عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 18-06-2021, 03:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حروف الهجاء من خلال الشعر

كُؤُوسَ عِطْرٍ تُسْعِدُ الأَيَّامَا




وَلْتَسْكُبُوا حُرُوفَهَا أَنْغَامَا




تُخَلِّدُ الإِخَاءَ وَالسَّلاَمَا


وقد وَضعتُ القصيدة كاملةً لصعوبة الاقتِطاع؛ بسبب تسلسُلِ المعاني، وقد بدأ "شعراوي" القصيدةَ بكلمةٍ تُناسب هذا السِّياق، وهي قوله: (قيل)، وبعد ذلك سرد جانبًا من الاتِّهامات التي تُوَجَّه إلى حرف (الذَّال) في أربعة مقاطع، ومن الجميل أنَّه بدأ بفِعل مبنِيٍّ للمجهول؛ حتَّى يقلِّلَ من مصداقيَّة هذه المزاعم، وفي المقطع الثاني، أتى بالشَّواهد التي تؤكِّد أن الحرف بريءٌ من التُّهَم الموجَّهة إليه، قائلاً:















وَالذَّالُ مِنْهُ لَذَّةُ الإِيمَانِ




وَذِكْرُ رَبِّي ذَابَ فِي الأَذْهَانِ...




وهكذا، وعلَّل مذهبه في التعامل مع الحروف بقوله:




وَأَيُّ حَرْفٍ فِي لِسَانِ الأُمَّهْ




لَنْ يَقْبَلَ الْهِجَاءَ وَالْمَذَمَّهْ...












وهذا الأسلوب الذي اتَّبعه "شعراوي" مُقْنع للصِّغار وللكبار، بل يولِّد التعاطف مع هذا الحرف وكلِّ الحروف، مما ينتج عنه حميميَّةٌ بين الحروف والصِّغار، وهذا هو الهدف من الكتاب أو الدِّيوان.









وإذا صارت العلاقة بين الأطفال والحروف لها صفة الصَّداقة، فمن السَّهل أن تُستغَل هذه الصَّداقة في نَشْر الأخلاق الفاضلة والصِّفات النبيلة، ولأنَّ صلة الإنسانِ بالله - سبحانه وتعالى - من أساسيَّات الخلُقِ الفاضل، فإنَّ قصيدة "دعاء مع حرف السِّين" في الجزء الثَّاني تركِّز على هذه الجزئيَّة في منهجيَّةٍ واضحة، مبنيَّة على توظيف التُّراث الدِّيني لتحقيق الأهداف التربويَّة المنشودة، فبداية القصيدة:















أَسْبَغْتُ وُضُوئِي لِصَلاَتِي

وَذَكَرْتُ سَمَاءَ الإِسْرَاءِ




فَالدِّينُ سِرَاجٌ وَهَّاجٌ

وَالْمَسْجِدُ وِرْدُ الأَضْوَاءِ










والقصيدة لا تخلو من إشاراتٍ إلى المقدَّسات الإسلاميَّة بأسلوب يوثِّق الصِّلة بين الطفل والرموز المحبَّبة إلى قلبه؛ سواء كانت أماكن (مثل: المسجد وبيت المَقْدس)، أو معانِيَ (مثل: الصلاة والسُّجود، وأسرار الوجود، وهمس الضَّمير)، أو أشخاصًا (مثل: بلقيس، وسارَّة، وإسماعيل، وسليمان، وإدريس...).









وبنفس القَدْر الذي يتمُّ به بثُّ الصِّفات النبيلة والأخلاق الحميدة والمعاني الإسلامية، فإنَّه ينبغي أن ننبِّه الصِّغار ونبعدهم عن المذمَّات والنَّقائص والصفات السيِّئة، حتَّى يكتمل المنهج الصَّحيح في تنشئة فلذات الأكباد، وذلك حسب رؤية سيِّدنا حُذَيفة بن اليمَان - رضي الله عنه - الَّذي رُوِي عنه أنه قال: "كان الصَّحابة يَسألون رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الخير؛ لِيُدركوه، وكنت أسأله عن الشرِّ؛ مَخافة أن يُدرِكَني"[2].









وهذه الرؤية صحيحةٌ ومنطقيَّة، ولها مرجعيَّة في القرآن الكريم الذي قصَّ علينا كثيرًا من أنباء الأمم البائدة وشرورِهم؛ حتى نتجنَّب الوقوعَ في مثلها؛ كقوله تعالى: ï´؟ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ï´¾ [الفجر: 6 - 14].









و"شعراوي" الذي استقى ثقافته من القرآن الكريم، كما أشرتُ إلى ذلك من قبل؛ يأتي بحكايته عن حرف (الهاء) في الجزء الرَّابع، عن فرعونَ وموقفه من رسالة سيِّدنا موسي - عليه السَّلام - وذلك بأسلوبٍ يُناسب ملَكاتِ الطِّفل ومدارِكَه، ويبدأ القصيدة بإلقاء الضَّوء على غرور فرعونَ وزهوِه، وينتهي بمصيره بين أمواج البحر.









بداية القصيدة:















يُقَهْقِهُ فِرْعَوْنُ فِي صَحْوِهِ




غُرُورًا، وَيُكْثِرُ مِنْ لَهْوِهِ




قَدِ اهْتَزَّ بِالْجَاهِ وَالقُوَّةِ




فَلَمْ يُبْصِرِ الْهَوْلَ فِي الْهُوَّةِ







ونهاية القصيدة:















وَمُوسَى هُنَا يَضْرِبُ البَحْرَ ضَرْبًا

قَوِيًّا بِهَذِي العَصَا الْمُلْهمَهْ




فَيَأْمُرُ رَبُّ الْهُدَى أَنْ تُشَقَّ

وَتَلْتَهِمَ الطُّغْمَةَ الْمُجْرِمَهْ










كما يأتي بحكاية عن حرف (الرَّاء) في الجزء الثاني، فحواها قصَّة تاجرٍ تَملَّكه الطمعُ والغش، فدفع ثمن ذلك المكر، وتعلَّم الدرس من قردٍ كان يرافقه في تلك الرِّحلة التجارية، حيث أبقى له حقَّه الصحيح فقط، وألقى بالزِّيادة التي اكتسبها بالغشِّ والخداع في قاع المياه، يقول "شعراوي" في هذه القصيدة التي يُحاول من خلالها توضيحَ مصير الغشِّ والخداع:















قِصَّتُنَا يَا جِيلَ الأَخْيَارْ




تَحْكِي عَنْ (مَسْرُورَ) الْمَكَّارْ




قَدْ كَانَ يَغُشُّ النَّاسَ إِلَى




أَنْ صَارَ كَبِيرًا لِلتُّجَّارْ






يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.11 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.76%)]