عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-06-2021, 01:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بيداغوجيا الأهداف

شروط صياغة الهدف:
تستوجب صياغة الهدف التعليمي الذي يرتبط بسلوك المتعلم الإنجازي – حسب ماجر (Mager) - شروطا أساسية ثلاثة، وهي:
1- أن تتضمن صياغة الهدف النتائج التي سيحصل عليها التلميذ. بمعنى أن يحدد المدرس سلوك المتعلم بدقة ووضوح.


2- أن تتضمن الصياغة توصيفا للظروف السياقية للسلوك المنجز من قبل المتعلم.


3- أن تشتمل صياغة الهدف على تحديد دقيق للمستوى الأدنى للنجاح الذي يحيلنا على تحقق قدر معين من الهدف[5].


ومن جهة أخرى، يذهل گانيي(Gangné) إلى أن الهدف الإجرائي الخاص يتميز بمجموعة من السمات التالية، مثل:
1- إن الهدف الغامض يسبب الغموض وتعدد الاحتمالات والتأويلات. بمعنى أن يكون الهدف واضحا بدقة ومحددا بالشكل الكافي.


2- أن يكون الهدف صادقا. بمعنى أن يفهمه اثنان بالمعنى نفسه، ويتفقان حوله.


3- أن يكون قابلا للتحقق والإنجاز، فلا يمكن تقويم هدف مرتبط بسلوك مستحيل، أو صعب تحقيقه.


4- أن تكون الأهداف متدرجة ومتنوعة على مستوى المراقي. بمعنى أن تكون الأهداف متدرجة في السهولة والصعوبة، فنبدأ بالبسيط، لنتدرج حتى المركب والمعقد.


5- أن تكون الأهداف المرجوة تعبيرا صادقا عن فلسفة التربية المعتمدة. بمعنى أن تكون جزءا لا يتجزأ من فلسفة الدولة وغاياته البعيدة المحصلة من فعل التربية والتعليم[6].

تصنيف الأهداف التربوية:
يمكن الحديث عن أنواع ثلاثة من الأهداف، وهي: الأهداف المعرفية، والأهداف الوجدانية، والأهداف الحسية الحركية.

1- صنافة الأهداف المعرفية:
الهدف المعرفي هو الذي يهدف إلى نقل المعلومات واستقبالها، ويركز على الجوانب المعرفية ومراقيها. أو بتعبير آخر، إنه يركز على الإنتاجيةوالمردودية. ويهدف هذا الهدف إلى نقل الخبرات والتجارب إلى المتلقي، وتعليمه طرائقالتركيب والتطبيق والفهم والتحليل والتقويم. إنهيهدف إلى تزويد المتلقيبالمعرفة والمعلومات الهادفة. ومن ثم، يقوم هذاالهدف على تبادل الآراء، ونقلالمعارف وتجارب السلف إلى الخلف.


وثمةصنافات بيداغوجية في مجال التواصل المعرفيكصنافة بلوم (Bloom) التي تم الانتهاء منها سنة 1956م. وتتضمن ستة مراق هي: المعرفة، والفهم، والتطبيق، والتحليل، والتركيب، والتقييم. وتتميز هذه المراقي الستة بالتدرج والترابط والتكامل الوظيفي. ويعني هذا أن هذه المراقي تتجرد من البسيط نحو المعقد، وتترابط على مستوى العمليات الذهنية من أبسط فعل ذهني هو المعرفة إلى أعقد عملية تتمثل في التقييم والنقد والمناقشة.

2- صنافة الأهداف الوجدانية:
يقصدبالهدف الوجداني في مجال البيداغوجيا اكتساب الميول والاتجاهات والقيم، وتقدير جهود الآخرين، من خلال تفاعل المتعلم مع المادة المدروسة، واكتسابهللخبراتبأنواعها المباشرة وغير المباشرة. ولقد خصص للمجال الوجدانيصنافات بيداغوجية، ومنبين المهتمين بهذا المجال (كراتهول/Krathwol) الذي خصصهابصنافة سنة 1964م، تتكون من خمسة مستويات ذات صلة وثيقة بالمواقف والقيموالاهتماماتوالانفعالات والأحاسيس والتوافق والمعتقدات والاتجاهات: فكريةكانت أو خلقية. وهذهالمستويات هي: التقبل، والاستجابة، والحكم القيمي، والتنظيم، والتمييز بواسطة قيمة أو بواسطة منظومة من القيم.

