ولكن لما خرجت كتب الإثنى عشرية، وفضحتهم مطابعهم تبين أن هذه التأويلات التي ينقلها ابن تيمية وينسبها للباطنية موجودة بعينها عند الإثنى عشرية، فالتأويل المذكور للآية الأولى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} جاء عند الإثنى عشرية في خمس روايات أو أكثر[84]، وسجل في طائفة من كتبهم المعتمدة[85]، وليس في الآية أية دلالة على هذا التأويل[86].
وكذلك الآية الثانية: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} ورد تأويلها بذلك في طائفة من كتبهم المعتمدة[87]. وبلغت رواياتها عندهم أكثر من ثمان روايات[88].
ومثلها الآية الثالثة: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ} جاء تأويلها عند الإثنى عشرية بما قاله شيخ الإسلام في أكثر من اثنتي عشرة رواية[89]، وتناقل هذا التأويل مجموعة من مصادرهم المعتمدة[90]، مما يثبت أن الإثنى عشرية غارقة في الباطنية، ولكنها تجيد العمل بالتقية، وتمثل الوجه الدعائي والعلني أمام عموم المسلمين، ولذا انخدع بعضهم بظاهر كلامهم، وجهلَ حقيقتهم. وهذه المصادر هي عمدة لدى الشيعة المعاصرين، ولذلك لا يختلف رأي المعاصرين عن الأقدمين في هذا التأويل الباطني البعيد عن روح القرآن ومقاصده وألفاظه ومعانيه، ولذا فإن شيخهم ومرجعهم المعاصر الخوئي يذهب إلى توثيق أسانيد القمي في تفسيره، ويحكم بصحة أحاديثه[91]، وتفسير القمي قد بلغ الغاية في التأويلات الباطنية لآيات القرآن، وليس ذلك فحسب، بل إنه ذهب إلى حمل ما ورد من طرقهم من روايات تقول إن الصحابة حرفوا كتاب الله على أن المراد بها أن الصحابة قد فسروا آيات القرآن على غير معانيها الحقيقية[92]. (*) أعني بالشيعة هنا: طائفة الإثنى عشرية التي تلقب في عصرنا بالشيعة، ومصادرها هي عمدتنا في تحرير هذا البحث. [1] ولها وقائع مشابهة كثيرة، ولذلك ينبغي أن تكون مصادرهم الفاضحة أحد منطلقات دعوتهم إلى الحق. [2] انظر: «بحار الأنوار» (92/78-106). [3] «البرهان» (1/19). [4] جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي الكوفي، توفي سنة (127هـ*) ، قال ابن حبان: «كان سبئيًّا من أصحاب عبد الله بن سبأ. كان يقول: إن عليًّا يرجع إلى الدنيا»، وروى العقيلي بسنده عن زائدة أنه قال: جابر الجعفي رافضي يشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال النسائي وغيره: متروك. وقال يحيى: لا يكتب حديثه ولا كرامة، قال ابن حجر: ضعيف رافضي (انظر: ميزان الاعتدال: 1/379-380، تقريب التهذيب 1/123، الضعفاء للعقيلي: 1/191-196). [5] «تفسير العياشي» (1/11)، «المحاسن» للبرقي (ص300)، «البرهان في تفسير القرآن» (1/20-21)، «تفسير الصافي» (1/29)، «بحار الأنوار» (92/95)، «وسائل الشيعة» (18/142). [6] «مرآة الأنوار» لأبي الحسن الشريف (ص3). [7] «أصول الكافي» (2/627)، «البرهان» (1/21). [8] جولدسهير: «مذاهب التفسير الإسلامي»: (ص 303 - 304). وقد ذكرت بعض كتب الشيعة «كتاب التفسير» لجابر الجعفي، انظر: الطوسي: «الفهرست»: ص70، «أعيان الشيعة»: (1/196). [9] وهو كذاب عند أهل السنة، أما عند الشيعة فأخبارهم في شأنه متناقضة، لكنهم يحملون أخبار الطعن فيه على التقية ويرجحون توثيقه كعادتهم في توثيق من على مذهبهم وإن كان كاذبًا. انظر: «وسائل الشيعة»: (20/51). [10] «تفسير الصافي»: (1/24)، وهذا النص جعله صاحب الصافي عنوانًا للمقدمة الثانية. [11] المطبعة العلمية بقم (1394هـ). [12] «الكافي» للكليني عن أبي جعفر، كتاب الحجة، باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله: (1/194). [13] المصدر السابق: (1/195). [14] «الكافي» للكليني بإسناده إلى أبي عبد الله (جعفر الصادق) كتاب الحجة، باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله: (1/194). [15] «تفسير العياشي»: (2/120)، وانظر: «أصول الكافي»: (1/419)، و«تفسير البرهان»: (2/180)، وفي «تفسير نور الثقلين»: (2/296)؛ (لو بدل مكان علي أبو بكر أو عمر اتبعناه). [16] «الكافي» كتاب الحجة، باب أن القرآن يهدي للإمام: (1/216)، وانظر: «تفسير العياشي»: (2/282 -383)، و«البرهان»: (2/409)، و«الصافي»: (1/960). [17] المصادر السابقة ما عدا الكافي. [18] «الكافي» كتاب الحجة، باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله: (1/196)، وانظر: «تفسير نور الثقلين»: (5/316)، وفي «تفسير القمي» فسر «النور» بمهديهم المنتظر، عن «تفسير نور الثقلين»: (5/317). [19] «الكافي» كتاب الحجة، باب أن الأئمة عليهم نور الله عز وجل: (1/195)، وانظر: «تفسير نور الثقلين»: (3/604). [20] «تفسير العياشي»: (2/258)، «البرهان»: (2/368)، «الصافي»: (1/923)، «تفسير نور الثقلين»: (3/53). [21] «تفسير العياشي»: (2/261)، «تفسير البرهان»: (2/373)، «تفسير نور الثقلين»: (3/60). [22] «تفسير الصافي»: (2/472)، وقد نقل هذه الرواية عن القمي شيخ الكليني في تفسيره، وانظر: «أصول الكافي» وانظر: «تفسير نور الثقلين»: (40/498). [23] «تفسير العياشي»: (2/353)، «تفسير البرهان»: (2/497)، «تفسير الصافي»: (2/36)، «تفسير نور الثقلين»: (3/317- 318). [24] «الصافي»: (2/361). [25] الآية كاملة: {وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّـمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} [البقرة: ظ،ظ¤] فالضمير يعود كما هو واضح من السياق يعود إلى القرآن، وهم أرجعوه إلى «علي» وهو غير مذكور أصلًا، والخطاب في الآية لبني إسرائيل. [26] «تفسير العياشي»: (1/42). [27] «تفسير العياشي»: (1/72)، «البرهان»: (1/172)، «الصافي»: (1/156)، «تفسير الثقلين»: (1/151). [28] «تفسير الصافي»: (1/571). [29] «تفسير العياشي»: (1/245- 246)، «الصافي»: (1/361)، «البرهان»: (1/375)، «تفسير نور الثقلين»: (1/488). [30] «تفسير العياشي»: (1/128)، وانظر: «تفسير البرهان»: (1/231)، «البحار»: (7/154). [31] «تفسير العياشي»: (2/319)، «تفسير الصافي»: (1/999)، «تفسير البرهان»: (2/452)، «تفسير الثقلين»: (3/235). [32] «تفسير العياشي»: (2/320)، «تفسير الصافي»: (1/99)، «البرهان»: (2/452)، «تفسير نور الثقلين»: (3/235- 236). [33] «تفسير العياشي»: (2/12)، «البرهان»: (2/8)، «البحار»: (7/69)، «تفسير نور الثقلين»: (3/17). [34] رواه شيخهم الطوسي في التهذيب، انظر: «الوافي»، أبواب الزيارات وشهود المشاهد (ج 2/193)، وانظر: «تفسير نور الثقلين»: (3/492). [35] المجلسي: «البحار»: (24/ 286- 304). [36] «الكافي»، كتاب الحجة، باب ما فرض الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وآله من الكون مع الأئمة عليهم السلام: (1/208). [37] «الكافي»، كتاب الحجة، باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة عليهم السلام: (1/214). [38] «تفسير العياشي»: (2/264)،«البرهان»: (2/375)، «الصافي»: (1/931). [39] «البحار»: (24/110 - 113). [40] «تفسير العياشي»: (2/264)، «البرهان»: (2/376)، «الصافي»: (1/932). [41] «تفسير العياشي»: (2/269)، «البرهان»: (2/383)، «البحار»: (9/111). [42] وفي عدة مواضع أخرى من كتاب الله سبحانه. [43] «تفسير العياشي»: (2/269)، «البرهان»: (2/383). [44] «تفسير العياشي»: (2/269)، «البرهان»: (2/383). [45] «تفسير العياشي»: (1/24)، «البرهان»: (1/52). [46] «تفسير العياشي»: (1/42)، «البرهان»: (1/89). [47] «البحار»: (24/338 - 243)، وانظر: الطوسي: «الغيبة»: 104، والقمي: «الخصال»: (2/32 - 33). [48] «تفسير العياشي»: (1/44)، «البرهان»: (1/95)، «البحار»: (7/178). [49] وفي عدة مواضع من كتاب الله. [50] «تفسير