عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 13-06-2021, 08:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,219
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»

الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

حكم قراءة الفاتحة في حق المأموم



كما استدلوا بالأحاديث التي فيها النهي عن القراءة خلف الإمام - إذا جهر - فيما عدا الفاتحة:

10 - فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: "كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فثقُلتْ عليه القراءة، فلما فرغ قال: ((لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟))، قلنا: نعم، يا رسول الله، قال: ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها))[57].



11 - وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه، فلما قضى صلاته أقبَلَ عليهم بوجهه، فقال: ((أتقرؤون في صلاتكم والإمام يقرأ؟))، فسكَتوا، فقالها ثلاث مرات، فقال قائل أو قائلون: إنَّا لنفعل، قال: ((فلا تفعلوا، ويقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه))[58].



12 - وعن محمد بن أبي عائشة، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعلكم تقرؤون والإمام يقرأ))، قالوا: إنَّا لنفعل، قال: ((لا، إلا بأن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب))[59].



13 - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتقرؤون خلفي؟))، قالوا: نعم، يا رسول الله، إنَّا لَنهذُّه هذًّا، قال: ((لا تفعلوا إلا بأم القرآن))[60].



قالوا: فحديث عبادة: ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب...)) وما في معناه من الأحاديث التي تشهد له، كلُّها نص في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في نفسه، واستثنائها من النهي عن القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة، ووجوب قراءتها إذا أسَرَّ الإمام في القراءة من باب أولى.



كما استدلوا بالأحاديث والآثار التي تدل على وجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة السرية:

14 - وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: "كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب"؛ رواه ابن ماجه[61].



قالوا: فهذا الحديث وما في معناه من الأحاديث والآثار[62] تدل على ملازمة الصحابة رضي الله عنهم على قراءة الفاتحة في الصلاة السريَّة خلف الإمام، وقولُ الصحابي: "كنا نفعل كذا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم" من قبيل المرفوع.



15 - وعن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئًا، فعلِّمْني ما يجزئني منه، قال: ((قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم...))[63].



قالوا: ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم علَّم من لا يحسن القرآن ما يقوم مقامه، ولم يأمره بالائتمام حتى تسقط عنه القراءة[64].



إلى غير ذلك من الأحاديث[65].



16 - كما استدلوا بالآثار المتواترة عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم، في القراءة خلف الإمام مطلقًا في السرية والجهرية[66].



17 - وقالوا: إن الإمام لا يتحمل عن المأموم شيئًا من الركوع والسجود، بل لا يتحمل عنه شيئًا من السنن والمستحبات، فكيف يتحمل قراءة الفاتحة التي هي من الواجبات؟[67].



18 - وقالوا أيضًا: إن قراءة الفاتحة خلف الإمام لا تُبطِل الصلاةَ بالإجماع، حتى ولا في الصلاة الجهرية، وإنما يفوته الاستماع فقط، وإنما تبطُل الصلاةُ بترك قراءتها عند كثير من أهل العلم، وخاصة في الصلاة السرية[68].



قالوا: فهذه الأدلة تدل على وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة مطلقًا، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، وسواء كان المصلي إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا، فهي مخصِّصة لعموم قول الله تعالى: ï´؟ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ï´¾ [الأعراف: 204]، والسُّنة تخصِّص القرآن بلا خلاف[69].



ومخصِّصه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي موسى وحديث أبي هريرة - رضي الله عنهما: ((وإذا قرأ فأنصِتوا))[70].



بل ومخصِّصه لعموم حديث جابر رضي الله عنه: ((من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة))[71]، على فرض صحته؛ أي: فقراءته له قراءة، فيما عدا الفاتحة التي خصها الدليل بوجوب قراءتها على كل مصلٍّ، إمامًا كان أو مأمومًا أو منفردًا، ويدل على التخصيص حديث عبادة رضي الله عنه: ((فلا تفعلوا إلا بأم القرآن؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها))[72].



