
17-09-2021, 09:32 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,905
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (44)
صـ 298 إلى صـ 304
الحادث المعين مشروطة بإرادة له، وبإرادة للحادث الذي قبله، وأن الفاعل المبدع لم يزل مريدا لكل ما يحدث من المرادات.وهذا هو التقدير الثاني. وهو أن يقال: لو أراد أن يحصل (1) شيئا بعد شيء، فكل مراد له محدث كائن بعد أن لم يكن، (2 وهو وحده المنفرد بالقدم والأزلية، وكل ما سواه مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن 2) (2) ، وعلى هذا التقدير، فليس فيه إلا دوام الحوادث وتسلسلها، وهذا هو [التقدير] (3) الذي تكلمنا عليه، ويلزم أن يقوم بذات الفاعل ما يريده ويقدر عليه، وهذا هو قول أئمة أهل الحديث وكثير من أهل الكلام والفلسفة، بل قول أساطينهم من المتقدمين والمتأخرين.
فتبين أنه يجب القول بحدوث كل ما سوى الله سواء سمي جسما أو عقلا أو نفسا، وأنه يمتنع كون شيء من ذلك قديما سواء قيل بجواز دوام الحوادث وتسلسلها، وأنه لا أول لها، أو قيل بامتناع ذلك، وسواء قيل بأن الحادث لا بد له من سبب حادث، أو قيل بامتناع ذلك، وأن القائلين بقدم العالم كالأفلاك والعقول والنفوس قولهم باطل في صريح العقل الذي لم يكذب قط على كل تقدير، وهذا هو المطلوب.
[استطراد: الكلام في الحدوث والقدم في أفعال الله وكلامه تصادمت فيه أئمة الطوائف]وقد بسط الكلام على ما يتعلق بهذا في غير هذا الموضع، فإن هذا الأصل هو [الأصل] (4) الذي تصادمت فيه أئمة الطوائف من أهل(1) ب (فقط) : له إرادات تحصل.
(2) (2 - 2) : ساقط من (م) فقط.
(3) التقدير: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) الأصل: زيادة في (أ) ، (ب) .
**************************
الفلسفة، والكلام، والحديث، وغيرهم، وهو الكلام في الحدوث (1) والقدم في أفعال الله وكلامه، ويدخل في ذلك الكلام في حدوث العالم والكلام في كلام الله وأفعاله، والكلام في هذين الأصلين من محارات (2) العقول، فالفلاسفة القائلون بقدم العالم كانوا في غاية البعد عن الحق الذي جاءت به الرسل الموافق لصريح المعقول وصحيح المنقول، ولكنهم ألزموا أهل الكلام الذين وافقوهم على نفي قيام الأفعال والصفات (3) بذاته، أو على نفي قيام الأفعال بذاته بلوازم قولهم، فظهر بذلك من تناقض أهل الكلام ما استطال به عليهم هؤلاء الملحدون، وذمهم به علماء المؤمنين (4) من السلف والأئمة وأتباعهم، وكان كلامهم من الكلام الذي ذمهم به السلف لما فيه من الخطأ والضلال الذي خالفوا به الحق في (5) مسائلهم ودلائلهم، فبقوا فيه مذبذبين متناقضين لم يصدقوا بما جاءت به الرسل على وجهه ولا قهروا أعداء الملة بالحق الصريح المعقول.
وسبب ذلك أنهم لم يحققوا ما أخبرت به الرسل، ولم يعلموه، ولم يؤمنوا به، ولا حققوا موجبات العقول، فنقصوا في علمهم بالسمعيات والعقليات، [وإن] (6) كان لهم منهما نصيب كبير، فوافقوا في بعض ما
(1) ن، م: وهو الكلام والحدوث.
(2) ن: مجازات ; م، أ: مجارات. والمثبت من (ب) وهو الصواب.
(3) ن، م: الصفات والأفعال.
(4) أ، ب: العلماء المؤمنون.
(5) ن، م: من.
(6) وإن: ساقطة من (ن) ، (م) .
*************************
قالوه الكفار الذين قالوا: {لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير} [سورة الملك: 10] وفرعوا من الكلام في صفات الله وأفعاله ما هو بدعة مخالفة للشرع،
وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فهي مخالفة للعقل، كما هي مخالفة للشرع.
والذي نبهنا عليه هنا يعلم به دلالة العقل الصريح على ما جاءت به الرسل، ولا ريب أن كثيرا من طوائف المسلمين يخطئ في كثير من دلائله، ومسائله (1) ، فلا يسوغ،
ولا يمكن نصر قوله مطلقا، بل الواجب أن لا يقال إلا الحق قال تعالى: {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق} [سورة الأعراف: 169] .
