عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 18-06-2021, 03:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حروف الهجاء من خلال الشعر


الْحَارِسُ قَدْ نَفَخَ النَّاقُورْ

كَيْ يَنْطَلِقَ الأَسَدُ الْجَوْعَانْ




وَتَعَالَتْ أَصْوَاتُ الْجُمْهُورْ

وَالزَّاهِدُ يَنْظُرُ بِاطْمِئْنَانْ




وَيُرَدِّدُ فِي صَبْرٍ وَجَلاَلْ

يَا رَبَّ الرَّحْمَةِ وَاللُّطْفِ




أَنْقِذْنِي مِنْ هَذِي الأَهْوَالْ

حَتَّى أَعْلُوَ فَوْقَ الْخَوْفِ




الأَسَدُ عَرَفْنَاهُ رَهِيبًا

يَبْطِشُ، يَتَحَدَّى، وَيُعَانِدْ




قَدْ صَارَ أَلِيفًا وَحَبِيبًا

يَتَمَسَّحُ بِثِيَابِ الزَّاهِدْ




قَدْ رَوَّضْنَا الأَسَدَ الْجَبَّارْ

بِالعَمَلِ الطَّيِّبِ وَالإِحْسَانْ




الْخَيْرُ سَيَبْقَى شَمْسَ نَهَارْ

يَهْدِي الأَكْوَانَ بِكُلِّ زَمَانْ










والصِّياغة الشِّعرية كما نرى جذَّابة، استطاع الشَّاعر من خلالها أن يبسِّط تلك القصَّةَ المعروفة عن بَطْش الرُّومان إلى مستوى تلقِّي الأطفال بسهولة ويُسْر.









والعلاقات الأُسَرية وأهَمِّيتها وكيفيَّتها، هي من صميم المَسائل التي يجب أن يَعتني بها كلُّ من يتصدَّر للكتابة للأطفال؛ فهي أساسُ كلِّ المعارف وعليها تُبْنَى المُجتمعات؛ لذلك كانت القصيدة الثَّانية في الجزء الأول - وعلى حرف (الألف) أيضًا - من نصيب هذه العلاقة، فقصيدة "أخي وأختي والجيران" تتناول المعاني النَّبيلةَ لهذه العلاقة وتطوّرها؛ لتشمل كلَّ المجتمع الإسلاميِّ الذي جعله القرآنُ الكريم إخوةً؛ ï´؟ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ï´¾ [الحجرات: 10]، والقصيدة تدعو إلى ما دعَتْ إليه الأديانُ من إيثارٍ، وإخاء، وصفاء، وحُب متبادَلٍ بين الناس.




وحينما يقول "شعراوي" في هذه القصيدة:











مَا فَرَّقَتْ مِنَّا الأَلْوَانْ




وَإِنْ تَعَدَّدَتِ الأَوْطَانْ




فَهَكَذَا شَأْنُ الأَدْيَانْ




تُحْيِي الإِخَاءَ بِكُلِّ زَمَانْ












فإنَّ كل كلمةٍ في صياغة هذه الأبيات تأتي صادقةً، أو نابعةً من أعماقه، فالذي يتحدَّث عن تعدُّد الأوطان وعدم تأثير ذلك في الأخُوَّة الصادقة بين الجيران والمُجتمع بِأَسره، هو شاعرٌ طافَ كثيرًا من البلاد، واختلط بأجناسٍ متعدِّدة من البشَر، وتفاعل وتجاوب معهم جميعًا، وأضاف إلى كلِّ ذلك قراءاتِه المتنوِّعةَ في آداب الشُّعوب الأخرى التي رُبَّما لم يختلط بهم بالقدر الكافي.









وكلُّ هذه العلاقات بالإضافة إلى أنَّها أضافت كثيرًا إلى رصيده الثَّقافي، فقد أثْرَتْ عنده الأبعاد الاجتماعيَّة، خاصَّة أنه أديبُ أطفال، يَمْلك رهافة حسٍّ وقوَّة ملاحظة، شأنه شأن كلِّ أدباء الطِّفل الذين يجيدون رَصْد كلِّ ما حولهم من الأمور التي قد لا يلتَفِت إليها كثيرٌ من النَّاس، و"شعراوي" أتى من أقصى جنوب مصر بلونه الأسمر وملامحه النوبيَّة الإفريقيَّة، ولم يَشْعر أن هذا اللَّون وهذه الملامح كانت حائلاً بينه وبين أقرانه، وهو يؤكِّد على هذه المعاني في كلِّ أشعاره سواء كانت للكِبار أم للصِّغار، وكما قال في قصيدة (يا نبي):











أَنَا نُوبِيٌّ وَفِي نُوبِيَّتِي

شِفَةُ الزَّنْجِ وَأَنْفُ الْحَبَشِيّ




يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَلَّمْتَنِي

أَنَّ فِي الأَجْنَاسِ لاَ فَضْلَ عَلَيّ




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.18 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]