عرض مشاركة واحدة
  #45  
قديم 17-09-2021, 09:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (45)
صـ 305 إلى صـ 311

بينوا فساد قول من قال: هو مخلوق من الجهمية والمعتزلة، فكان في كلام كل طائفة من هؤلاء من الفائدة (1) بيان فساد قول الطائفة الأخرى لا صحة قولها؛ إذ الأقوال المخالفة للحق كلها باطلة.
وكان الناس لما بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - في ضلال عظيم كما في صحيح مسلم (2) من حديث عياض بن حمار (3) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه (4) قال: " «إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب،
وإن ربي قال لي:
قم في قريش فأنذرهم، فقلت:
أي رب إذن يثلغوا رأسي حتى يدعوه خبزة (5) ،
فقال:
إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان، فابعث جندا، ابعث مثليهم (6) ، وقاتل بمن أطاعك من عصاك، وأنفق أنفق عليك،
وقال:
إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم ألا يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا» . . . "
الحديث بطوله (7) .
(1) ا، ب: من هؤلاء الطوائف من الفائدة.
(2) ا، ب: كما في الصحيح.
(3) ا، ب: حماد، وهو خطأ.
(4) أنه: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(5) قال النووي في شرحه على مسلم: ج [0 - 9] 7، ص [0 - 9] 98: يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة: هي بالثاء المثلثة أي يشدخوه ويشجوه كما يشج الخبز أي يكسر.
(6) ب (فقط) : فابعث جندا نبعث خمسة مثله، وهذه هي رواية مسلم.
(7) الحديث عن عياض بن حمار المجاشعي - رضي الله عنه - مع اختلاف في الألفاظ في مسلم: 4/2197 - 2199 (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/162. وأول الحديث في مسلم: " ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم. . الحديث، وفي رواية - وهي التي في المسند -: إن الله أمرني، أو: إن ربي - عز وجل - أمرني. . . ومن الحديث قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . . وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم. . ولم أجد رواية: " ابعث مثليهم ".
***************************
[عرض تاريخي لنشأة البدع والمذاهب الكلامية]
وكان المسلمون على ما بعث الله به رسوله من الهدى ودين الحق الموافق لصحيح المنقول وصريح المعقول، فلما قتل عثمان [بن عفان] (1) - رضي الله عنه -، ووقعت الفتنة فاقتتل المسلمون بصفين، مرقت المارقة التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -:
" «تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين، يقتلهم أولى الطائفتين بالحق» (2) ". وكان مروقها لما حكم الحكمان وافترق الناس على غير اتفاق.وحدثت أيضا بدعة (3) التشيع كالغلاة المدعين لإلهية علي (4) ، والمدعين النص على علي - رضي الله عنه - (5) السابين لأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - (6) ، فعاقب [أمير المؤمنين] علي [رضي الله عنه] الطائفتين (7) :
قاتل المارقين، وأمر بإحراق أولئك الذين ادعوا فيه الإلهية، فإنه خرج ذات يوم فسجدوا له فقال لهم: ما هذا؟ فقالوا: (8) أنت هو.
قال:
من أنا؟ قالوا: أنت الله الذي لا إله إلا هو. فقال: ويحكم!

(1) بن عفان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) الحديث عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في: مسلم 2/745 - 746 (كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم) ؛ سنن أبي داود 4/300 (كتاب السنة، باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 3/32، 48.
(3) ا، ب: بدع.
(4) ا، ب: الإلاهية في علي.
(5) رضي الله عنه: زيادة في (ن) ، (م) .
(6) رضي الله عنهما: زيادة في (ن) ، (م) .
(7) ن، م: فعاقب علي الطائفتين.
(8) ن، م: قالوا.
**************************
هذا كفر، ارجعوا عنه وإلا ضربت أعناقكم، فصنعوا به في اليوم الثاني والثالث كذلك فأخرهم (1) ثلاثة أيام؛ لأن المرتد يستتاب ثلاثة أيام، فلما لم يرجعوا أمر بأخاديد من نار فخدت (2) عند باب كندة، وقذفهم في تلك النار، وروي عنه أنه قال:
لما رأيت الأمر أمرا منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا (3) وقتل هؤلاء واجب باتفاق المسلمين، لكن (4) في جواز تحريقهم نزاع:
فعلي [رضي الله عنه] (5) رأى تحريقهم، وخالفه ابن عباس وغيره [من الفقهاء] (6) قال ابن عباس: أما أنا فلو كنت لم أحرقهم؛ لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعذب بعذاب الله، ولضربت أعناقهم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
" «من بدل دينه فاقتلوه» "، وهذا الحديث في صحيح البخاري. (7) وأما السبابة (8) الذين يسبون أبا بكر وعمر فإن عليا لما بلغه ذلك

