عرض مشاركة واحدة
  #48  
قديم 13-06-2021, 07:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,463
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»

الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

الاعتراضات الواردة على أدلة أصحاب القول الثالث:

أن المأموم لا يقرأ لا في السرية، ولا في الجهرية


أولًا: اعتُرض على استدلالهم بالأدلة التي فيها الأمر بالإنصات لقراءة الإما؛م كآية الأعراف، وحديث أبي موسى وأبي هريرة، من وجهين:



الوجه الأول: أن هذه الأدلة إن دلَّتْ على عدم القراءة حال جهر الإمام، فليس فيها دلالة على عدم القراءة في حال إسرار الإمام، أو سكوته؛ لأن السكوت حال عدم جهر الإمام لا يُسمَّى إنصاتًا، ولم يؤمر بترك قراءة الفاتحة ولا غيرها في هذه الحال[1].







الوجه الثاني: أن هذه الأدلة التي فيها الأمر بالإنصات مخصَّصة بالأحاديث التي فيها الأمر بقراءة الفاتحة في الصلاة، كما سبق.







وقد أجاب أصحاب القول الثالث عن الوجه الثاني بأن أدلة الأمر بالإنصات ليست مخصَّصة بأحاديث الأمر بقراءة الفاتحة في الصلاة؛ لأن هذه الأحاديث خاصة بالمنفرد والإمام دون المأموم.







ثانيًا: اعتُرض على استدلالهم بحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي فيه قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما لي أُنازَع القرآن؟))، بأن هذا محمول على الجهر خلف الإمام، وهذا لا يجوز بالاتفاق، أو على القراءة سرًّا حال جهر الإمام، وهذا لا يجوز عند كثير من أهل العلم، ولا يدلُّ الحديث على النهي عن القراءة خلف الإمام مطلقًا، حتى ولو كانت سرًّا في حال إسرار الإمام، كما تقولون.







ثالثًا: اعترض على استدلالهم بالحديث: ((من كان له إمام فقراءة، الإمام له قراءة)) من وجوه عدة:



منها: الوجه الأول والثالث والخامس من الوجوه المذكورة في الاعتراض على استدلال أصحاب القول الثاني بهذا الحديث.







ومنها: أن المراد بقوله: "فقراءة الإمام له قراءة" أي: في الصلاة الجهرية، إذا لم يسكت الإمام، كما يقول أصحاب القول الثاني، فيما تقدم[2]، وله وجه.







ومنها: أنهم يستدلُّون بالحديث على عدم جواز القراءة خلف الإمام مطلقًا، والحديث ظاهره أن قراءة الإمام تجزئ عن المأموم، لا أن القراءة لا تجوز من المأموم أو لا تُستحب منه؛ قال ابن تيمية[3]: "ليس في حديث ((فقراءة الإمام له قراءة)) دليلٌ للكوفيين على أنه لا تُستحب للمأموم القراءة؛ وإنما فيه الدلالة على أن له أن يجتزئ بذلك، وأن الواجب يسقُط عنه بذلك، لا أنه ليس له أن يقرأ".







ومنها: أن جميع الأذكار التي يُشرَع للإمام أن يقولها - مستحبةً كانت أو واجبة - يُشرَع للمأموم أن يقولها، فكيف يتحمل الإمام عن المأموم القراءة، ولا يتحمل ما دونها من المستحبات؟!







رابعًا: اعترض على استدلالهم بحديث عمران بن حصين رضي الله عنه، الذي فيه: ((ظننتُ أن بعضكم خالجنيها))، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه، الذي فيه: ((خلطتم عليَّ القرآن)) - بأن هذين الحديثين محمولان على الجهر بالقراءة خلف الإمام، والجهر بالقراءة خلف الإمام - سواء أسَرَّ الإمام أو جهر - أمر لا يجوز بالاتفاق، وليس فيهما الإنكار على من قرأ سرًّا خلف الإمام.







ويمكن حمل ما جاء في حديث عمران رضي الله عنه: ((ظننت أن بعضكم خالجنيها)) على أنه ليس فيه نهي لهم أو إنكار عليهم؛ لأن القارئ خلفه قرأ سرًّا في صلاة سرية، ويؤيِّد هذا قولُ شعبة لقتادة - وهما من رواة الحديث -: "كأنه كرهه، فقال: لو كرهه لنهى عنه"[4].







خامسًا: اعترض على استدلالهم ببعض الآثار عن الصحابة في ترك القراءة خلف الإمام أو النهي عنها - بأن أكثر المنقول عنهم في هذا مطلقًا يحتمل ترك القراءة خلف الإمام أو النهي عنها في الصلاة الجهرية فقط، ويحتمل تركها والنهي عنها في الحالين، ومع وجود الاحتمال لا يصح الجزم، وأيضًا جمهور الصحابة وعامتهم يرَوْن القراءة خلف الإمام، لكن منهم من يرى القراءة في الصلاة السرية والجهرية معًا، ومنهم من يرى القراءة في حال الإسرار فقط، وقليل منهم من يرى ترك القراءة مطلقًا، وأيضًا الذين رُوي عنهم هذا القول من الصحابة رُوي عن أكثرهم خلافه، حتى قال ابن عبدالبر في "الاستذكار"[5]: "ولا أعلم في هذا الباب صاحبًا صحَّ عنه بلا اختلاف أنه قال مثل قول الكوفيين، إلا جابر بن عبدالله"







[1] انظر: "جزء القراءة" للبخاري، فقرة (32).



[2] راجع الدليل الخامس من أدلتهم ووجه استدلالهم به.



[3] في "مجموع الفتاوى" (23/325).



[4] انظر: "التمهيد" (11/52)، "الاستذكار" (2/192)، "القراءة خلف الإمام" للبيهقي ص (164 -168)، "شرح النووي على مسلم" (4/109).




[5] (2/193).









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]