
31-05-2021, 02:47 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة :
|
|
جدلية مكونات العملية التعليمية
جدلية مكونات العملية التعليمية
د. محمد ويلالي
كثرت الدِّراسات الحديثة المتعلِّقة بالمجال التربوي؛ باعتِباره أحدَ الروافد الكبرى المُسهِمة في نموِّ الأشخاص، وتكوينهم الفكري والمعرفي والأخلاقي، وظهرتْ في سبيل ذلك مدارسُ فلسفيَّة عِدَّة، واتِّجاهات نفسيَّة عديدة، انبثَقَتْ عنها نظريَّات بيداغوجية مختلفة، تتجاذَبها أطراف العمليَّة التعليميَّة الثلاثة: المعلم - المتعلِّم - المادة المعرفيَّة، المصطلح عليها بالمثلث البيداغوجي (le triangle pédagogique et/ou didactique)، التي أصبحت تتحكَّم في دراستها مقاربة الأبعاد السوسيولوجية والثقافية والسيكولوجية، وبرزت إلى السطح مصطلحاتٌ جديدة؛ مثل: البيداغوجية الفارقية - الزوبعة الفكرية - التغذية الراجعة - والديداكتيك - والكفايات - ودينامية الجماعة.
هذه المصطلحات خضَعت في تحديد مفهومها للنظريَّات التربويَّة الجديدة؛ كالنظريَّة السلوكيَّة le behaviorisme، التي كان من رُوَّادها القُدامَى: بافلوف، وواطسون، وسكينر، المعتمدة أساسًا على جدليَّة (مثير - استجابة)؛ أي: إنَّ التعلُّم هو: "تغيير أو تعديل في سلوك المتعلِّم، عندما يتعرَّض لتأثير محدَّد صادِر عن محيطه"[1]، والنظريَّة البنائيَّة le constructivisme، وارتبطت بـ: جان بياجي وباشلار، وهي ترى أنَّ التعلُّم فعل وظيفي يعتَمِد على مبدأ التفاعُل بين الذات والمحيط، وليس مجرَّد التأثير الخارجي على الذات كما ترى السلوكيَّة، أو التأثير العقلي كما ترى النظريَّة المعرفيَّة le congnitivisme.
فالتعلُّم عند بياجي: نشاط ذهني حركي، يحصل من خلال عمليَّتين متلازمتَيْن هما: الاستيعاب assimilation، المعتمدة على إدماج المعارف الجديدة في البنيات الذهنيَّة القبليَّة[2]، فالفعل التربوي يمرُّ بمرحلة إكساب المفهوم، ثم إدماج المفهوم، وصولاً إلى تعويم المفهوم باستِحضار المثال واللامثال، وبعد الاستيعاب تأتي العمليَّة الثانية، وهي المُلاءَمة accomodation؛ أي: تلاؤم الذات مع معطيات المحيط الخارجي، وفي هذا ردُّ الاعتبار لمكانة المتعلِّم ضمن العمليَّة التعليميَّة التعلُّميَّة، الذي أصبَح في قلب هذه العمليَّة، وليس مجرَّد مُستَقبِل للمعرفة، وهو عمق مصطلح الكفايات الذي جاء بديلاً عن مصطلح الأهداف.
فالبنائيَّة دفعت باتِّجاهٍ جعل الفعلَ التربوي يَسِير نحو الوضعيَّات التفاعليَّة interactives التي تُثِير في التلميذ الرغبةَ في البحث، وصِياغة المشكلات، ومناقشة المشاكل، وتقبُّل اقتراحات وتمثُّلات (représentations) التلاميذ.
ويُؤخَذ عليها أنها تقول بـ"نسبيَّة المعرفة"؛ ممَّا يَتعارَض مع المنطلق الذي نُؤمِن به نحن - المسلمين - كوجود الله والبعث والجزاء.
وهكذا نُلاحِظ تغيُّر المُنطَلَقات البيداغوجية تبعًا لتغيُّر النظريَّات السيكولوجيَّة.
وهنا لا بأس من التمهيد لموضوع جدليَّة مكونات العمليَّة التعليميَّة بشرح بعض المصطلحات البيداغوجية، وإن كان التركيز سيقع على أوَّل هذه المكونات، وهو المعلِّم؛ مراعاةً للقصد من هذه الدِّراسة.
