عرض مشاركة واحدة
  #62  
قديم 14-08-2021, 01:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,463
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[*]

رامي حنفي محمود



تفسير الربع الثاني من سورة الأعراف بأسلوب بسيط




الآية 31، والآية 32: ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ ﴾ المشروعة - مِن لِبس ثيابٍ ساترة للعورة، ونظافةٍ وطهارةٍ ونحو ذلك -، وذلك ﴿ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾: يعني عند أداء كل صلاة، فلا تُصَلّوا وأنتم مَكشوفوا العورات، ولا تطوفوا بالبيت عُراة كما فعل المشركون، ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا من طيبات ما رزقكم الله، ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا ﴾: أي ولا تتجاوزوا حدود الاعتدال، ﴿ إِنَّهُ تعالى ﴿ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ في الطعام والشراب وغير ذلك.




واعلم أن هذه الآية الكريمة هي أصلٌ من أصول الدواء، إذ حَرَّمَتْ الإسراف في الأكل والشرب، لأن ذلك سبب كافة الأمراض، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ آدَمِيٌّ وعاءً شراً مِن بطنه، بِحَسْب - يعني يكفي - ابن آدم أكَلات يُقِمْنَ صُلبَه، فإن كان لا مَحالة، فثُلُثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثُلثٌ لنَفَسِه) (انظر السلسلة الصحيحة ج: 5/ 336).




وَلَمَّا حَرَّمَ المشركون الطوافَ بالثياب - وطافوا بالبيت عُراة - بِدَعوَى أنهم لا يطوفون بثيابٍ عَصَوا اللهَ تعالى فيها، أنكَرَ اللهُ ذلك عليهم بقوله: ﴿ قُلْ ﴾ أيها الرسول لهؤلاء الجَهَلة من المشركين: ﴿ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ﴾: يعني مَن الذي حَرَّمَ عليكم الثياب التي جعلها اللهُ زينةً لكم؟ (واعلم أنّ معنى: ﴿ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ﴾: أنه أخرج النبات - الذي يُصنَع منه الثياب - من الأرض، كالقطن والكِتَّان).




﴿ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾: يعني ومَن الذي حَرَّمَ عليكم التمتع بالحلال الطيب مِن رزق الله تعالى؟ (والمقصود بذلك: اللحوم التي حَرَّمَها المشركون افتراءً على الله تعالى، وهي المذكورة في سورة الأنعام)، ﴿ قُلْ لهم: إن الطيبات - من المَطاعم والمَشارب والملابس - التي أحَلَّها اللهُ تعالى ﴿ هِيَ حقٌ ﴿ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا يُشاركهم فيها غيرُهُم، ﴿ خَالِصَةً لهم ﴿ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دونَ أن يُشاركهم فيها أحد، ﴿ كَذَلِكَ ﴾: يعني مِثل ذلك التفصيل السابق: ﴿ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ما يُبَيِّنُ لهم لِيعملوا به، فبذلك أخبر تعالى عن نعمةٍ عظيمة، وهي تفصيلِهِ للآيات وإظهارها، لينتفع بها العلماء الذين يُمَيِّزونَ - بنور العلم - بين الحق والباطل، ولِيُعَلموها للناس.




وفي الآية دليل على أنه يُشرَع التَجَمُّل بأحسن الثياب، وخاصةً في الأعياد والجُمَع وزيارة الناس ومقابلة الوفود، وليس مِن السُنّة لِبس المُرَقَّعات، وليس معنى: (لباس التقوى) أنها الثياب الخشنة والمُرَقَّعة، وإنما المقصود بذلك: تقوى الله تعالى بامتثال الأمر واجتناب النهي، وفي الحديث الصحيح: (إن الله جميلٌ يحب الجَمال).




الآية 33: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ ﴾: يعني إنما حَرَّم اللهُ القبائح من الأعمال ﴿ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾: أي ما كان منها ظاهرًا أمام الناس، وما كان خَفيًّا في السر، ﴿ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾: يعني وحَرَّم تعالى المعاصي كلها، ومِن أعظمها الاعتداء على الناس بغير حق (يعني بغير المعاقبة بالمِثل)، فقد قال تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ ﴿ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ، ﴿ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ﴾: يعني وحَرَّمَ تعالى أن تعبدوا معه غيره من الآلهة المزعومة التي لم يُنَزِّل به حُجَّةً تدل على أنها تستحق العبادة، أو أنها تقربكم إلى ربكم كما تزعمون، فهي مصنوعة بأيديكم، لا تَسمع ولا تُبصِر، ولا تنفع ولا تضر، ﴿ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾: يعني وحَرَّمَ تعالى أن تنسبوا إليه ما لم يُشَرِّعْهُ (افتراءً وكذبًا)، كتحريم بعض الحلال من الملابس والمآكِل، (ويدخل في ذلك أيضاً: الفتوى بغير علم).




