عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 15-09-2021, 04:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث الهبة]
صـــــ 265 الى صــــــــ
273
الحلقة (156)

[مبحث في هبة الدين]
-إذا كان لشخص دين عند آخر له هذا الدين أو وهبه لأجنبي فإنه لا يجوز على تفصيل في المذاهب (1) .
[مبحث الرجوع في الهبة]
-ليس للواهب أن يرجع في هبته في أمور مفصلة في المذاهب (2) .

(1) (الحنفية - قالوا: هبة الدين جائزة.
فإذا قال له: وهبت لك الدين الذي لي عليك فإنه يصح ولكن هبة حقيقية لأن الهبة يشترط فيها إن يكون عينا لادينا فهي مجاز عن إسقاط الدين عنه وإن كانت بلفظ الهبة كما تقدم.
ويتم اسقاط الدبن بمجرد قول الواهب وهبت لك الدين فلا يشترط قبول المدين.
فإذا لم يقبل المدين ورد الهبة فإنها ترتد ويبقى الدين عليه على المختار.
هذا إذا كان كفيلا فوهب له صاحب الدين دينه الذي كفله فإن الهية تصح بشرط القيول.
واذا رفض هذه المنحة فإن رفضه يصح.
إما إذا أبرأه صاحب الدين من الكفالة فإن إبرأه يتم من غير قبول ولو رد إبراأه لا يقبل رده لأن صالحب الدين قد استغنى عن كفالته فلا يجبر على قبولها.
وإذا أبرأ الأصيل عن الدين أو وهبه له فإن قبل فقد برئ الأصيل والكفيل. وإن لا يقبل لا يبرأ واحد منها.
وإذا كان لشخص دين على آخر فمات الدين لوارثه فإنه يصح ولو رد الزارث الهبة فإنها ترتد ولو وهب الدين لبعض الورثة كانت الهبة للجميع.
أما إذا أبرأ أحد الورثة فإن الإبراء يصح في نصيبه وحده.
هذا كله في هبة الدين لمن عليه الدين.
أما هبة الدين للأجنبي فهي صحيحة: وقد عرفت في تعريف الهبة أنه يشترط في صحة هبة الدين أن يأمر الدائن الموهوب له بالقبض فيقبضه بالنيابة عنه، وبذلك يصير الدين غينا فيقبضه عن تفسه.
المالكية - قالوا: تصح هبة الدين لمن عليه الدين ولغيره، فإن كانت لمن عليه الدين كانت إبراء، ولإبراء يحتاج الى قبول على الراجع لأنه نقل للملك.
فإذا لم يقبل المدين لاتصح هية الدين له، وبعضهم يقول: إن هبة الدين إيقاط لانقل للملك فلا يحتاج إلى قبول.

أما إذا وهب الدين لغير من عليه الدين فإن الهبة تصح بشروط ثلاثة:
الشرط الأول: أن يشهد على الهبة ولإشهاد شرط صحة.
الشرط الثاتي: أن يدفع الواهب له سند الدين إن كان له سند.
وهذا الشرط يختلف فيه فبعضهم يقول: إنه شرط صحة وبعضهم يقول: إنه شرط كمال.
الشرط الثالث: أن يجمع بين الموهوب له وبين من عليه الدين إن كان حاضرا أما إن كان غائبا فلا يشترط الجمع، وهل شرط الجمع بينهما إن كان المدين حاضرا شرط صحة أو كمال؟ والراجع أنه شرط كمال.
فإذا كان لشخص مائة جنيه دينا عند آخر وأراد أن يهبها لأخيه مثلا فإن الأكمل في ذلك أن يشهد على الهبة، وأن يجمع بين أخيه وبين المدين إن كان حاضرا ويحيله، ويعطي أخاه سند الدين إن كان معه سند.
وبذلك تتم الهبة اتفاقا فإن تعذر حضور المدين أو لم يكن للدين سند فإنه يكفي لصحة الهبة الإشهاد والقبول.
وهل إذا كان تامدين حاضرا ولم يجمع بينهما أو كان للدين سند ولم يعطه للموهوب له يصح أو لا؟ خلاف ذكلرناه لك أولا.
إن دفع المدين الدين للواهب بعد علمه بالهبة ضمنه الموهوب له.
ونظير هذه المسألة رهن الدين فإنه لابد فيه من الإشهاد.