1 - هل هناك فرقٌ بين التلميذ والمتعلِّم؟
جاء في "لسان العرب": "التلاميذ: الخدم والأتباع، واحدهم تلميذ"[3].
ويقال: تلمذ لفلان وعنده، كان له تلميذًا، والتلميذ: خادم الأستاذ من أهل العلم أو الفن أو الحرفة، والتلميذ: طالب العلم، وخصَّه أهل العصر بالطالب الصغير.
وعَلِمَ الأمر وتَعَلَّمَهُ: أتقَنَه[4]، وقد تأتي بمعنى أخذ الشيء، قال الثعالبي في "فقه اللغة": "ويكون (تَفَعَّل) لأخذ الشيء نحو: تَأَدَّب وتَفَقَّه وتعَلَّم، ويكون تَفَعَّل بمعنى افْعَلْ؛ نحو: تَعَلَّمْ، بمعنى اعلَمْ، كما قال القطامي:
تَعَلَّمْ أَنَّ بَعْدَ الشَّرِّ خَيْرًا 
وَأَنَّ لِهَذِهِ الْغُمَمِ انْقِشَاعَا 
فمصطلح "التلميذ" كان سائدًا لقرونٍ عدَّة، لكن مع علم النفس الحديث زُوحِم هذا المصطلح، كما زُوحِمت مصطلحات أخرى كانت سائدة، بحيث "نجد مفهوم متعلِّم، الذي أصبح يُسَيطِر على الساحة التعليميَّة وفي كلِّ الخطابات التربويَّة على حساب مفهوم تلميذ"[6].
ولكن ليس الأمر استبدالَ مصطلح بآخَر استِبدالاً لغويًّا وحسب؛ "بل إنَّ الأمر يتعلَّق بتغيُّرٍ على مستوى الدلالات؛ حيث نجد الأوَّل "التلميذ" قد ارتَبَط ببيداغوجيات كانت سائدةً خِلال عصورٍ خَلَتْ، والتي كانت أغلبها تُرَكِّز على تبليغ المادَّة، وعلى مركزيَّة المدرِّس داخِل المنظومة التربويَّة، فهو المسؤول عن البحث عن المادَّة التعليميَّة، ووضعها في قالبٍ معيَّن؛ ليتمَّ تمريرُها إلى ذهن الفرد المُستَهدَف من فعل التعلُّم"[7].
فكأنَّ كلمة "تلميذ" تقتَضِي أن يكون المعلِّم مالكَ المعرفة، والتلميذ مجرَّد متلقٍّ لها، يَراها متى طُلِب منه ذلك، تبعًا للأهداف التي رسمَها المعلم، والتي يجب أن تنسَحِب على الفصل كلِّه دون تفريقٍ بين التلاميذ ومؤهلاتهم ومكتسباتهم وقدراتهم، لتعتبرهم كما كان شائِعًا صفحةً بيضاء، وبعد تَوالِي الأبحاث والدِّراسات في ميدان السيكولوجيا بعامَّة، وسيكولوجيا الطفل بخاصَّة، وهي في غالبيَّتها دراسات غربيَّة - تبيَّن أنَّ هذا الطفل يجب أن يكون محورًا، وليس هامشًّا متلقيًّا ومتأثرًا، فاعتُبِر (متعلمًا) التي من معانيها (عالم)، واعتبر المتعلِّم "هو الذي يبحَث عن مادَّة تعلُّمه، ويتكيَّف معها بفعل جهازه العقلي المعرفي"[8].
وهنا يبرز مصطلح العقد الديداكتيكي didactique contrat حين وضع برادفورد Bradford سنة 1961 مفهوم المصالحة التربويَّة Transaction لضبط العلاقة بين الأستاذ والتلاميذ، عبر ما يُسمَّى بالعقد البيداغوجي Contrat pédagogique، غير أنَّ العلاقة البيداغوجيَّة بين المدرِّس والتلميذ كانت غير مُتماثِلة Asymétrique، باعتِبار الأوَّل مالكًا للمعرفة، والثاني مستقبِلاً لها، فظهر ما يسمَّى بالعقد الديداكتيكي الذي يَضمَن عند حسن تطبيقه علاقةً جيِّدة بين الطرفين.