الآية 34: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾: يعني ولكل جماعة اجتمعتْ على الكُفر: وقتٌ لحلول العقوبة بهم، ﴿ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ ﴾: أي فإذا جاء الوقت المحدد لإهلاكهم، فإنهم ﴿ لَا يَسْتَأْخِرُونَ عنه ﴿ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾: أي لا يتأخرون عن ذلك الوقت لحظة، ولا يتقدمون عليه.




الآية 35، والآية 36: ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ﴾: يعني إذا جاءكم رُسُلِي من أقوامكم ﴿ يَقُصُّونَ ﴾: أي يَتْلُون ﴿ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي المُنَزَّلة عليهم، ويُبَيِّنون لكم البراهين على صِدق ما جاؤوكم به فأطيعوهم، ﴿ فَمَنِ اتَّقَى سخط الله (بفعل الأوامر وأوَّلها التوحيد، واجتناب النواهي وأوَّلها الشرك) ﴿ وَأَصْلَحَ عمله (بالإخلاص واتِّباع السُنَّة) ﴿ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ يوم القيامة من عذاب الله تعالى، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما فاتهم من حظوظ الدنيا، ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا ﴾: يعني وأمَّا الكفار الذين كذَّبوا بالدلائل الواضحة على توحيد الله تعالى، وتكبَّروا عن اتِّباعها فـ ﴿ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ - أي أهْلُها - ﴿ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.




واعلم أنّ القَصَص: هو إتْبَاع الحديث بعضه بعضاً، وعلى هذا يكون معنى قوله تعالى: ﴿ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي ﴾، أي يَتْلُونها عليكم آية بعد آية، مُوَضِّحين لكم ما دَلَّتْ عليه مِن أحكامٍ وشرائع، ووعدٍ ووعيد.




الآية 37: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ: أي فمَن أشدّ ظلمًا ﴿ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا - وذلك بأن يقول مثلاً: (اتَّخَذَ اللهُ ولداً، أو أنه أمر بالفواحش، أو أنه حَرَّمَ كذا وهو لم يُحَرِّم، أو غير ذلك) -، ﴿ أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ المُنَزَّلة؟، ﴿ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ ﴾: يعني أولئك يَصِلُ إليهم حظُّهم من الحياة الدنيا (من الخير والشر)، مما قُدِّرَ لهم في اللوح المحفوظ، وهؤلاء، وإن تمتعوا بالدنيا، فلن يَدفع ذلك عنهم شيئاً، لأنهم يَتمتعون قليلاً ثم يُعَذَّبون طويلاً، قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾، ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ ﴾: أي حتى إذا جاءهم مَلَكُ الموت وأعوانه لِيَقبضوا أرواحهم: ﴿ قَالُوا لهم: ﴿ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾: يعني أين الذين كنتم تعبدونهم من دون الله من الشركاء والأولياء والأوثان لِيُخلِّصوكم مما أنتم فيه؟ ﴿ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا ﴾: أي ذهبوا وغابوا عنا، ﴿ وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ.



الآية 38: ﴿ قَالَ اللهُ تعالى لهؤلاء المشركين المُفتَرين: ﴿ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ ﴾: أي ادخلوا في جُملة جماعات من الكافرين أمثالكم ﴿ قَدْ خَلَتْ ﴾: أي قد مضت ﴿ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فادخلوا جميعاً ﴿ فِي النَّارِ، ثم يُخبِرُ تعالى أنه ﴿ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾: أي كلما دخلتْ النارَ جماعةٌ من أهل مِلَّة معينة: لعنتْ نظيرتها التي أضلَّتْها، فلَعَنَ المشركون بعضهم بعضاً، ولَعَنَ اليهود والنصارى بعضهم بعضاً، وهكذا، ﴿ حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا ﴾: يعني حتى إذا لحق الأوَّلون من أهل المِلَل الكافرة بالآخرين منهم، فدخلوا جميعاً في النار وتقابلوا فيها: ﴿ قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ ﴾: أي قال الآخرون - (وهم الأتباع المرؤوسون في الدنيا) - فقالوا للأوَّلين (وهم القادة والرؤساء في الضلال): ﴿ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ) هم الذين ﴿ أَضَلُّونَا عن الحق، ﴿ فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا أي مُضاعَفاً ﴿ مِنَ النَّارِ، فـ ﴿ قَالَ اللهُ تعالى: ﴿ لِكُلٍّ ضِعْفٌ ﴾: أي لِكُلٍّ منكم ومنهم عذابٌ مُضاعَف من النار، ﴿ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ أيها الأتباع ما لِكُلِّ فريقٍ منكم من العذاب والآلام.