وإذا كان المقصود نصر حق اتفق عليه أهل الملة أو رد باطل اتفقوا على أنه باطل نصر بالطريق الذي يفيد ذلك وإن لم يستقم دليله على طريقة طائفة من طوائف أهل القبلة (2) بين كيف يمكن إثباته بطريقة مؤلفة من قولها وقول طائفة أخرى، فإن تلك الطائفة أن توافق طائفة من طوائف (3) المسلمين خير لها من أن تخرج عن دين الإسلام، وكذلك أن توافق المعقول الصريح خير من أن تخرج عن المعقول بالكلية، والقول كلما كان أفسد في الشرع كان أفسد في العقل، فإن الحق لا يتناقض، والرسل إنما أخبرت بالحق، والله فطر عباده على معرفة الحق، والرسل بعثت بتكميل الفطرة، لا بتغيير الفطرة. قال تعالى: (4)
(1) ومسائله: ساقطة من (ب) فقط.
(2) ن، م: السنة.
(3) طوائف: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: كقوله تعالى.
*******************************
{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} [سورة فصلت: 53] .
فأخبر أنه سيريهم الآيات الأفقية (1) والنفسية المبينة لأن القرآن الذي أخبر به عباده حق، فتتطابق الدلالة البرهانية القرآنية، والبرهانية العيانية، ويتصادق موجب الشرع المنقول والنظر المعقول.
لكن أهل الكلام المحدث الذي ذمه السلف والأئمة، من الجهمية والمعتزلة ومن اتبعهم من المنتسبين إلى السنة من المتأخرين ابتدعوا في أصول دينهم حكما ودليلا، فأخبروا عن قول أهل الملل بما لم ينطق به كتاب ولا سنة، واستدلوا على ذلك بطريقة لا أصل لها في كتاب، ولا سنة، فكان القول الذي أصلوه ونقلوه عن أهل الملل والدليل عليه كلاهما بدعة في الشرع لا أصل لواحد منهما في كتاب ولا سنة، مع أن أتباعهم يظنون أن هذا هو دين المسلمين، فكانوا في مخالفة المعقول بمنزلتهم في مخالفة المنقول، وقابلتهم الملاحدة المتفلسفة الذين هم أشد مخالفة لصحيح المنقول وصريح المعقول (2) .
وما ذكرناه هنا هو (3) مما يعلم به حدوث كل ما سوى الله، وامتناع قدم شيء بعينه من العالم بقدم الله يفيد المطلوب على كل تقدير من التقديرات، ويمكن التعبير عنه بأنواع من العبارات، وتأليفه على وجوه (4) من التأليفات، فإن المادة إذا كانت مادة صحيحة أمكن تصويرها بأنواع من الصور، وهي في ذلك يظهر أنها صحيحة بخلاف الأدلة
(1) ن، م: آياته في الأفقية.
(2) ا: لصحيح المعقول وصريح المنقول؛ ب: لصحيح المنقول وصريح المنقول.
(3) هو: ساقطة من (ب) فقط
(4) أ: وجه؛ ب: أوجه.
************************
المغالطية (1) التي قد ركبت على وجه معين بألفاظ معينة، فإنها (2) متى غير ترتيبها وألفاظها، ونقلت من صورة إلى صورة ظهر خطؤها، فالأولى كالذهب الصحيح فإنه إذا نقل (3) من صورة إلى صورة لم يتغير جوهره، بل يتبين أنه ذهب، وأما المغشوش فإنه إذا غير من صورة إلى صورة ظهر أنه مغشوش.
وهذه الأدلة المذكورة دالة على حدوث كل ما سوى الله، وأن كل ما سوى الله حادث (4) كائن بعد أن لم يكن، سواء قيل بدوام نوع الفعل كما يقوله أئمة أهل الحديث وأئمة الفلاسفة أو لم يقل.
ولكن من لم يقل بذلك يظهر بينه وبين طوائف (5) أهل الملل وغيرها من النزاع والخصومات والمكابرات ما أغنى الله عنه من لم يشركه في ذلك، أو تتكافأ عنده الأدلة ويبقى في أنواع من الحيرة والشك [والاضطراب] (6) قد عافى الله منها من هداه وبين له الحق.
قال تعالى: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [سورة البقرة: 213] .
(1) ن: الأدلة العقلية المغلظة؛ م، ا: الأدلة المغلطية. والمثبت من (ب) .
(2) ا، ب: فإنه.
(3) ا، ب: خطؤها كما أن الذهب الصحيح إذا نقل.
(4) حادث: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(5) ا، ب: وبين أئمة طوائف.
(6) والاضطراب: زيادة في (ا) ، (ب) .