(1) م، ا، ب: وأخرهم.
(2) ب، م: فحدت.
(3) انظر ما سبق أن ذكرناه عن هذا الرجز (ص 30 ت 6) ، وقد ذكره أيضا المقريزي في الخطط 2/356، القاهرة 1270، وذكر الخبر مختصرا.
(4) ا، ب: واجب بالاتفاق لكن.
(5) رضي الله عنه: زيادة في (ا) ، (ب) .
(6) من الفقهاء: زيادة في (ا) ، (ب) .
(7) الحديث عن عكرمة - رضي الله عنه - في: البخاري 9/15 (كتاب استتابة المرتدين، باب حكم المرتد والمرتدة) .
(8) هم الذين يسبون الصحابة من الرافضة، وقيل: إنهم الذين ينتسبون إلى رجل اسمه عبد الله بن سباب - وسبقت الإشارة إليه (ص 18 ت [0 - 9] ) - وانظر: الدكتور محمد جابر عبد العال: حركات الشيعة المتطرفين، ص [0 - 9] 9 - 61، مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، 1373/1954.
********************
طلب ابن السوداء (1) الذي بلغه ذلك عنه، وقيل: إنه أراد قتله فهرب منه إلى أرض (2) قرقيسيا.
وأما المفضلة الذين يفضلونه على أبي بكر وعمر فروي عنه أنه قال:
لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا ضربته حد المفتري، وقد تواتر عنه (3) أنه كان يقول على منبر الكوفة:
خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر (4) ، روي هذا عنه (5) من أكثر من ثمانين وجها، ورواه البخاري وغيره (6) ، ولهذا كانت الشيعة المتقدمون كلهم متفقين (7) على تفضيل أبي بكر وعمر كما ذكر ذلك غير واحد.
فهاتان البدعتان: بدعة الخوارج والشيعة حدثتا في ذلك الوقت لما وقعت الفتنة، ثم إنه في أواخر عصر الصحابة حدثت بدعة القدرية

(1) هناك اختلاف بين العلماء فيما إذا كان ابن السوداء هو عبد الله بن سبأ أم أنه شخص آخر. فابن طاهر البغدادي (الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 44) يذهب إلى أن ابن السوداء كان يهوديا وافق عبد الله بن سبأ على رأيه بغية إثارة الفتنة. وتابع الإسفراييني (التبصير في الدين، ص [0 - 9] 2) ابن طاهر على ذلك. وسبق أن ذكرنا عند الكلام عن عبد الله بن سبأ والسبئية ما نقله النوبختي من أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا وقد نقل ذلك أيضا الشهرستاني (الملل والنحل 1/155) مما يفهم منه أنه وابن السوداء شخص واحد. وانظر أيضا تعليق الشيخ الكوثري في الفرق بين الفرق ص 144؛ أحمد أمين: فجر الإسلام، ص 110.
(2) أرض ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) ن، م: وتواتر.
(4) ن، م: أبو بكر وعمر.
(5) ن، م: وروي عنه.
(6) سبقت الإشارة (ص 12) إلى هذه الرواية، حيث أطلق ابن تيمية على المفضلة لفظ " المفترية ". ونقلنا هناك (ت 3) نص كلام محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب، كما رواه البخاري في صحيحه.
(7) ن، م، ا: متفقون، وهو خطأ.
*************************
والمرجئة، فأنكر ذلك الصحابة والتابعون (1) كعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وواثلة بن الأسقع (2) .
ثم إنه في أواخر عصر التابعين من أوائل المائة الثانية (3) حدثت بدعة الجهمية منكرة الصفات، وكان أول من أظهر ذلك (4) الجعد بن درهم، فطلبه خالد بن عبد الله القسري فضحى به بواسط،
فخطب الناس يوم النحر وقال:
أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله تعالى لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا ثم نزل فذبحه (5) .
ثم ظهر بهذا المذهب الجهم بن صفوان، ودخلت فيه بعد ذلك المعتزلة، وهؤلاء أول من عرف عنهم في الإسلام أنهم أثبتوا حدوث