وصورة رهن الدين أن يشتري سلعة من محمد بعشرين جنيها، وللمشتري دين عند خالد يسوي عشرين جنيها أو أكثر أو أقل فرهن دينه عند محمد في نظير سلعته فعليه في هذه الحالة أن يشهد بأنه رهن لمحمد دينه الذي له عند خالد وأن يعطي محمدا سند الدين إن كان له سند وأن يجمع بينه وبين اغلمدين على التفصيل الذي ذكرناه في الهبة.
الشافعية - قالوا: هبة الدين للذي عليه الدين إبراء فلا تحتاج لقبول.
أما هبته لغير من عليه الدين فمختلف فيها:
فبعضهم يقول إنها هبة صحيحة وبعضهم يقول إنها باطلة.
والثاني هو المعتمد لأن الدين غير مقدور على تسليمه وهو متصف بكونه دينا فإنه إذا قبض لا يكون دينا بل يكون عينا، أما بيع الدين، فإن المعتمد صحته.
فإذا كان لشخص دين عند آخر فإنه يصح له أن يبيعه بثمن فيكون الدين في مقابله الثمن.
وذلك التزام لتحصيل المبيع وهو التزام صحيح بخلاف الهبة فإنها لا مقابل لها فالتزام تحصيل الموهوب غير صحيح.
الحنابلة - قالوا: هبة الدين صحيحة لمن عليه الدين.
فإذا وهبه له صح، وإذا أبرأه منه صح، وإذا أسقط عنه صحيح، وإذا تركه له صح، وإذا ملكه له صح، وإذاىتصدق به عليه صح.
كل ذلك صحيح سواء كلن الدين معلوما أو مجهولا.
أما هبة الدين لغير من هو عليه فإنها لا تصح، لأن الهبة تقتضي وجود معين هنا) .

(2) (الحنفية - قالوا: يصح للواهب أنة يرجع في هبته بعد أن يقبضها الموهوب له، ومن باب أولى له الرجوع قبل القبض لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض، وإن كان الرجوع في الهبة مكروها تحريما على الراجح أو تنزيها، وإذا أسقط الواهب حقه في الرجوع ثم رجع بعد ذلك صح رجوعه لأن حقه في الرجوع لا يسقط بإسقاطه.
ويبطل حق الرجوع في الهبة بسبعة أمور:
الأول: أن يزيد الموهوب له في العين زيادة متصلة بها كما إذا وهب له نعجة غجفاء فعلفها حتى سمنت فليس للواهب أن يرجع في هذه الحالة حتى ولو عادت عجفاء كما كانت، ومثل ذلك ما إذا أهدى له حيوانا صغيرا عنده، أو أهدى رقيقا جاهلا فعلمه، أو ثوبا فصبغه أو خاطه.
أما إذا أهداه شاة فجعلت عنده، فإن كان الحبل يزيد في قيمتها فإنه يمنع الرجوع وإلا فله حق في الرجوع.
وإذا أهداه أرضا فبنى فيها أة غرس أجشارا فإن كان البناء والغرس يزيد في قيمة الأرض كلها فإنه يمنع الرجوع منها كلها وإن كان يزيد في البقعة التي فيها امتنع الرجوع في تلك البقعة، ثم إذا هدم البناء او قلع الشجر كان له الرجوع في هذه الحالة لأن الزيادة ليست في نفس العين كما في سمن الحيوان وهزاله.
فإذا وهب له عينا تساوي عشرة ثم زاد سعرها فإن الزيادة لا تمنع الرجوع، وإذا نقلها الموهوب له من مكان إلى مكان فارتفع سعرها بسبب ذلك النقل لم يكن له حق الرجوع لأن الزيادة التي طرأت عليها كانت بعمل الواهب واتفاقه يقول له الرجوع.
أما الزيادة المنفصلة فإنها لا تمنع الرجوع في أصل العين، فإذا أهدى له بقرة فولدت كان له حق الرجوع في البقرة لا في الولد. وهل يرجع في البقرة مع احتياج ولدها للرضاع أو ينتظر؟ قولان.
ومن الزيادة المنفصلة الثمر، فإذا أهدى له بستانا فأثمر كان له حق الرجوع في هبة البستان أما الثمر فهو من حق الموهوب له.