***********************
فالخالق سبحانه يمتنع أن يكون مقارنا له في القدم شيء من العالم كائنا ما كان، سواء قيل: إنه يخلق بمشيئته وقدرته كما يقوله المسلمون وغيرهم، أو قيل (1) :
إنه موجب بذاته أو علة مستلزمة للمعلول، أو سمي مؤثرا؛ لكون لفظ التأثير يعم هذه الأنواع، فيدخل فيه الفاعل باختياره، ويدخل فيه بذاته (2) وغير ذلك، بل هو المختص بالقدم الذي استحق ما سواه كونه (3) مسبوقا بالعدم.ولكن الاستدلال على ذلك بالطريقة الجهمية المعتزلية (4) ، طريقة الأعراض والحركة والسكون التي مبناها على أن الأجسام محدثة؛ لكونها لا تخلو عن الحوادث، وامتناع حوادث لا أول لها طريقة (5) مبتدعة في الشرع باتفاق أهل العلم بالسنة، وطريقة (6) مخطرة مخوفة في العقل، بل مذمومة عند طوائف كثيرة وإن (7) لم يعلم (8) بطلانها؛ لكثرة مقدماتها وخفائها والنزاع فيها عند كثير من أهل النظر " كالأشعري في رسالته إلى أهل الثغر (9) "
ومن سلك سبيله في ذلك كالخطابي (10) وأبي عمر
(1) ن، م: أو يقول.
(2) ب (فقط) : الواجب بذاته.
(3) ن، م: بكونه.
(4) ن، م: المعتزلة.
(5) ن، م: طريق.
(6) ن، م: طريق.
(7) ا، ب: وإنه.
(8) ن: وإن لم يعلموا.
(9) ا، ب: رسالة الثغر. وقد طبعت في مجلة كلية الإلهيات بجامعة أنقرة، 1928، ومنها نسخة خطية بالجامعة العربية، وانظر درء تعارض العقل والنقل 7/186 - 219.
(10) أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب، الخطابي، البستي، فقيه أديب محدث ولد سنة 319 وتوفي سنة 388. له " معالم السنن في شرح سنن أبي داود " وله رسالة " الغنية عن الكلام وأهله " (مطبوعة باختصار ضمن صون المنطق والكلام عن فني المنطق والكلام للسيوطي 1/137 - 147 وانظر ما نقله ابن تيمية عنها في " درء تعارض العقل والنقل " في ج [0 - 9] ، 8. انظر ترجمة الخطابي في: وفيات الأعيان 1/453 - 455؛ تذكرة الحفاظ 3/1018 - 1020؛ شذرات الذهب 3/127 - 128؛ الأعلام 2/304.
****************************
الطلمنكي (1) .
وغيرهم، وهي طريقة باطلة في الشرع والعقل (2) عند محققي الأئمة العالمين بحقائق المعقول والمسموع.
والاستدلال بهذه الطريق أوجب (3) نفي صفات الله القائمة به، ونفي أفعاله القائمة به، وأوجبت من بدع الجهمية ما هو معروف عند سلف الأمة، وسلطت بذلك الدهرية على القدح فيما جاءت به الرسل عن الله، فلا قامت بتقرير الدين، ولا قمعت أعداءه الملحدين، وهي التي أوجبت على من سلكها قولهم:
إن الله لم يتكلم، بل كلامه مخلوق، فإنه بتقدير صحتها تستلزم هذا القول.
وأما ما أحدثه ابن كلاب ومن اتبعه من القول بقدم شيء منه (4) معين:
إما معنى واحد، وإما حروف، أو حروف وأصوات معينة يقترن بعضها ببعض أزلا وأبدا، فهي أقوال محدثة بعد حدوث القول بخلق القرآن، وفيها من الفساد شرعا وعقلا ما يطول وصفه، لكن القائلون بها
(1) ن، م: وأبي عمرو. وهو أحمد بن عبد الله، أبو عمر الطلمنكي المعافري الأندلسي. كان من المجودين في القراءات وله تصانيف في القراءة، وروى الحديث، توفي سنة 429. ترجمته في طبقات القراء لابن الجوزي 1/120 (طبعة الخانجي، القاهرة 1351 - 1932) ؛ شذرات الذهب 3/243 - 244؛ تذكرة الحفاظ 3/1098 - 1100؛ الديباج المذهب لابن فرحون (ط. ابن شقرون، القاهرة \ 1351) ص 39 - 40؛ الأعلام 1
(2) ن، م: باطلة في العقل.
(3) م: بهذه الطريقة أوجب؛ ا: بهذا طريق أوجب؛ ب: بهذا طريق أوجبت.
(4) منه: ساقطة من (ن) ، (م) .
**************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|