الدعوة إلى الله في البيوت
أ. د. عبدالله بن مبارك آل سيف
الدعوة إلى الله في البيوت تشغل حيزاً كبيراً من اهتمام الداعية، وتقض مضجعه، وفي الوقت الذي تشغله أعمال الدعوة خارج البيت عن القيام بجهد يُذكر داخل البيت، ولهم العذر في هذا؛ فإن كثرة مآسي الأمة وضخامة العبء الملقى على عاتق الدعاة أكبر من أوقاتهم وجهودهم المبذولة.
ولذا رأيت الكتابة في هذا المجال عوناً لهؤلاء الدعاة، وتوفيراً لهم من عناء التخطيط ووضع الأهداف والوسائل للعمل في البيت، فإليهم نقدم هذا البرنامج المتواضع، علماً بأن الحديث سيكون مركزاً على الجانب النسائي.
كما أنني أُذكِّر بأن العمل في هذا المجال يحتاج إلى التخطيط المدروس، ولا يؤتي العمل ثماره إلا إذا كان عملاً مدروساً ذا أهداف واضحة، ووسائل وطرق ناجحة، يتلوها تنفيذ جاد ومتابعة جيدة, والواقع أن جهود بعض شباب الصحوة في بيته هي عبارة عن جهود عشوائية متناثرة متباعدة لا تؤتي ثمارها المرجوة.
من أهداف الدعوة في البيوت:
أولاً: التربية الإيمانية:
ولتحقيق هذا الهدف طُرق، منها:
1- العناية بجانب الوعظ والرقائق والترغيب والترهيب.
2- دراسة أسماء الله وصفاته الحسنى، ومحاولة تعميق أثرها في النفوس.
3- دراسة ومشاهدة آيات الله في الكون، والدعوة للتفكر فيها سواءً من خلال: أشرطة الكاسيت التي تُعنى بالإعجاز العلمي، أو الفيديو، أو الكتب التي أُلفت في هذا الباب.
4- دراسة آيات القرآن التي عنيت بتعميق الإيمان وترسيخه.
5- دراسة الأحاديث النبوية التي تعنى بتعميق الإيمان وبناء القاعدة الإيمانية الصلبة.
6- الاستفادة من منهج النبي صلى الله عليه وسلم في التربية الإيمانية لأصحابه.
7- ربط المدعوات بقدوات صالحة من الصديقات ذوات الإيمان الراسخ.
8- بيان محاسن الإسلام وعظمته، وجوانب الإعجاز في تشريعاته وأحكامه، من خلال دراسة وتوضيح مقاصد الشرع وأسرار التشريع وحكمه.
9- إعطاء صورة مبسطة عن الأديان الأخرى، وبيان أوجه التحريف والنقص والبطلان فيها.
10- استغلال الأحداث الكونية وربطها بقدرة الله وعظمته, مثل الكسوف والخسوف والرعد والبرق والزلازل، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل ).. وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً( [الإسراء:59].
ثانياً: التأهيل الدعوي:
ويتحقق هذا الهدف من خلال جوانب عدة:
(أ) تحميل المدعوين لهمّ الإسلام وهمّ الدعوة إلى الله، ويتحقق ذلك بما يلي:
1- التبصير بمدى ما تعانيه الأمة من نكبات ومصائب وابتلاءات، مع المقارنة بما كانت فيه الأمة من عز ومجد ورفعة وعظمة، وشرح أسباب ذلك.
2- توضيح خطط الأعداء وجهودهم ومكرهم وعدائهم للإسلام بما يوقظ الغيرة في نفس المسلم ويدفعه للدعوة إلى الله.
3- الاهتمام بتحميل المدعوين همّ مشاركة المسلمين مصائبهم ومآسيهم، عن طريق وسائل الإعلام المتنوعة التي تبث أخبارهم من أشرطة وصحف وكتب أو عن طريق زيارة البلاد المنكوبة إذا تيسرت الزيارة، علماً بأن الزيارة لها تأثير خاص.
4- استغلال المواقف في تحميل الهمّ الدعوي متى سنحت الفرصة.
