عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 17-09-2021, 10:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,750
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (47)
صـ 326 إلى صـ 332

يحدث غير [معلولها؛ لأنه لو كان معلولا لها] لكان قد تأخر المعلول (1) أو بعض المعلول عن علته التامة، والعلة التامة لا يجوز أن يتأخر عنها لا معلولها ولا بعض معلولها، فكل ما حدث لا يحدث عن علة تامة أزلية، وواجب الوجود عندهم علة تامة أزلية، فيلزم أن لا يحدث عنه حادث لا بواسطة ولا بغير واسطة (2) .
وما يعتذرون به في هذا المكان من قولهم:
إنما تأخرت الحوادث لتأخر الاستعداد ونحوه من أفسد الأقوال، فإن هذا إنما يمكن أن يقال فيما يكون علة وجوده غير علة استعداده وقبوله (3) ، كما يحدث عن الشمس، فإنها تارة تلين وترطب كما تلين الثمار بعد يبسها (4) بسبب ما يحصل فيها من الرطوبة، فتجتمع الرطوبة المائية والسخونة الشمسية فتنضج الثمار وتلين، وتارة تجفف وتيبس كما يحصل للثمار بعد تناهي نضجها، فإنه ينقطع عنها الاستمداد من الرطوبة،
فتبقى حرارة تفعل في رطوبة من غير إمداد، فتجففها كما تجفف الشمس والنار وغيرهما لغير ذلك من الأجسام الرطبة.والمقصود أنه في مثل ذلك قد يتأخر فعل الفاعل لعدم استعداد القابل، ولو قدر أن ما يدعونه من العقل الفعال له حقيقة لكان تأخر فيضه حتى تستعد القوابل من هذا الباب. وأما واجب الوجود الفاعل لكل
(1) ا، ب: وكان ما يحدث غير معلول لها لكان قد تأخر المعلول. . إلخ.
(2) ن، م: لا بوسط ولا بغير وسط.
(3) ن، م: وقبولها.
(4) ن، م: بعد قوتها.
******************************
ما سواه الذي لا يتوقف فعله على أمر آخر من غيره - لا إعداد (1) ولا إمداد ولا قبول ولا غير ذلك، بل نفسه هي المستلزمة لفعله - فلو قدر أنه علة تامة أزلية لوجب أن يقارنه معلوله كله، ولا يتأخر عنه شيء من مفعولاته (2) ، وإذا تأخر شيء من مفعولاته ولو كان مفعولا بواسطة، علم أنه لم يكن علة تامة له في الأزل، وأنه صار علة بعد أن لم يكنوإذا قيل الحركة الفلكية هي سبب حدوث الحوادث
قيل: وهذا أيضا مما يعلم بطلانه، فإن الحركة الحادثة شيئا بعد شيء يمتنع أن يكون الموجب لها (3) علة تامة أزلية، فإن هذه يقارنها معلولها أزلا وأبدا، والحركة الحادثة شيئا بعد شيء يمتنع أن تكون مقارنة لعلتها في الأزل، فعلم أن الموجب لحدوثها ليس علة تامة أزلية، بل لا بد أن يكون الرب متصفا بأفعال تقوم به شيئا بعد شيء، بسبب (4) ما يقوم به، يحدث عنه ما يحدث، مثل مشيئته القائمة بذاته وكلماته القائمة بذاته وأفعاله الاختيارية القائمة بذاته.ومنها أن الحوادث بعد ذلك لا بد لها من محدث، ويمتنع أن يحدثها غيره؛ لأنه لا رب غيره،
ولأن القول فيه في ذلك الحدث كالقول فيه: إما أن يكون علة تامة في الأزل، وإما أن لا يكون، ويعود التقسيم.وإذا قالوا: إنما تأخر الثاني لتأخر حدوث القوابل والشروط التي بها قبل الفيض 0

