عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-09-2021, 09:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي التربية الإسلامية: التحديات الراهنة وآليات التطوير

التربية الإسلامية: التحديات الراهنة وآليات التطوير


خالد أوعبو




إن المتأمل في واقعنا التربوي يجد أن العلوم الإسلامية بصفة عامة، ومادة التربية الإسلامية على وجه الخصوص - تراجعت عن أداء وظيفتها التي عهدَتها في قرون الازدهار؛ فهي تواجه اليوم الكثير من التحديات التي تعيقها عن أداء دورها الطبيعي في البناء القيمي والوجداني للإنسان، وتحول دون تحقيق مشروعها الحضاري الذي يستهدف العمران البشري.



وهذه التحديات يمكن تحديدها في قسمين كبيرين: خارجية، وداخلية.





أما التحديات الخارجية:

فهي تحديات موضوعية وطبيعية ومستمرة، وتتمثل في:

تحدي قانون "المداولة":

إن المتأمل للمسار التاريخي للإنسانية يستطيع أن يلاحظ - وبيُسرٍ - تعاقب الأمم على ريادة العالم؛ من آشوريين وبابليين وفراعنة وفرس ويونانيين، ثم رومانيين وإسلام وغرب، الذي تمثله أوربا وأمريكا حاليًّا - ريادة فكرية ثقافية أو اقتصادية عسكرية، وذلك حسب قانون "المداولة"؛ قال عز وجل: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140]، وكل أمة من هذه الأمم حاولت إنشاء حضارة تبقى خالدة عبر التاريخ، كما اعتمدت وسائل مختلفة عسكرية، علمية، ثقافية...؛ لعولمة حضارتها وإقناع الآخَر بجودة نموذجها.



كما أن كل أمة من هذه الأمم تميزت بنوع من العلوم أو الفنون جعل الأمم التابعة تنظر إليه كأنه المسؤول الأول لتبويئها مركز الصدارة، مما دفعها لمحاولة تقليدها فيه، سواء من باب التبعية أو من باب المنافسة.



ولضيق المجال؛ سأحاول - من هذا المنظور - الحديث عن الحضارتين الإسلامية والغربية فقط؛ لمعاصرتهما.



إن الأمة الإسلامية - وهي تتزعم العالم لعدة قرون - جعلت علومها - سواء غضة طرية أو يانعة - ناضجة تحظى بالمكانة الأولى في المجتمع الإسلامي آنذاك، فلا تكاد تجد عالمًا من علماء العلوم "الحقة" إلا ودرس العلوم الشرعية؛ لكن بتراجع مكانتها بين الأمم - بسبب التخلُّف العلمي الذي صحب فترة الركود والاستعمار - سيتراجع الاهتمام بالأسس التي بُنيت عليها هذه الأمة، ألا وهي العلوم الإسلامية، وسيتم الإقبال على علوم الأمة الرائدة، التي تتحدَّد في الميكانيكا والعلوم الرياضية والعلوم التقنية والبيولوجيا...؛ ظنًّا بأن الأُولى سبب في تخلُّف الأمة الإسلامية، والثانية هي سبب ازدهار الغرب.



ويظهر أثر هذا التحدي في:

1- الإقبال على العلوم "الحقة" في التخصص الدراسي، والإعراض عن العلوم الإسلامية.



2- القيمة الاجتماعية للعلوم "الحقة" تفُوق نظيرتها في العلوم الإسلامية، ويظهر ذلك في التمييز الاجتماعي لصالح المتفوقين في هذه العلوم؛ أقصد العلوم "الحقة".





تحدي العولمة:

وبخاصة العولمة الفكرية والثقافية، التي تحاول تعميم النموذج الثقافي الواحد، وتنميط الشعوب وتذويب خصوصياتهم التي تحكم القيم والسلوك، وهيمنة النظم الفكرية والتربوية للحضارة الغالبة على الثقافات الأخرى.



ومن وسائل دعاة النموذج الواحد: دعم رواد الفكر العلماني الذين لا يتوانون في محاولاتهم لاستهداف المنظومة القِيَميَّة للأمة الإسلامية وطمس هويتها وتشويه النموذج الإسلامي؛ بوصفه بالجمود والتخلف تارة، وبالإرهاب والتطرف تارة أخرى.



وتجد هذه الدعاوى التربة خصبةً لعدة أسباب؛ أهمها: الاستلاب الثقافي، والانبهار بالفِرقة الغالبة التي تقدم صورًا جميلة عن مفاهيم جديدة كالمدَنية والتحرر.



ويظهر أثر هذا التحدي في النقاط التالية:

1- ظهور الصراعات الأيديولوجية في المجتمع الإسلامي.

2- زعزعة النسق القيمي للناشئة.



التحدي التكنولوجي والإعلامي:

يتوسل دعاة العولمة الثقافية بمجموعة من الوسائل، على رأسها الإعلام؛ لما له من قوة تأثيرية تفوق القوة العسكرية والاقتصادية؛ فهو "القوة الناعمة" التي تغير الشعوب وتسيطر عليها وتوجهها توجيهًا أيديولوجيًّا وقِيَميًّا بأقل جهد وبأقل تكلفة.



هذا، وتجتاح العالمَ اليوم ثورةٌ تكنولوجية ومعلوماتية تتميز بالإنتاج الكثيف للمعرفة؛ مما يستدعي بالضرورة إيجاد كفاءات علمية قادرة على استخدام هذه التكنولوجيا، واستثمار هذه الثورة المعلوماتية في بناء مناهج مادة التربية الإسلامية وفي تدريسها.


يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.38%)]