• وثانيها: أن يغلب عليه أسلوب التبشير وتقوية عزم المدعو، فهذا منهج الدعاة الذي رسمه النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله:" يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا".
• وثالثها: الصبر عليه وعلى خطئه، ولعل الله أراد بحكمته أن يؤخر الهداية؛ ليبتلي صدق الداعية والمدعو، وليضع الداعية نصب عينيه قول الله تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾، [سورة القصص: 56]، ولا يستعجل النتائج، يقول أبو الدرداء - رضي الله عنه -:إذا تغير أخوك وحال عما كان عليه؛ فلا تدعه لأجل ذلك، فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم أخرى.
• كما يحتاج الداعية في هذه المرحلة إلى الخبرة في التعامل مع النفسيات وأكبر قدر من معرفة الحلول المناسبة، كما يحتاج إلى خبرة في مخاطبة العقول والوصول إلى القلوب والتأثير فيها، ومن أهم ما يحتاج إليه في هذه المرحلة أن يتنبه لأساليب الشيطان لتزيين المعصية للعبد: من سعي في التيئيس والتسويف والتزيين وتهوين المعاصي وتخويف العاصي ووعوده بالأماني الكاذبة، بل تيسير بعض ما تعسر عليه فيما مضى ليضله ويغويه، والداعية يقف على ملامح هذه السبل بالبيان والتحذير.
المرحلة الخامسة: تثبيت الطاعة وإبعاد المدعو عن المعصية:
وهي مرحلة من أهم المراحل بعد التوبة؛ لأن المقصود من الدعوة ليس مجرد توبة المدعو، بل استقامته على طاعة الله تعالى، والنجاح في هذه المرحلة يعد نجاحًا حقيقيًا في دعوة الداعي.
ومن الأمور التي يُعتنى بها في هذه المرحلة:
• البحث للمدعو عن الرفقة الصالحة المناسبة؛ كحلقة قرآن، أو طلبة درس علمي، أو مجموعة عمل دعوي، بما يناسب حاجة المدعو واهتماماته وسنه ومدى قدرته على الاستمرار معهم، وفي المتفق عليه من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - في الرجل الذي قتل مائة نفس، قال له العالم العارف:"ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا؛ فإن بها أناسًا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء"، متفق عليه، ويحتاج الداعية في هذه المرحلة إلى الخبرة في اكتشاف طاقات المدعو وحسن تنميتها والاستفادة منها، ويعينه على هذا أن يشركه في بعض الأعمال العلمية أو الدعوية أو غيرها ويشرف عليه.
• ربط المدعو بالعبادة، فلا يجهد الداعية نفسه بربط المدعو به؛ ففي ذلك بذل لجهد عظيم مع ضعف الاستقامة الحاصلة، بل يحرص كل الحرص على أن يصل المدعو بالله؛ ليجد أنسه في طاعة الله، ويجد سعادته في مناجاة الله، فيشجعه على قيام الليل، والمسابقة إلى الصلوات، والإكثار من صلاة وصدقة وصيام النافلة، والتعبد لله تعالى بكثرة ذكره، والتائب في هذه الفترة يكون عنده الاستعداد النفسي التام للعمل وتعويض ما فاته فلتستغل هذه العزيمة في تغذيته بحب العبادة والأنس بها.
• شغل تفكيره بمعالي الأمور وعظيم الاهتمامات؛ فالنفس إذا تاقت لأمر لم تقف لما هو دونه، فيشتغل هذا المدعو بطلب العلم والاهتمام بتحصيله، أو بالدعوة إلى الله والسعي في تعزيزها، أو بقضايا نصرة المسلمين والتضامن معهم، أو ينشغل بمساعدة المحتاجين والسعي في قضاء حوائجهم، أو نحو ذلك مما هو أقرب لطبيعة المدعو وصفاته.
• تعاهد المدعو باستمرار ومتابعته، وتقويمه على فترات متقاربة؛ للتأكد من ثباته على الحق وإحاطته بالنصيحة مما يجنبه التفريط والفتور أو الإفراط والغلو، يقول الشيخ عقيل المقطري حفظه الله في رسالته الدعوة الفردية:" فالمتابعة أمر مهم في الدعوة الفردية وذلك نظراً لأن كثيراً من المدعوين يتأثرون بالدعوة؛ فيبدأون بالاستقامة، فإن لم يجدوا من الداعية التعهد فتروا؛ لأن البيئة التي يعيشون فيها لا تساعدهم على الاستقامة، بل تتحول إلى حرب شعواء ضد هذا العائد إلى الله، فربما أحاط به قرناء السوء حتى يعيدوه إلى ما كان من الفساد والانحراف".
