عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21-08-2021, 11:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,047
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
الحلقة (21)

سُورَةُ الْبَقَرَةِ (20)

[ مبحث في الربا ]

قوله تعالى : يمحق الله الربا ، صرح في هذه الآية الكريمة بأنه يمحق الربا أي : يذهبه بالكلية من يد صاحبه أو يحرمه بركة ماله فلا ينتفع به كما قاله ابن كثير وغيره ، وما ذكر هنا من محق الربا ، أشار إليه في مواضع أخر كقوله : وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله [ 30 \ 39 ] ، وقوله : قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث الآية [ 5 \ 100 ] ، وقوله : ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم ، كما أشار إلى ذلك ابن كثير في تفسير هذه الآية .

واعلم أن الله صرح بتحريم الربا بقوله : وحرم الربا [ 2 \ 235 ] ، وصرح بأن المتعامل بالربا محارب الله بقوله : ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون [ 2 \ 278 ، 279 ] .

وصرح بأن آكل الربا لا يقوم أي : من قبره يوم القيامة إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس بقوله : الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا [ 2 \ 275 ] [ ص: 161 ] والأحاديث في ذلك كثيرة جدا .

واعلم أن الربا منه ما أجمع المسلمون على منعه ولم يخالف فيه أحد وذلك كربا الجاهلية ، وهو أن يزيده في الأجل على أن يزيده الآخر في قدر الدين ، وربا النساء بين الذهب والذهب ، والفضة والفضة ، وبين الذهب والفضة ، وبين البر والبر ، وبين الشعير والشعير ، وبين التمر والتمر ، وبين الملح والملح ، وكذلك بين هذه الأربعة بعضها مع بعض .

وكذلك حكى غير واحد الإجماع على تحريم ربا الفضل ، بين كل واحد من الستة المذكورة فلا يجوز الفضل بين الذهب والذهب ، ولا بين الفضة والفضة ، ولا بين البر والبر ، ولا بين الشعير والشعير ، ولا بين التمر والتمر ، ولا بين الملح والملح ، ولو يدا بيد .

والحق الذي لا شك فيه منع ربا الفضل في النوع الواحد من الأصناف الستة المذكورة ، فإن قيل : ثبت في " الصحيح " عن ابن عباس ، عن أسامة بن زيد ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا ربا إلا في النسيئة " وثبت في " الصحيح " عن أبي المنهال أنه قال : سألت البراء بن عازب ، وزيد بن أرقم عن الصرف فقالا : كنا تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصرف ، فقال : " ما كان منه يدا بيد فلا بأس ، وما كان منه نسيئة فلا " ، فالجواب من أوجه : الأول : أن مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بجواز الفضل ومنع النسيئة فيما رواه عنه أسامة ، والبراء ، وزيد ، إنما هو في جنسين مختلفين ، بدليل الروايات الصحيحة المصرحة بأن ذلك هو محل جواز التفاضل ، وأنه في الجنس الواحد ممنوع .

واختار هذا الوجه البيهقي في " السنن الكبرى " ، فإنه قال بعد أن ساق الحديث الذي ذكرنا آنفا عن البراء بن عازب ، وزيد بن أرقم ، ما نصه : رواه البخاري في الصحيح عن أبي عاصم ، دون ذكر عامر بن مصعب ، وأخرجه من حديث حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، مع ذكر عامر بن مصعب ، وأخرجه مسلم بن الحجاج ، عن محمد بن حاتم بن ميمون ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي المنهال ، قال : باع شريك لي ورقا بنسيئة إلى الموسم أو إلى الحج ، فذكره وبمعناه رواه البخاري [ ص: 162 ] عن علي بن المديني ، عن سفيان ، وكذلك رواه أحمد بن روح عن سفيان ، وروي عن الحميدي عن سفيان عن عمرو بن دينار ، عن أبي المنهال ، قال : باع شريك لي بالكوفة دراهم بدراهم بينهما فضل .

عندي أن هذا خطأ ، والصحيح ما رواه علي بن المديني ، ومحمد بن حاتم ، وهو المراد بما أطلق في رواية ابن جريج ، فيكون الخبر واردا في بيع الجنسين ، أحدهما بالآخر ، فقال : " ما كان منه يدا بيد فلا بأس ، وما كان منه نسيئة فلا " ، وهو المراد بحديث أسامة ، والله أعلم .

