالف الماشية في هذا الموضع، وكذلك إن كان أصنافا أحصى كل صنف منها حتى لا يشك فيه وعرض رب المال أن يعطي كل صنف ما يلزمه أخذ منه.
[باب كيف تؤخذ زكاة النخل والعنب]
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الله بن نافع عن ابن صالح التمار عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في زكاة الكرم يخرص كما تخرص النخل ثم تؤدى زكاته زبيبا كما تؤدى زكاة النخل تمرا» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الله بن نافع عن محمد بن صالح التمار عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث على الناس من يخرص كرومهم وثمارهم» .
(قال الشافعي) : - رحمه الله -:
وبهذا نأخذ في كل ثمرة يكون لها زبيب، وثمار الحجاز فيما علمت كلها تكون تمرا، أو زبيبا إلا أن يكون شيئا لا أعرفه.
(قال الشافعي) :
وأحسب أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخرص النخل، والعنب لشيئين أحدهما أن ليس لأهله منع الصدقة منه، وأنهم مالكون تسعة أعشاره وعشره لأهل السهمان
(قال) :
وكثير من منفعة أهله به إنما يكون إذا كان رطبا وعنبا؛ لأنه أغلى ثمنا منه تمرا، أو زبيبا، ولو منعوه رطبا، أو عنبا ليؤخذ عشره أضر بهم، ولو ترك خرصه ضيع حق أهل السهمان منه فإنه يؤخذ ولا يحصى فخرص والله تعالى أعلم وخلى بينهم وبينه للرفق بهم، والاحتياط لأهل السهمان.
(قال الشافعي) :
والخرص إذا حل البيع، وذلك حين يرى في الحائط الحمرة، والصفرة، وكذلك حين يتموه العنب ويوجد فيه ما يؤكل منه ويأتي الخارص النخلة فيطوف بها حتى يرى كل ما فيها ثم يقول خرصها رطبا كذا وينقص إذا صار تمرا كذا يقيسها على كيلها تمرا ويصنع ذلك بجميع الحائط ثم يحمل مكيلته تمرا وهكذا يصنع بالعنب ثم يخلي بين أهله وبينه، فإذا صار زبيبا وتمرا أخذ العشر على ما خرصه تمرا وزبيبا من التمر، والزبيب
(قال الشافعي) :
فإن ذكر أهله أنه أصابته جائحة أذهبت منه شيئا، أو أذهبته كله صدقوا فيما ذكروا منه، وإن اتهموا حلفوا، وإن قالوا: قد أخذنا منه شيئا وذهب شيء لا يعرف قدره قيل ادعوا فيما ذهب ما شئتم واتقوا الله ولا تدعوا إلا ما أحطتم به علما واحلفوا ثم يأخذ العشر منهم مما بقي إن كان فيه عشر، وإن لم يكن فيما بقي في أيديهم واستهلكوا عشره لم يؤخذ منهم منه شيء، وإن: قال هلك منه شيء لا أعرفه قيل له: إن ادعيت شيئا وحلفت عليه طرحنا عنك من عشره بقدره، وإن لم تدع شيئا تعرفه أخذنا منك العشر على ما خرصنا عليك
(قال الشافعي) :
فإن قال قد أحصيت مكيلة ما أخذت فكانت مكيلة ما أخذت كذا وما بقي كذا، وهذا خطأ في الخرص صدق على ما قال وأخذ منه؛ لأنها زكاة، وهو فيها أمين
(قال الشافعي) :
فإن قال قد سرق مني شيء لا أعرفه لم يضمن ما سرق وأخذت الصدقة منه مما أخذ وبقي إذا عرف ما أخذ وما بقي
(قال الشافعي) :
وإن قال قد سرق بعد ما صيرته إلى الجرين، فإن سرق بعدما يبس وأمكنه أن يؤدي إلى الوالي، أو إلى أهل السهمان فقد فرط، وهو له ضامن، وإن سرق بعدما صار تمرا يابسا ولم يمكنه دفعه إلى الوالي، أو يقسمه، وقد أمكنه دفعه إلى أهل السهمان فهو له ضامن؛ لأنه مفرط، فإن جف التمر ولم يمكنه دفعه إلى أهل السهمان ولا إلى الوالي لم يضمن منه شيئا وأخذت منه الصدقة مما استهلك هو وبقي في يده إن كانت فيه صدقة
(قال الشافعي) :
وإذا وجد بعض أهل السهمان ولم يجد بعضا فلم يدفعه إليهم ولا إلى الوالي ضمن بقدر ما استحق من وجد من أهل السهمان منه ولم يضمن حق من لم يجد من أهل السهمان
(قال الشافعي) :
وإن استهلكه كله رطبا، أو بسرا بعد الخرص ضمن مكيلة خرصه تمرا مثل وسط تمره، وإن اختلف هو، والوالي فقال: وسط تمري كذا، فإن جاء الوالي ببينة أخذ منه على ما شهدت به البينة، وإن لم يكن عليه بينة أخذ منه على ما قال رب المال مع يمينه، وأقل ما يجوز عليه في هذا شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين.