الأمر الثاني من موانع الهبة: موت أحد العاقدين بعد القبض فإذا وهب شخص داره لأخيه ثم مات الموهوب له فلا حق للواهب في الرجوع وكذا إذا مات الواهب فلا حق لوارثه.
الأمر الثالث: العوض فإذا وهب دارا بشرط عوضا فإنه يصح وضع الرجوع وسيأتي بيان ذلك في باب الهبة في مقابل العوض.
ويشترط في الخروج عن الملك أن يكون تاما من كل وجه بقي له به اختصاص فإن الرجوع لا يسقط.
مثال ذلك ما إذا وهب له شاة فضحى بها وصارت لحما فإن له أن يرجع ويأخذ اللحم فإنه في هذه الحالة لم يخرج من ملكه بالكلية.
الأمر الخامس: الزوجية - فإذا وهب الزوج لزوجته شيئا فإنه لا يصح له الرجوع فيه، أما إذا وهب لها قبل أن يتزوج بها ثم تزوج فإن له الرجوع.
الأمر السادس: القرابة، فلو وهب لذي رحم منه ولو كان ذميا أو مستأمنا فإنه لا يصح له الرجوع فإذا وهب لأبيه أو ابنه أو عمه أو غير
ذلك من محارمه بالنسب فإن حقه في الرجوع يسقط. أما إذا وهب لمحارمح من الرضاع أو المصاهرة فإن له حق الرجوع.
الأمر السابع: هلاك العين الموهوبة وذلك ظاهر فإذا ادعى الموهوب له الهلاك صدق بدون حلف.
وإذا قال الواهب إن العين باقية وهي هذه وأنكر الموهوب له حلف المنكر أنها ليست هذه ولا يصح الرجوع إلا بتراضيهما.
أو بحكم الحاكم وإذا رجع يالرضا أو القضاء كان ذلك فسخا لعقد الهبة من الأصل وغعادة لملكه القديم لا هبة للواهب، فلهذا لا يشترط فيه قبض الواهب ولو كان هبة جديدة لاشترط فيه القبض.
المالكية - قالوا: ليس للواهب حق في الرجوع أن الهبة عقد لازم لكن بعضهم يقول: إنها تتم وتلزم بمجرد العقد فلا يشترط في إتمامها القبض وهذا المشهور، وبعضهم يقول: إنها لا تتم إلا بالقبض فالقبض شرط في تمامها فإن عدم لم تلزم وكان للواهب حق الرجوع، إلا الأب والأم فإن لهما حق الرجوع على التفصيل الآتي بعد.
على أنهم أمورا بها الهبة منها أن يتأخر قبضها لثبوت دين على الواهب يستغرق كل ماله سواء كان ذلك الدين سابقا على عقد الهبة أو طرأ بعده، إلا أن بطلانها في الحالة الأولى نتفق عليه أما بطلانها في الحالة الثانية فهو على المشهور.
ومنها:
أن يهب لشخص آخر قبل الأول بشرط أن يقبضها الموهوب له الثاني قبل الأول لأنه يرجع على الأول بوضع يده على الموهوب ولا يلزم بدفع تعويض للموهوب له الأول لم يتهاون الأول في طلبها على المشهور.
ومن ذلك هبة الدين فإذا كان لشخص عند آخر دين ثم وهبه من عليه الدين ولم يعمل الأشياء التي تقوم مقام القبض من استلام الدين إن كان.
أما إذا عمل الأول الأشياء تقوم مقام القبض فإن الدين ولا يبرأ الثاني.
ومنها
: أن يعد شخص هدية لآخر، ثم بها هو أو رسوله ثم يموت الواهب تبطل في هذه الحالة لأنه لم يقبضها قبل المانع من القبض وهو موت الواهب، وكذلك إذا مات الموهوب له فإنها تبطل لعدم القبول إن لم يسهد بأن الهبة لفلان، فإذا أشهد لا تبطل بموت أحدهما لأن الوارث يقوم مقام المرسل إليه في القبول.
ولا تبطل الهبة ببيع الواهب إياها فإذا وهب له عينا ولم يعلم له بالهبة ولم يقصر في طلبها ثم باعها فإن الموهوب له بخير في إجازة البيع وأخذ الثمن أو في فسخه وأخذ الهبة.
أما إذا باع الهبة بعد علم الموهوب له بها وتفريطه في وضع يده عليها فإن البيع ينفذ والثمن مختلف في أمره هل يأخذه الواهب الموهوب والراجح أن الثمن للموهوب له.