والذي يدل على ذلك أيضا ما أخبرنا به أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد : أنا أبو سهل بن زياد القطان ، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البرتي ، حدثنا أبو عمر ، حدثنا شعبة ، أخبرني حبيب هو ابن أبي ثابت ، قال : سمعت أبا المنهال قال : سألت البراء وزيد بن أرقم عن الصرف فكلاهما يقول : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الورق بالذهب دينا ، رواه البخاري في " الصحيح " عن أبي عمر حفص بن عمر ، وأخرجه مسلم من وجه آخر عن شعبة اهـ من البيهقي بلفظه ، وهو واضح جدا فيما ذكرنا من أن المراد بجواز الفضل المذكور كونه في جنسين لا جنس واحد .

وفي تكملة " المجموع " بعد أن ساق الكلام الذي ذكرنا عن البيهقي ما نصه : ولا حجة لمتعلق فيهما ; لأنه يمكن حمل ذلك على أحد أمرين ، إما أن يكون المراد بيع دراهم بشيء ليس ربويا ، ويكون الفساد لأجل التأجيل بالموسم أو الحج ، فإنه غير محرر ولا سيما على ما كانت العرب تفعل .

والثاني : أن يحمل ذلك على اختلاف الجنس ويدل له رواية أخرى عن أبي المنهال ، قال : سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فكلاهما يقول : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الذهب بالورق دينا ، رواه البخاري ومسلم ، وهذا لفظ البخاري ومسلم بمعناه . وفي لفظ مسلم عن بيع الورق بالذهب دينا ، فهو يبين أن المراد صرف الجنس بجنس آخر .

وهذه الرواية ثابتة من حديث شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي المنهال ، والروايات الثلاث الأول رواية الحميدي ، واللتان في " الصحيح " وكلها أسانيدها في غاية الجودة .

[ ص: 163 ] ولكن حصل الاختلاف في سفيان فخالف الحميدي علي بن المديني ، ومحمد بن حاتم ، ومحمد بن منصور ، وكل من الحميدي وعلي بن المديني في غاية الثبت . ويترجح ابن المديني هنا بمتابعة محمد بن حاتم ، ومحمد بن منصور له ، وشهادة ابن جريج لروايته ، وشهادة رواية حبيب بن أبي ثابت لرواية شيخه ، ولأجل ذلك قال البيهقي رحمه الله : إن رواية من قال إنه باع دراهم بدراهم خطأ عنده . اهـ منه بلفظه .

وقال ابن حجر في " فتح الباري " ما نصه : وقال الطبري معنى حديث أسامة : " لا ربا إلا في النسيئة " إذا اختلفت أنواع البيع . اهـ محل الغرض منه بلفظه ، وهو موافق لما ذكر . وقال في " فتح الباري " أيضا ما نصه :
تنبيه

وقع في نسخة الصغاني هنا قال أبو عبد الله : يعني البخاري سمعت سليمان بن حرب يقول : لا ربا إلا في النسيئة ، هذا عندنا في الذهب بالورق ، والحنطة بالشعير ، متفاضلا ولا بأس به يدا بيد ، ولا خير فيه نسيئة . قلت : وهذا موافق . ا هـ منه بلفظه .

وعلى هامش النسخة أن بعد قوله : وهذا موافق بياضا بالأصل ، وبهذا الجواب الذي ذكرنا تعلم أن حديث البراء وزيد لا يحتاج بعد هذا الجواب إلى شيء ; لأنه قد ثبت في " الصحيح " عنهما تصريحهما باختلاف الجنس فارتفع الإشكال ، والروايات يفسر بعضها بعضا ، فإن قيل : هذا لا يكفي في الحكم على الرواية الثابتة في الصحيح بجواز التفاضل بين الدراهم والدراهم أنها خطأ ; إذ لقائل أن يقول لا منافاة بين الروايات المذكورة ، فإن منها ما أطلق فيه الصرف ومنها ما بين أنها دراهم بدراهم ، فيحمل المطلق على المقيد ، جمعا بين الروايتين ، فإن إحداهما بينت ما أبهمته الأخرى ، ويكون حديث حبيب بن أبي ثابت حديثا آخر واردا في الجنسين ، وتحريم النساء فيهما ، ولا تنافي في ذلك ولا تعارض .