• ويدخل في ذلك تعهد وضعه الاجتماعي والاقتصادي الذي قد يحمله للرجوع إلى أبواب الحرام؛ فيسعى الداعية في مساعدة المدعو لإعفاف فرجه بالحلال وزواجه بمن تعينه على الخير، ويسعى في إيجاد العمل المناسب له مع من يتواصون معه على الحق.
ولو أننا سرنا على هذه المراحل لبارك الله في جهودنا ووفقنا، فكل ما نحتاجه بعد هذا ثلاث:
الأول: الوقت الذي نسعى فيه لدعوة هؤلاء، ولا ننسى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -:" المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"، رواه الترمذي عن ابن عمر.
والثاني: الحرص على دعوتهم، ولنتذكر حديث نبينا - صلى الله عليه وسلم -:"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، متفق عليه من حديث النعمان بن بشير .
والثالث: الصدق مع الله تعالى، باحثين عن بشارة النبي - صلى الله عليه وسلم -:" لئن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من حمر النعم"، متفق عليه عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -، والله الموفق.
الفصـل الثاني
في هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع التائبين
إن المتتبع لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - يجد ثمة ملامح بارزة في تعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعوته للتائبين من الذنوب والعائدين إلى الله، ولعلنا نوجز هذا المنهج في النقاط التالية:
أولاً: تذكيرهم بسعة رحمة الله:
ويظهر هذا المنهج النبوي من خلال ما يلي:
أ- بيانه لعظيم رحمة الله ومحبته لتوبة عباده:
• فعن صفوان بن عسال - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"المرء مع من أحب يوم القيامة"، فما زال يحدثنا حتى ذكر بابًا من قبل المغرب مسيرة سبعين عامًا عرضه، أو يسير الراكب في عرضه أربعين أو سبعين عامًا، قال سفيان: قبل الشام خلقه الله يوم خلق السماوات والأرض مفتوحًا- يعني للتوبة- لا يغلق حتى تطلع الشمس منه، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
ب- الحث على عدم تيئيسهم من رحمة الله تعالى:
• روى أحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" كان رجلان في بني إسرائيل متواخيان، وكان أحدهما مذنبًا والآخر مجتهدًا في العبادة، وكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب، فيقول: أقصر، فوجده يومًا على ذنب، فقال له: أقصر، فقال: خلني وربي أبعثت علي رقيبًا، فقال: والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض روحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالمًا أو كنت على ما في يدي قادرًا، وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وأخرته.
• وعن أبي طويل شطب الممدود - رضي الله عنه -، أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أرأيت من عمل الذنوب كلِها، ولم يترك منها شيئًا، وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة إلا أتاها، فهل لذلك من توبة ؟ قال: "فهل أسلمت ؟" قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال:"تفعل الخيرات وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك خيراتٌ كلُهن"، قال: وغدراتي وفجراتي، قال:"نعم"، قال: الله أكبر، فما زال يكبر حتى توارى، رواه البزار والطبراني.
ج- إخبارهم بقصص التائبين الذين قبلهم الله بواسع رحمته:
• وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في قصة توبة قاتل المائة نفس، وفي آخره: " فأدركه الموت، فنأى بصدره نحوها- أي القرية الصالحة- فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب؛ فأوحى الله إلى هذه أن تقربي، وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي، وقال: قيسوا ما بينهما؛ فوجداه إلى هذه أقرب بشبر؛ فغفر له"، متفق عليه.
ثانيًا: الفرح بتوبتهم:
وهو فرح بفرح الله تعالى بتوبة عبده، فعند مسلم من حديث البراء - رضي الله عنه - يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:" كيف تقولون لفرح رجلٍ؛ انفلتت منه راحلته، تجر زمامها بأرض قفر، ليس بها طعام ولا شراب، وعليها له طعام وشراب، فطلبها فلم يجدها حتى شق عليه، ثم مرت بجذل شجرة، فتعلق زمامها فوجدها متعلقة به، أما والله لله أشد فرحًا بتوبة عبده من الرجل براحلته".
وقد كان هذا هديًا لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - تلقوه من نبينا عليه الصلاة والسلام، وفي خبر توبة كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت صوت صارخ أوفى على سلعٍ، يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر، قال: فخررت ساجدًا، وعلمت أن قد جاء فرج، قال: وأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، فذهب قِبل صاحبي مبشرون، وركض رجل إليّ فرسًا، وسعى ساعٍ من أسلم من قبلي، وأوفى على الجبل، فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته، والله ما أملك غيرهما يومئذٍ، واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت أيمم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتلقاني الناس فوجًا فوجًا يهنئوني بالتوبة، ويقولون: وليهنك توبة الله عليك، حتى دخلنا المسجد فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حوله الناس، فقام طلحة بن عبيد الله: يهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره، قال: فكان كعب لا ينساها لطلحة، قال كعب: فلما سلمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وهو يبرق وجهه من السرور، قال:" أبشر بخير يومٍ مر عليك منذ ولدتك أمك.. الحديث"، متفق عليه.
