
07-06-2021, 01:39 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة :
|
|
رد: الرد على من يطعن في معاوية بن أبي سفيان
هذا النقل باطلٌ مِن وجهين:
1- هل معاوية أو ولده يزيد بهذه السذاجة ليأمرا امرأة الحسن بهذا الأمر الخطير، وما هو موقف معاوية أو ولده أمام المسلمين لو أن جعدة كشفت أمرهما!
2- هل جَعْدَةُ بِنْتُ الْأَشْعَثِ بن قيس بحاجة إلى شرف أو مال حتى تسارع لتنفيذ هذه الرغبة من يزيد، وبالتالي تكون زوجة له؟!
أليست جَعْدَةُ ابنة أمير قبيلة كِندة، وهو الأشعث بن قيس؟!،ثم أليس زوجها وهو الحسن بن علي أفضل الناس شرفًا ورفعة بلا منازعة، إن أمه فاطمة وجده الرسول) ص) وكفى به فخرًا وأبوه علي بن أبي طالب أحد العشرة المبشرين بالجنة ورابع الخلفاء الراشدين؟! ما هو الشيء الذي تسعى إليه جَعْدَةُ وستحصل عليه حتى تنفذ هذا العمل الخطير؟!
سابعًا: هناك الكثير من أعداء الحسن بن علي قبل أن يكون معاوية هو المتهم الأول، فهناك السبئية الذين وجه لهم الحسنُ صفعةً قوية عندما تنازل عن الخلافة لمعاوية وجعل حدًا لصراع المسلمين. وهناك الخوارج الذين قاتلهم أبوه علي بن أبي طالب، فربما أرادوا الانتقام لقتلاهم في النهروان وغيرها بسَمِ الحسن بن علي.
وهكذا تظهرُ براءة معاوية بن أبي سفيان وابنه يزيد مِن تهمة سَمِّ الحسنِ بن علي. (شبهات طال حولها الجدل صـ869: 864)
الشبهة السابعة عشر:
قال الطاعنون: "إن معاويةَ بن أبي سفيان أعطى مِصْرَ طُعمَةً لعمرو بن العاص، لقاء تأييد عمروٍ له في حربه ضد علي بن أبي طالب".
الرد على هذه الشبهة:
الرد من عدة وجوه:
أولًا: هذه الأخبار تحوي روحًا عدائية لعمرو ومعاوية وتصور اتفاقهما على حرب علي كما لو كانت مؤامرة دَنيئة أو صفقة مريبة، خان فيها الرجلان ربهما ودينهما، وتاريخهما مقابل عرض زائل أو نصر سريع.
ثانيًا: مِن الدلائل القوية التي تدلُ على بُطلانِ هذه الشبهة، تزكية نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص.
روى الترمذيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 3018).
وروى الترمذيُّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ» (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث 3020).
ثانيًا: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ حَوالة الأَزْدِيّ: ما كَانَ لمعاوية بن أبي سفيان هَمٌ إلا مصرَ، وَكَانَ لأهلها هائبًا خائفًا، لقربهم مِنْهُ، وشدتهم عَلَى مَن كَانَ عَلَى رأي عُثْمَان،وَقَدْ كَانَ عَلَى ذَلِكَ علم أن بِهَا قومًا قَدْ ساءهم قتل عُثْمَان،وخالفوا عَلِيًّا،وَكَانَ مُعَاوِيَة يرجو أن يكون إذا ظهر عَلَيْهَا ظهر عَلَى حرب علي، لعِظَمِ خَراجها(ما يخرج منها مِن الخيرات). (تاريخ الطبري جـ5صـ97).
هنا نسألُ سؤالًا مهمًا: كيفَ يهبُ معاوية ذلك الخراج كله لعمرو بن العاص وهو في شدة الحاجة إليه؟!
ثالثًا: قَالَ عُبَيْدُ اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر: كتب معاوية إلى وردَان مولى عمرو بن العاص أن زِدْ عَلَى كل امرئ منَ القِبط قيراطًا (مبلغًا من المال)، فكتب إليه: كيف أزيد عليهم وفي عهدهم أن لا يزاد عليهم. (فتوح البلدان لياقوت الحموي صـ215).
هذه الرواية صريحةٌ قاطعةٌ في الدلالة على اهتمام معاوية بزيادة حصيلة الخراج في مصر، وفي ولاية عمرو بن العاص عليها، وهذا الاهتمام لا معنى له إلا إذا كان فائض الخراج في مصر يحمل إلى معاوية في دمشق ليواجه به وجوه الإنفاق المتنوعة.