فالجواب على تسليم هذا بأمرين : أحدهما : أن إباحة ربا الفضل منسوخة .

والثاني : أن أحاديث تحريم ربا الفضل أرجح ، وأولى بالاعتبار على تقدير عدم النسخ من أحاديث إباحته .

[ ص: 164 ] ومما يدل على النسخ ما ثبت في " الصحيح " عن أبي المنهال قال : باع شريك لي ورقا بنسيئة إلى الموسم أو إلى الحج ، فجاء إلي فأخبرني فقلت : هذا أمر لا يصح ، قال : قد بعته في السوق فلم ينكر ذلك علي أحد ، فأتيت البراء بن عازب فسألته فقال : قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ونحن نبيع هذا البيع ، فقال : " ما كان يدا بيد فلا بأس به ، وما كان نسيئة فهو ربا " ، وأتيت زيد بن أرقم فإنه أعظم تجارة مني ، فأتيته فسألته فقال مثل ذلك . هذا لفظ مسلم في " صحيحه " وفيه التصريح بأن إباحة ربا الفضل المذكورة في حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم كانت مقارنة لقدومه - صلى الله عليه وسلم - المدينة مهاجرا .

وفي بعض الروايات الصحيحة في تحريم ربا الفضل أنه - صلى الله عليه وسلم - صرح بتحريمه في يوم خيبر ، وفي بعض الروايات الصحيحة تحريم ربا الفضل بعد فتح خيبر أيضا ، فقد ثبت في " الصحيح " من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري - رضي الله عنه - قال : أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب ، وهي من المغانم تباع ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الذهب بالذهب وزنا بوزن " هذا لفظ مسلم في " صحيحه " ، وفي لفظ له في " صحيحه " أيضا عن فضالة بن عبيد قال : اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا فيها ذهب وخرز ففصلتها ، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا ، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " لا تباع حتى تفصل " ، وفي لفظ له في " صحيحه " أيضا عن فضالة - رضي الله عنه - قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر نبايع اليهود الوقية الذهب بالدينارين والثلاثة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تبيعوا الذهب بالذهب ، إلا وزنا بوزن " . وقد ثبت في " الصحيحين " من حديث أبي هريرة ، وأبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أخا بني عدي الأنصاري فاستعمله على خيبر ، فقدم بتمر جنيب ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكل تمر خيبر هكذا ؟ " قال : لا والله يا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إنا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تفعلوا ، ولكن مثلا بمثل ، أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا ، وكذلك الميزان " هذا لفظ مسلم في صحيحه ، وفي لفظ لهما عن أبي هريرة وأبي سعيد أيضا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلا على خيبر فجاء بتمر جنيب ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكل تمر خيبر هكذا ؟ " قال : لا والله يا رسول الله ، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين ، والصاعين بالثلاثة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فلا تفعل بع الجمع بالدراهم ، ثم ابتع بالدراهم جنيبا " والأحاديث بمثله كثيرة ، وهي نص صريح في [ ص: 165 ] تصريحه - صلى الله عليه وسلم - بتحريم ربا الفضل بعد فتح خيبر ، فقد اتضح لك من هذه الروايات الثابتة في " الصحيح " : أن إباحة ربا الفضل كانت زمن قدومه - صلى الله عليه وسلم - المدينة مهاجرا ، وأن الروايات المصرحة بالمنع صرحت به في يوم خيبر وبعده ، فتصريح النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحريم ربا الفضل بعد قدومه المدينة بنحو ست سنين وأكثر منها ، يدل دلالة لا لبس فيها على النسخ ، وعلى كل حال فالعبرة بالمتأخر ، وقد كانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث .

وأيضا فالبراء ، وزيد - رضي الله عنهما - كانا غير بالغين في وقت تحملهما الحديث المذكور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلاف الجماعة من الصحابة الذين رووا عنه تحريم ربا الفضل ; فإنهم بالغون وقت التحمل ، ورواية البالغ وقت التحمل أرجح من رواية من تحمل وهو صبي ; للخلاف فيها دون رواية المتحمل بالغا ، وسن البراء وزيد وقت قدومه - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، نحو عشر سنين ; لما ذكره ابن عبد البر عن منصور بن سلمة الخزاعي : أنه روى بإسناده إلى زيد بن حارثة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استصغره يوم أحد ، والبراء بن عازب ، وزيد بن أرقم ، وأبا سعيد الخدري ، وسعد بن حبتة ، وعبد الله بن عمر ، وعن الواقدي أن أول غزوة شهداها يوم الخندق .