ومنها: أن يتأخر قبض الهبة حتى يمرض مرضا يموت به فإن الهبة في هذه الحالة تبطل حتى ولو قبضها حال مرضه لأن الشرط أن يقبضها حال فتبقى الهبة موقوفة حال المرض حتى يتبين الحال فإن بطلت الهبة ولا تؤخذ منى الثلث ولا من غيره لأن المفروض أنه وهبها حال الصحة لا في حال المرض تنفذ من الثلث كالوصية أما إذا برء فإنها لا تبطل.
ومثل ذلك ما إذا جن الواهب فإنه وهب حال الصحة ثم تأخر الهبة توقف حتى يتبين حاله من الإفاقة أو الموت مجنونا.
ومنها: ومنها: أن يهب الوديعة أو العارية لمن هي بيده وفي ذلك ثلاث صور:
الصورة الأولى:
أن يعلم الموهوب له ويقبل الهبة في حياة الواهب، فإذا مات الواهب بعد ذلك تمت الهبة اتفاقا.
الصورة الثانية:
أن يعلم الموهوب له بالهبة وفي هذه الصورة تبطل الهبة باتفاق لعدم تحقق القبول والصحيح القبول لا بد منه.
وإذا قبض الموهوب له الهبة قبل أن يجزم بالقبول بل أخذها ها يقبل أو لا، ثم مات الواهب قبل ذلك وقبل الموهوب له الهبة بعد موته فإنه يصح.
ومثل ذلك ما إذا قبل الهبة في حال حياته ثم طلب الهبة وألح في طلبها ولكن الواهب يسوقه حتى مرض ومات الواهب فإن الهبة لا تبطل بذلك.
ومثل ذلك ما إذا باع الموهوب له الهبة أو وهبها قبل قبضها من الواهب ثم مات الواهب فإنها لا تبطل لأن تصرفه فيها بمنزلة قبضها وإن لم يقبضها المشتري أو الموهوب له الثاني، وكذلك إذا وهبه عينا ولم يعلم الموهوب له بها حتى مات الموهوب له فإنها لا تبطل ويأخذها وارثه.
ومنها: ان يرجع الأب في هبته فإذا هبته بطلت فإذا رجع بطلت وعادت له وذلك للأب وحده دون غيره من الأقارب والأرحام إلا الأم على التفصيل الآتي:
أما الأب فله حق الرجوع في هبته لودله الحر سواء كان ذكرا أو أنثى صغيرا أو كبيرا غنيا أفقيرا بعد أن يقبضها الولد ويضع عليها يده وصيغة الرجوع أن يقول الأب: رجعت فيما وهبت أو أخذته منه أو اعتصرته (أي أخذته قهرا عنه) وبعضهم يقول: لا بد من أن يقول اعتصرته، والأول أظهر لأن العامة لا تعرف لفظ اعتصرته.
والحديث الوارد في هذا الموضوع لا يشترط هذا اللفظ ولفظ الحديث (لا يحل لأحد أن يهب هبة ثم يعود فيها إلا الوالد) وبكن يشترط لصحة رجوع الأب في هبته شرطان:
الشرط الأول: أن يريد بالهبة الصلة والعطف والحنان على الولد لكونه محتاجا أو خمىلا بين الماس أو نحو ذلك فغن أراد ذلك فإن الرجوع.
الشرط الثاني: أن يريد بالهبة مجرد ثواب الآخرة لاذات الولد فإن أراد ذلك كان صدقة بلفظ الهبة فلا يصح له الرجوع. نعم إذا أراد العطف أو الصدقة ولكنه شرط الرجوع في هبته أو صدقته متى شاء فإن له ذلك ويعمل شرطه.
ومنها:
ان ترجع الأم في هبتها وللأم حق الرجوع بالشرطين المذكورين في الأب مع زيادة شرط ثالث:
وهو أن لها حق الرجوع بشرط أن يكون ولدها كبيرا أو صغيرا له أب.
أما إذا كان الولد يتيما ووهبت له فليس لها حق الرجوع. ولها حق الرجوع مع وجود الأب سواء كان الأب والابن موسرين أو معسرين حتى ولو كان الأب مجنونا.
وإذا وهبت لابنها في حياة أبيه ثم مات أبوه بعد ذلك فإن لها حق الرجوع على المختار.