ثالثًا: الدفاع عنهم والنهي عن سبهم والشماتة بهم:
يقول عليه الصلاة والسلام:" إذا زنت أمة أحدكم؛ فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب، ثم إن زنت فليجلدها ولا يثرب، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر"، متفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ومعنى قوله: ولا يثرب أي لا يعير، ويظهر هذا الجانب من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - من خلال:
أ- ذكر حسناتهم عند من ذمهم، فعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رجلاً اسمه عبد الله يلقب حمارًا، كان يضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جلده في الشراب، فأتي به يومًا، فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تلعنوه، فو الله ما علمت أنه يحب الله ورسوله"، رواه البخاري.
ب- التفاؤل بصالحاتهم أن تكون سببًا لثباتهم على الخير، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن فلانًا يصلي بالليل فإذا أصبح سرق، فقال:" إنه سينهاه ما تقول"، رواه أحمد والبيهقي في شعب الإيمان.
ج- الدفاع عنهم والنهي عن سبهم، فعند أبي داود عن خالد بن اللجلاج حدثه أن اللجلاج أباه أخبره أنه كان قاعدًا يعتمل في السوق، فمرت امرأة تحمل صبيًا، فثار الناس معها وثرتُ فيمن ثار، فانتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول:" من أبو هذا معكِ؟"، فسكتت، فقال شاب حذوها: أنا أبوه يا رسول الله، فأقبل عليها، فقال:" من أبو هذا معكِ؟"، قال الفتى: أنا أبوه يا رسول الله، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بعض من حوله يسألهم عنه، فقالوا: ما علمنا إلا خيرًا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -:"أحصنت ؟"، قال: نعم، فأمر به، فرجم، قال: فخرجنا به فحفرنا له حتى أمكنا ثم رميناه بالحجارة حتى هدأ، فجاء رجل يسأل عن المرجوم، فانطلقنا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -فقلنا: هذا جاء يسأل عن الخبيث، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لهو أطيب عند الله من ريح المسك"؛ فإذا هو أبوه فأعناه على غسله وتكفينه ودفنه، وما أدري قال: والصلاة عليه أم لا، وحسنه الألباني رحمه الله.
د- عدم تعنيفهم بماضيهم الذي تابوا منه، وفي المتفق عليه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"احتج آدم وموسى، فقال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك جنته؛ أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم، قال آدم: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، وأنزل عليك التوراة؛ أتلومني على أمر كتبه الله على قبل أن يخلقني؛ فحج آدم موسى"، فكيف يلام التائب على ذنب قد أبدله الله بالحسنات، كما قال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾ [الفرقان: 70، 71]، وعند الإمام مسلم في قصة توبة الغامدية رضي الله عنها قال:" ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها، فتنضح الدم على وجه خالد فسبها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"مهلاً يا خالد فو الذي نفسي بيده، لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له، ثم أمر بها؛ فصلى عليها ودفنت".
رابعًا: معالجة أسباب المعصية في نفس التائب:
وهذا من علاج التائب من ذنبه، ومن تحصينه في نفس الوقت حتى لا يعود إليه، وقد يكون ذلك:
أ- بالحوار والقناع العقلي، ومن ذلك ما أخرجه أحمد عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: إن فتى شابًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنى، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: "ادنه"، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال:" أتحبه لأمك؟"، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال:" ولا الناس يحبونه لأمهاتهم"، قال:" أفتحبه لابنتك؟"، قال: لا والله، يا رسول الله جعلني الله فداك، قال:" ولا الناس يحبونه لبناتهم"، قال:" أتحبه لأختك؟"، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: "ولا الناس يحبونه لأخواتهم"، قال:" أتحبه لعمتك؟"، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال:" ولا الناس يحبونه لعماتهم"، قال:" أتحبه لخالتك؟"، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال:" ولا الناس يحبونه لخالاتهم"، قال: فوضع يده عليه، وقال:" اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه"، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
ب- بالتوجيه العملي إلى ما يشغله عن أسباب المعصية ويقوي صلته بالله، فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني وجدت امرأةً في البستان، فأصبت منها كلَ شيءٍ، غير أني لم أنكحها، فافعل بي ما شئت، فقال له عمر - رضي الله عنه -: لقد سترك الله لو سترت على نفسك، فلم يَرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، ثم قرأ عليه النبي: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114]، فقال: يا رسول الله أليّ هذه ؟ فقال: "هي لمن عمل بها من أمتي"، قال رجل من القوم: هذا له خاصة، قال: "لا، بل للناس كافة"، رواه مسلم وغيره.