عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-09-2021, 04:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,707
الدولة : Egypt
افتراضي منهج الزمخشري في عرض الجذور في أساس البلاغة

منهج الزمخشري في عرض الجذور في أساس البلاغة
أ. د. أحمد عارف حجازي











يعد معجم أساس البلاغة لجار الله الزمخشري (ت 538هـ) من معاجم الألفاظ التي تمتاز بعرض المواد أو الجذور (Roots) حسب الترتيب الألفبائي؛ (أ - ب - ت - ث - ...). كما يمتاز - عكس صحاح العربية لإسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393هـ) - بتناول هذه الجذور وعرضها، حسب الحرف الأول في كل جذر. حيث كان الزمخشري أول من رتب الكلمات حسب الحرف الأول «وأخضع له الكلمات مبتدئا بحروفها الأولى، فالثانية، فالثالثة، فالرابعة، فالخامسة. وكان هذا أيسر ترتيب ابتكرته العربية، ولذلك التزمته المعاجم الحديثة»[1].









ويتفق هذا المعجم معه القاموس المحيط لمجد الدين الفيروزآبادي (ت 817هـ)؛ في صغر الحجم والتركيز والإيجاز في عرض الدلالة التي يتعلق بها الجذر، وما يشتق منه.









ومن أوجه التلاقي بين هذين المعجمين أيضاً؛ وهما أساس البلاغة، والقاموس المحيط؛ أن كلا مؤلفيهما من مفسري القرآن الكريم. فالزمخشري له تفسير (الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل)، والفيروزابادي له تفسير (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز).









وبذلك يكونان قد جمعا بين اللغة والتفسير.




أما ما انتبه إليه الزمخشري، دون غيره من المعجميين، فهو أنه كان أول من فرّق بين الدلالة الحقيقية والدلالة المجازية لكثير من الألفاظ التي عرضها في معجمه، أو بتعبيره هو (المعنى الحقيقي والمعنى المجازي)[2].









وفي سبيل تأدية هاتين الدلالتين حشد الزمخشري؛ في كثير من جذوره التي عرضها؛ سياقات معروفة مشهورة في اللغة؛ وردت فيها الكلمة، وذلك من خلال آيات القرآن الكريم، والحدث، والشعر العربي، والأمثال العربية، وبعض الأقوال المشهورة.









ونختار الجذرين التاليين دليلاً على هذا الاستشهاد وتأصيل الكلمات عنده.




أولاً: رسو:




جبل راسٍ، وجبال راسيات ورواسٍ، وأرساها الله تعالى. ورسا وترسى: ثبت، ورست السفينة: انتهت إلى قرار فبقيت لا تسير. وأرسوها بالمرساة، وهي الأبخر، ورست قدماه في الحرب؛ و(قدور راسيات)[3]؛ لا يستطاع تحويلها لثقلها، فهي في مكانها.









ومن المجاز:




ما أرسى ثبير: ما أقام، وأصله من إرساء السفينة. وألقوا مراسيهم إذا أقاموا، وألقت السحابة مراسيها. قال زهير:




وأين الذين يحضرون جفانه ♦♦♦ إذا قدمت ألقوا لهن المراسيا[4]










وقال آخر:




إذا قلت أكدى الودق ألقى المراسيا[5]










ورسا الفحل بالشول إذا تفرقت، فصاح بها فاستقرت»[6].









ثانياً: عطن:




«ضرب القوم بعطن، إذا أناخوا حول الماء بعد السقى، وفي الحديث: «حتى روى الناس وضربوا بعطن»[7]. والعطن والمعطن المناخ حول الورد، فأما في مكان آخر فمراح ومأوى. وقد عطنت الإبل عطوناً، وإبل عواطن وأعطنّاها. قال لبيد:




عافتا الماء فلم نعطنهما ♦♦♦ إنما يعطن من يرجو العلل[8].




وتقول: الإبل تحن إلى أعطانها، والرجال إلى أوطانها.









ومن المستعار:




فلان واسع العطن، إذا كان رحب الذراع. ويقال للمنتن البشرة: ما هو إلا عطين، وهو الإهاب الذي يعطن، أي ينضح عليه الماء ويطوي شعره. وقد عطن وعطنته»[9].









من عرض الزمخشري السابق لهذين الجذرين (رسو - عطن).









نرى أنه يذكر الدلالة الحقيقية أو الأصلية لها أولاً، التي هي أصل وضعها وهي في الجذر (رسو) ثبت، وفي الجذر (عطن) أناخ الإبل. ثم يذكر بعض مشتقاتهما، من خلال القرآن الكريم، والحديث الشريف، والشعر العربي. ثم ينتقل إلى الدلالة المجازية، أو - كما سماها - الاستعارية، فيذكر أن (رسا) يوصف بها الجبل؛ وهو تعبير أو اصطلاح Midiom منقول من رسو السفينة؛ كما يطلق على صياح الفحل بالنوق. ويربط في كل هذا بين الدلالتين. وكذلك فعل في عرضه للجذر (عطن).









ورغم ذلك الشرح الدلالي لكثير من الجذور في هذا المعجم، إلا أنه لم يفعل ذلك في كل الجذور التي عرضها، بل أحياناً كان يقتصر على الدلالة الحقيقية فقط، دون ذكر الدلالة المجازية. ومن ذلك نختار المادتين التاليتين:




بتت:




«بتّ عليه القضاء، وبتّ النية جزمها، وساق دابته حتى بتها، وبته السفر، وسكران ما يبُت ويبِت، وهذه صدقة بتة بتلة. وخذ بتاتك أي زادك. وأنا عل بتات الأمر إذا أشرف عليه، قال: أبو محمد الفقعسي:




وحاجة كنت على بتاتها[10]










وسار حتى أنبتَ أي انقطع، وانبت الرجل انقطع ماؤه من الكبر.









قال:




لقد وجدت رثية من الكبر




عن القيام وانبتاتا بالسحر[11] [12].









ذكر الزمخشري في ذلك الجذر الدلالة الحقيقية له، وهي القطع والجزم والإجهاد، من خلال ما ذكره بين سياقات، ولم يتناول الدلالة المجازية، وهي موجودة، يمكن أن نستخرجها من (لسان العرب) لابن منظور، ومنها:




أبتّ امرأته: طلقها طلاقاً بائناً.




أبتَ اليمين: أمضاها.




بتتْ: وجبت.




الباتّ: المهزول.




البتّ: الكساء الغليظ[13].






يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.71 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.00%)]