(1) ا، ب:. . . عصر الصحابة والتابعين لهم بإحسان. . إلخ.
(2) ن، م: واثلة بن الأسقع، وهو خطأ. قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات، القسم الأول، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 43: توفي بدمشق سنة ست أو خمس وثمانين.
(3) ن، م: الثالثة، وهو خطأ.
(4) ن: ظهر ذلك عنه؛ ا: ظهر ذلك.
(5) كان الجعد بن درهم من الموالي وكان مؤدبا لمروان بن محمد - آخر خلفاء بني أمية - ولكنه أظهر القول بخلق القرآن بعد أن أخذه - كما يحدثنا ابن نباتة - عن إبان بن سمعان وأخذه هذا عن طالوت بن أعصم اليهودي الذي سحر النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد أمر هشام بن عبد الملك خالد بن عبد الله القسري واليه على الكوفة بقتل الجعد لذلك ولقوله بالقدر. انظر جمال الدين محمد بن محمد بن نباتة: سرح العيون شرح رسالة ابن زيدون (تحقيق الأستاذ محمد أبي الفضل إبراهيم) ، ص [0 - 9] 93 - 294، القاهرة، 1383/1964؛ جمال الدين القاسمي: تاريخ الجهمية والمعتزلة، ص 27 - 28، القاهرة 1331؛ لسان الميزان 2/105؛ ميزان الاعتدال 1/185؛ الكامل لابن الأثير 5/160؛ الأعلام 2/114.
**************************
العالم بحدوث الأجسام، [وأثبتوا حدوث الأجسام] (1) بحدوث ما يستلزمها من الأعراض، وقالوا: الأجسام لا تنفك عن أعراض محدثة، وما لا ينفك عن الحوادث أو ما لا يسبق الحوادث فهو حادث؛ لامتناع حوادث لا أول لها.
ثم إنهم تفرقوا عن هذا الأصل، فلما قالوا بامتناع دوام الحوادث في الماضي عورضوا بالمستقبل، فطرد [إماما هذه الطريقة] هذا الأصل،
وهما:
إمام الجهمية الجهم بن صفوان (2) ، وأبو الهذيل العلاف إمام المعتزلة، وقالا بامتناع دوام الحوادث في المستقبل والماضي.
ثم إن جهما قال:
إذا كان الأمر كذلك لزم فناء الجنة والنار، وأنه يعدم كل ما سوى الله، كما كان ما سواه معدوما.
وكان هذا مما أنكره السلف والأئمة على الجهمية، وعدوه من كفرهم،
وقالوا:
إن الله تعالى يقول: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [سورة ص: 54] وقال تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على بقاء نعيم الجنة (3) .وأما أبو الهذيل فقال: إن الدليل إنما دل على انقطاع الحوادث فقط، فيمكن بقاء الجنة والنار، لكن تنقطع الحركات، فيبقى أهل الجنة والنار ساكنين ليس فيهما حركة أصلا، ولا شيء يحدث. ولزمه على ذلك أن يثبت أجساما باقية دائمة خالية عن الحوادث، فيلزم وجود أجسام بلا

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) ن، م: فطرد هذا الأصل الجهم بن صفوان إمام الجهمية.
(3) ا، ب: النعيم.
****************************
حوادث، فينتقض الأصل الذي أصلوه، وهو أن الأجسام لا تخلو (1) عن الحوادث.
وهذا هو الأصل الذي أصله هشام بن الحكم وهشام بن سالم (2) الجواليقي وغيرهما من المجسمة الرافضة وغير الرافضة (3) كالكرامية، فقالوا: بل يجوز ثبوت جسم قديم [أزلي] (4) لا أول لوجوده، وهو خال عن جميع الحوادث.
وهؤلاء عندهم الجسم القديم الأزلي يخلو عن الحوادث، وأما الأجسام المخلوقة فلا تخلو عن الحوادث،
ويقولون:
ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، لكن لا (5) يقولون: إن كل جسم فإنه لا يخلو عن الحوادث.
ثم إن هؤلاء الجهمية أصحاب هذا الأصل المبتدع احتاجوا أن يلتزموا طرد هذا الأصل فقالوا:
إن الرب لا تقوم به الصفات ولا الأفعال (6) فإنها أعراض وحوادث، وهذه لا تقوم إلا بجسم، والأجسام محدثة، فيلزم أن لا يقوم بالرب علم ولا قدرة ولا كلام ولا مشيئة ولا رحمة ولا رضا ولا غضب ولا غير ذلك من الصفات، بل جميع (7) ما يوصف به من ذلك فإنما هو مخلوق منفصل عنه.

(1) ن، م: الجسم لا يخلو.
(2) ن (فقط) : بن مالك، وهو خطأ.
(3) ن، م: الرافضة وغيرهم.
(4) أزلي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) لا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ب (فقط) : الصفات والأفعال.
(7) جميع: ساقطة من (ا) ، (ب) .
****************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.22 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.25%)]