
26-09-2021, 12:53 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثانى -كتاب الزكاة
الحلقة (56)
صــــــــــ 24 الى صـــــــــــ30
[باب النية في إخراج الزكاة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
لما كان في الصدقة فرض وتطوع لم يجز والله تعالى أعلم أن تجزي عن رجل زكاة يتولى قسمها إلا بنية أنه فرض، وإذا نوى به الفرض وكان لرجل أربعمائة درهم فأدى خمسة دراهم ينوي بها الزكاة عنها كلها، أو بعضها، أو ينوي بها مما وجب عليه فيها أجزأت عنه؛ لأنه قد نوى بها نية زكاة
(قال الشافعي) :
ولو أدى خمسة دراهم لا يحضره فيها نية زكاة ثم نوى بعد أدائها أنها مما تجب عليه لم تجز عنه من شيء من الزكاة؛ لأنه أداها بلا نية فرض عليه
(قال الشافعي) :
ولو كانت له أربعمائة درهم فأدى دينارا عن الأربعمائة درهم قيمته عشرة دراهم، أو أكثر لم يجز عنه؛ لأنه غير ما وجب عليه، وكذلك ما وجب عليه من صنف فأدى غيره بقيمته لم يجز عنه وكان الأول له تطوعا
(قال الشافعي) :
ولو أخرج عشرة دراهم فقال: إن كان مالي الغائب سالما فهذه العشرة من زكاته، أو نافلة، وإن لم يكن سالما فهي نافلة فكان ماله الغائب سالما لم تجزئ عنه؛ لأنه لم يقصد بالنية فيها قصد فرض خالصا إنما جعلها مشتركة بين الفرض، والنافلة (قال) : وكذلك لو قال: هذه العشرة دراهم عن مالي الغائب، أو نافلة
(قال الشافعي) :
ولو قال: هذه العشرة الدراهم عن مالي الغائب أجزأت عنه إن كان ماله سالما وكانت له نافلة إن كان ماله عاطبا قبل أن تجب عليه فيه الزكاة
(قال) :
ولو كان قال: هذه العشرة عن مالي الغائب إن كان سالما، وإن لم يكن سالما فهي نافلة أجزأت عنه وأعطاه إياها عن الغائب ينويه هكذا، وإن لم يقله؛ لأنه إذا لم يكن عليه في ماله الغائب زكاة فما أخرج نافلة له
(قال الشافعي) :
ولو أخرج رجل عن مائتي درهم غائبة عنه، أو حاضرة عنده خمسة دراهم فهلكت الغائبة، فإن كان عجل الخمسة عن الحاضرة قبل حولها، أو أخطأ حولها فرأى أنه قد تم فأخرجها عنها ثم علم أنه لم يتم حولها فهلكت الحاضرة، أو الغائبة قبل أن تجب فيها الزكاة فأراد أن يجعل هذه الخمسة دراهم له عن مائتين له أخريين لم يكن له ذلك؛ لأنه قصد بالنية في أدائها قصد مال له بعينه فلا يكون له أن يصرف النية فيه بعد أن يدفع الدراهم إلى أهلها
(قال الشافعي) :
ولو لم يكن دفع الدراهم إلى أهلها وأخرجها ليقسمها فهلك ماله كان له حبس الدراهم ويصرفها إلى أن يؤديها عن الدراهم غيرها فتجزي عنه؛ لأنها لم تقبض منه
(قال الشافعي) :
ولو كان دفع هذه الدراهم إلى والي الصدقة متطوعا بدفعها فأنفذها والي الصدقة فهي تطوع عنه وليس له الرجوع بها على والي الصدقة إذا أنفذها ولا أن يجعلها بعد أن نفذت عن غيرها