ويمنع رجوع الأب والأم أمور:
احدهما: أن يتصرف الموهوب له في الهبة ببيع أو رهن أو هبة أو يعمل ما يغير صفة الهبة كأن صوغ النقود حليا ونحو ذلك.
ثانيها: أن يطرأ على ذات الهبة زيادة القيمة كتعليم صنعة أو كبر وسمن هزيل.
ومثل ذلك النقص كهزال سمين، فذلك التغير يمنع الرجوع.
ثالثها: أن تكون الهبة سببا في الثقة بالولد فيعطيه دينا أو يزوجه بنته أو يزوج الموهوب لها لابنه إن كانت أنثى في هذه الحالة لا يجوز للأب أن يرجع في هبته.
أما إذا وهب له وهو متزوج أو عليه دين فإن له الرجوع لأن الهبة لم تكن في تغرير أحد.
ومنها:
أن يمرض الولد فإنه لا يصح للأب الرجزع عليه حال المرض لأنه إذا مات كانت الهبة حقا لورثته برئ كان لوالده حق الرجوع.
الشافعية - قالوا: كتى تمت الهبة بالقبض بإذن الواهب أو تسليمه للشيء الموهوب فإن الهبة تلزم ولا يصح الرجوع فيها إلا الأب وإن علا فيصح للأب أن يرجع في هبته ومثله الجد وإن علا وكذلك الأم والجدة وهكذا.
فللوالد أن يرجع في هبته على ولده سواء كان الولد ذكرا أو أنثى صغيرا أو كبيرا.
ويشترط للرجوع شروط:
أحدهما: أن يكون الولج حرا فإذا كان رقيقا فلا يصح الرجوع. لأن الهبة للرقيق هبة لسيده وهو أجنبي لا رجوع عليه.
ثانيهما: أن يكون الموهوب شيئا عينا فإن كان دينا للولد فوهبه الوالد له فإنه لا يصح له الرجوع فيه.
ثالثهما: أن يكون الموهوب في سلطة الولد بحيث يتصؤف فيه فلا رجوع إذا انقطعت سلطة الوالد على الموهوب كما إذا وهب العين الموهوبة له بغيره وقبضها الغير فإنه في هذه الحالة تنقطع سلكته وملكه فليس لوالده الرجوع. ومثل ذلك ما إذا رهن العين النوهوبة وقبضها المرتهن فإنه في هذه الحالة لا حق للوالد في الرجوع. وذلك لأن الولد لا سلطة له عبى العين حينئذ وإن كان ملكه باقيا.
أما إذا اغتصب العين الموهونة من الولد فإن سلطته تبقى عليها للولد الرجوع.
رابعها: أن لا يحج على الولد لسفه فإن حجر عليه امتنع الرجوع.
خامسها: أن لا تكون العين اللمرهومة مستهلكة كبيض الدجاج والبذر إذا نبت في الأرض. ولا يمنع الرجوع زراعة الأرض وإجارتها لأن العين ياقية وإذا رجع الوالد لا تفسخ الإجارة بل تبقى على حالها ولا ينتفع بها مدة الإجارة.
سادسها: أن لا يبيع الولد الموهوبة فإن باعها امتنع الرجوع.
ومثل ذلك الوقف ونحوه من كل ما يزيل السلطة فإذا عاد ملكه بعد بيعه لم يعد الرجوع.
ولا يمنع الرجوع الزيادة المتصلة بالعين من سمن ونحوها فللوالد أنة يأخذها مع تلك الزيادة.
أما إذا زادت منفصلة كأن ولدت الدابة الموهوبة أو أثمر البستان فإن زسادة المنفصلة تكون للولد لأنها حدثت وهي في ملكه فللأب الرجوع في الأصل.
وإذا أسقط حق الرجوع فإنه لا يسقط ويحصل الرجوع بقوله: رجعت فيما وهبت أو استرجعته أو رددته إلى ملكي الهبة أو أبطلتها أو فسختها ونحو ذلك، ولا يحصل الرجوع ببيع الواهب العين التي وهبها ولا بوقفها ولا بهبتها ولا بإعتاقها. ويكره الرجوع من غير سبب أما إذا كان لسببب كرجر الولد الإنفاق في الشهوات الفاسدة والمعاصي فإنه لا يكره، بل إذا كان الرجوع في الهبة وتجريد الولد من المال هو الطريق الوحيد منعه عن المعاصي فإنه يجب على الوالد أن يفعل.