والعقد الديداكتيكي تَعاقُد ضمني بين الأستاذ والتلاميذ منذ بداية السنة الدراسيَّة، يتمُّ بِمُوجَبه تحديدُ واجبات وحقوق كلِّ طرف؛ كالاتِّفاق على الأهداف والكفايات المطلوبة، والوسائل الديداكتيكية المستعمَلة، والطرق البيداغوجيَّة المسلوكة، بالإضافة إلى تحقيق الانضِباط، وحسن السلوك، وعدم الغشِّ، وإحضار الأدوات البيداغوجيَّة، والحق في المناقشة، وتكافؤ الفُرَص...
2 - التربية Education:
جاء في "تاج العروس": "رَبَّ ولدَه والصبيَّ يَرُبُّه رَبًّا: رَبَّاه؛ أي: أحسَنَ القِيام عليه، ووَلِيَه حتى أدرَك؛ أي: فارَقَ الطُّفُوليَّة، كان ابنَه أو لم يَكُنْ... وربَّاه تربيَةً..."، وفي "مختار الصحاح": "ربَّاه تربيَة وترَبَّاه؛ أي: غذَّاه".
كما قال الشاعر:
غَذَوْتُكَ مَوْلُودًا وَعُلْتُكَ يَافِعًا 
تُعَلُّ بِمَا أَجْنِي عَلَيْكَ وَتَنْهَلُ 
وقال المناوي في "فيض القدير شرح الجامع الصغير": "التربية: تبليغ الشيء إلى كماله شيئًا فشيئًا"، فالتربية في اللغة من "ربا الشيءُ يربو رُبُوًّا ورِباءً: زاد ونما"[9].
عن أبي الحباب سعيد بن يسار، أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن تصدَّق بصدقةٍ من كسبٍ طيِّبٍ - ولا يَقبَل الله إلا طيبًا - كان إنما يضعها في كفِّ الرحمن، يُربِّيها كما يربِّي أحدُكم فَلُوَّه أو فَصِيلَه حتى تكون مثل الجبل))[10].
والتربية Education مشتقَّة من Educare؛ بمعنى: قيادة الشيء إلى... أو إخراجه إلى... فهو متضمِّن معنى إخراج الطفل من حالته الأولى إلى حالة التعلُّم والمعرفة والتكوين، أو إخراج ما لديه من مهارات ومؤهلات.
فالتربية علمٌ يُعنَى بتنمية ملكات الفرد، وتكوين شخصيَّته، وتقويم سلوكه، أو هي فنُّ تنمِيَة الخصائص الجسميَّة والعقليَّة والخلقيَّة الكامنة، بكيفيَّة منسجمة لدى الشخص، بحيث يُصبِح عضوًا نافعًا في مجتمعه.
وهي نوعان: التربية الرسميَّة؛ ويُقصَد بها التعليم المنظَّم على أيدي المدرِّسين والأساتِذة في المدارس والكليَّات، والتربية غير الرسمية؛ ويندرج تحتَها التعلُّم من طريق المؤسَّسات التي تهدف في المقام الأوَّل إلى شيءٍ آخَر غير التعليم النظامي، وهذه المؤسَّسات تشمَل: الأسرة، والمكتبات، والمتاحف، والمساجد، والإذاعة، والتلفاز وغيرها.
التربية عند Legendre: هي بمثابة عمليَّة تنمية متكاملة ودينامية، تستَهدِف مجموع إمكانيَّات الفرد البشري: الوجدانية والأخلاقية والعقلية والروحية والجسدية، أمَّا Leang، فيعتبرها نشاطًا قصديًّا، يهدف إلى تسهيل نموِّ الشخص الإنساني وإدماجه في الحياة والمجتمع، والتربية بالنسبة لـ leif هي: عبارةٌ عن استِعمال وسائل خاصَّة لتكوين وتنمِيَة الطفل أو المراهق جسديًّا ووجدانيًّا وعقليًّا واجتماعيًّا وأخلاقيًّا، من خِلال استِغلال إمكاناته وتوجيهها وتقويمها.