(قال الشافعي) :
ولو لم ينفذها حتى هلك ماله قبل أن تجب عليه فيه الزكاة كان على والي الصدقة ردها إليه وأجزأه هو أن يجعلها عن غيرها
(قال الشافعي) :
وإذا أخرج رجل خمسة دراهم فقال هذه من زكاة مالي قبل محل الزكاة، أو بعده فكان له مال تجب فيه الخمسة أجزأ عنه، وإن لم يكن له مال تجب فيه الخمسة فهي نافلة، ولو كان له ذهب فأدى ربع عشره ورقا، أو ورق فأدى عنه ذهبا لم يجزه ولم يجزه أن يؤدي عنه إلا ما وجب عليه
(قال) :
وإن كان له عشرون دينارا فأدى عنها نصف دينار دراهم بقيمته لا يجزي عنه أن يؤدي إلا ذهبا
(قال الشافعي) :
وكذلك كل صنف فيه الصدقة بعينه لا يجزيه أن يؤدي عنه إلا ما وجب عليه بعينه لا البدل عنه إذا كان موجودا ما يؤدي عنه
(قال الشافعي) :
وإنما قلت لا تجزي الزكاة إلا بنية؛ لأن له أن يعطي ماله فرضا ونافلة فلم يجز أن يكون ما أعطى فرضا إلا بنية، وسواء نوى في نفسه، أو تكلم بأن ما أعطى فرض
(قال الشافعي) :
وإنما منعني أن أجعل النية في الزكاة كنية الصلاة لافتراق الزكاة، والصلاة في بعض حالهما ألا ترى أنه يجزي أنه يؤدي الزكاة قبل وقتها ويجزيه أن يأخذها الوالي منه بلا طيب نفسه فتجزي عنه، وهذا لا يجزي في الصلاة(قال الشافعي) : وإذا أخذ الوالي من رجل زكاة بلا نية من الرجل في دفعها إليه، أو بنية طائعا كان الرجل، أو كارها ولا نية للوالي الآخذ لها في أخذها من صاحب الزكاة، أو له نية فهي تجزي عنه كما يجزي في القسم لها أن يقسمها عنه وليه، أو السلطان ولا يقسمها بنفسه كما يؤدي العمل عن بدنه بنفسه
(قال الشافعي) :
وأحب إلي أن يتولى الرجل قسمتها عن نفسه فيكون على يقين من أدائها
(قال الشافعي) :
وإذا أفاد الرجل ماشية فلم يحل عليها حول حتى جاءه الساعي فتطوع بأن يعطيه صدقتها كان للساعي قبولها منه، وإذا قال: خذها لتحبسها إذا حال الحول جاز ذلك له
(قال الشافعي) :
فإن أخذ الساعي أن يحبسها إذا وحال الحول فقسمها ثم موتت ماشيته قبل الحول فعليه رد ما أخذ منه، فإن ولي غيره فعليه رد ما أخذ منه الساعي من سهمان أهل الصدقة التي قبضها الساعي منه
(قال الشافعي) :
وإن دفعها رب المال إليه ولم يعلمه أن الحول لم يحل عليها فقسمها الساعي ثم موتت غنم الدافع لم يكن له أن يرجع على الساعي بشيء وكان متطوعا بما دفع
(قال) :
وإذا تطوع الرجل قبل الحول بأن يؤدي صدقة ماشيته فأخذت وهي مائتان فيها شاتان فحال عليها الحول، وقد زادت شاة أخذت منها شاة ثالثة ولا يسقط عنه تقديمه الشاتين الحق عليه في الشاة الثالثة؛ لأن الحق إنما يجب عليه بعد الحول كما لو أخذت منها شاتان فحال عليه الحول وليس فيها إلا شاة ردت عليه شاة.