العياشي»: (2/42)، وانظر: «الصافي»: (1/626)، «البرهان»: (2/51). [51] «البحار»: (24/100 - 110). [52] «فروع الكافي» (الذي بهامش «مرآة العقول»): المجلد الرابع ص416. [53] «مرآة العقول»: (4/416). [54] «تفسير العياشي»: (2/223)، «البرهان»: (2/309)، «الصافي»: (1/885)، «البحار»: (3/378)، و«تفسير القمي» (عن «الصافي»): (1/885). [55] «الوافي»، كتاب الحجة، باب ما نزل فيهم عليهم السلام وفي أعدائهم: (1/314). [56] «تفسير العياشي»: (2/77 - 78)، «تفسير البرهان»: (2/107)، «تفسير الصافي»: (1/685). [57] انظر: «تفسير العياشي»: (1/246)، و«الصافي»: (1/362)، «البرهان»: (1/377). [58] «تفسير العياشي»: (2/328 - 329)، «البرهان»: (2/471)، «البحار»: (8/22)، «الصافي»: (2/17). [59] البقرة: الآيتان 168، 208 - الأنعام: آية 142. [60] «تفسير العياشي»: (1/102)، «البرهان»: (1/208)، «الصافي»: (1/208). [61] «تفسير العياشي»: (2/243)، «البرهان»: (2/345). [62] «البحار»: (4/378)، (8/220). [63] «تفسير العياشي»: (1/275)، «البرهان»: (1/414). [64] «تفسير العياشي»: (1/276)، «البرهان»: (1/415)، «البحار»: (9/637). [65] «تفسير العياشي»: (1/281)، «الصافي»: (1/404)، «البرهان»: (1/422)، «البحار»: (8/218). [66] عن «الصافي»: (1/715). [67] «تفسير العياشي»: (4/268)، «البرهان»: (2/381)، «البحار»: (7/130). [68] ابن بابويه القمي (الصدوق): «إكمال الدين»: ص17. [69] «تفسير العياشي»: (2/76)، «تفسير البرهان»: (2/102). [70] «تفسير العياشي»: (2/87)، «الصافي»: (1/697)، «البرهان»: (2/121). [71] «تفسير العياشي»: (2/157)، وانظر: «البرهان»: (2/230)، «البحار»: (5/158). [72] أغابزرك الطهراني: «الذريعة»: (19/30). [73] «فهرس مكتبة آية الله المرعشي» بقم: (3/286)، إعداد: أحمد الحسيني. [74] «تفسير العياشي»: (2/351)، «البرهان»: (2/486)، «البحار»: (5/168). [75] «تفسير العياشي»: (2/351)، «البرهان»: (2/486)، «البحار»: (5/168). [76] «تفسير العياشي»: (2/351)، «البرهان»: (2/486)، «البحار»: (5/168). [77] «تفسير العياشي»: (1/166- 167)، «البرهان»: (1/275)، «الصافي»: (1/253)، «الوسائل»: جـ2 أبواب الأمر بالمعروف باب 23. [78] «تفسير العياشي»: (1/196)، «البرهان»: (1/309)، «الصافي»: (1/290). [79] «تفسير العياشي»: (1/214)، «البرهان»: (1/335)، «البحار»: (7/135). [80] «تفسير العياشي»: (2/306)، «البحار» للمجلسي: (13/116). [81] قبعة السيف: ما كان على طرف مقبضه من فضة أو حديد، «القاموس»: مادة قبع. [82] «تفسير العياشي»: (2/259)، «البرهان»: (2/368)، «البحار»: (13/223). [83] «مجموع الفتاوى» (13/236-237). [84] انظر: «اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية» هاشم البحراني (ص321-323). [85] انظر من ذلك: «تفسير القمي» (2/212)، «معاني الأخبار» لابن بابويه (ص95)، «تفسير البرهان» (4/6-7)، «تفسير الصافي» (4/247)، «تفسير شبر» (ص416). [86] قال السلف في تفسير الآية: إن الإمام المبين ها هنا هو أم الكتاب، أي: وجميع الكائنات مكتوبة في كتاب مسطور مضبوط في لوح محفوظ. (انظر: «تفسير ابن كثير» 3/591). [87] انظر: «البرهان» (2/106، 107)، «تفسير الصافي» (2/324)، «تفسير العياشي» (2/77-78)، وانظر: «تفسير القمي» (1/283). [88] راجع المصادر السابقة. [89] انظر: «البرهان» (2/424-425). [90] انظر: «تفسير القمي» (2/21)، «تفسير العياشي» (2/297)، «تفسير الصافي» (3/199-202)، «البرهان» (2/424-425)، «تفسير شبر» (ص284)، وانظر: «مقتبس الأثر» (دائرة المعارف الشيعية) (20/21). [91] «معجم رجال الحديث» (1/63). [92] انظر للتفصيل: «أصول مذهب الشيعة» (باب: الشيعة المعاصرون وصلتهم بأسلافهم) (3/ 963)، «مسألة التقريب» (2/ 38).