قالوا: والأولى أن يقرأ المأموم الفاتحة في سكتات الإمام إذا كان له سكتات، فإن لم يكن له سكتات قرأ معه[73].



والأولى إذا لم يكن للإمام سكتات أن يقرأ معه حال قراءة الإمام للسورة، أما حال قراءة الإمام الفاتحة، فإن الأولى بالمأموم أن يستمع؛ لأن قراءة الفاتحة واجبة، بخلاف قراءة ما بعدها، والاستماعُ لقراءة الواجب أولى من الاستماع لغير الواجب[74].



وإذا نسي المأموم قراءة الفاتحة، أو سها عن ذلك، أو جهل وجوبها، سقط عنه وكفَتْه قراءة الإمام على الصحيح، وكذا إذا أدرك الإمام راكعًا؛ لفوات محلِّها؛ لحديث أبي بكرة رضي الله عنه: أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((زادك الله حرصًا، ولا تعد))[75].



وقد أجمع العلماء على هذا.



قال القرطبي[76]: "وأما المأموم، فإن أدرك الإمام راكعًا، فالإمام يحمل عنه القراءة، ولإجماعهم على أنه إذا أدركه راكعًا أنه يكبِّر ويركع، ولا يقرأ شيئًا".



القول الثاني:

أن المأموم يقرأ خلف الإمام في الصلاة السريَّة، ولا يقرأ في الصلاة الجهرية، بل يُنصِت لقراءة الإمام.



وهذا هو الثابت - والله أعلم - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه[77].



وهو مرويٌّ أيضًا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه[78]، وعن ابنه عبدالله بن عمر بن الخطاب[79]، وعبدالله بن مغفل[80].



وعبدالله بن مسعود [81]، وعائشة[82]، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم، مع اختلاف عنه في ذلك[83]، وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة[84] والزهري[85]، وقتادة[86]، وسعيد بن المسيب[87]، والحكم بن عتبة[88]، والقاسم بن محمد[89]، وعرووة بن الزبير[90]، ونافع بن جبير بن مطعم[91]، وسالم بن عبدالله بن عمر[92].



وبه قال الإمام مالك وأصحابه[93]، وأحمد بن حنبل، إلا أنه قال: إن سمع في صلاة الجهر لم يقرأ، وإن لم يسمع قرأ[94]، وذكر ابن تيمية[95] أنه لم يصح عنه غيرها.



وقال به أيضًا عبدالله بن المبارك[96]، وإسحاق بن راهويه[97]، وهو قول الشافعي في القديم[98]، وبه قال الأوزاعي وأبو ثور[99] وداود[100].



وهو اختيار جمع من المحققين أيضًا؛ منهم:

الطبري[101]، وأبو بكر بن العربي[102]، وشيخ الإسلام ابن تيمية، قال: "وهو قول جمهور أهل العلم، وأعدل الأقوال"[103].



واختاره - أيضًا - الحافظ ابن كثير[104]، وشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب[105]، واللكنوي من محققي الأحناف في هذا العصر[106].



واختاره من علمائنا المعاصرين فضيلة الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني[107]، وفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان.



واختلفوا في حكم القراءة في الصلاة السريَّة خلف الإمام: أهي واجبة أم سنة؟

فذهب مالك[108]، وأحمد في رواية[109] له - عدَّها بعض أصحابه هي المشهورة عنه[110]، واختارها بعض أصحابه كشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب[111] - إلى أن قراءة الفاتحة في الصلاة السرية خلف الإمام سنةٌ.



وذهب الأوزاعي[112] والشافعي[113] وأبو ثور وإسحاق، وداود[114]، وأحمد في رواية عنه[115] - إلى أن القراءة في الصلاة السرية خلف الإمام واجبة، ولا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، واختار هذا ابنُ العربي[116].



واتفقوا على أنه لا يُشرع قراءة الفاتحة، ولا غيرها، حال سماع المأموم لقراءة إمامه.