5- التعرف على المسلمين من البلاد الأخرى الذين يعيشون في البلد، أو تتاح الفرصة للقاء بهم في المواسم، للإطلاع على همومهم ومشاركتهم مآسيهم.
6- التعرف على قدوات صالحة في مجال الدعوة، والتأثر بمستوى فاعليتهم في الدعوة.
7- ترسيخ مصطلح "الدعوة إلى الله" في أذهان المدعوين في كل مناسبة بأسلوب مباشر أو غير مباشر، مما يشعر بأهمية الدعوة ووجوب إعطائها أولوية خاصة، ووضعها في قائمة الاهتمامات، بل في مقدمة الاهتمامات.
(ب) تكوين الثقافة الدعوية:
1- تأصيل مفهوم الدعوة وحكمها وأهميتها.
2- دراسة وسائل الدعوة وأساليبها.
3- دراسة سير الأنبياء ومناهجهم في الدعوة.
4- دراسة سير المصلحين والمجددين، ونماذج من جهودهم.
5- تأمل الآيات والأحاديث الواردة في الدعوة. وأخذ العظات والعبر منها.
6- دراسة الهدي النبوي في الدعوة بين النساء.
7- بناء ثقافة معرفية ذات تأثير عملي في المدعوين؛ مثل: قراءة قصص التائبين والتائبات، وقراءة الكتب التي تعنى بمشاكل المجتمع وحلولها، وتذكر آثار المعاصي وأضرارها، ونحو ذلك.
8- قراءة قصص المسلمين الجدد والاستماع لها من مصادرها.
(جـ) بناء المبادرات الذاتية، والمشاركة الفعالة في الدعوة:
1- الارتباط بقدوات صالحة تدفع للدعوة وتعين على ذلك وتفتح آفاقاً في هذا المجال لمن يرغب في العمل.
2- زرع روح المبادرة الفعالة والتنافس في الخير واستغلال الفرص الدعوية.
3- اختيار المجال المناسب من مجالات الدعوة لكل فرد من أفراد الأسرة.
ومن هذه المجالات:
• إلقاء دروس أو كلمات أو محاضرات في البيت وخارجه.
• جمع التبرعات للجمعيات الخيرية ومجالات الدعوة.
• التدريس في حلقات التحفيظ.
• العمل الإداري الدعوي؛ مثل: إدارة مدارس التحفيظ الخيرية، أو الجمعيات النسائية الخيرية.
• القيام بواجب التربية للأبناء والإخوة الصغار، التربية الصحيحة.
• الدعوة إلى الله بين الخادمات - إن وجدن -.
• كتابة المقالات أو البحوث المفيدة في المجالات النسائية.
• تأليف الكتب المناسبة للمجتمع النسائي أو المشاركة في إعداد هذه الكتب.
• توزيع فتاوى العلماء التي تهم المجتمع النسائي، وكذا المقاطع المنتقاة من كتب أهل العلم.
• طباعة الأعمال الدعوية المكتوبة التي تحتاجها الدعوة من خلا الحاسب.
• حضور الدروس النسائية المفيدة وتشجيعها ودعمها بكل أنواع الدعم المادي والمعنوي.
(د) تنمية الملكات التي يُحتاج إليها في الدعوة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال:
1- التدريب على الثقة بالنفس والجرأة على اتخاذ المواقف التي تحتاجها الدعوة.
2- التدريب على تطوير القدرات في مجال الخطابة وإلقاء الكلمات من خلال مراحل متدرجة ومدروسة.
3- التدريب على فن الكتابة.
ثالثاً: التأصيل العلمي الشرعي:
1- تنمية حب طلب العلم والاهتمام به، وبيان ما ورد في فضله.
2- دراسة هدي السلف في طلب العلم وبيان حرصهم عليه ومقدار ما بذلوا في سبيله.
3- حفظ القرآن، أو ما تيسر منه.
4- تحسين مستوى الأداء في قراءة القرآن.
5- حفظ الأربعين النووية.
6- حفظ أذكار الصباح والمساء والأذكار ذوات الأسباب.
7- العناية بمسائل فروض الأعيان التي يحتاجها كل مسلم.
8- الاهتمام بالأحكام الشرعية الخاصة بالنساء.
يتبع