كشف ما أخفاه أهل الكتاب من الحق مقصد من مقاصد البعثة النبوية
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا [المائدة:14] من رسول الله هذا؟ هل هناك مؤمن يشك في هذا؟ من رسول الله؟ لا زكريا ولا عيسى ولا يحيى، قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا [المائدة:14] محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي العدناني من ذرية إسماعيل، وقد قلت لكم: هذه الإضافة إضافة تشريف، الله أضافه لنفسه، ولولا كماله وعلو منزلته وسمو مقامه لما أضيف إلى الله، فالله الذي خلقه ورباه وهو الذي علمه وأرسله رسولاً إلى الأبيض والأسود وإلى الإنس والجن. قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا [المائدة:14]، والله إنه لمحمد يا أهل القرآن! يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ [المائدة:15]، وأحلف بالله! لقد أخفى علماء اليهود وأحبارهم من كلام الله الشيء الكثير، حتى لا يقول قائل: وكيف نعوت وصفات النبي صلى الله عليه وسلم الناطقة بنبوته، والمحددة زمانه ومكانه ورسالته؟ كل ذلك والله بدلوه وحرفوه، أخفوه إخفاء كاملاً، وأهل الإنجيل كذلك، القسس والرهبان حرفوا صفات النبي ونعوته التي نطق بها عيسى، ونزل بها كتاب الله الإنجيل، حرفوها وبدلوها وأخفوها، فالله تعالى يقول: قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [المائدة:15]، فبين ما هو ضروري للبيان، كنعوت الرسول، ومن ذلك أنه يخرج من بين جبال فاران، هكذا في الإنجيل والتوراة يخرج النبي الخاتم، وحرفوا وبدلوا كما فعل علماؤنا نحن أيضاً من رجالات الباطل والتصوف، حرفوا كلام الله، وبدلوا وغيروا، هذا شأن البشر إذا ضعفوا وانهزموا أمام الشيطان والدنيا والشهوات والأهواء.قال: وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [المائدة:15] ما يذكره ولا يبينه، لكن بين أيضاً ما أخفوه، وهو نعوت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله إلى البشرية جمعاء، وأن الإيمان به واجب، وأن اتباعه يهدي إلى السلام، وإلى السعادة في الدنيا والآخرة، وأن الكفر به من أعظم أنواع الكفر وما إلى ذلك.
الرسول والقرآن نور وصراط موصل إلى الجنة
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ [المائدة:15] النور محمد صلى الله عليه وسلم، فالذي يتبعه ويمشي وراءه هل يقع في المهالك؟ ما يقع، الذي يمشي وراءه هل تزل قدمه؟ هل يخطئ في عقله وفهمه؟ كلا؛ لأن النور أمامه، إذاً: والإسلام نور، من دخل في الإسلام أصبح يبصر ويفهم ويعي وينجو من المهالك والمعاطب ولا يخسر دنياه ولا آخرته. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ [المائدة:16] فمن يطلب ويبحث عن رضا الله يهده الله سبل السلام، ويخرجه من الظلمات إلى النور، ومن لم يرغب في رضا فلا يبالي أسخط الله أم رضي، أحب أم كره؛ فلن يفوز، لكن وعد الصدق يَهْدِي بِهِ اللَّهُ [المائدة:16] أي: بالإسلام والكتاب، بالقرآن، بالنبي صلى الله عليه وسلم، من اتبع رضوان فالله عز وجل يهديه سبل السلام، ويخرجه من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديه إلى صراط مستقيم ليقرع باب الجنة.
تفسير قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم...)
