عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 28-07-2021, 03:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القضايا الأساسية والصور البيانية في شعر محمود غنيم، من خلال ديوان "صرخة في واد"


فَطَرَّزَتْ إِذْ ذَاكَ مِنْ ثِيَابِي
مَا أَخْطَأَتْهُ رِيشَةُ السَّحَابِ

فَقُلْتُ وَيْلٌ لِلْفَقِيرِ الْحَافِي
مِنَ الْغَنِيِّ الْمُتْرَفِ الْمِتْلاَفِ"[45]


وهكذا تتعدد النماذجُ بين كل أرجاء الدِّيوان، وقد كان لهذا تأثيرُه في تَحديد مَوقفه من كثير من القضايا التي سيأتي ذكرها في حينها - إن شاء الله تعالى.

المطلب الثالث: أسباب الضعف المادي في مصر آنذاك:
نجد "غنيمًا" - في هذا الإطار - يكشف النِّقاب عن كثير من الظواهر الاجتماعية التي سادت مصر، وكانت سببًا في حرمان الكثيرين، وانتشار الفقر والشحاذة، ويرى أنَّ مَرَدَّ ذلك ليس إلى قحطٍ مكتسح، أو أرضٍ ضنينة، أو سماء شحيحة، ولكنْ مَرَدُّ ذلك إلى الأطماع والتهافُت على المناصب، ولو دِيسَت في سبيل ذلك حرمة الفقير، وزِيدَ في جوع الطاوي؛ يقول:
"لاَ الْمَاءُ جَفَّ مِنَ الْحِيَاضِ وَلاَ الثَّرَى
ضَنَّتْ مَنَابِتُهُ عَلَى الزُّرَّاعِ

لَمْ يَفْقِدِ النَّاسُ الْحُطَامَ وَإِنَّمَا
قَلَّ الْحُطَامُ بِكَثْرَةِ الْأَطْمَاعِ

أَفْنَى مَوَارِدَ كُلِّ شَعْبٍ نَاهِضٍ
جَيْشٌ هَجُومٌ حَوْلَهُ بِدِفَاعِ"[46].



وتسببت هذه الأطماع في سوء توزيع المناصب، والارتقاء إليها عبر الغش والخداع:
"لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي عَلَى أَيِّ مَنْطِقٍ
أُشَاهِدُ فِي مِصْرَ الْحُظُوظَ تُقَسَّمُ"[47]



ثم كان "للوسائط" دورها في تدهور "مالية الدولة"، حتى فقد الصغير حقوقه، وقلَّت الأموال، وانتشر العدم، وما فاز إلا أصحاب "الوسائط"؛ يقول:
مَا لِي أَرَى أَمْوَالَ مِصْرَ كَأَنَّهَا
بَعْضُ الْحُبُوبِ تُكَالُ بِالْمِكْيَالِ

حَتَّى إِذَا طَلَبَ الصَّغِيرُ حُقُوقَهُ
شَكَتِ الْخَزَانَةُ قِلَّةَ الْأَمْوَالِ

فَازَ السَّعِيدُ بِعَمِّهِ وَبِخَالِهِ
وَفَقَدْتُ عَمِّي فِي الْحَيَاةِ وَخَالِي



ويتطرق "غنيم" - كذلك - إلى ظاهرة الغلاء، التي اجتاحت مصر آنذاك، ووصف حالة الموظفين في سخرية طريفة، وأسلوب لطيف:
ثَقُلَتْ وَطْأَةُ الْغَلاَءِ فَحَلَّتْ
لِكِبَارِ الْمُوَظَّفِينَ الزَّكَاةُ

لاَ تَرُومُوا الزَّكَاةَ مِنَّا احْتِسَابًا
نَحْنُ لاَ أَنْتُمْ بِالْجِيَاعِ الْعُرَاةُ



المطلب الرابع: الأخلاق في المجتمع المصري:
استرعى نظرَ "محمود غنيم" بعضُ الأخلاق الفاسدة التي توطَّنت في نفوس بعض الناس، بشكل جعل هذه الأخلاقَ تطفو على السَّطْح، وتعمل في هدم المجتمع، فدفعته غَيْرَةُ الداعية المسلم، الذي ينافح عن إسلامه وأخلاقه بقلمه وفنه، إلى أن يَجلو هذه المفاسد، وسنقف - إن شاء الله تعالى - على مظهرين اثنين فقط:
الأول: "الرياء":
ويتمثل في تظاهُر بعض الناس بالزهد والورع، مع استبطان غير ذلك، وقد أشار "غنيم" إلى قاعدةٍ جليلة، ذكرها القرآن مَرَّات عند الإبانة عن أحوال بَعضِ الفئات التي تُظهر الورع عند "الفقر" والضَّعف، وعندما ينعم عليهم بالفضل، ينقلب الزهد إلى جحود وكفران؛ يقول "غنيم":
"فَتَّشْتُ بَيْنَ النَّاسِ عَنْ زَاهِدٍ
فَلَمْ تَقَعْ عَيْنِي عَلَى وَاحِدِ


يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.17 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]