الآية 39: ﴿ وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ ﴾: يعني وقال الرؤساء لأتباعهم: نحن وأنتم متساوون في الضلال، ومتساوون في فِعْلِ أسباب العذاب، ﴿ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ ﴾: أي فلا أحدٌ منكم أفضلُ مِنَّا حتى تزعموا أنكم لا تستحقون العذاب، فكُلُّنا نستحقه بما فعلنا، فقال اللهُ تعالى لهم جميعًا: ﴿ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ من الظلم والشر والفساد.




الآية 40، والآية 41: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا ﴾: يعني إن الكفار الذين جحدوا بحُجَجِنا الواضحة وبآياتنا الدالة على وحدانِيَّتِنا، ولم يعملوا بشرعنا تكَبُّرًا واستعلاءً، أولئك ﴿ لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ﴾: أي لا تُفتَّح أبواب السماء لأعمالهم في حاتهم، ولا لأرواحهم عند مماتهم، ﴿ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ﴾: أي ولا يمكن أن يدخل هؤلاء الكفار الجنة، إلا إذا دخل الجمل في ثقب الإبرة، وهذا مستحيل، ﴿ وَكَذَلِكَ ﴾: يعني ومِثل ذلك الجزاء: ﴿ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ الذين كَثُرَ إجرامهم، واشتدَّ طغيانهم، وهؤلاء ﴿ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ ﴾: أي فِراشٌ مِن تحتهم مصنوعٌ من النار ينامون عليه، ﴿ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ﴾: أي ومِن فوقهم أغطية تغشاهم - أي يَتغطون بها - مصنوعة من النار أيضاً، ﴿ وَكَذَلِكَ ﴾: يعني وبمِثل هذا العقاب الشديد: ﴿ نَجْزِي الظَّالِمِينَ الذين تجاوزوا حدودَ اللهِ تعالى فكفروا به وعصَوْه.




الآية 42، والآية 43: ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ - في حدود طاقاتهم - فإننا ﴿ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أي إلا ما تطيق من الأعمال، فـ ﴿ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ﴾: يعني وقد أذهَبْنا ما في صدور أهل الجنة من حِقدٍ وضغائن، فهم إخوة مُتحابون، لا يَحمل أحدهم غِلاًّ أو كراهيةً لأخيه، ومِن كمال نعيمهم أنهم ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ﴾: أي تجري أنهارُ الماء والعسل واللبن والخمر مِن تحت قصورها العالية، وأشجارها الظليلة، ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا ﴾: أي الحمدُ لله الذي وَفَّقنا للعمل الصالح الذي أكْسَبَنا ما نحن فيه من النعيم، ﴿ وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾: يعني وما كُنَّا لِنُوَفَّق إلى سلوك الطريق المستقيم لولا أَنْ هدانا الله له، ووفَّقنا للثبات عليه، ﴿ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ من الإخبار بوعد أهل طاعته بالنعيم، ووعيد أهل معصيته بالعذاب، ﴿ وَنُودُوا ﴾: يعني ونُوديَ على أهل الجنة - تهنئةً لهم وإكرامًا - ﴿ أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾: يعني إنَّ هذه الجنة قد أورثكم الله إياها برحمته، وقد منحكم هذه الرحمة بسبب ما قدَّمتموه من الإيمان والعمل الصالح، كما قال تعالى: ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ، وقال أيضاً: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ .




واعلم أنه لا تناقض بين هذه الجملة: ﴿ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لن يَدخل أحد الجنة بعمله)، فالباء في كلمة: (بعمله) تُسَمَّى باء المُقابَلة، كما يُقال: اشتريتُ هذا بهذا؛ أي: ليس العملُ وحده ثمنًا كافيًا لدخول الجنة، بل لا بد مِن رحمة الله تعالى، أما الباء التي في قوله تعالى: ﴿ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾، فتُسَمَّى باء السبب؛ أي: بسبب أعمالِكم.




واعلم أن العبد إذا أصابه عُجب (يعني إعجاب وغرور) بعمله، فإنه ينبغي أن يقول هذه الجملة:

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾، وذلك حتى يَنسب الفضل لله تعالى صاحب النعمة والتوفيق، ولا يَنسب الفضل لنفسه الأمَّارة بالسوء، وذلك حتى لا يَخذله الله تعالى، ويَرُدّ عليه عمله.





[*] وهي سلسلة تفسير للآيات التي يَصعُبُ فهمُها في القرآن الكريم (وليس كل الآيات)، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبو بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو شرحُ الكلمة الصعبة في الآية. - واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.72 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.83%)]