[باب ما يسقط الصدقة عن الماشية]
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «في سائمة الغنم كذا» ، فإذا كان هذا يثبت فلا زكاة في غير السائمة من الماشية
(قال الشافعي) :
ويروى عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ليس في الإبل، والبقر العوامل صدقة
(قال الشافعي) :
ومثلها الغنم تعلف
(قال الشافعي) :
ولا يبين لي أن في شيء من الماشية صدقة حتى تكون سائمة والسائمة الراعية
(قال) :
وذلك أن يجمع فيها أمران أن يكون لها مؤنة العلف ويكون لها نماء الرعي فأما إن علفت فالعلف مؤنة تحيط بكل فضل لها، أو تزيد، أو تقارب
(قال الشافعي) :
وقد كانت النواضح على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم خلفائه فلم أعلم أحدا يروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ منها صدقة ولا أحدا من خلفائه ولا أشك إن شاء الله تعالى أن قد كان يكون للرجل الخمس وأكثر، وفي الحديث الذي ذكرت عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - «في سائمة الغنم كذا» ، وهذا يشبه أن يكون يدل على أن الصدقة في السائمة دون غيرها من الغنم
(قال الشافعي) :
وإذا كانت لرجل نواضح، أو بقر حرث، أو إبل حمولة، فلا يتبين لي أن فيها الزكاة، وإن بطلت كثيرا من السنة ورعت فيها؛ لأنها غير السائمة، والسائمة ما كان راعيا دهره
(قال الشافعي) :
وإن كانت العوامل ترعى مرة وتركب أخرى، أو زمانا وتركب في غيره فلم ينضح عليها، أو كانت غنما هكذا تعلف في حين وترعى في آخر فلا يبين لي أن يكون في شيء من هذه صدقة ولا آخذها من مالكها، وإن كانت لي أديت عنها الصدقة إن شاء الله تعالى واخترت لمن هي له أن يفعل.
[باب المبادلة بالماشية]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
وإذا كانت لرجل ماشية من إبل فبادل بها إلى بقر، أو إبل بصنف من هذا صنفا غيره، أو بادل معزى ببقر، أو إبلا ببقر، أو باعها بمال عرض، أو نقد فكل هذا سواء، فإن كانت مبادلته بها قبل الحول فلا زكاة عليه في الأولى ولا الثانية حتى يحول على الثانية الحول من يوم ملكها، وكذلك إن بادل بالتي ملك آخر قبل الحول إلى ماشية أخرى لم يكن عليه فيها زكاة، وأكره هذا له إن كان فرارا من الصدقة ولا يوجب الفرار الصدقة إنما يوجبها الحول، والملك
(قال الشافعي) :
وإن بادل بها بعد أن يحول عليها الحول، أو باعها ففي التي حال عليها الحول الصدقة؛ لأنها مال قد حال عليها الحول وسواء كان ذلك قبل قدوم المصدق، أو بعده
(قال الشافعي) :
وإذا بادل بها، أو باعها بعد الحول ففيها الصدقة، وفي عقد بيعها قولان، أحدهما أن مبتاعها بالخيار بين أن يرد البيع؛ لأن ما أخذ منها من الصدقة نقص مما بيع، أو يجيز البيع، ومن قال بهذا القول قال: وإن أعطى رب المال البائع المصدق ما وجب فيها من ماشية غيرها فلا خيار للمبتاع ولا المبادل؛ لأنه لم ينقص من البيع شيء
(قال) :
والقول الثاني أن البيع فاسد؛ لأنه باع ما يملك وما لا يملك، فلا نجيزه إلا أن يجددا فيها بيعا مستأنفا
(قال الشافعي) :
ولو أن رجلا بادل بغنم له قبل أن يحول عليها الحول إلى غنم، أو غيرها فحال حولها في يد المبادل الآخر بها ثم ظهر منها على عيب بعد الحول الأول الذي قبل المبادلة فكان رده إياها قبل الحول، أو بعده سواء ولا زكاة فيها على مالكها الآخر بالبدل؛ لأنه لم يحل عليها حول من يوم ملكها ولا على المالك الأول؛ لأنه بادل بها قبل الحول فخرجت من ملكه ثم رجعت إليه بالعيب فيستأنف بها حولا من يوم ملكها بخيار المبادل بها الذي ردها بالعيب
