قراءة نقدية لآراء المرزباني في (الموشح) عن أبي العتاهية عطاف سالم سليمان قُدِّم هذا البحثُ ضمن بحوثٍ أخرى؛ توطئةً للحصول على درجة الماجستير، موثَّق بتاريخ 26/ 9/ 1423 هـ. المقدمة: الحمد لله حمْدَ الشَّاكرين، لا نُحْصِي ثناءً عليه، كما أثنَى هو على نَفْسه، أحمَدُه سبحانه أنْ هوَّنَ عليَّ الصَّعْب، ويسَّرَ لي كلَّ عُسْر. والصَّلاة والسلام على خير خَلْق الله، نبيِّنا الكريم محمَّد، وعلى آله وصحابته أجمعين. وبعد: قبل عشر سنوات، اقتنَيْتُ "ديوانَ أبي العتاهية"، دفَعني إلى هذا قصيدةٌ كنت قبل ذلك أَدْرُسها في المرحلة الثانويَّة، يقول مطلَعُها: إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلاَ تَقُلْ خَلَوْتُ، وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ [1] فعكفتُ على قراءته، وقد يقَعُ في نفسي ما يقَعُ مِن الاستحسان أو الاستِهْجان، وإن كان الأخير قليلاً جدًّا، وكنت أتَّخِذ منه دروسًا في وَزْن الشِّعر. حتَّى كُلِّفتُ بهذا المبحث، وكان من الطبيعيِّ أن يقَع اختياري على أبي العتاهية؛ لأقترب من (قِيله) أكثر. وعرْفَتُ "الموشَّح" - مع الأسف - لأوَّل مرَّة، وها هي تأتي خواطري بين الاثنين، فبدأتُ الحديث كما يقع في نفسي، فكان: أوَّلاً: بين أبي العتاهية والمرزباني. وثانيًا: بين يدَيْ قصيدة. وهما رباعيَّتان لأبي العتاهية، كان للمرزبانِيِّ مآخِذُ عليها، أحبَبْتُ أن أفصِّل فيها القول بالنَّظَر إلى أنَّ القصيدة كيانٌ موحَّد، وخُلق شعري، وعالَم مستقلٌّ له لُغَته الخاصَّة، وليس مجرَّد مُحاكاةٍ أو تصوير، ثم بالنَّظَر إلى رَبْطِها بالواقع، وختَمْتُ القول بإيجازٍ عن مكانة الموشَّح العلميَّة والأدبية، راجيةً من الله التوفيق والسَّداد. بين يدي أبي العتاهية والمرزباني: أمَّا أبو العتاهية فشِعْره "كسَاحة المُلوك يقع فيها الجوهر والذَّهب، والتُّراب والخزف والنَّوى"[2]. مقولة للأصمعيِّ تَلْفت إليها الأنظار، وكيف لا وهو هنا يلمّحُ صراحةً إلى أنَّ في شعر أبي العتاهية استيفاءً لِمَراحل التَّفاوُت؟! فعندي من الجوهر قولُه: للهِ أَنْتَ عَلَى جَفَائِكْ مَاذَا أُؤَمِّلُ مِنْ وَفَائِكْ إِنِّي عَلَى مَا كَانَ مِنْ كَ لَوَاثِقٌ بِجَمِيلِ رَائِكْ فَكَّرْتُ فِيمَ جَفَوْتَنِي فَوَجَدْتُ ذَاكَ لِطُولِ نَائِكْ فَرَأَيْتُ أَنْ أَسْعَى إِلَيْ كَ وَأَنْ أُبَادِرَ فِي لِقَائِكْ حَتَّى أُجَدِّدَ مَا تَغَيْ يَرَ لِي وَأَخْلَقَ مِنْ إِخَائِكْ [3] وقوله: إِلَهِي لاَ تُعَذِّبْنِي فَإِنِّي مُقِرٌّ بِالَّذِي قَدْ كَانَ مِنِّي وَمَا لِي حِيلَةٌ إِلاَّ رَجَائِي وَعَفْوُكَ إِنْ عَفَوْتَ وَحُسْنُ ظَنِّي [4] وقوله: وَإِنِّي لَمُشْتَاقٌ إِلَى ظِلِّ صَاحِبٍ يَرُوقُ وَيَصْفُو إِنْ كَدِرْتُ عَلَيْهِ عَذِيرِي مِنَ الإِنْسَانِ لاَ إِنْ جَفَوْتُهُ صَفَا لِي وَلاَ إِنْ كُنْتُ طَوْعَ يَدَيْهِ [5] ورأيتُ من الذَّهَب قولَه: عَرِيتُ مِنَ الشَّبَابِ وَكُنْتُ غُصْنًا كَمَا يَعْرَى مِنَ الوَرَقِ القَضِيبُ فَيَا لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ يَوْمًا فَأُخْبِرَهُ بِمَا فَعَلَ الْمَشِيبُ [6] يتبع
سُئل الإمام الداراني رحمه اللهما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟فبكى رحمه الله ثم قال :أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هوسبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.