وممن قال : بأن حديث البراء وزيد منسوخ ، راويه الحميدي . وناهيك به علما واطلاعا . وقول راوي الحديث : إنه منسوخ ، في كونه يكفي في النسخ خلاف معروف عند أهل الأصول ، وأكثر المالكية والشافعية لا يكفي عندهم . فإن قيل : ما قدمتم من كون تحريم ربا الفضل واقعا بعد إباحته ، يدل على النسخ في حديث البراء وزيد ، لعلم التاريخ فيهما ، وأن حديث التحريم هو المتأخر ، ولكن أين لكم معرفة ذلك في حديث أسامة ؟ ومولد أسامة مقارب لمولد البراء وزيد ; لأن سن أسامة وقت وفاته - صلى الله عليه وسلم - عشرون سنة ، وقيل : ثمان عشرة ، وسن البراء وزيد وقت وفاته - صلى الله عليه وسلم - نحو العشرين ، كما قدمنا ما يدل عليه .

فالجواب : أنه يكفي في النسخ معرفة أن إباحة ربا الفضل وقعت قبل تحريمه ، والمتأخر يقضي على المتقدم .

الجواب الثاني : عن حديث أسامة أنه رواية صحابي واحد ، وروايات منع ربا الفضل عن جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رووها صريحة عنه صلى الله عليه وسلم ، ناطقة بمنع ربا الفضل ، منهم : أبو سعيد ، وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وأبو هريرة ، وهشام بن عامر ، وفضالة بن عبيد ، وأبو بكرة ، وابن عمر ، وأبو الدرداء ، وبلال ، وعبادة بن الصامت ، [ ص: 166 ] ومعمر بن عبد الله وغيرهم وروايات جل من ذكرنا ثابتة في " الصحيح " كرواية : أبي هريرة ، وأبي سعيد ، وفضالة بن عبيد ، وعمر بن الخطاب ، وأبي بكرة ، وعبادة بن الصامت ، ومعمر بن عبد الله ، وغيرهم . وإذا عرفت ذلك فرواية الجماعة من العدول أقوى وأثبت وأبعد من الخطأ من رواية الواحد .

وقد تقرر في الأصول أن كثرة الرواة من المرجحات ، وكذلك كثرة الأدلة كما عقده في " مراقي السعود " ، في مبحث الترجيح ، باعتبار حال المروي بقوله : [ الرجز ]
وكثرة الدليل والرواية مرجح لدى ذوي الدراية


والقول بعدم الترجيح بالكثرة ضعيف ، وقد ذكر سليم الداري أن الشافعي أومأ إليه ، وقد ذهب إليه بعض الشافعية والحنفية .

الجواب الثالث : عن حديث أسامة أنه دل على إباحة ربا الفضل ، وأحاديث الجماعة المذكورة دلت على منعه في الجنس الواحد من المذكورات ، وقد تقرر في الأصول أن النص الدال على المنع مقدم على الدال على الإباحة ; لأن ترك مباح أهون من ارتكاب حرام ، وقد قدمناه عن صاحب " المراقي " ، وهو الحق خلافا للغزالي ، وعيسى بن أبان وأبي هاشم ، وجماعة من المتكلمين حيث قالوا : هما سواء .

الجواب الرابع : عن حديث أسامة أنه عام بظاهره في الجنس والجنسين ، وأحاديث الجماعة أخص منه ; لأنها مصرحة بالمنع مع اتحاد الجنس ، وبالجواز مع اختلاف الجنس ، والأخص مقدم على الأعم ; لأنه بيان له ولا يتعارض عام وخاص ، كما تقرر في الأصول . ومن مرجحات أحاديث منع ربا الفضل على حديث أسامة الحفظ ; فإن في رواته أبا هريرة ، وأبا سعيد ، وغيرهما ، ممن هو مشهور بالحفظ ، ومنها غير ذلك .
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.89%)]