(قال الشافعي) :
وليس للوالي أن يحلف مع شاهده ولا لأحد من أهل السهمان أن يحلف؛ لأنه ليس بمالك شيئا مما يحلف عنه دون غيره
(قال الشافعي) :
وإن أصاب حائطه عطش فعلم أنه إن ترك الثمرة فيه أضرت بالنخل، وإن قطعها بعدما يخرص بطل عليه كثير من ثمنها كان له قطعها ويؤخذ عشرها مقطوعة فيقسم على أهل السهمان، فإن لم يدفع عشرها إلى الوالي ولا إلى السهمان ضمن قيمته مقطوعا إن لم يكن له مثل
(قال الشافعي) :
وما قطع من ثمر نخله قبل أن يحل بيعه لم يكن عليه فيه عشر وأكره ذلك له إلا أن يكون قطع شيئا يأكله، أو يطعمه فلا بأس، وكذلك أكره له من قطع الطلع إلا ما أكل، أو أطعم، أو قطعه تخفيفا عن النخل ليحسن حملها، فأما ما قطع من طلع الفحول التي لا تكون تمرا فلا أكرهه
(قال الشافعي) :
وإن صير التمر في الجرين لمستحقه فرش عليه ماء، أو أحدث فيه شيئا فتلف بذلك الشيء، أو نقص فهو ضامن له؛ لأنه الجاني عليه، وإن لم يحدث منه إلا ما يعلم به صلاحه فهلك لم يضمنه(قال الشافعي) : وإذا وضع التمر حيث كان يضعه في جرينه، أو بيته، أو داره فسرق قبل أن يجف لم يضمن، وإن وضعه في طريق، أو موضع ليس بحرز لمثله فهلك ضمن عشره
(قال الشافعي) :
وما أكل من التمر بعد أن يصير في الجرين ضمن عشره، وكذلك ما أطعم منه
(قال الشافعي) :
، وإذا كان النخل يكون تمرا فباعه مالكه رطبا كله، أو أطعمه كله، أو أكله كرهت ذلك له وضمن عشره تمرا مثل وسطه.
(قال الشافعي) :
وإذا كان لا يكون تمرا بحال أحببت أن يعلم ذلك الوالي، وأن يأمر الوالي من يبيع معه عشره رطبا، فإن لم يفعل خرصه عليه ثم صدق ربما بما بلغ رطبه وأخذ عشر رطب نخله ثمنا، فإن أكله كله، أو استهلكه كله أخذ منه قيمة عشر رطبه ذهبا، أو ورقا
(قال الشافعي) :
وإن استهلك من رطبه شيئا وبقي منه شيء فقال خذ العشر مما بقي، فإن كان ثمن ما استهلك أكثر من ثمن ما بقي أخذ عشر ثمن ما استهلك وعشر ما بقي، وكذلك لو كان أقل ثمنا، أو مثله فلم يعطه رب المال إلا الثمن كان عليه أخذ ثمن العشر.(قال الشافعي) : وإن كان النظر للمساكين أخذ العشر مما بقي من الرطب وفعل ذلك رب المال، أخذه المصدق كما يأخذ لهم كل فضل تطوع به رب المال
(قال الشافعي) :
وإن كان لرجل نخلان نخل يكون تمرا ونخل لا يكون تمرا أخذ صدقة الذي يكون تمرا تمرا، وصدقة الذي لا يكون تمرا كما وصفت
(قال الشافعي) :
وإن عرض رب المال ثمن التمر على المصدق لم يكن له أن يأخذه بحال كان نظرا لأهل السهمان، أو غير نظر ولا يحل بيع الصدقة.
(قال الشافعي) :
فإن استهلكه وأعوزه أن يجد تمرا بحال جاز أن يأخذ قيمته منه لأهل السهمان، وهذا كرجل كان في يده لرجل طعام فاستهلكه فعليه مثله، فإن لم يوجد فقيمته بالجناية بالاستهلاك؛ لأن هذا ليس بيعا من البيوع لا يجوز حتى يقبض(قال الشافعي) : وإن كان يخرج نخل رجل بلحا فقطعه قبل أن ترى فيه الحمرة، أو قطعه طلعا خوف العطش كرهت ذلك له ولا عشر عليه فيه ولا يكون عليه العشر حتى يقطعه بعدما يحل بيعه
(قال) :
وكل ما قلت في النخل فكان في العنب، فهو مثل النخل لا يختلفان
(قال الشافعي) :
وإن كانت لرجل نخل فيها خمسة أوسق وعنب ليس فيه خمسة أوسق أخذت الصدقة من النخل ولم تؤخذ من العنب ولا يضم صنف إلى غيره، والعنب غير النخل، والنخل كله واحد فيضم رديئه إلى جيده، وكذلك العنب كله واحد يضم رديئه إلى جيده.
[باب صدقة الغراس]
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ليهود خيبر حين افتتح خيبر أقركم على ما أقركم الله تعالى على أن التمر بيننا وبينكم قال فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص عليهم ثم يقول: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي، فكانوا يأخذونه» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص بينه وبين يهود خيبر» .