3- صنافة الأهداف الحسية الحركية:
يمكن الحديث عن الهدف الحسي الحركي الذي يتناول ماهو غيرمعرفيووجداني. ويتمظهر هذا التواصل في إطار السبرينطيقا والآلية والمسرح الميميوالرياضة الحركية...

ويتضمنهذا الهدف في المجال التربوي مجموعةمتسلسلة من الأهداف المتدرجة التي تعمل علىتنمية المهارات الحركية والجسدية والتواصلية، واستعمال العضلات والحركاتالجسمية.. ومن أهمصنافات هذا التواصل الحركي نذكر صنافة هارو (Harrow) التي وضعها صاحبها سنة 1972م. وتتكون هذه الصنافة من ستة مراق أساسية، وهي: الحركات الارتكاسية، والحركات الطبيعية الأساسية، والاستعدادات الإدراكية، والصفات البدنية، والمهارات الحركية لليد، والتواصل غير اللفظي.

تخطيط الدرس الهادف:
يخضع التدريس أو الدرس الهادف لمجموعة من المحطات الإجرائية التي تتمثل في تحديد المداخل الأولية، بتسطير مجموعة من الأهداف العامة والخاصة المتعلقة بدرس معين، حيث نبدأ بتحديد الهدف العام، ثم نتبعه بالأهداف السلوكية الإجرائية حسب طبيعتها: معرفية، ووجدانية، وحسية حركية، كما يظهر ذلك جليا في الأمثلة التالية التي تتعلق بدرسنا الافتراضي (المبتدأ والخبر).

الهدف العام:
أن يستوعب المتعلم درس المبتدأ والخبر.

الأهداف الإجرائية:
1- أن يعرف التلميذ الجملة الفعلية في مستهل الدرس.
2- أن يذكر التلميذ قاعدة المبتدأ والخبر أثناء المرحلة التكوينية.
3- أن يحدد التلميذ أنواع الخبر أثناء المرحلة التكوينية.
4- أن يذكر التلميذ خمس جمل اسمية فيها مبتدأ وخبر في آخر الحصة.

وهكذا، يحدد المدرس بمعية المتعلم الأهداف الأولية المرتبطة بالمقطع التعليمي التمهيدي الذي يرتبط بالأنشطة المكتسبة وبعملية المراجعة والاستكشاف. ثم يحدد الأهداف الوسيطية أثناء مرحلة المقطع الوسطي أو التقويم التكويني. لينتهي الدرس بالأهداف النهائية مع اختتام الدرس. ويعني هذا أن الدرس عبارة عن مجموعة من المحطات والأنشطة الديداكتيكية، سواء أتعلقت بأنشطة المدرس أم بأنشطة المتعلم، والتي تتلاءم مع أنواع ثلاثة من الأهداف: أهداف أولية، وأهداف وسيطية، وأهداف نهائية[7].

مزايا الدرس الهادف وعيوبه:
من المعلوم أن للدرس الهادف مجموعة من النقط الإيجابية والمزايا الحميدة، نذكر منها:
1- العقلنة: ويعني أن الأهداف الإجرائية تعقلن العملية التعليمية- التعلمية تخطيطا وتدبيرا وتقويما. وبذلك، يتجاوز الدرس الهادف العفوية والارتجال والعشوائية التي كان يتسم بها الدرس التقليدي.

2- الأجرأة: تسعى الأهداف الخاصة إلى تحويل الأهداف العامة إلى أهداف سلوكية إجرائية قابلة للملاحظة والقياس والتقويم، وتفتيت المحتويات إلى أهداف صغرى وأكثر تجزيئا.

3- البرمجة: ويقصد بها خضوع العملية التعليمية لخطة مبرمجة لها مداخل وعمليات ومخارج. بمعنى أن تحقيق الهدف يمر عبر عمليات وسطى إلى أن تتحقق النتيجة النهائية عبر مؤشرات التقويم والقياس. وبتعبير آخر، تعني البرمجة تنظيم مختلف العمليات الديداكتيكية من أجل الوصول إلى هدف معين، عبر خطة مفصلة دقيقة وموضوعية ومقننة.

هذا، ويرى محمد الدريج في كتابه (تحليل العملية التعليمية) بأن للأهداف الإجرائية فوائد كثيرة، منها:
1- إن الهدف الإجرائي هدف واضح وشفاف لا يخفي شيئا.