(1) ن، م: لا عداد، وهو تحريف.
(2) ن، م: من معلولاته.
(3) ن، م: له.
(4) بسبب: كذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: ويسبب.
******************************
قيل لهم: هذا يعقل فيما إذا (1) كان حدوث القوابل من غيره، كما في حدوث الشعاع عن الشمس، وكما يقولونه في العقل الفعال.
وأما إذا كان هو الفاعل للقابل والمقبول، والشرط والمشروط، وهو علة تامة أزلية لما يصدر عنه (2) وجب مقارنة معلوله كله له، ولم يجز أن يتأخر عنه شيء، فإنه يمتنع أن يصير فاعلا بعد أن لم يكن من غير إحداثه لشيء،
وإحداثه لشيء (3) مع كونه (4) علة تامة أزلية ممتنع، وكونه علة لنوع الحوادث مع عدم حدوث فعل يقوم به ممتنع.ولأن صدور العالم عن فاعلين ممتنع، سواء كانا مشتركين في جميعه، أو كان هذا فاعلا لبعضه وهذا فاعلا لبعضه، كما قد بسط في غير هذا الموضع (5) وهذا مما لا نزاع فيه، فإنه لم يثبت أحد من العقلاء أن العالم صدر عن اثنين متكافئين في الصفات والأفعال،
ولا قال أحد من العقلاء:
إن أصول العالم القديمة صدرت عن واحد، وحوادثه صدرت عن آخر، فإن العالم لا يخلو من الحوادث (6) ، وفعل الملزوم بدون لازمه ممتنع، ولو كان الفاعل للوازمه غيره لزم أن لا يتم فعل واحد منهما إلا بالآخر، فيلزم الدور في الفاعلين، وكون كل [واحد] (7) من الربين لا يصير ربا إلا بالآخر، ولا يصير قادرا إلا بالآخر، ولا يصير فاعلا إلا بالآخر، فلا

(1) إذا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ن، م: عنها.
(3) عبارة " وإحداثه لشيء ": ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ب (فقط) : مع أن كونه.
(5) ن، م: كما قد بسط في موضعه.
(6) ن، م: لا يخلو عن الحدوث.
(7) واحد: زيادة في (ا) ، (ب) .
******************************
يصير هذا قادرا حتى يجعله الآخر قادرا، (1 ولا يصير هذا قادرا حتى يجعله الآخر قادرا 1) (1) ، فيمتنع والحال هذه أن يصير واحد منهما قادرا وهذا مبسوط في موضعه.
وذلك مما يبين أنه لا فاعل للحوادث إلا هو، وحينئذ فإن حدثت عنه بدون سبب حادث لزم حدوث الحادث بلا سبب حادث، وهذا إذا جاز جاز حدوث العالم كله بلا سبب (2) حادث.
وأيضا:
فإنه يلزم أن يكون العالم قديما أزليا خاليا عن شيء من الحوادث، وأن الحوادث حدثت فيه بعد ذلك بدون سبب حادث، وهذا ممتنع بالاتفاق والبرهان لوجوه (3) كثيرة مثل اقتضائه عدم القديم (4) الواجب بنفسه أو بغيره، فإنه إذا قدر معلول قديم أزلي على حال من الأحوال، ثم حدثت (5) فيه الحوادث فلا بد أن يتغير من صفة إلى صفة (6) :
يزول ما كان موجودا، ويحدث ما لم يكن موجودا، وزوال ما كان موجودا ممتنع، فإن القديم إنما يكون قديما إذا كان واجبا بنفسه أو بغيره، (* فإن (7) ما كان واجبا بنفسه أو بغيره يمتنع عدمه، (8 وما كان قديما يمتنع عدمه 8) (8) أيضا، بل القديم لا يكون قديما إلا إذا كان واجبا بنفسه

(1) (1 - 1) : ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) سبب: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) ا، ب: بوجوه.
(4) ن، م: عدم القدم؛ ا: عديم القديم. والمثبت من (ب) .
(5) ا، ب: ثم حدث.
(6) ن، م: فلا بد أن يتعين من وصفه إلى وصفه.
(7) ب: وإن.
(8) (8 - 8) : ساقطة من (م) ، (ب) .
****************************
أو بغيره، فما علم أنه كان قديما واجبا بنفسه أو بغيره *) (1) يكون العلم بامتناع عدمه أوكد وأوكد.والعالم إذا كان شيء منه قديما أزليا لا حادث فيه، ثم حدث فيه حادث فقد غيره من الحال القديمة الأزلية الواجبة بنفسها أو بغيرها إلى حال أخرى تخالفها، وهذا مع أنه ممتنع، فإذا كان هذا بدون سبب حادث كان ممتنعا من هذا الوجه ومن هذا الوجه.
وأيضا:
فالعالم لا يتصور انفكاكه عن مقارنة الحوادث، فإن الأجسام لا تخلو عن مقارنة الحوادث: الحركة وغيرها، والعالم ليس فيه إلا ما هو قائم بنفسه أو بغيره بلا نزاع بين العقلاء، وتلك الأعيان لا تخلو عن مقارنة الحوادث، فإنها لو خلت عنها ثم قارنتها للزم حدوث الحوادث بلا سبب، وهذا باطل، وإن لم يكن هذا باطلا جاز حدوث الحوادث بلا سبب، فبطل القول بقدم العالم.
ثم كثير من النظار يقول:
ليس في العالم إلا جسم أو عرض. وهؤلاء منهم من يفسر الجسم بما يشار إليه، ويمنع (2) كون كل جسم مركبا من الجواهر المفردة (3) أو من المادة والصورة، فلا يلزمهم من الإشكال ما يتوجه على غيرهم.
وإن قدر أن فيه ما يخرج عن ذلك كما يذكره من يثبت العقول