(قال الشافعي) :
ولو بادل بها قبل الحول وقبضها المشتري لها بالبدل، أو النقد فأقامت في يده حولا، أو لم يقبضها فأقامت في ملكه حولا ثم أراد ردها بالعيب لم يكن ذلك له؛ لأنها قد وجبت عليه فيها صدقة منها، وهي في ملكه فلا يكون له أن يردها ناقصة عما أخذها عليه ويكون له أن يرجع بالعيب من أصل الثمن
(قال الشافعي) :
ولو كانت المسألة بحالها فأقاله فيها ربها الأول، وهو يعلم أن الزكاة وجبت فيها أخذت الزكاة من ربها الثاني الذي حال عليها في يده حول
(قال الشافعي) :
ولو بادل رجل بأربعين شاة ولم يحل عليها حول في يده إلى أربعين شاة لم يحل عليها حول في يد صاحبه مبادلة صحيحة لم يكن على واحد منهما فيها صدقة حتى يحول على كل واحد منهما حول، وهي في يده
(قال الشافعي) :
ولو كانت المسألة بحالها وكانت المبادلة فاسدة كان كل واحد منهما مالكا غنمه التي بادل بها وعلى كل واحد منهما فيها الصدقة؛ لأنها لم تخرج من ملكه بالمبادلة الفاسدة ولا البيع الفاسد
(قال الشافعي) :
ولو باع رجل ماشيته قبل الحول، أو بادل بها على أن البائع بالخيار وقبضها المشتري فحال عليها حول البائع في يد المشتري، أو لم يبعها حتى حال عليها حول في يده ثم اختار البائع رد البيع كانت عليه فيها صدقة؛ لأنها لم تخرج من ملكه قبل الحول، ولو اختار إمضاء البيع بعد حولها وجبت أيضا عليه فيها صدقة؛ لأنها لم تخرج من ملكه إلا بعد الحول.
[باب الرجل يصدق امرأة]
(قال الشافعي) :
ولو أصدق رجل امرأة أربعين شاة بغير أعيانها، أو قال: أربعين شاة في غنمي هذه ولم يشر إليها بأعيانها ولم يقبضها إياها فالصدقة عليه وليس لها من ماشيته في الوجهين أما الأولى فعليه أربعون شاة بصفة، وأما الثانية فعليه مهر مثلها، ولو أصدقها إياها بأعيانها فأقبضها إياها، أو لم يقبضها إياها فأي ذلك كان فلا زكاة عليه فبها
(قال) :
وإذا حال عليها حول، وهي في ملكها قبضتها، أو لم تقبضها فأدت زكاتها ثم طلقها رجع عليها بنصف الغنم ونصف قيمة الشاة التي أخذت منه، وإن لم تؤدها، وقد حال عليها الحول في يدها أخذت منها الشاة التي وجبت فيها ورجع عليها بنصف الغنم ونصف قيمة الشاة التي أخرجت من زكاتها، ولو أدت عنها شاة من غيرها رجع عليها بنصفها سواء؛ لأنه لم يؤخذ منها شيء في يدها إذا كانت الغنم بحالها يوم قبضتها منه، أو أصدقها إياه لم تزد ولم تنقص
(قال الشافعي) :
ولو وجبت عليها فيها شاة فلم تخرجها حتى أدت نصفها إليه حين طلقها أخرجت من النصف الذي في يدها شاة، فإن كانت استهلكت ما في يدها منها أخذ من النصف الذي في يد زوجها ورجع عليها بقيمتها
(قال الشافعي) :
وهكذا لو كانت امرأته التي نكح بهذه الغنم بأعيانها أمة، أو مدبرة؛ لأن سيدها مالك ما ملكت، ولو كانت مكاتبة، أو ذمية لم يكن عليها فيها صدقة
(قال) :
وهكذا هذا في البقر، والإبل التي فريضتها منها، فأما الإبل التي فريضتها من الغنم فتخالفها فيما وصفت، وفي أن يصدقها خمسا من الإبل ولا يكون عندها شاة ولا ما تشتري شاة فيباع منها بعير فيؤخذ من ثمنه شاة ويرجع عليها ببعيرين ونصف إذا طلقها قبل الدخول
(قال) :
وهكذا الدراهم يبيعها بدراهم، أو دنانير، والدنانير يبيعها بدنانير، أو دراهم لا يختلف، لا زكاة في البيعين فيهما حتى يحول عليه حول من يوم ملكه.