رابعًا: كيفَ يستحلُ معاويةُ أن يتنازل عن خراج مصر ـ وهي من أغنى أقاليم الدولة الإسلامية آنذاك ـ لعمرو بن العاص، وهو فرد واحد وهو يعلم أنه حق الأمة كلها، وأنه لا يملك التنازل عنه. (معاوية بن أبي سفيان ـ لعلي محمد الصلابي صـ288: 285).
خامسًا: قَالَ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَخْطُبُنَا يَقُولُ: إِنَّ فِي بَيْتِ مَالِكُمْ فَضْلًا بَعْدَ أُعْطِيَاتِكُمْ، وَإِنِّي قَاسِمُهُ بَيْنَكُمْ، فَإِنْ كَانَ يَأْتِينَا فَضْلٌ عَامًا قَابِلًا قَسَّمْنَاهُ عَلَيْكُمْ، وَإِلَّا فَلَا عَتَبَةَ عَلَيَّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَالِي، وَإِنَّمَا هُوَ مَالُ اللَّهِ الَّذِي أَفَاءَ عَلَيْكُمْ. (منهاج السنة لابن تيمية جـ6صـ234).
الشبهة الثامنة عشر:
قال الطاعنون: "إن معاوية بن أبي سفيان تنازل للحسن بن علي رضي الله عنهما عن خراج (دار بجرد) وأن يعطيه مِن بيت مال الكوفة مبلغ خمسة آلاف ألف درهم مقابل تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية".
الرد على هذه الشبهة:
هذا الكلامُ كذبٌ وافتراءٌ على معاوية بن أبي سفيان والحسن بن علي، رضي الله عنهم.
ونسألُ سؤالًا هامًا: هل هذا يليق بالحسن بن علي، سيد شباب أهل الجنة.؟!
روى البخاريُّ عَنْ الحَسَنِ البصري قَالَ: (وهو يتحدث عن الصلح بين معاوية والحسن بن علي) بَعَثَ (أي معاوية) إِلَيْهِ (أي الحسن) رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، فَقَالَ: اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَاعْرِضَا عَلَيْهِ، وَقُولاَ لَهُ: وَاطْلُبَا إِلَيْهِ، فَأَتَيَاهُ، فَدَخَلاَ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا، وَقَالاَ لَهُ: فَطَلَبَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ، قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا المَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا، قَالاَ: فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ قَالَ(أي الحسن): فَمَنْ لِي بِهَذَا (أي من يضمن لي هذا)، قَالاَ: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلَّا قَالاَ: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَصَالَحَهُ. (البخاري حديث: 2704).
في هذا الحديث يتحدث الحسنُ بن علي عن أموالٍ سبق أن أصابها هو وغيره من بني عبد المطلب، ويريد الحسنُ ألا يطالبهم بها معاوية، ولا يوجد ذِكْرٌ لأموالٍ يطلبُ الحسنُ من معاوية أن يدفعها إليه في المستقبل. (معاوية بن أبي سفيان ـ لعلي محمد الصلابي صـ289: 288).
الشبهة التاسعة عشر:
قال الطاعنون: إن معاويةَ بن أبي سفيان قال: "أني رأيت أن منبر رسول الله وعَصَاه، لا يُتركان بالمدينة، وهم قتلة أمير المؤمنين عثمان وأعداؤه.".
الرد على هذه الشبهة:
الرد من عِدة وجوه:
أولًا: لا يوجد دليلٌ على صحة هذه الرواية، فضلًا عن أن دِين معاوية، وعدالته، وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم تمنعه من حمل منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى الشام وهو ما رواه الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ المَازِنِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ»0 البخاري حديث: 1195/مسلم حديث: 1390).
روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ صَالِحٍ، أَنَّ بَاقُولَ، مَوْلَى الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ «صَنَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْبَرَهُ مِنْ طَرْفَاءَ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ» فَلَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ زَادَ فِيهِ. (مصنف عبد الرزاق جـ3صـ182 حديث: 5244).
هذا الحديث أشار إلى زيادة درجات المنبر دون الإشارة إلى إرادة معاوية نقل المنبر، أو أخذ عصا النبي(ص) معه إلى الشام.