واختلفوا في حكم من قرأ وهو يسمع قراءة الإمام: فذهب بعضهم إلى كراهية ذلك[117]، وذهب بعضهم إلى تحريمه[118]، بل شذ بعضهم فقال ببطلان صلاته[119].



أما إذا لم يسمع المأموم قراءة الإمام، أو كان للإمام سكتات:

فقال بعضهم: الأفضل للمأموم أن يقرأ الفاتحة في هذه الأحوال[120] - وهو الأولى - لكن لو لم يفعل، فصلاته صحيحة عندهم[121].



الأدلة التي استدل بها أصحاب هذا القول:

أ - استدلوا على وجوب القراءة في الصلاة السرية، أو استحبابها، بالأدلة التي استدل بها أصحاب القول الأول على وجوبها أو استحبابها في الحالين، وعلى أنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها؛ كحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب))[122].



وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن، فهي خداج - ثلاثًا - غير تمام)).



وغير ذلك من الأحاديث بهذا المعنى، وقالوا: المراد بها الإمام والمنفرد، وكذا المأموم في الصلاة السرية، وكذا في الجهرية إذا لم يسمع قراءة الإمام.



ب - أما أدلتهم على أن المأموم لا يقرأ في الصلاة الجهرية، بل يُنصِت لقراءة الإمام، فمنها ما يأتي:

1 - قوله تعالى: ï´؟ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ï´¾ [الأعراف: 204]، قالوا: فهذه الآية نزلت في الأمر بالإنصات عند القراءة في الصلاة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أنهم كانوا يتكلمون في الصلاة، فنزلت: ï´؟ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ï´¾ [الأعراف: 204]"[123]، وقد رُويَ نحوه عن ابن مسعود[124]، وابن عباس[125]، وقتادة[126]، والزهري[127]، ومعاوية بن قرة[128].



والقول بأنها في الصلاة دون ذكر سبب نزولها مرويٌّ أيضًا عن أبي هريرة[129]، وابن عباس[130]، وابن مسعود[131]، وعبدالله بن مغفل[132]، والزهري، ومجاهد، وسعيد بن المسيب، والشعبي، وإبراهيم النخعي، والحسن[133]، وعبيد بن عمير، وعطاء بن أبي رباح، والضحاك، والسدي، وعبدالرحمن بن زيد[134]، ومحمد بن كعب القرظي[135]، واختاره الطبري[136].



بل ذكر الإمام أحمد الإجماعَ على أنها نزلت في الصلاة[137].



2 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطَبَنا فبيَّن لنا سُنَّتنا، وعلَّمَنا صلاتنا، فقال: ((أَقيموا صفوفكم، ثم ليؤمَّكم أحدكم، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قرأ فأَنصِتوا))[138].



3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما جُعل الإمام ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قرأ فأَنصِتوا))[139].



قالوا: فهذه الأدلة الثلاثة - الآية، وحديث أبي موسى، وحديث أبي هريرة - فيها وجوب الإنصات والاستماع لقراءة الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة، ولم يخص هذا الأمر بقراءة الفاتحة ولا غيرها[140]، بل إن هذه الأدلة هي المخصصة للأحاديث التي فيها إيجاب قراءة الفاتحة في الصلاة مطلقًا؛ كحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في الصحيحين: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) وغيره[141].



واستدل شيخ الإسلام ابن تيمية[142] على تخصيص عموم أحاديث وجوب قراءة الفاتحة بالآية والحديثين المذكورين بأنه قد خُصَّ من عموم تلك الأحاديث أمور، منها: أن من أدرك الإمام راكعًا فكبَّر ودخل معه قبل رفعه من الركو،ع فقد أدرك الركعة بإجماع أهل العلم، كما جاء في حديث أبي بكرة[143].