ثم قال تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:17]، (لقد كفر) أي: وعزة الله وجلاله لق كفر. لأن هذه اللام في موضع القسم: وعزتنا وجلالنا لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:17]، وهل يوجد إنسان يقول: الله هو المسيح؟ إي والله، فالنصارى تفرقوا وانقسموا ولكنهم في الجملة معترفون بهذا الخطأ، ويقولون: عيسى هو الله، منهم من يقول: عيسى حل الله فيه فكان الله، ومنهم من يقول: عيسى ابن الله، فالإله -إذاً- مكون من الله ومريم وعيسى، هذا هو التثليث، المهم أنه عبث بهم الشيطان وسخر منهم واستهزأ بهم، حتى أصبح هذا القول لا يقوله ذو عقل، فالله رب السماوات والأرض ورب العالمين يحل في عيسى؟! كيف هذا؟ كيف يتحد مع عيسى؟ عيسى عبد الله ورسوله يصبح ابناً لله؟! قد يقولون: نحن نقول بالبنوة والأبوة من باب التشريف والتعظيم! والله لقد كذبوا، ولو أرادوا ذلك كفروا، فهل لو رأيت الآن رجلاً صالحاً منكم أقول: هذا ابن الله لأنه صالح؟ من قال ذلك يكفر لأنه كذب على الله عز وجل، نرى شجاعاً بطلاً فنقول: هذا أبوه الله، من باب التكريم والتشريف، هل يصح هذا؟ لا يصح، وهم ينطقون ويصرحون بأن عيسى ابن الله، فأي كفر أعظم من هذا؟! وإنما أكفرهم الشياطين وأصحاب المناصب وأصحاب الكراسي كما يقولون؛ ليعيشوا هكذا سادة على أقوامهم الهابطين الساقطين، وتفطن الكثيرون، بل مئات الملايين في العصور الأخيرة، وقالوا: ما عيسى إلا عبد الله ورسوله، ولكن منعتهم الشياطين والأهواء والدنيا أن يدخلوا في رحمة الله، ويدخلوا في الإسلام، وإلا فإنه يوجد كثير من الفلاسفة والحكماء ما يعترفون بأن عيسى ابن الله أبداً، ولا أنه ثاني اثنين ولا ثالث ثلاثة، لكن محجوبون بسبب شهواتهم وأهوائهم، ما يستطيع هذا الفيلسوف أن يغتسل في الليلة الباردة ويصلي بالليل والناس نيام، ما يستطيع هذا العالم أن يتخلى عن شرب الخمر وأكل الخنزير، ما يستطيع أبداً أن يحجب وجه امرأته، فعرفوا الإسلام فخافوا من تعاليمه، فوقفوا بعيدين مع علمهم بصحة الإسلام، وذلك فضل الله يدخل فيه من يشاء، ويعطيه من يشاء.
معنى قوله تعالى: (قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ...)
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ [المائدة:17] لهم يا رسولنا: إن كان الأمر كما تقولون فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [المائدة:17] ؟ هل أمريكا؟ أما أهلك أمه؟ أين مريم؟ أما أماتها؟ لقد ماتت، فهو تعالى يكلمهم ويخاطبهم بما هو أقرب إلى فهوم البشر عرباً وعجماً بكل بساطة: إن كان الأمر كما تقولون: إن عيسى هو الله وابن الله، فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك عيسى ابن مريم وأمه؟ هل هناك من يستطيع أن يمنعه؟ عيسى رفعه وسوف يميته ويهلكه، فمن يمنع عيسى من الله؟ وأمه ماتت أم لا؟ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [المائدة:17] في كل مائة قرن ملايين البشر تموت، فأين عيسى؟ وأين أمه؟ وأين الإله الموهوم؟ فهذه حجج منطقية ومع ذلك يصرون على الباطل: قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [المائدة:17]. والمسيح لقب لعيسى عليه السلام؛ لأنه ممسوح القدمين؛ ولأنه إذا مسح على المريض يشفيه الله عز وجل، يقال: مسيح، أما المسيح الدجال فلأن عينه ممسوحة، وهذا سيأتي، والله أسأل ألا نراه، وعما قريب يظهر.وعيسى عليه السلام كان بكلمة التكوين: (كن)، قال تعالى: إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل:40].إذاً: فالله عز وجل أراد أن يأتي بهذه الآية، فقال لعيسى: كن فكان في بطن مريم، ساعة وإذا بالطلق يلجئها إلى النخلة وتلد عيسى وينطق بعدما سقط من بطنها، وقال: إني عبد الله. وقد خلق الله تعالى آدم من غير أم ولا أب، فآدم أبو البشر خلقه الله من طين، ثم سواه ونفخ فيه من روحه، فكان بشراً اسمه آدم، وحواء زوجه من أمها؟ لا أم لها، بل أخرجها الله من ضلع آدم الأيسر، قال لها: كوني فكانت، فخلق تعالى بشراً بدون أب ولا أم، وخلق بأب وبدون أم، وخلق عيسى بأم بدون أب، هذه أنواع الخلق: مخلوق بلا أم ولا أب، ومخلوق بأب بدون أم، ومخلوق بأم بدون أب، ومخلوق بأم وأب، ما هناك صورة أخرى.