[باب رهن الماشية]
(أخبرنا)
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: وإذا كانت لرجل غنم فحال عليها حول فلم يخرج صدقتها حتى رهنها أخذت منها الصدقة وكان ما بقي بعد الصدقة رهنا، وكذلك الإبل، والغنم التي فريضتها منها، وإن كان المرتهن باع الراهن على أن يرهنه هذه الماشية التي وجبت فيها الزكاة كان له فسخ البيع؛ لأنه رهنه شيئا قد وجب لغيره بعضه فكان كمن رهن شيئا له وشيئا ليس له، وكذلك لو أخرج عنها الشاة من غيرها كان للبائع الخيار، وكان كمن باع شيئا له وشيئا ليس له ثم هلك الذي ليس له فللبائع الخيار بكل حال؛ لأن عقد الرهن كان رهنا لا يملك
(قال الشافعي) :
ولو كانت المسألة بحالها فرهنها بعد الحول ووجب عليه في إبل له أربع شياه أخذت من الغنم صدقة المغنم ولم يؤخذ منها صدقة الإبل وبيع من الإبل فاشترى منها صدقتها
(قال الشافعي) :
ولو كان عليه في الغنم شيء من صدقتها عامين، أو ثلاثة، وهي فيها أخذت منها صدقة ما مضى وكان ما بقي رهنا
(قال) :
ولو كانت له غنم غيرها وجبت فيها زكاة فلم يؤدها حتى استهلك الغنم لم يؤخذ من غنمه المرهونة زكاة الغنم غيرها وأخذ بأن يخرج زكاة الغنم غيرها من ماله، فإن لم يوجد له مال وفلس فيباع الغنم الرهن، فإن كان منها فضل بعد حق المرتهن أخذت زكاة الغنم غيرها منه، وإن لم يفضل منها فضل كان دينا عليه متى أيسر أداه وصاحب الرهن أحق برهنه.(قال الشافعي) : ولو كان الرهن فاسدا في جميع السائل كان كمال له لم يخرج من يده لا يخالفه في أن يؤخذ منه الصدقة التي فيه، وفي غيره فيأخذ غرماؤه مع المرتهن
(قال الشافعي) :
ولو رهن رجل إبلا فريضتها الغنم قد حلت فيها الزكاة ولم يؤدها، فإن كان له مال أخذت منه زكاتها، وإن لم يكن له مال غيرها فرهنها بعدما حلت الصدقة فيها فلم يؤدها أخذت الصدقة منها، وإن كان رهنها قبل أن تحل فيها الصدقة ثم حلت فيها الصدقة فلم يوجد له مال ففيها قولان، أحدهما أن يكون مفلسا وتباع الإبل فيأخذ صاحب الرهن حقه، فإن فضل منها فضل أخذت منه الصدقة وإلا كان دينا عليه متى أيسر أداه وغرماؤه يحاصون أهل الصدقة من بعد ما يقضي المرتهن رهنه، والثاني أن نفس الإبل مرتهنة من الأصل بما فيها من الصدقة فمتى حلت فيها الصدقة بيعت فيها على مالكها ومرتهنها فكان لمرتهنها الفضل عن الصدقة فيها. وبهذا أقول
(قال الشافعي) :
وإذا رهنت الماشية فنتجت فالنتاج خارج من الرهن ولا يباع ما خض منها حتى تضع إلا أن يشاء ربها الراهن، فإذا وضعت بيعت الأم في الرهن دون الولد.
