عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-09-2021, 04:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي هذا القول الطيب.. فهل حققه العمل الصالح؟

هذا القول الطيب.. فهل حققه العمل الصالح؟


مجلة الهدي النبوي





إذا كنتَ ذا رأيٍ فكن ذا عزيمةٍ فإن فسادَ الرأي أن تتردَّدا
يسرنا كل السرور أن مجلة الرسالة الغراء قد فتحت هذه الأيام باباً واسعاً للبحث في الإصلاح الديني يتصدره الأستاذان الشيخ محمود شلتوت، وتلميذه الشيخ محمد المدني، ويفيضان على صحائف الرسالة من بليغ القول وصادق العزيمة، وسديد الخطى ما يستحثان به دعاة الإصلاح إلى العمل للإصلاح، فقد طالما قالوا وكثيراً ما تكلموا. وقد مضت الأيام والسنون والحال هو الحال، بل ربما تأخر عن غاية الإصلاح خطوات.

والشيخان شلتوت والمدني وغيرهما من الذين يقض مضجعهم وينغص عيشهم ما بلغت إليه حال المسلمين اليوم من التقهقر والانحلال؛ ويسهر ليلهم ويشغل نهارهم التفكير في الطريق الأقوم الذي يأخذ بالمسلمين إلى بر السلامة وشاطي النجاة: أولئك جميعاً مطمح أنظارهم الأزهر، فإنه المورد الذي إذا صلح صلحت كل الجداول والأنهار التي تجري في مختلف شئون الأمة، وهم ينظرون إلى الأزهر ويعلقون به آمالاً كباراً جداً في الإصلاح الديني، وعلى رأس الأزهر الأستاذ الأكبر فضيلة الشيخ المراغي الذي وضع مذكرته المشهورة في سنة 1928 عند توليه مشيخة الأزهر في المرة الأولى. وقد تقدم بمذكرته هذه يرسم للأمة والحكومة طريقته التي سيسلكها في إصلاح الأزهر، ويطالب الأمة والحكومة أن يقدما له من المعونة المادية والأدبية ما يساعد على تحقيق أمنية الإصلاح.

وقد نشرت الرسالة قطعة من هذه المذكرة قدم لها الأستاذ الزيات بكلمة يقول فيها "الأستاذ المراغي قد وضع هذه المذكرة لتكون برنامجه في سياسة الأزهر ثم أقرتها الحكومة وارتضتها الأمة، فلم يبق عليه إلا أن ينفذ ما وضع، ويطبق ما شرع. ولكن أزهر المراغي لا يزال كأزهر الظواهري، يغير في الشكل ولا يغير في الموضوع. فهل يستطيع كاتب من الكتاب أن يبين الحوائل ويشرح الأسباب؟".

ونحن كذلك نقول: هل خطا الأزهر ولو خطوة واحدة في تحقيق ما سجله فضيلة الشيخ الأكبر المراغي في هذه المذكرة؟ ومتى يبدأ السير إلى العمل على هذا التحقيق؟ ثم نسجل على صفحات "الهدي النبوي" تلك القطعة القيمة من مذكرة الشيخ الأكبر المراغي، فلعل إعادة النشر تعيد إلى العمل الصالح النشاط الذي يبعث في الإصلاح روح الحياة بصدق وإخلاص، والله لا يضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى.

يقول الشيخ الأكبر سدد الله خطاه في سبيل الإصلاح:
أوجب الدين الإسلامي على أهله أن تختص طائفة منهم بحمله وتبليغه إلى الناس ﴿ فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 122].

وأوجب على نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس إلى السبيل الموصلة إليه ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125].

وقواعد العلماء كلها متفقة على وجوب السعي إلى نشر الدين وإقناع العباد بصحته، وعلى وجوب حمايته من نزعات الإلحاد وشُبه المضلين.

وفي الكتاب الكريم آيات كثيرة تحث على النظر في الكون وعلى فهم ما فيه من جمال ودقة صنع. وقد لفت النظر إلى ما في العالم الشمسي من جمال باهر وصنع محكم ولفت النظر إلى ما في الحيوانات من غرائز تدفعها إلى الصنع الدقيق والأعمال التي لها غايات محدودة؛ وأشار إلى سير الأولين، وحث على العلم وفاضل بين العلماء والجهال وأعمال السلف الصالح وسير العلماء لا تدع شبهة في أن الدين الإسلامي يطلب من أهله السعي إلى معرفة كل شيء في الحياة. وقد تولى سلف علماء الأمة القيام بهذه المهمة على أحسن وجه وكمله، فخلفوا تلك الثروة العظيمة من المؤلفات في جميع فروع العلم، ودرسوا أصول المذاهب في العالم، ودرسوا الديانات، ودرسوا الفلسفة على ما كان معروفاً في زمنهم، وكتبوا المقالات في الرد على جميع الفرق، وكانت للعقل عندهم حرمته وله حريته التامة في البحث، وكان الاجتهاد غاية يسعى إليها كل مشتغل بالعلم متفرغ له.

ولكن العلماء في القرون الأخيرة استكانوا إلى الراحة وظنوا أنه لا مطمع لهم في الاجتهاد، فأقفلوا أبوابه، ورضوا بالتقليد، وعكفوا على كتب لا يوجد فيها روح العلم، وابتعدوا عن الناس، فجهلوا الحياة وجهلهم الناس، وجهلوا طرق التفكير الحديثة وطرق البحث الحديث، وجهلوا ما جد في الحياة من علم وما جد فيها من مذاهب وآراء، فأعرض الناس عنهم ونقموا هم على الناس، فلم يؤدوا الواجب الديني الذي خصصوا أنفسهم له، وأصبح الإسلام بلا حملة وبلا دعاة بالمعنى الذي يتطلبه الدين!

في الدين الإسلامي عبادات وعقائد وأخلاق، وفقه في نظام الأسرة، وفقه في المعاملات مثل البيع والرهن، وفقه في الجنايات. وقد عرض الدين الإسلامي لغير من الديان، وعرض لعقائد لم تكن لأهل الأديان؛ وأشار إلى بعض الأمور الكونية في النظام الشمسي والمواليد الثلاثة من جماد ونبات وحيوان.

وقد هوجم الإسلام أكثر من غيره من الديانات السابقة؛ هوجم من أتباع الأديان السابقة، وهوجهم من ناحية العلم، وهوجم من أهل القانون.

لذا كانت مهمة العلماء شاقة جداً تتطلب معلومات كثيرة، تتطلب معرفة المذاهب قديمها وحديثها، ومعرفة ما في الأديان السابقة، ومعرفة ما يجد في الحياة من معارف وآراء، ومعرفة طرق البحث النظري وطرق الإقناع؛ وتتطلب فهم الإسلام نفسه من ينابيعه الأولى فهماً صحيحاً، وتتطلب معرفة اللغة وفقهها وآدابها وتتطلب معرفة التاريخ العام، وتاريخ الأديان والمذاهب، وتاريخ التشريع وأطواره وتتطلب العلم بقواعد الاجتماع.

والأمة المصرية أمة دينها الإسلام، فيجب عليها وهي تجاهر بذلك أن ترقى في تعليمه، ليرقى حملته ويكونوا حفاً ومرشدين يدعون الناس إليه.




يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.72 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.09%)]