
09-08-2021, 11:50 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة :
|
|
رد: بحث في تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} إلى قوله: {وَبِالْآخ
بحث في تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} إلى قوله: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}
لطيفة المنصوري
المسائل العقدية
1: الإيمان اعتقاد وقول وعمل
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ومعنى الإيمان عند العرب: التّصديق فيدعى المصدّق بالشّيء قولاً مؤمنًا به، ويدعى المصدّق قوله بفعله مؤمنًا. ومن ذلك قول اللّه جلّ ثناؤه: {وما أنت بمؤمنٍ لنا ولو كنّا صادقين} يعني: وما أنت بمصدّقٍ لنا في قولنا. وقد تدخل الخشية للّه في معنى الإيمان الّذي هو تصديق القول بالعمل.
والإيمان كلمةٌ جامعةٌ للإقرار باللّه وكتبه ورسله، وتصديق الإقرار بالفعل. وإذا كان ذلك كذلك، فالّذي هو أولى بتأويل الآية وأشبه بصفة القوم: أن يكونوا موصوفين بالتّصديق بالغيب، قولاً، واعتقادًا، وعملاً، إذ كان جلّ ثناؤه لم يحصرهم من معنى الإيمان على معنى دون معنى، بل أجمل وصفهم به من غير خصوص شيءٍ من معانيه أخرجه من صفتهم بخبرٍ ولا عقلٍ). [جامع البيان: 1/241-240]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال ابن جريرٍ وغيره: والأولى أن يكونوا موصوفين بالإيمان بالغيب قولًا واعتقادًا وعملًا قال: وقد تدخل الخشية للّه في معنى الإيمان، الّذي هو تصديق القول بالعمل، والإيمان كلمةٌ جامعةٌ للإقرار باللّه وكتبه ورسله، وتصديق الإقرار بالفعل.
قلت: أمّا الإيمان في اللّغة فيطلق على التّصديق المحض، وقد يستعمل في القرآن، والمراد به ذلك، كما قال تعالى: {يؤمن باللّه ويؤمن للمؤمنين} [التّوبة: 61]، وكما قال إخوة يوسف لأبيهم: {وما أنت بمؤمنٍ لنا ولو كنّا صادقين} [يوسف: 17]، وكذلك إذا استعمل مقرونًا مع الأعمال؛ كقوله: {إلا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} [الانشقاق: 25، والتّين: 6]، فأمّا إذا استعمل مطلقًا فالإيمان الشّرعيّ المطلوب لا يكون إلّا اعتقادًا وقولًا وعملًا.
هكذا ذهب إليه أكثر الأئمّة، بل قد حكاه الشّافعيّ وأحمد بن حنبلٍ وأبو عبيد وغير واحدٍ إجماعًا: أنّ الإيمان قولٌ وعملٌ يزيد وينقص. وقد ورد فيه آثارٌ كثيرةٌ وأحاديث أوردنا الكلام فيها في أوّل شرح البخاريّ، وللّه الحمد والمنّة.). [تفسير ابن كثير: 1/164-169]
2: الإيمان بجميع أركان الإيمان شرط لصحة الإيمان
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (والظاهر قول مجاهد فيما رواه الثّوريّ، عن رجلٍ، عن مجاهدٍ، ورواه غير واحدٍ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ أنّه قال: « أربع آياتٍ من أوّل سورة البقرة في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة في المنافقين، فهذه الآيات الأربع عامّةٌ في كلّ مؤمنٍ اتّصف بها من عربيٍّ وعجميٍّ، وكتابيٍّ من إنسيٍّ وجنّيٍّ، وليس تصحّ واحدةٌ من هذه الصّفات بدون الأخرى، بل كلّ واحدةٍ مستلزمةٌ للأخرى وشرطٌ معها، فلا يصحّ الإيمان بالغيب وإقام الصّلاة والزّكاة إلّا مع الإيمان بما جاء به الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم، وما جاء به من قبله من الرّسل والإيقان بالآخرة، كما أنّ هذا لا يصحّ إلّا بذاك، وقد أمر اللّه تعالى المؤمنين بذلك، كما قال: {يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله والكتاب الّذي نزل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل} الآية [النّساء: 136]. وقال: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن إلا الّذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ} الآية [العنكبوت:46]. وقال تعالى: {يا أيّها الّذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدّقًا لما معكم} [النّساء: 47] وقال تعالى: {قل يا أهل الكتاب لستم على شيءٍ حتّى تقيموا التّوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربّكم} [المائدة: 68] وأخبر تعالى عن المؤمنين كلّهم بذلك، فقال تعالى: {آمن الرّسول بما أنزل إليه من ربّه والمؤمنون كلٌّ آمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله لا نفرّق بين أحدٍ من رسله} الآية [البقرة: 285] وقال: {والّذين آمنوا باللّه ورسله ولم يفرّقوا بين أحدٍ منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم} [النّساء: 152] وغير ذلك من الآيات الدّالّة على أمر جميع المؤمنين بالإيمان باللّه ورسله وكتبه.). [تفسير ابن كثير: 1/170-171]