[باب الدين في الماشية]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
وإذا كانت لرجل ماشية فاستأجر عليها أجيرا في مصلحتها بسن موصوفة، أو ببعير منها لم يسمه فحال عليها حول ولم يدفع منها في إجارتها شيء ففيها الصدقة، وكذلك إن كان عليه دين أخذت الصدقة وقضي دينه منها ومما بقي من ماله، ولو استأجر رجل رجلا ببعير منها، أو أبعرة منها بأعيانها فالأبعرة للمستأجر، فإن أخرجها منه فكانت فيها زكاة زكاها، وإن لم يخرجها منه فهي إبله، وهو خليط بها يصدق مع رب المال الذي فيها، وفي الحرث، والورق، والذهب سواء، وكذلك الصدقة فيها كلها سواء.
[باب أن لا زكاة في الخيل]
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك وابن عيينة كلاهما عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة»
(أخبرنا)
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن أيوب بن موسى عن مكحول عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله
(أخبرنا)
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن يزيد بن يزيد بن جابر عن عراك بن مالك عن أبي هريرة مثله موقوفا
(أخبرنا)
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار قال: سألت سعيد بن المسيب عن صدقة البراذين فقال: " وهل في الخيل صدقة؟ ".
(قال الشافعي) :
فلا زكاة في خيل بنفسها ولا في شيء في الماشية عدا الإبل، والبقر، والغنم بدلالة سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا صدقة في الخيل فإنا لم نعلمه - صلى الله عليه وسلم - أخذ الصدقة في شيء من الماشية غير الإبل، والبقر، والغنم
(قال الشافعي) :
فإذا اشترى شيئا من هذه الماشية، أو غيرها مما لا زكاة فيه للتجارة كانت فيه الزكاة بنية التجارة، والشراء لها، لا بأنه نفسه مما تجب فيه الزكاة.
[باب من تجب عليه الصدقة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
وتجب الصدقة على كل مالك تام الملك من الأحرار، وإن كان صبيا، أو معتوها، أو امرأة لا افتراق في ذلك بينهم كما يجب في مال كل واحد ما لزم ماله بوجه من الوجوه جناية، أو ميراث منه، أو نفقة على والديه، أو ولد زمن محتاج وسواء كان في الماشية، والزرع، والناض، والتجارة وزكاة الفطر لا يختلف
(قال) :
وإذا كانت لعبد ماشية وجبت فيها الصدقة؛ لأنها ملك لمولاه وضمت إلى ملك مولاه حيث كان ملك مولاه وهكذا غنم المدبر وأم الولد؛ لأن مال كل واحد منهم ملك لمولاه وسواء كان العبد كافرا، أو مسلما؛ لأنه مملوك للسيد.
(قال الشافعي) :
فأما مال المكاتب من ماشية وغيرها فيشبه أن يكون لا زكاة فيه؛ لأنه خارج من ملك مولاه ما كان مكاتبا لما يملكه مولاه إلا أن يعجزه، وإن ملك المكاتب غير تام عليه ألا ترى أنه غير جائز فيه هبته ولا أجبره على النفقة على من أجبر الحر على النفقة عليه من الولد، والوالد، وإذا عتق المكاتب فماله كمال استفاده من ساعته إذا حال عليه الحول من يوم عتق صدقه، وكذلك إذا عجز فماله كمال استفاده سيده من متاعه إذا حال عليه حول صدقه؛ لأنه حينئذ تم ملك كل واحد منهما عليه.