3 – البيداغوجيا La pédagogie:
غالبًا في الاستعمالات الترمونولوجية المُتَداوَلة يتمُّ الخلط أو عدم التمييز بين مفهوم التربية ومفهوم البيداغوجيا، مع وجود فرق دلالي بينهما: فـ Harion يَعتَبِر البيداغوجيا علمًا للتربية، سواء كانت جسديَّة أو عقليَّة أو أخلاقيَّة، ويرى أنَّ عليها أن تستَفِيد من مُعطَيات حقول معرفيَّة أخرى تهتمُّ بالطفل، أمَّا Foulquié فيرى أنَّ البيداغوجيا أو علم التربية ذو بُعْدٍ نظري، وتهدف إلى تحقيق تَراكُم معرفي؛ أي: تجميع الحقائق حول المناهج والتقنيات والظواهر التربويَّة، أمَّا التربية فتحدد على المستوى التطبيقي؛ لأنها تهتمُّ قبلَ كلِّ شيءٍ بالنشاط العملي، الذي يَهدف إلى تَنشِئة الأطفال وتكوينهم[11].
ويقتَرِح العربي اسليماني تعريفًا أشمل؛ فالبيداغوجيا هي: "مجموع المُمارَسات النظريَّة والتطبيقيَّة الهادِفة إلى حلِّ المَشاكِل المُرتَبِطة بعمليَّات التواصُل بين شخصَيْن فأكثر"، وهو تعريفٌ يتضمَّن السؤال حولَ طُرُق التدريس، والمحتويات المعرفيَّة المراد تدريسُها، ووسائل وأنواع التقويم، وصعوبات التدريس، وأسباب التعثُّر الدراسي.
4 - الديداكتيك La didactique:
الديداكتيك هي شقٌّ من البيداغوجيا، موضوعُه التدريس (Lalande)، وهي كذلك نهج، أو بمعنى أدق: أسلوبٌ معيَّن لتحليل الظواهر التعليميَّة (Lacombe).
أمَّا بالنسبة لـ(B.JASMIN)، فهي في الأساس تفكيرٌ في المادَّة الدراسيَّة بغية تدريسها، فهي تُواجِه نوعَيْن من المشكلات: مشكلات تتعلَّق بالمادَّة الدراسيَّة وبنيتها ومنطقها، ومشكلات ترتَبِط بالفرد في وضعيَّة التعلُّم، وهي مشكلات منطقيَّة وسيكولوجيَّة.
ويُمكِن تعريف الديداكتيك أيضًا حسب REUCHLIN: مجموع الطرائق والتقنيات والوسائل التي تُساعِد على تدريس مادَّة معيَّنة.
ولقد ظهَر هذا المصطلح في منتَصَف القرن العشرين، واستُخدِم بمعنى فن التدريس، أو فن التعليم Art d’enseigner.
ولعلَّ أنسب تعريفٍ لواقع الممارَسة التربويَّة حسب محمد أمزيان، تعريف جان كلود غانيون J.C.Gagnon؛ حيث جعَل الديداكتيك إشكاليَّة إجماليَّة وديناميَّة تتضمَّن ثلاثة عناصر أساسية:
1 - التأمُّل والتفكير في طبيعة المادَّة الدراسيَّة، والغايات من تدريسها.
2 - وضع فرضيَّاتها انطِلاقًا من مُعطَيات علم النفس وعلم الاجتماع والبيداغوجيا.
3 - إعادة النظر في المُمارَسة والفعل البيداغوجي من خِلال النتائج المحصول عليها؛ وعليه فإنَّ الديداكتيك علم نظري وتطبيقي في الوقت نفسه.
نرجِع إلى مكونات العمليَّة التعليميَّة الثلاثة.