(قال الشافعي) :
وعبد الله بن رواحة كان يخرص نخلا ملكها للنبي - صلى الله عليه وسلم - وللناس ولا شك أن قد رضوا به إن شاء الله تعالى ثم يخيرهم بعدما يعلمهم الخرص بين أن يضمنوا له نصف ما خرص تمرا ويسلم لهم النخل بما فيه، أو يضمن لهم مثل ذلك التمر ويسلموا له النخل بما فيه، والعاملون يشتهون أن يكونوا ممن يجوز أمرهم على أنفسهم، والمدعوون إلى هذا المالكون يجوز أمرهم على أنفسهم، فإذا خرص الواحد على العامل وخير جاز له الخرص
(قال) :
ومن تؤخذ منه صدقة النخل، والعنب خلط، فمنهم البالغ الجائز الأمر وغير الجائز الأمر من الصبي، والسفيه، والمعتوه، والغائب، ومن يؤخذ له الخرص من أهل السهمان وأكثر من أهل الأموال، فإن بعث عليهم خارص واحد فمن كان بالغا جائز الأمر في ماله فخيره الخارص بعد الخرص فاختار ماله جاز عليه كما كان ابن رواحة يصنع، وكذلك إن لم يخيرهم فرضوا، فأما الغائب لا وكيل له، والسفيه فليس يخير ولا يرضى فأحب أن لا يبعث على العشر خارص واحد بحال ويبعث اثنان فيكونان كالمقومين في غير الخرص.
(قال الشافعي) :
وبعثة عبد الله بن رواحة وحده حديث منقطع، وقد يروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث مع عبد الله غيره، وقد يجوز أن يكون بعث مع عبد الله غيره، وإن لم يذكر، وذكر عبد الله بن رواحة بأن يكون المقدم، وفي كل أحب أن يكون خارصان، أو أكثر في المعاملة، والعشر، وقد قيل يجوز خارص واحد كما يجوز حاكم واحد، فإذا غاب عنا قدر ما بلغ التمر جاز أخذ العشر الخرص، وإنما يغيب ما أخذ منه بما يؤكل منه رطبا ويستهلك يابسا بغير إحصاء
(قال الشافعي) :
وإذا ذكر أهله أنهم أحصوا جميع ما فيه وكان في الخرص عليهم أكثر قبل منهم مع أيمانهم، فإن قالوا: كان في الخرص نقص عما عليهم أخذ منهم ما أقروا به من الزيادة في تمرهم، وهو يخالف القيمة في هذا الموضع؛ لأنه لا سوق له يعرف بها يوم الخرص كما يكون للسلعة سوق يوم التقويم، وقد يتلف فيبطل عنهم فيما تلف الصدقة إذا كان التلف بغير إتلافهم، ويتلف بالسرق من حيث لا يعلمون وضيعة النخل بالعطش وغيره
(قال الشافعي) ::
ولا يؤخذ من شيء من الشجر غير النخل، والعنب فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ الصدقة منهما فكانا قوتا، وكذلك لا يؤخذ من الكرسف ولا أعلمها تجب في الزيتون؛ لأنه أدم لا مأكول بنفسه وسواء الجوز فيها، واللوز وغيره مما يكون أدما، أو ييبس ويدخر؛ لأن كل هذا فاكهة لا أنه كان بالحجاز قوتا لأحد علمناه.
(قال الشافعي) :
ولا يخرص زرع؛ لأنه لا يبين للخارص وقته، والحائل دونه، وأنه لم يختبر فيه من الصواب ما اختبر في النخل، والعنب، وأن الخبر فيهما خاص وليس غيرهما في معناهما لما وصفت.
[باب صدقة الزرع]
(قال الشافعي) : - رحمه الله -:
ما جمع أن يزرعه الآدميون وييبس ويدخر ويقتات مأكولا خبزا، أو سويقا، أو طبيخا ففيه الصدقة.
(قال الشافعي) :
ويروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أخذ الصدقة من الحنطة، والشعير، والذرة
(قال الشافعي) :
وهكذا كل ما وصفت يزرعه الآدميون ويقتاتونه فيؤخذ من العلس وهو حنطة، والدخن، والسلت، والقطنية كلها حمصها وعدسها وفولها ودخنها؛ لأن كل هذا يؤكل خبزا وسويقا وطبيخا ويزرعه الآدميون ولا يتبين لي أن يؤخذ من الفث، وإن كان قوتا؛ لأنه ليس مما ينبت الآدميون ولا من حب الحنظل، وإن اقتيت؛ لأنه أبعد في هذا المعنى من الفث، وكذلك لا يؤخذ من حب شجرة برية كما لا يؤخذ من بقر الوحش ولا من الظباء صدقة
(قال الشافعي) :
ولا يؤخذ في شيء من الثفاء ولا الأسبيوش؛ لأن الأكثر من هذا أنه ينبت للدواء ولا مما في معناه من حبوب الأدوية ولا من حبوب البقل؛ لأنها كالفاكهة، وكذلك القثاء، والبطيخ وحبه لا زكاة فيه؛ لأنه كالفاكهة ولا يؤخذ من حب العصفر ولا بزر الفجل ولا بزر بقل ولا سمسم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|