عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 18-06-2021, 03:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,240
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الظواهر العروضية في شعر باكثير


كَمْ فِي سَنَاكَ مِنْ مَعَانْ

مُنْذِرُنَا بِمَعْمَعَانْ




هَلْ ثَمَّ لِلْبَغْيِ مُجِيزْ؟



أَقْبَلَ يَوْمُ العَقَبَهْ

يَوْمَ تُفَكُّ الرَّقَبَةْ




هَا هُوَ ذَا مَا أقْرَبَهْ

لَهُ بِحِطِّينَ شَبَهْ




صَلاحُهُ عَبْدُالعَزِيزْ[19]






وعلى الرغم من أنَّ شعر باكثير مغموسٌ بالروح الغنائيَّة، إلا أنَّه كثيرًا ما يمزجه بالنَّزعة الدراميَّة القصصيَّة، كما في قصيدة "مأساة يهوديَّة أسلمت في عدن" التي تحكي قصَّة جميلة عن يهوديَّة تركت دِينها، ودخلت في دين محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم ما تعرَّضت له من الغَدر والخذلان على يديْ مَن التَجأتْ إليه فِرارًا بدينها، ممَّا جعل اليهود يمسكون بها ثانية[20].



إحصائية بالمادة العروضية في ديوان سحر عدن:


م

اسم البحر

مرات استعماله

1

الطويل

9

2

مجزوء الكامل

7

3

الكامل التام

6

4

مجزوء الرَّجَز

4

5

مجزوء الرمل

3

6

الخفيف

3

7

المتقارب

3

8

السريع

3

9

الوافر

2

10

الرمل التام

2

11

البسيط

2

12

مجزوء الخفيف

1

13

مجزوء الهزج

1

14

المنسرح

1

15

مشطور الرَّجَز

1

16

الممتد "بحر مهمل"

1




ومن الواضح من هذه الإحصائيَّة حول المادة العروضيَّة في ديوان "سحر عدن وفخر اليمن" غِنَى هذه المادَّة، واستيفاؤها مُعظَم بحور الشعر العربي، كما يُلاحَظ كثرة البحور المجزوءة، واستخدام بعض بحور العروض المهمَلة كما رأينا في استخدام "الممتد" وهو معكوس "المديد"، وفي ذلك كله مؤشرات على اشتداد نزعة التلاعُب العَروضي.



كما حضرت في هذا الديوان قصيدة (رسم محمد علي لقمان) التي يمكن عدها نموذجًا من الشعر الحر، أو شعر التفعيلة على نحو ما بينَّا قبل قليل.



التجربة العروضيَّة في "من وحي ضفاف النيل":

يُمثِّل ديوان "من وحي ضفاف النيل" ما كتَبَه باكثير من الشعر في مصر، حيث ذهَب إليها في رحلته الأخيرة عام (1934م)، وأقام فيها إقامته الدائمة إلى أنْ وافاه الأجل عام (1969م).



أقام باكثير في مصر واتَّخذها وطنًا ثانيًا له؛ فدرس في جامعة القاهرة، وتخرَّج في كلية الآداب - قسم اللغة الإنجليزيَّة، وقد اختار تخصُّص الأدب الإنجليزي عن وعيٍ وإدراك؛ حتى يُطعِّم ثقافته العربية بثقافة أجنبية، وحتى يُعمِّق تجربته الشعرية، وتتفتَّق له فيها آفاق جديدة من خلال اطِّلاعه على تجارب الشعراء الإنجليز.



نضجت تجربة باكثير في مصر نضجًا واضحًا، واتَّسعت أغراضها وطرائقها؛ فقد وجد الرجل في مصر الأمان والاستقرار، ووجد البيئة الثقافيَّة الغنيَّة، فاحتكَّ بكبار أدباء العربية يومذاك، واطَّلع على تجارب المدارس الأدبيَّة المختلفة، وعلى إبداع دُعاة التجديد الحاملين لواءَه من المتأثِّرين بالثقافات الأجنبيَّة، ولا سيَّما المدرسة الرومانسيَّة الثوريَّة التي تجلَّت تأثيراتها العميقة في أدباء المهجر، وفي مدرسة أبولو، ومدرسة الديوان، وغير هؤلاء وهؤلاء.