لا بَأسَ من الإشارة إلى مجموعةٍ من النِّقاط تهمُّ هذه العلاقة الثلاثيَّة، فقد شجَّعت بلادنا (المغرب) التعليمَ الخاصَّ، عن طريق اتِّخاذ مجموعةٍ من التدابير التشجيعيَّة، وهي تأمل في تسجيل 20% من أطفال المدارس في مؤسَّسات خاصَّة بحلول 2015، وهناك حديثٌ الآن عن تَجاوُز هذه النِّسبة في مدينة الدار البيضاء، علمًا بأنَّ عددَ المتعلِّمين الآن 86 مليون، 6% منهم يتلقَّون تعليمهم في المدارس الخاصَّة؛ لأنَّ 47% من المدارس الحرَّة توجد على الساحل الأطلسي بين القنيطرة والدار البيضاء.
والدولة الآن تُراهِن على إنجاح التعليم في المغرب ورقيِّه؛ لاكتِساب مقاييس الجودة على المدارس الخاصَّة؛ ولذلك نظَّمتْ لأُطُر الإدارة وأسرة التعليم في هذه المدارس تدريبًا يُمَكِّنهم من تقديم التعليم الرَّفِيع، وتلبِيَة الاحتِياجات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة للبلاد في هذا المجال، كما ينصُّ على ذلك الميثاقُ الوطني للتربية والتكوين؛ وذلك بسبب ما يعرفه التعليم العمومي من اكتِظاظ ومشاكل تجعَل تعليمَنا بعيدًا عن النِّسَب التي يَتَوخَّاها برنامج التعليم في المغرب؛ ممَّا يجعَل المسؤوليَّة جسيمةً على المربِّين في هذه المدارس، باعتِبار التعليم الخاصِّ يقتَرِب أكثَر من مواصفات الجودة، ويهتمُّ بتوافر المحيط الخارجي للتعليم؛ من بنيات تحتيَّة، ومَرافِق ضروريَّة، ممَّا يلعب دوره الفعَّال في جودة التعليم، ومع ذلك فالتعليم الخاصُّ يحتاج إلى مُضاعَفة الجهود؛ لأنَّه أوشك أن يكون أمل الآباء في تعليم أبنائهم.
ولما فطنت بعض الدُّوَل - كإسبانيا - إلى خطورة هذا الأمر، جنَّدت طاقاتها لخدمة التعليم، وسأُشِير هنا إلى بعض الحوافز التعليميَّة هناك على سبيل المقارنة:
• في عام 1995 كان 35% من السكَّان الإسبان قد اجتازُوا مرحلة التعليم الثانوي على الأقل، وحصل معظمهم على شهادة إتمام هذه المرحلة.
أمَّا المغرب فيُراهن على أن يجعل 40% من التلاميذ المسجلين سنة 1999/2000 حاصِلين على البكالوريا عام 2011م، مع أنَّ أحد المسؤولين التربويِّين صرَّح مؤخَّرًا (03/2010) بأنَّ ثمانين ألف تلميذ يَلِجُون المدرسة، لا يحصل على شهادة البكالوريا منهم إلا عشرون ألفًا فقط.
• يستمرُّ التعليم الإلزامي 10 سنوات: من 6 سنوات إلى 16 سنة.
• يُشتَرَط في مدرِّس المرحلة الابتدائيَّة الحصول على درجة الليسانس في علوم التربية، أو درجة البكالوريوس في الهندسة.
• يَحِقُّ للعامِلين في مجال التعليم التقاعُد اختياريًّا عند بلوغهم سنَّ الستين، بشرط قضاء 15 عامًا في الخدمة على الأقل، ويصبح التقاعد إلزاميًّا عند بلوغهم الخامسة والستين.
• وإذا كان متوسِّط عمل الأستاذ عندنا أقل من 20 ساعة أسبوعيًّا؛ أي: قرابة 700 ساعة سنويًّا، فإنَّ المدرس في إسبانيا يعمل 1280 ساعة سنويًّا، منها 850 في التدريس، والباقي في أداء واجبات مكمِّلة لعمله، مع تمتُّعه بإجازةٍ صيفيَّة مُدَّتها شهران، مع العطلات الرسميَّة العاديَّة.
أمَّا عندنا فحِسابٌ يسيرٌ يُوقِفنا على درجة هدر الوقت الذي تعرفه مجتمعاتنا.
