قراءة في وجه امرأة شوهــــاء!
عبد الرحمن بن صالح العشماوي
بدت بوجهٍ قبيح اللّونِ محروقِ***وقد علتْ فيه أصواتُ المساحيقِ
وقد جرتْ فيه للأصباغ معركةٌ***عنيفةٌ واعتلى صَوتُ البطاريقِ
لها فمٌ واسعُ الشّدقين تملؤه ***أسنانُ غُولٍ فلا تسأل عن الرّيقِ
ولا تسلْ عن جبين ٍ بارزٍ رسَمَتْ***فيه الخيانةُ تكذيبَ المواثيقِ
ولا تسلْ عن لسانٍ ساءَ منطـقهُ***إذا تحدّث ألغى صَرْحَهَ البوقِ
لصوتها غنة شوهاء مؤذية***كأنما قد أصيبت بالخوانيق
رنَتَ بعينين كالثقبينِ قد مُلئا***غَدراًً، وقد عانتا من شدةِّ ِ الضّيق ِ
كأنما رُبطتْ أطرافُها، فبدتْ***كعين إبليسَ في جَفْن ٍ وفي مُوْق ِ
أهدابُها كغصون ِ الشّوك ِ أظهرها***فَصْل ُ الخريف ِ بلا زَيْف ٍ وتزويق
***
بيضاءُ لكنّها سوداءُ قاتمة ٌ***لمن يراها بعين ٍ ذات ِ تدقيق ِ
تمشي فتحسب أنّ الخُبْثَ في جسد***يمشي أمامك مفتوحَ المغاليق ِ
حديثُها كذبٌ مَحضٌ، حقيقتُه***مأخوذة ٌ من أباطيل الغرانيق ِ
تُباع في كلّ سوقٍ للضلالِ، فلا***تسأل عن التاجر الكذّاب والسوق
ولا تَسَل عن دنانيرٍ مزوّرة ٍ***وعن عُقودٍ جرتْ من غير توثيق ِ
وعن سماسرة ٍ باعوا ضمائرهم***وذوّبوا العقل في نار الأباريق ِ
خبيرة في ادّعاء ِ العدل جاهدة ٌ***في وَصْفِ آثارِه من غير تطبيق ِ
تُبدي خصالاً من الإيمان كاذبةً***وفي مشاعرها إحساسُ زنديق ِ
سمعتُ عنها حديثَ المُعجبين بها***ومَنْ يُلاقون دَعواها بتصفيق ِ
سمعتُ عنها حديث َ العاشقين لها***فَاستْفَْت ِ عن عاشقٍ لاه ٍ ومعشوق ِ
أتيتُها وظلام الليل يلعنها***مما يشاهد من فسق ٍ وتَلفيق ِ
أتيتها فإذا همّي يحاصرني***كأنني طائرٌ في بطن صندوق
***ِ
يا هَمُّ قاسمتَني ليلي سلكتَ إلى***أعماق نفسي طريقاً غيرَ مطروق ِ
مَنْ دلّ ركبكَ، من أعطاكَ تذكرةً***على " خطوطِ " لأسى القاسي لتطويقي ؟
مَنْ هذه المرأةُ الشّوهاءُ، أحسبُها***وقد تراءت أمامي، شّر مخلوقِ ؟
بدتْ أمامي بسمْتٍ لا نظيرَ له***الوجه مُستْحدَثٌ والعقلُ إغريقي
أجابني ساخراً مني : أتجهلُها***هذي العظيمةُ ذاتُ الخيل والنّوق ِ
هذي التي تتغنّى بالسّلام ولا***يهزّها أنْ ترى مليونَ مَسْحوق ِ
وتدعّي أنّها ترعى العبادَ، وكم***مُجنْدلٍ بين رجليها ومخنوق ِ
هذي التي يعرض الإعلامُ صورتَها***فَثوبُها أبيض الأكمام والزّيقِ
لها جواسيسُها في كلّ ناحية ٍ***فلا تسلْ عن إشاراتٍ وتحديق ِ
ولا تسلْ عن سؤالات ٍ موجّهةٍ***إلى الضّحايا وأوراقٍ وتَحقيق ِ
تغزو الفضاءَ غروراً، لا تريد به***إلا التسابقَ في مَلِْ الصناديق ِ
هذي العظيمة ُ – يا هذا – فألجمنَي***صمتي، لما أدركته ريقي
***ِ
بَرئْتُ منها ( ولن ترضى *) تؤكدُ لي***أن البراءةَ منها فِعلُ صدّيق ِ
--------------------
(*) انظر سورة البقرة آية : 120