2- تشدد النظريات التربوية المعاصرة على ضرورة تحديد الأهداف المتعلقة بالتعليم المبرمج أو في تسطير البرامج والمناهج والمقررات الدراسية.

3- يساعد وضوح الأهداف المدرس في اختيار المحتويات والطرائق البيداغوجية والوسائل الديداكتيكية ومعايير التقويم المناسبة.

4- إن تحديد المعايير والأهداف بوضوح ودقة يساهم في تحصيل تقويم أفضل لعمل المتعلم.

5- تمكن الأهداف المدرس من تقويم درسه عبر توظيف التغذية الراجعة أو الفيدباك لسد النواقص، وتشخيص مواطن القوة والضعف.

6- تساهم الصياغة الإجرائية للأهداف في تجويد العملية الديداكتيكية بصفة خاصة، وتطوير المنظومة التربوية بصفة عامة.

7- ضرورة إطلاع المتعلمين على الأهداف الإجرائية في بداية كل حصة دراسية، لكي يركزوا انتباههم على العناصر الضرورية والجوهرية، وتحييد العناصر العرضية أو الثانوية.

بيد أن للدرس الهادف عيوب وسلبيات، يمكن حصرها فيما يلي:
1- تتسم نظرية الأهداف بالنزعة السلوكية والنظرة التقنية على حساب النظرة الشمولية. كما تخضع لثنائية المثير والاستجابة.

2- تعطي نظرية الأهداف أهمية كبرى لتجزئ المحتويات وتفتيتها بشكل مبالغ فيه.

3- تعنى نظرية الأهداف كثيرا بالمحتوى، وتغض الطرف عن الطرائق والمناهج والوسائل الديداكتيكية.

4- تقسيم الذات الإنسانية - حسب الصنافات - إلى مستويات مستقلة هي: الجانب المعرفي، و الجانب الوجداني، والجانب الحسي الحركي. في حين، إن الإنسان وحدة نفسية وعضوية مركبة ومترابطة ومتكاملة.

5- إن كثيرا من المدرسين ذوي الخبرة قد نجحوا في دروسهم كل النجاح، دون أن يستندوا بحال من الأحوال إلى نظرية الأهداف.

خاتمة:
وخلاصة القول، تعد بيداغوجيا الأهداف نظرية تربوية جديدة قائمة على العلم، والعقلانية، والتخطيط، والقياس، والتكنولوجيا، والتحقق الموضوعي. وقد انتشرت هذه النظرية في المغرب في سنوات الثمانين من القرن العشرين، فقد كانت - فعلا- بديلا للدرس الهربارتي التقليدي الذي كان يقوم على مجموعة من المراحل، مثل: المراجعة، والشرح، وبناء القاعدة، والربط، والاستنتاج، والتطبيق. وكان هذا الدرس يقدم في غياب أهداف مسطرة، فقد كان المدرس يلقي درسه بطريقة غير واعية، وغير مخططة بدقة؛ مما يوقعه ذلك في صعوبات جمة على مستوى التقويم والتصحيح والمعالجة.

لذا، جاءت بيداغوجيا الأهداف لتنظيم العملية الديداكتيكية وعقلنتها وعلمنتها تخطيطا وتدبيرا وتسييرا وتقويما، بل أصبحت هذه النظرية معيارا إجرائيا لقياس الحصيلة التعليمية- التعلمية لدى المتعلم والمدرس معا، ومحكا موضوعيا لتشخيص مواطن قوة المنظومة التربوية على مستوى المردودية والإنتاجية والإبداعية، وأداة ناجعة لتبيان نقط ضعفها وفشلها وإخفاقها. وتعد كذلك آلية فعالة في مجال التخطيط والتقويم وبناء الدرس الهادف.


[1] - محمد الدريج: تحليل العملية التعليمية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1983م، ص:36.

[2] - محمد الدريج: نفسه، ص:38.

[3] - محمد الدريج: نفسه، ص:33.

[4] - محمد الدريج: التدريس الهادف، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1990م.


[5] A regarder Mager,Robert: Comment definer des objectifs pédagogiques,Traduction G. Décote. Gauthier-Villars, Paris, 1981.

[6] - نقلا عن محمد الدريج: تحليل العملية التعليمية، ص:45.

[7] - انظر مادي لحسن: الأهداف والتقييم في التربية، شركة بابل للطباعة والنشر، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1990م، ص:155-158.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.54 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]