(قال الشافعي) :
وإذا كان لرجل مال تجب فيه الزكاة فارتد عن الإسلام وهرب، أو جن، أو عته، أو حبس ليستتاب، أو يقتل فحال الحول على ماله من يوم ملكه ففيها قولان: أحدهما أن فيها الزكاة؛ لأن ماله لا يعدو أن يموت على ردته فيكون للمسلمين، وما كان لهم ففيه الزكاة، أو يرجع إلى الإسلام فيكون له فلا تسقط الردة عنه شيئا وجب عليه، والقول الثاني أن لا يؤخذ منها زكاة حتى ينظر، فإن أسلم تملك ماله وأخذت زكاته؛ لأنه لم يكن سقط عنه الفرض، وإن لم يؤجر عليها، وإن قتل على ردته لم يكن في المال زكاة؛ لأنه مال مشرك مغنوم، فإذا صار لإنسان منه شيء فهو كالفائدة ويستقبل به حولا ثم يزكيه، ولو أقام في ردته زمانا كان كما وصفت، إن رجع إلى الإسلام أخذت منه صدقة ماله وليس كالذمي الممنوع المال بالحرية ولا المحارب ولا المشرك غير الذمي الذي لم تجب في ماله زكاة قط، ألا ترى أنا نأمره بالإسلام، فإن امتنع قتلناه، وأنا نحكم عليه في حقوق الناس بأن نلزمه، فإن قال: فهو لا يؤجر على الزكاة، قيل ولا يؤجر عليها ولا غيرها من حقوق الناس التي تلزمه ويحبط أجر عمله فيما أدى منها قبل أن يرتد، وكذلك لا يؤجر على أن يؤخذ الدين منه فهو يؤخذ.
[باب الزكاة في أموال اليتامى]
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: الناس عبيد الله جل وعز فملكهم ما شاء أن يملكهم وفرض عليهم فيما ملكهم ما شاء {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} [الأنبياء: 23] . فكان فيما آتاهم أكثر مما جعل عليهم فيه،وكل أنعم فيه عليهم جل ثناؤه، فكان فيما فرض عليهم فيما ملكهم زكاة أبان أن في أموالهم حقا لغيرهم في وقت على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - فكان حلالا لهم ملك المال وحراما عليهم حبس الزكاة؛ لأنه ملكها غيرهم في وقت كما ملكهم أموالهم دون غيرهم فكان بينا فيما وصفت، وفي قول الله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم} [التوبة: 103] أن كل مالك تام الملك من حر له مال فيه زكاة سواء في أن عليه فرض الزكاة بالغا كان، أو صحيحا، أو معتوها، أو صبيا؛ لأن كلا مالك ما يملك صاحبه، وكذلك يجب في ملكه ما يجب في ملك صاحبه وكان مستغنيا بما وصفت من أن على الصبي، والمعتوه الزكاة عن الأحاديث كما يلزم الصبي، والمعتوه نفقة من تلزم الصحيح البالغ نفقته ويكون في أموالهما جنايتهما على أموال الناس كما يكون في مال البالغ العاقل، وكل هذا حق لغيرهم في أموالهم فكذلك الزكاة والله أعلم، وسواء كل مال اليتيم من ناض وماشية وزرع وغيره، فما وجب على الكبير البالغ فيه الزكاة وجب على الصغير فيه الزكاة، والمعتوه وكل حر مسلم، وسواء في ذلك الذكر، والأنثى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ابتغوا في مال اليتيم، أو في أموال اليتامى حتى لا تذهبها، أو لا تستهلكها الصدقة» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن معمر عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين أن عمر بن الخطاب قال لرجل: إن عندنا مال يتيم قد أسرعت فيه الزكاة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال: كانت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تليني أنا وأخوين لي يتيمين في حجرها، فكانت تخرج من أموالنا الزكاة. باب زكاة مال اليتيم الثاني أخبرنا الربيع قال
(قال الشافعي) :
الزكاة في مال اليتيم كما في مال البالغ؛ لأن الله عز وجل يقول: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: 103] فلم يخص مالا دون مال وقال بعض الناس إذا كانت ليتيم ذهب، أو ورق فلا زكاة فيها واحتج بأن الله يقول: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة: 43] وذهب إلى أن فرض الزكاة إنما هو على من وجبت عليه الصلاة وقال: كيف يكون على يتيم صغير فرض الزكاة، والصلاة عنه ساقطة، وكذلك أكثر الفرائض؟ ألا ترى أنه يزني ويشرب الخمر فلا يحد ويكفر فلا يقتل؟ واحتجوا بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رفع القلم عن ثلاثة» ثم ذكر «، والصبي حتى يبلغ» .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|