(1) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(2) ا، ب: ويمتنع.
(3) ا: المنفردة؛ ب: الفردة.
************************
والنفوس، ويقول: إنها ليست أجساما، فالنفوس لا تفارق الأجسام، بل هي مقارنة لها مدبرة لها (1) فلا تفارق الحوادث.
وأيضا: فالنفوس لا تنفك عن تصورات وإرادات حادثة، فهي دائما مقارنة للحوادث، والعقول علة لذلك مستلزمة لمعلولها لا يتقدم عليها (2) بالزمان، فيمتنع أن يكون في العالم ما يسبق الحوادث، فيمتنع أن يكون شيء منه قديما أزليا سابقا للحوادث، وحينئذ فالمبدع لشيء منه يمتنع أن يبدعه بدون إبداع لوازمه، ولوازمه يمتنع وجودها في الأزل، فيمتنع وجود شيء منه في الأزل.
فإذا قيل: فهو علة تامة أزلية للفلك مع حركته، لزم أن يكون علة أزلية تامة للفلك مع حركته، فتكون حركته أزلية، والحركة لا توجد إلا شيئا فشيئا، فيمتنع أن يكون جميع حركته أزلية (3) .وإذا (4) قيل: هو علة تامة أزلية للفلك دون حركته، احتاجت حركته إلى مبدع آخر، ولا مبدع (5) غيره.
وإن قيل:
هو علة للحركة (6) شيئا بعد شيء، لم يكن علة تامة للحركة في الأزل، لكن يصير علة تامة لشيء منها بحسب وجوده، فتكون عليته وفاعليته وإرادته حادثة بعد أن لم تكن، فيمتنع أن يكون علة تامة في

(1) عبارة " مدبرة لها ": ساقطة من (م) فقط.
(2) ن، م: عليه.
(3) ن: أن يكون جميعها أزلية؛ م: أن يكون جميعا أزليا؛ ا: أن تكون جميع حركتها أزلية.
(4) ا، ب: فإن.
(5) عبارة " ولا مبدع ": ساقطة من (ب) فقط.
(6) ا، ب: الحركة.
*****************************
الأزل، وهذا القول [ظاهر] (1) ، لا ينازع فيه من فهمه، وهو مما يبين امتناع كونه علة تامة أزلية لكل موجود، وامتناع كونه علة تامة للفلك مع حركته الدائمة.
وهم لا يقولون:
(2) إنه في الأزل علة لكل موجود،
بل يقولون:
إنه في الأزل علة لما كان قديما بعينه كالأفلاك، وهو دائما علة لنوع الحوادث، ويصير علة تامة للحادث المعين بعد أن لم يكن علة تامة له، فهذا حقيقة قولهم.
فيقال لهم:
كونه يصير علة تامة لشيء بعد أن لم يكن علة له من غير أمر يحدث منه ممتنع لذاته؛ لأنه لا محدث للحوادث سواه، فيمتنع أن غيره يحدث فاعليته، وكونه علة فلا يحدث كونه فاعلا للمعين إلا هو، فيلزم أن يكون هو المحدث؛ لكونه علة للمعين وفاعلا له، وهذه الفاعلية كانت بعد أن لم تكن، فيمتنع أن تكون صدرت عن علة تامة أزلية، لأن العلة الأزلية يقارنها معلولها.
فتبين أنه يمتنع أن يصير فاعلا لشيء بعد أن لم يكن، مع القول بأنه لم يزل علة تامة أزلية، وأنه لا بد أن يقوم به من الأحوال ما يوجب كونه فاعلا لما يحدث عنه من الحوادث، سواء أحدثت (3) بواسطة أم بغير واسطة.
وأيضا: فإذا قدر أنه - كما يقولون - حاله قبل أن يحدث المعين ومع

(1) ظاهر: ساقطة من (ن) فقط.
(2) أ، ب: وهم يقولون.
(3) ن، م: سواء حدث.
******************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.20 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.43%)]