ثانيًا: اتهام معاوية، رضي الله عنه، ببغض أهل المدينة (الأنصار) لكونهم قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه، هذا الخبر كذبٌ وافتراءٌ على معاوية. وموقف الأنصار في الدفاع عن عثمان معروفٌ.
روى خليفةُ بنُ خياط عَن قَتَادَة أَن زيد بْن ثَابت قَالَ لعُثْمَان: هَؤُلَاءِ الْأَنْصَار بِالْبَابِ يَقُولُونَ إِن شِئْت كُنَّا أنصار اللَّه مرَّتَيْنِ؟ فَقَالَ: لَا حَاجَة لي فِي ذَلِكَ كفوا. (تاريخ خليفة صـ: 173).
ثالثًا: زعمهم أن معاويةَ يبغض الأنصار، رضي الله عنهم، لكونهم قتلة عثمان رضي الله عنه، فمردود بما ورد من حقيقة موقف الأنصار من عثمان رضي الله عنه، كما أن تقريب معاوية للأنصار وتوليته إياهم في مناصب هامة وحساسة يرد هذا الكذب، ومن الشواهد على ذلك:
1- توليته فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه قضاء دمشق، وتوليته إياه منصب أمير البحرية الإسلامية في مصر.
2- تعيينه النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه أميرًا على الكوفة.
3- تعيينه مسلمة بن مخلد الأنصاري رضي الله عنه أميرًا على مصر والمغرب معا.
4- تعيينه رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه أميرًا على طرابلس.
(معاوية بن أبي سفيان ـ لعلي محمد الصلابي صـ349: 347).
الشبهة العشرون:
قال الطاعنون "إن معاوية بن أبي سفيان أمَرَ بلعنِ علي بن أبي طالب على المنابر.".
الرد على هذه الشبهة:
الرد من وجهين:
أولًا: هذا كذبٌ وافتراءٌ على معاوية بن أبي سفيان ويحتاج إلى دليل صحيح.
ثانيًا: ادعاء الطاعنين بأن معاوية أمرَ بسب علي بن طالب ولعنه على المنابر مردود عليهم لعدة أمور:
1- ما كان معاوية يَسُبُّ عليًا فكيف يأمر غيره بسبه، بل كان معاوية معظمًا لعليٍّ، معترفًا له بالفضل والسبق إلى الإسلام، كما دلت على ذلك أقواله الثابتة عنه.
2- لا يعرف بنقل صحيح أن معاوية تعرض لعلي بسب أو شتم أثناء حربه له في حياته فهل من المعقول أن يسبه بعد انتهاء حربه معه ووفاته فهذا من أبعد ما يكون عند أهل العقول وأبعد منه أن يحمل الناس على سبه وشتمه.
3- انفرد معاوية ا بالخلافة بعد تنازل الحسن بن علي له واجتمعت عليه الكلمة والقلوب ودانت له الأمصار بالملك فأي نفع له في سب علي بل الحكمة وحسن السياسة تقتضي عدم ذلك لما فيه من تهدئة النفوس وتسكين الأمور ومثل هذا لا يخفى على معاوية ا الذي شهدت له الأمة بحسن السياسة والتدبير.
4- كان بين معاوية بعد استقلاله بالخلافة وأبناء علي بن أبي طالب مِن الألفة والتقارب ما هو مشهور في كتب السير والتاريخ. وهذا مما يقطع بكذب ما ادَّعاه الطاعنون في حق معاوية من حمله الناس على سب علي. (شبهات طال حولها الجدل صـ904: 898).
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَفَدَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لِلْحَسَنِ: مرحبًا وأهلًا بابن رسول الله، وَأَمَرَ لَهُ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفٍ درهم. (البداية والنهاية لابن كثير جـ8صـ127).
• وَفَدَ مَرَّةً الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَجَازَهُمَا عَلَى الْفَوْرِ بِمِائَتَيْ أَلْفٍ، وَقَالَ لَهُمَا: مَا أَجَازَ بهما أَحَدٌ قَبْلِي، فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ، وَلَمْ تُعْطِ أَحَدًا أَفْضَلَ مِنَّا. (البداية والنهاية لابن كثير جـ8صـ127).
الشبهة الحادية والعشرون:
قال الطاعنون: "لم يثبت في فضل معاوية بن أبي سفيان حديث صحيح.".
الرد على هذه الشبهة:
هذا كذبٌ وافتراءٌ على معاوية بن أبي سفيان. لقد ثبتَ في فضل معاوية أحاديث صحيحة:
1- روى الترمذيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 3018).
2- روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ: لَمَّا عَزَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عُمَيْرَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ حِمْصَ وَلَّى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ النَّاسُ عَزَلَ عُمَيْرًا وَوَلَّى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ عُمَيْرٌ: لَا تَذْكُرُوا مُعَاوِيَةَ إِلَّا بِخَيْرٍ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اهْدِ بِهِ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 3019).
3- روى البخاريُّ عن ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ لَكَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ فَإِنَّهُ مَا أَوْتَرَ إِلَّا بِوَاحِدَةٍ. قَالَ: أَصَابَ إِنَّهُ فَقِيهٌ. (البخاري حديث 3765)
الشبهة الثانية والعشرون:
قال الطاعنون: روى مسلمٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ؟ فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ، لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ، خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ» قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ: «ادْعُوا لِي عَلِيًّا» فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ، فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ﴾ [آل عمران: 61] دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: «اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي» (مسلم حديث: 2404).
الرد على هذه الشبهة:
قال الإمامُ النووي (رحمه الله):
قَوْلُهُ: (إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ الَّتِي فِي ظَاهِرِهَا دَخَلٌ عَلَى صَحَابِيٍّ يَجِبُ تَأْوِيلُهَا. قَالُوا: وَلَا يَقَعُ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ إِلَّا مَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ:
أولًا: قَوْلُ مُعَاوِيَةَ هَذَا لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ أَمَرَ سَعْدًا بِسَبِّهِ وَإِنَّمَا سَأَلَهُ عَنِ السَّبَبِ الْمَانِعِ لَهُ مِنَ السَّبِّ كَأَنَّهُ يَقُولُ: هَلِ امْتَنَعْتَ تَوَرُّعًا أَوْ خَوْفًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ تَوَرُّعًا وَإِجْلَالًا لَهُ عَنِ السَّبِ فَأَنْتَ مُصِيبٌ مُحْسِنٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَهُ جَوَابٌ آخَرُ.
ثانيًا: لَعَلَّ سَعْدًا قَدْ كَانَ فِي طَائِفَةٍ يَسُبُّونَ فَلَمْ يَسُبَّ مَعَهُمْ وَعَجَزَ عَنِ الْإِنْكَارِ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ فَسَأَلَهُ هَذَا السُّؤَالَ.
ثالثًا: قَالُوا وَيَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا آخَرَ أَنَّ مَعْنَاهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُخَطِّئَهُ فِي رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَتُظْهِرَ لِلنَّاسِ حُسْنَ رَأْيِنَا وَاجْتِهَادِنَا وَأَنَّهُ أَخْطَأَ قَوْلُهُ. (مسلم بشرح النووي جـ8صـ193)
الشبهة الثالثة والعشرون:
قال الطاعنون: "اسْتَلْحَقُ مُعَاوِيَةَ بنُ أبي سفيان زِيَادَ بْنَ أَبِيهِ الْمَوْلُودَ عَلَى فِرَاشِ الْحَارِثِ بْنِ كِلْدَةَ، وقد خالف أحكام الإسلام، وذلك بدليل ما رواه الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ (أي يُنْسَبُ لصاحب الفراش) وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ (أي الرجمُ بالحجارة حتى الموت). (البخاري حديث: 2053/ مسلم حديث: 1457).
الرد على هذه الشبهة:
الرد مِن عِدة وجوه:
أولًا: اسْتَلْحَقَ معاويةُ بنُ أبي سُفيان زيادًا لأن أنكحة الجاهلية كانت أنواعًا، وكان منها أن الجماعة يجامعون البَغِيَّ، فإذا حملت وولدت ألحقت الولد لمن شاءت منهم فيلحقه، فلمّا جاء الإسلام حرَّمَ هذا النكاح، إلا أنَّه أقرَّ كل ولد كان يُنسب إلى أب من أي نكاح كان من أنكحتهم على نسبه، ولم يفرّق بين شيء منها، فظن معاوية أنّ ذلك جائز له ولم يُفَرِّق بين استلحاق في الجاهلية، والإسلام. وهذا اجتهادٌ من معاوية، رضي الله عنه.
(الكامل في التاريخ لابن الأثير جـ2صـ 471) (تاريخ التشريع الإسلامي ـ لمناع القطان صـ259).
فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَة شَهِدَ جَمَاعَة عَلَى إِقْرَار أَبِي سُفْيَان بِأَنَّ زِيَادًا وَلَدَهُ فَاسْتَلْحَقَهُ مُعَاوِيَة لِذَلِكَ.
قال معاوية: وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَتِ الْعَرَبُ أَنِّي كُنْتُ أَعَزُّهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَنَّ الإِسْلامَ لَمْ يَزِدْنِي إِلا عِزًّا،وَأَنِّي لَمْ أَتَكَثَّرْ بِزِيَادٍ مِنْ قِلَّةٍ، وَلَمْ أَتَعَزَّزْ بِهِ مِنْ ذِلَّةٍ، وَلَكِنْ عَرَفْتُ حَقًّا لَهُ فَوَضَعْتُهُ مَوْضِعَهُ. (تاريخ الطبري جـ5صـ215).
ثانيًا: زيادُ بنُ أبيه هو الذي ألحقَ نَسَبَهُ بنسَبِ أبي سفيان.
قال أبو نُعَيم الأصبهاني: زِيَادُ بْنُ سُمَيَّةَ ادَّعَى أَبَا سُفْيَانَ فَنُسِبَ إِلَيْهِ. (معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني جـ3صـ 1217).
ثالثًا: هذه مَسْأَلَةٌ فِقْهِيَّةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ، اختلف فيها الفقهاء. هَلْ يَجُوزُ لِلْوَارِثِ أَنْ يَسْتَلْحِقَ أَحَدًا؟ أَمْ لَا يَجُوزُ؟
فقال الإمامُ مالكٌ: يرث ولا يثبت النسب. وقال الشافعي - في أحد القولين - يثبت النسب ويأخذ المال، هذا إذا كان المقر به غير معروف النسب. (العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي صـ: 252).
رابعًا: معاويةُ بنُ أبي سفيان لم يستلحق زياد ابن أبيه.
قال أبو الحسن المدائني: أخبرنا أبو الزبير الكاتب عن ابن إسحاق قال: اشترى زيادٌ أباه عُبيدًا، فقدم زياد على عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فقال له: ما صنعت بأول شيءٍ أخذتَ مِن عطائك قال: اشتريتُ به أبي، قال: فأعجبَ ذلكَ عمر، رضي الله عنه.
قالَ ابنُ خَلِّكَان (رحمه الله): وهذا ينافي استلحاق معاوية إياه. (وفيات الأعيان لابن خلكان جـ6صـ359).
خامسًا: لعل معاوية بن أبي سفيان وأبيه لَمْ يَبْلُغْهُم حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ.".
قال الإمامُ ابنُ تيمية(رحمه الله) (وهو يتحدث عن عُذْرِ مُعَاوِيَةَ في اسْتِلْحَاقِه لزِيَادِ بْنَ أَبِيهِ) لَمْ يَبْلُغْهُمْ قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّ الْوَلَدَ لِمَنْ أَحْبَلَ أُمَّهُ وَاعْتَقَدُوا أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ هُوَ الْمُحْبِلُ لِسُمَيَّةَ أُمِّ زِيَادٍ، فَإِنَّ هَذَا الْحُكْمَ قَدْ يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ لَا سِيَّمَا قَبْلَ انْتِشَارِ السُّنَّةِ مَعَ أَنَّ الْعَادَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ هَكَذَا. (مجموع فتاوى ابن تيمية جـ20صـ: 268).
سادسًا: قَالَ ابْنُ خلدون: كَانَت سُمَية أم زِيَاد مولاة لِلْحَارِثِ بن كلدة الثَّقَفِيّ الطَّبِيب وَولدت مِنْهُ أَبَا بكرَة نفيع بن الْحَارِث ثمَّ زَوجهَا بمولى لَهُ فأتتْ مِنْهُ بِابْن سَمَّاهُ نَافِعًا ثمَّ إِن أَبَا سُفْيَان قد ذهب إِلَى الطَّائِف فِي بعض حاجاته فَأصَاب سميَّة هَذِه بِبَعْض أَنكِحَةِ الْجَاهِلِيَّة وولدَت زيادًا هَذَا ونسبته إِلَى أبي سُفْيَان وأقرَ لَهَا بِهِ إِلَّا أَنه كَانَ يخفيه. (سمط النجوم العوالي ـ لعبد الملك العصامي ـ جـ3صـ114).
أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًَا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأنْ ينفعَ بِهِ طُلاَّبَ العِلْمِ الكِرَامِ.
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|