عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 21-08-2021, 11:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,973
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
الحلقة (35)

سورة النساء (8)




وفي رواية لمسلم : حين تزول ، وفي " الصحيحين " عن جابر رضي الله عنه : كان [ ص: 281 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة ، وفي " الصحيحين " من حديث أنس رضي الله عنه أنه خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر ، وفي حديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أمني جبريل عند باب البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس " الحديث ، أخرجه الإمامان الشافعي وأحمد ، وأبو داود وابن خزيمة والدارقطني والحاكم في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح .

وقال الترمذي : حديث حسن ، فإن قيل في إسناده عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة ، وعبد الرحمن بن أبي الزناد ، وحكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف وكلهم مختلف فيهم ، فالجواب : أنهم توبعوا فيه فقد أخرجه عبد الرزاق عن العمري عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن ابن عباس نحوه .

قال ابن دقيق العيد : هي متابعة حسنة ، وصححه ابن العربي ، وابن عبد البر ، مع أن بعض رواياته ليس في إسنادها عبد الرحمن بن أبي الزناد بل سفيان ، عن عبد الرحمن بن الحارث المذكور ، عن حكيم بن حكيم المذكور ، فتسلم هذه الرواية من التضعيف بعبد الرحمن بن أبي الزناد ، ومن هذه الطريق أخرجه ابن عبد البر ، وقال : إن الكلام في إسناده لا وجه له ، وكذلك أخرجه من هذا الوجه أبو داود ، وابن خزيمة ، والبيهقي ، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " جاءه جبريل ، عليه السلام ، فقال له : " قم فصله " ، فصلى الظهر حين زالت الشمس " الحديث ، أخرجه الإمام أحمد ، والنسائي ، والترمذي ، وابن حبان ، والحاكم .

وقال الترمذي : قال محمد : يعني البخاري ، حديث جابر ، أصح شيء في المواقيت .

قال عبد الحق : يعني في إمامة جبريل ، وهو ظاهر ، وعن بريدة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " سأله رجل عن وقت الصلاة ، فقال : " صل معنا هذين اليومين " ، فلما زالت الشمس أمر بلالا رضي الله عنه فأذن ثم أمره فأقام الظهر " . الحديث أخرجه مسلم في " صحيحه " ، وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة ، إلى أن قال : ثم أمره ، فأقام بالظهر حين زالت الشمس ، والقائل يقول : قد انتصف النهار ، وهو كان أعلم منهم " الحديث ، رواه مسلم أيضا ، والأحاديث في الباب كثيرة جدا .

وأما الإجماع ، فقد أجمع جميع المسلمين على أن أول وقت صلاة الظهر هو زوال [ ص: 282 ] الشمس عن كبد السماء ، كما هو ضروري من دين الإسلام .
وأما آخر وقت صلاة الظهر ، فالظاهر من أدلة السنة فيه ، أنه عندما يصير ظل كل شيء مثله من غير اعتبار ظل الزوال ، فإن في الأحاديث المشار إليها آنفا ، أنه في اليوم الأول صلى العصر عندما صار ظل كل شيء مثله في إمامة جبريل ، وذلك عند انتهاء وقت الظهر ، وأصرح شيء في ذلك ما أخرجه مسلم في " صحيحه " عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وقت صلاة الظهر ما لم يحضر العصر " ، وهذا الحديث الصحيح يدل على أنه إذا جاء وقت العصر ، فقد ذهب وقت الظهر ، والرواية المشهورة عن مالك رحمه الله تعالى أن هذا الذي ذكرنا تحديده بالأدلة ، هو وقت الظهر الاختياري ، وأن وقتها الضروري يمتد بالاشتراك مع العصر إلى غروب الشمس .

وروي نحوه عن عطاء ، وطاوس ، والظاهر أن حجة أهل هذا القول الأدلة الدالة على اشتراك الظهر والعصر في الوقت ، فمن حديث ابن عباس المشار إليه سابقا " فصلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر في الأول " ، وعن ابن عباس أيضا قال : " جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة من غير خوف ، ولا سفر " متفق عليه ، وفي رواية لمسلم : " من غير خوف ، ولا مطر " فاستدلوا بهذا على الاشتراك ، وقالوا أيضا : الصلوات زيد فيها على بيان جبريل في اليوم الثاني ، فينبغي أن يزاد في وقت الظهر .

قال مقيده - عفا الله عنه - : الظاهر سقوط هذا الاستدلال ، أما الاستدلال على الاشتراك بحديث ابن عباس " فصلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول " فيجاب عنه بما أجاب به الشافعي رحمه الله وهو أن معنى صلاته للظهر في اليوم الثاني فراغه منها ، كما هو ظاهر اللفظ ، ومعنى صلاته للعصر في ذلك الوقت ، في اليوم الأول ابتداء الصلاة ، فيكون قد فرغ من صلاة الظهر في اليوم الثاني عند كون ظل الشخص مثله ، وابتدأ صلاة العصر في اليوم الأول عند كون ظل الشخص مثله أيضا ، فلا يلزم الاشتراك ، ولا إشكال في ذلك ; لأن آخر وقت الظهر ، هو أول وقت العصر ، ويدل لصحة هذا الذي قاله الشافعي ، ما رواه مسلم في " صحيحه " من حديث أبي موسى رضي الله عنه " وصلى الظهر قريبا من وقت العصر بالأمس " ، فهو دليل صحيح واضح في أنه ابتدأ صلاة الظهر في اليوم الثاني قريبا من وقت كون ظل الشخص مثله ، وأتمها عند كون ظله مثله كما هو ظاهر ، ونظير هذا التأويل الذي ذهب إليه الشافعي ، قوله تعالى : فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن [ 65 \ 2 ] ، وقوله تعالى : [ ص: 283 ] فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن [ 2 \ 232 ] ، فالمراد بالبلوغ الأول مقاربته ، وبالثاني حقيقة انقضاء الأجل .

وأما الاستدلال على الاشتراك بحديث ابن عباس ، المتفق عليه أنه - صلى الله عليه وسلم - " جمع بالمدينة من غير خوف ، ولا سفر " ، فيجاب عنه بأنه يتعين حمله على الجمع الصوري جمعا بين الأدلة ، وهو أنه صلى الظهر في آخر وقتها حين لم يبق من وقتها إلا قدر ما تصلى فيه ، وعند الفراغ منها دخل وقت العصر فصلاها في أوله ، ومن صلى الظهر في آخر وقتها ، والعصر في أول وقتها كانت صورة صلاته صورة الجمع ، وليس ثم جمع في الحقيقة ; لأنه أدى كلا من الصلاتين في وقتها المعين لها ، كما هو ظاهر ، وستأتي له زيادة إيضاح إن شاء الله .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.17 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.43%)]