وخُصَّ منه الصلاة بإمامين، فإن الإمام الثاني يقرأ من حيث انتهى الإمام الأول، ولا يستأنف قراءة الفاتحة، كما في فعله صلى الله عليه وسلم لما صلى بالناس وقد سبقه أبو بكر ببعض الصلاة، قرأ من حيث انتهى أبو بكر، ولم يستأنف قراءة الفاتحة؛ لأنه بنى على صلاة أبي بكر، فإذا سقطت عنه الفاتحة في هذا الموضع، فعن المأموم أولى.



وخُصَّ منه أيضًا حال العذر؛ كالجهل والسهو، فإذا ترك المأموم قراءة الفاتحة خلف إمامه في السرية جهلًا أو سهوًا، سقطت عنه، وتحمَّلَها الإمام.



فإذا خُصَّ من ذلك حال المسبوق، والصلاة بإمامين، وحال العذر بالجهل أو السهو، فكذلك خُصَّ منه حال استماع المأموم لقراءة إمامه؛ لأن هذا عذر، فلا يقرأ في حال جهر إمامه، بل يستمع، أما أمر المأموم بالإنصات، فلم يخص منه شيء، لا بنص خاصٍّ ولا إجماع، وإذا تعارض عمومانِ أحدهما محفوظ والآخر مخصوص، وجب تقديم المحفوظ.



قال ابن تيمية[144]: "ولو كانت قراءة الفاتحة فرضًا على المأموم مطلقًا، لم تسقط بسبق ولا جهل، كما أن الأعرابي المسيء في صلاته قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ارجع فصلِّ؛ فإنك لم تصلِّ))، وأمر الذي صلى خلف الصف وحده أن يعيد الصلاة".



كما استدلوا أيضًا:

4 - بما رواه ابن شهاب الزهري، عن ابن أُكيمة الليثي، عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: ((هل قرأ معي أحد منكم آنفًا؟))، فقال رجل: نعم، يا رسول الله، قال: ((إني أقول: ما لي أُنازَع القرآن؟))، فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة من الصلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم"[145].



قالوا: فقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما لي أُنازَع القرآن؟" إنكار على من يقرأ حال جهر الإمام، سواء بأم القرآن أو غيرها[146].



وقالوا - أيضًا -: قوله في الحديث: "فانتهى الناسعن القراءة مع النبي صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه... إلى آخره" هذا من كلام الزهري، كما ذكر أهل العلم، والزهريُّ من أعلم أهل زمانه وقد قطع بأن الصحابة لم يكونوا يقرؤون خلف النبي صلى الله عليه وسلم في حال الجهر، وهذا من الأحكام العامة التي لا تخفى، ويعرفها عامة الصحابة والتابعين لهم بإحسان"[147].



5 - وعن عبدالله بن شداد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة))، ورُويَ مسندًا عن جابر بن عبدالله[148] رضي الله عنه.



قالوا: فهذا الحديث يدل على أن المأموم لا يقرأ خلف إمامه، لا الفاتحة ولا غيرها، إذا جهر إمامه في القراءة؛ لأن قراءة الإمام في هذه الحال قراءة لمن خلفه؛ ولهذا أُمِر المأموم بالإنصات لقراءة الإمام[149]، كما في الآية والأحاديث السابقة.



6 - وعن عمران بن حصين رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر، فجعل رجل يقرأ خلفه بـï´؟ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ï´¾، فلما انصرف قال: ((أيكم قرأ، أو أيكم القارئ؟))، فقال رجل: أنا، فقال: ((قد ظننت أن بعضكم خالَجَنِيها))[150].



قال أبو داود: قال الوليد في حديثه: "قال شعبة: قلت لقتادة: كأنه كرهه؟ فقال: لو كرهه لنهى عنه".



قالوا: فهذا الرجل قرأ خلف النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينهه ولا غيره، فدل على أن المأموم يقرأ خلف الإمام في الصلاة السرية[151]. وإن احتمل الحديثُ معنى النهي فإنما هو نهي للمأموم عن الجهر بالقراءة خلف إمامه، كما بوَّب له مسلم رحمه الله.



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.91 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.59%)]