أما إذا كان الودل عاقا وكان الرجوع يزيد في عقوقه فإنه يكره.
الحنابلة - قالوا: للواهب الرجوع في هبته قبل القبض لأن عقد الهبة لا يتم إلا بالقبض.
وإذا باع الواهب الموهوب أو هبته قبل القبض لأن عقد الهبة لا يتم إلا بالقبض.
وإذا باع الواهب الموهوب أو وهبه قبل بطلت الهبة لأن ذلك يعتبر رجوعا.
أما بعد القبض فإن الهبة تتم للموهوب له، فلا حق للواهب في الرجوع إلا إذا كان أبا فقط، فإذا فضل الأب أبنائه بهبته فإن له الرجوع فيها، ويجب الرجوع إذا وهب له من غير إذن الباقي؛ لأن التسوية بين الأبناء بحسب حقوقهم الشرعية زاجبة على الأب والأم وغيرهما من الأقارب.
وعلى أن الرجوع خاص بالأب المباشر فقط سواء أراد التسوية بين أولاده؛ فليس للأم ولا للجد ولا لغيرهما من الأقربين الرجوع في الهبة بعد تمامها بالقبض.
الأول: أن تكون عينا لا دينا ولا منفعة؛ فإذا كان للأب على ابنه فوهبه له حق له في الرجوع في هبته؛ لأن هبة الدين إسقاط لا تمليك حتى يملك إليه.
وكذلك ليس له الرجوع في إباحة منفعة بعد استيفائها فإذا أباح الأب لابنه سكنى دار سنة مثلا، وسكن الوالد بالفعل كا هذه المدة فليس لوالده أن يرجع في ملك المدة التي سكنها وله الرجوع من الآن.
الثاني: أن تكون باقية في ملك الولد. فإن خرجت عن ملكه بأن باعها الوالد أو وهبها لغيره، أو وقفها ولو على نفسه ثم على غيره من بعده، أو دفعها صداقا لامرأة، أو عوضا في صلح أو نحو ذلك بطل حق رجوع الأب فيها. وإن عادت إلى الولد بسبب جديد كأن اشتراها ثانيا أو ورثها أو غير ذلك لم يعد حق الرجوع على الابن.
أما إذا عادت بسبب فسخ البيع بعيب فيها أو لفلس المشتري فلم يقدر على دفع الثمن ونحو ذلك فإن للأب حق الرجوع.
ومثل ذلك ما إذا تلفت العين فلا حق للأب في الرجوع في قيمتها.
الثالث: أن لا تخرج العين عن سلطة كما غذا وهبها وقبضها المرتهن فليس للأب حق الرجوع بعد ذلك.
ومثله ما إذا حجر على الابن لفلس، فإذا فك الرهن ورف الحجر عاد حق الرجوع.
أما إذا لم تزل سلطة الابن وتصرفه في العين، فإن للأب الرجوع كالرهن والهبة قبل القبض والإجارة والمزارعة وجعلها مضاربة.
وإذا رجع الأب في حال تعاقد على الهبة فإن كان العقد من العقود الازمة لا يملك الأب فسخه كالإجارة، وإن كان من العقود التي لا تلزم كالمضاربة والمزارعة والمشتركة فإن له فسخه.
الرابع: أن لا تزيد العين الموهوبة عند الولد زيادة متصلة ترفع قيمتها كالسمن والكبر والحمل. ومن ذلك ما إذا وهب له حيوانا مريضا فبرئ عنده.
أما الزيادة المنفصلة كولد وثمر الشجرة ونحوهما فلا تمنع الرجوع على العين وتكون الزيادة ملكا للولد، أما تلف بعض العين أو نقص قيمتها فإنه لا يمنع الرجوع.
وصفة الرجوع من الأب فيما وهبه لابنه أن يقول:
رجعت في الهبة له أو ارتجعتها أو رددتها أو عدت فيها أو أعدتها إلى ملكي وغير ذلك من الألفاظ الدالة على الرجوع.
والأكمل أن بقول: رجعت فيما لك من كذا، ولا يحتاج الرجوع إلى حكم حاكم ولا إلى علم الولد.

وإذا أسقط الأب حقه من الرجوع فإنه لا يسقط. وبعضهم يقول: إنه يسقط) .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.63%)]