فلو أنَّ بلدًا عدد سكانه 10 ملايين نسمة، وعدد الذين يشتَغِلون (يُنتِجون) 25% فقط، يضيعون من أوقات عملهم ساعتين، يكون عدد الساعات التي تَمَّ هدرها في السنة 1,750,000,000 وهي تُعادِل 250 مليون يوم عمل.
الْوَقْتُ أَنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ 
وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَلَيْكَ يَضِيعُ 
فكيف بنا نحن المسلمين المأمورين بحفظ الوقت والاعتِناء به، نجد أبناءَنا يقضون من أوقاتهم أمامَ الفضائيَّات والمواقع الإلكترونيَّة والفيديو قرابة 30 ساعة أسبوعيًّا؟
بل إنَّ عدد الساعات التي يُهدِرها في هذا الفَراغ أَزْيَدُ من الساعات التي يَقضِيها في المدرسة، فالطفل في المرحلة الابتدائيَّة يَقضِي من 700 إلى 800 ساعة في المدرسة في العام، ويَقضِي أزيد من 1000 ساعة أمام المرناة/ التلفاز، مع أنَّ علماء النفس والاجتماع والأطبَّاء يحدِّدون فترة المشاهدة اليوميَّة للطفل بـ35 دقيقة فقط.
والتلميذ عند التخرُّج في الثانوي يكون قد قضى في الدراسة: 10,000 ساعة، وأمام التلفاز: 15,000 ساعة.
والشابُّ في الجامعة يَقضِي 600 ساعة سنويًّا، و1000 ساعة أمام الفضائيَّات.
• يستغلُّ المدرِّس الإسباني قسطًا من إجازته الصيفيَّة في عقد دورات تدريبيَّة (التكوين المستمر)؛ حيث ينصُّ المرسوم الدستوري للنظام التعليمي على أنَّ مُواصَلة التعلُّم حقٌّ وواجب على العامِلين في مجال التدريس؛ لتَحدِيث خبراتهم العلميَّة والتعليميَّة والمهنيَّة، على أن تكون تلك الدورات مجانيَّة، وتَقُوم بمهمَّة التدريب مراكز المعلِّمين والجامعات.
• يتَّجِه الإسبان إلى جعْل إلزاميَّة التعليم من سن الثالثة.
• يتَّجه 70% من خِرِّيجي الثانويَّة إلى الجامعات، و30% إلى المعاهد المهنيَّة.
• رياض الأطفال مجانيَّة.
• يُعتَمَد في التعليم الابتدائي على ما يُسمَّى بمعلِّم الفصل، ومعلِّم متخصِّص في الدِّين والتربية البدنيَّة، مع التركيز على التعليم المهني في المرحلة الثانويَّة.
• يتمُّ التركيز في استِخدام الحاسوب؛ باعتِباره أداة للإنتاج والتعليم، مع توافُر جِهاز حاسوب لكلِّ فصلٍ في المرحلة الابتدائيَّة، وتزويد المؤسَّسات بشبكة الإنترنت، ويُوزَّع التلاميذ في هذه المرحلة وفق نِظام المجموعات، والوسائل والكتب المساندة تَتوافَر في الفصول والممرَّات.
والمتعلِّمون الموهوبون يُعطون فرصة اختِصار الدراسة إلى سنتين.
• تُزوَّد المؤسَّسات بمطاعم تُقدِّم وجبات ساخِنة؛ لأنَّ المعلِّم يبقى في المدرسة من بداية الدوام إلى نهايته، ولأن فترة الدوام تبتَدِئ من 9,30 صباحًا إلى الواحدة والنصف ظهرًا، ثم فترة استراحة وغداء لمدَّة ساعة ونصف، ثم تُستَأنف الدراسة من الثالثة إلى الخامسة والنصف.
• أقصى عدد للتلاميذ في المدرسة يَبلُغ 810 تلميذًا، وعدد الفصول لا يَتجاوَز 26 فصلاً، والحدُّ الأدنى لمقياس الفصل 42 مترًا مربعًا[12].
ونظرةٌ واحدة إلى جملة مَدارِسنا تُنبِئ بتَقهقُر جودة التعليم عندنا، وأنَّ بيننا وبين ما ذكرناه من تجربة الإسبان قرابةَ 35 سنة من التأخُّر.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|