3: مفهوم الرزق عند أهل السنة
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والرزق عند أهل السنة: ما صح الانتفاع به حلالا كان أو حراما، بخلاف قول المعتزلة إن الحرام ليس برزق). [المحرر الوجيز: 1/104-107]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وموضع {الذين} جر تبعاً للمتقين، ويجوز أن يكون موضعهم رفعاً على المدح كأنّه لما قيل هدى للمتقين، قيل: من هم؟ فقيل: {الّذين يؤمنون بالغيب}. ويجوز أن يكون موضع {الذين} نصباً على المدح أيضاً، كأنه قيل: اذكر الذين.). [معاني القرآن: 1/70-73]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والّذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون (4) أولئك على هدىً من ربّهم وأولئك هم المفلحون (5)}قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فمن جعل الآيتين في صنف واحد فإعراب والّذين خفض على العطف، ويصح أن يكون رفعا على الاستئناف، «أي وهم الذين» ومن جعل الآيتين في صنفين، فإعراب «الذين» رفع على الابتداء، وخبره أولئك على هدىً ويحتمل أن يكون عطفا)[المحرر الوجيز: 1/107-109]
المسائل النحوية
ضم أول الفعل المضارع إن كان ماضيه رباعيا
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وضمت الياء من {يؤمنون} و{يقيمون}؛ لأن كل ما كان على أربعة أحرف نحو: أكرم وأحسن وأقام وآمن، فمستقبله: يكرم، ويحسن، ويؤمن، ويقيم، وإنما ضمت أوائل المستقبل ليفرق بين ذوات الثلاثة نحو: ضرب، وبين ذوات الأربعة نحو: دحرج. فما كان على ثلاثة: فهو ضرب يضرب أو تضرب أو نضرب، ففصل بالضمة بينهما.
فإن قال قائل: فهلا فصل بالكسرة؟
قيل: الكسرة قد تدخل في نحو تعلم وتبيض؛ ولأن الضمة مع الياء مستعملة، والكسرة لا تستعمل مع الياء. فمن قال: أنت تعلم، لم يقل: هو يعلم، فوجب أن يكون الفرق بينهما بالضمة لا غير.). [معاني القرآن: 1/70-73]
وصل ما الموصولة بحرف الجر
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وممّا رزقناهم ينفقون}، كتبت «مما» متصلة «وما» بمعنى «الذي» فحقّها أن تكون منفصلة، إلا أن الجار والمجرور كشيء واحد، وأيضا فلما خفيت نون «من» في اللفظ حذفت في الخط.). [المحرر الوجيز: 1/104-107]
المسائل الصرفية
أصل كلمة: (الذي)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وأصل "الذي":لَذٍ على وزن عَمٍ فاعلم، كذلك قال الخليل وسيبويه والأخفش وجميع من يوثق بعلمه.). [معاني القرآن: 1/70-73]
أصل كلمة: (يقيم)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (والأصل في (يقيم): يؤقيم، والأصل في يكرم: يؤكرم، ولكن الهمزة حذفت؛ لأن الضم دليل على ذوات الأربعة، ولو ثبت لوجب أن تقول إذا أنبأت عن نفسك: أنا أؤقوم، وأنا أؤكرم، فكانت تجتمع همزتان فاستثقلتا، فحذفت الهمزة التي هي فاء الفعل، وتبع سائر الفعل باب الهمزة، فقلت: أنت تكرم، ونحن نكرم، وهي تكرم، كما أنّ باب "يعد" حذفت منه الواو؛ لوقوعها بين ياء وكسرة، الأصل فيه "يوعد" ثم حذفت في "تعد" و"نعد" و"أعد".). [معاني القرآن: 1/70-73]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وأصل يقيمون يقومون، نقلت حركة الواو إلى القاف فانقلبت ياء لكون الكسرة قبلها.). [المحرر الوجيز: 1/104-107]
اشتقاق كلمة: (الصلاة)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقيل: الصلاة: مشتقة من "الصلوين" وهما عرقان في الردف ينحيان في الصلاة.