ونجدُ في ديوان "من وحي ضفاف النيل" - وهو شعر المرحلة المصريَّة - مادَّة عروضيَّة غنيَّة مُتنوِّعة كما في الإحصائية المرافقة.



إحصائية بالمادة العروضية في شعر باكثير المصري "من وحي ضفاف النيل"[21]:



م

اسم البحر

مرات وروده

1

الكامل

12

2

الخفيف

11

3

الطويل

9

4

البسيط

6

5

الرمل

6

6

مجزوء الكامل

6

7

السريع

6

8

الرَّجَز

4

9

الهزج

4

10

مجزوء الرَّجَز

3

11

المنسرح

2

12

الوافر

1

13

مجزوء الوافر

1

14

المتقارب

1

15

المجتث

1

16

مجزوء المديد

1

17

مجزوء المتدارك

1

18

مخلع البسيط

1

19

شعر التفعيلة

1





ويبدو من الإحصائيَّة ما سبق أنْ عرَفناه من تمكُّن باكثير من عروض الشِّعر العربي، ووفرة المادة الموسيقيَّة التي يُجِيدها، كما يبدو واضحًا حِرصُ باكثير على التنويع الموسيقي، وعلى الابتِداع والتجديد، والتصرُّف في الإيقاع، والخروج على المألوف.



والجزء الثاني من هذا الديوان المجموع كله قصائد تتَّجِه إلى التحرُّر من ضغط القافية الموحَّدة؛ فنجد ظاهرة التنويع في هذه القافية، حيث تتحوَّل القصيدة أحيانًا إلى مقاطع ثنائية، أو ثلاثية، أو رباعية... من ذلك مثلاً قصيدة (أغنية النيل)[22] وهي من شعر المرحلة المبكرة (1934م) وقد بنيت على مجزوء الرَّجَز أو منهوكه، وهي ثنائية المقاطع:



يَا جِسْرَ إِسْمَاعِيلْ

بُورِكْتَ مِنْ جِسْرِ




أَنْتَ سُوَارُ النِّيلْ

رُصِّعَ بِالدُّرِّ




حَلاَّ بِهِ وَازْدَانْ

مِعْصَمُهُ النَّاعِمْ




كَأَنَّهُ وَسْنَانْ

بِالأَمَلِ الْحَالِمْ






... إلخ.



وقد يُبالِغ في الخروج على العروض المألوف؛ فهو مثلاً يبني قصيدة (طال انتظاري)[23] بناءً غنائيًّا شبيهًا ببناء الموشحة، وهو لا يكتفي فيها بالتنويع في القافية، بل يُنوِّع فيها في البحور، وفي عدد التفعيلات، يقول:



طَالَ انْتِظَارِي

عَزَّ اصْطِبَارِي




أَوَّاهُ يَا سَاعَةَ الْمَزَارِ

يَا حَرَّ نَارِي مِنِ انْتِظَارِكْ








هذا مقطع من أربعة أشطُر، ثلاثة أشطر منه على رَوِيِّ الراء المكسورة، ثم يُخْتَم المقطع بشطرٍ رابع يشبه القفلة، وهو من رَوِيٍّ آخَر (الكاف الساكنة)، ولكنَّ الملاحَظ عدم وحدة البحر فيها، فالشطران الأوَّلان من الرَّجَز، والشطران: الثالث والرابع من مخلَّع البسيط (مستفعلن/فاعلن/فعولن)، ولكن الشاعر لا يلتزم هذا النظام في المقطع الثاني من القصيدة، فهو يقول:



هَلْ وَقَفَ الدَّهْرُ عَنْ مَسِيرِهْ

فَلَمْ يَحِنْ مَوْعِدُ الْحَبِيبِ




فَمَا لِذَا الْمَاءِ فِي خَرِيرِهْ

يَجْرِي إِلَى حَقْلِهِ القَرِيبِ




فَيَشْتَفِي الْحَقْلُ مِنْهُ رَيَّا



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.09 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.98%)]