وقيل: الصلاة: الدعاء فيها معروف قال الأعشى:
تقول بنتي وقد قربت مرتحلا.......يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا
عليك مثل الذي صليت فا اغتمضي.......نوما فإن لجنب المرء مضطجعا). [معاني القرآن: 1/83-84]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والصّلاة مأخوذة من صلى يصلي إذا دعا، كما قال الشاعر:
عليك مثل الذي صلّيت فاغتمضي ....... يوما فإنّ لجنب المرء مضطجعا
ومنه قول الآخر:
لها حارس لا يبرح الدهر بيتها ....... وإن ذبحت صلّى عليها وزمزما
فلما كانت الصلاة في الشرع دعاء انضاف إليه هيئات وقراءة سمي جميع ذلك باسم الدعاء. وقال قوم: هي مأخوذة من الصّلا وهو عرق في وسط الظهر ويفترق عند العجب فيكتنفه، ومنه أخذ المصلي في سبق الخيل، لأنه يأتي مع صلوي السابق، فاشتقّت الصلاة منه، إما لأنها جاءت ثانية للإيمان فشبهت بالمصلّي من الخيل، وإما لأن الراكع والساجد صلواه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «والقول إنها من الدعاء أحسن».). [المحرر الوجيز: 1/104-107]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وأصل الصّلاة في كلام العرب الدّعاء، قال الأعشى:
لها حارسٌ لا يبرح الدهر بيتها ....... وإن ذبحت صلّى عليها وزمزما
وقال أيضًا:
وقابلها الرّيح في دنّها ....... وصلّى على دنّها وارتسم
أنشدهما ابن جريرٍ مستشهدًا على ذلك.
وقال الآخر -وهو الأعشى أيضًا-:
تقول بنتي وقد قرّبت مرتحلًا ....... يا ربّ جنّب أبي الأوصاب والوجعا
عليك مثل الّذي صليت فاغتمضي ....... نومًا فإنّ لجنب المرء مضطجعا
يقول: عليك من الدّعاء مثل الّذي دعيته لي. وهذا ظاهرٌ، ثمّ استعملت الصّلاة في الشّرع في ذات الرّكوع والسّجود والأفعال المخصوصة في الأوقات المخصوصة، بشروطها المعروفة، وصفاتها، وأنواعها [المشروعة] المشهورة.
وقال ابن جريرٍ: وأرى أنّ الصّلاة المفروضة سمّيت صلاةً؛ لأنّ المصلّي يتعرّض لاستنجاح طلبته من ثواب اللّه بعمله، مع ما يسأل ربّه من حاجته.
[وقيل: هي مشتقّةٌ من الصلوين إذا تحرّكا في الصّلاة عند الرّكوع، وهما عرقان يمتدّان من الظّهر حتّى يكتنفا عجب الذّنب، ومنه سمّي المصلّي؛ وهو الثّاني للسّابق في حلبة الخيل، وفيه نظرٌ، وقيل: هي مشتقّةٌ من الصّلى، وهو الملازمة للشّيء من قوله: {لا يصلاها} أي: يلزمها ويدوم فيها {إلا الأشقى} [اللّيل: 15]، وقيل: مشتقّةٌ من تصلية الخشبة في النّار لتقوّم، كما أنّ المصلّي يقوّم عوجه بالصّلاة: {إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللّه أكبر} [العنكبوت: 45] واشتقاقها من الدّعاء أصحّ وأشهر، واللّه أعلم].). [تفسير ابن كثير: 1/164-169]
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|