بيان غنى الله تعالى عن خلقه واختصاصه بملك السموات والأرض وما بينهما
واسمع ما يقوله تعالى: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة:17]، إذا تعلقت إرادته بشي ليكون فوالله لن يتخلف، سواء كان عظيماً عظمة السماء أو الكواكب أو دون ذلك، إذا أراد شيئاً فإنه يكون مهما ما كان، لأنه تعالى على إيجاد وتقدير كل شيء قدير، أعظم من (قادر).إذاً: الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما ويخلق ما يشاء هل يحتاج إلى ابن؟! يا مجانين! أيحتاج إلى ابن؟ أيحتاج إلى زوجة؟ نعوذ بالله، قالت الجن في صراحة: وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا [الجن:3] والصاحبة هي الزوجة؛ لأنها تصحب زوجها، وإلى الآن النصارى يعتقدون أن عيسى ابن الله، كيف عيسى ابن الله؟ قالوا: الله تزوج مريم؟ أعوذ بالله! هل الذي وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [البقرة:255] يتزوج مخلوقة من مخلوقاته؟ كيف يفهم هذا الكلام ويفسر؟ فلا إله إلا الله!
تفسير قوله تعالى: (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه...)
ثم قال تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى [المائدة:18] قضية أخرى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ [المائدة:18]، كان الصحابة يجادلون اليهود والنصارى يبينون لهم الطريق، يخوفونهم من عذاب الله ونقمته: ادخلوا في رحمة الله، أسلموا تنجوا، ما لكم طاقة على أن تعيشوا في عالم الشقاء، فيقولون: لا، نحن أبناء الله وأحباؤه فلا يعذبنا! كما يفعل عوام المسلمين والفساق والفجار، يقال لهم: اتقوا الله، اتركوا الزنا، اتركوا الربا، اتركوا الكذب، استقيموا، فيقولون: لا، نحن مسلمون، الجنة لنا ليست لغيرنا! فهؤلاء قالوا: نحن أبناؤه وأحبابه، فكيف يعذب الأب ابنه؟ وهل يعذب الحبيب حبيبه؟ فبماذا رد عليهم رسول الله وأصحابه؟ ماذا قال تعالى لهم؟ قال الله لرسوله ولكم أيضاً: قُلْ [المائدة:18] لهم: فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ [المائدة:18]؟ أليس فيكم من يمرض؟ أليس فيكم من يقتل؟ أليس فيكم من يصاب بكذا؟ والله لا يعذب أولياءه وأحباءه، فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ [المائدة:18] ؟ أما مسخ منكم إلى القردة والخنازير؟ أيمسخ الله أبناءه وأحباءه قردة وخنازير؟ لو كنتم أبناء وأحباء كما تقولون فلن يعذبكم أبداً، وهل المحب يعذب حبيبه؟ هل الأب يعذب ابنه؟ مستحيل هذا، فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ [المائدة:18]؟ والحقيقة: بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ [المائدة:18] ما أنتم فوق ولا تحت، أنتم مع البشرية، أبوكم آدم وأمكم حواء. بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ [المائدة:18] وهو تعالى يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ [المائدة:18] يعذب من يشاء عذابه وتعذيبه، ذاك الذي يدعوه إليه فيعرض عنه ويدبر ولم يطعه، ذاك الذي يشاء الله عذابه.ويغفر لمن يشاء، وذاك هو الذي استجاب لنداء الله وطلب المغفرة من الله، لا تفهم هذا الإطلاق: أن الله يعذب الكفار والمؤمنين، أو يغفر للكفار والمؤمنين سواء، فمشيئته تعالى قائمة على أساس العدل والرحمة الإلهية. وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ [المائدة:18] ذاك الذي دعاه وبعث إليه رسوله، فكفر وكذب واستنكف، ذاك الذي يشاء الله تعذيبه، ويغفر لمن استجاب لندائه وآمن به وبرسوله وأطاعه.قال تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [المائدة:18]، قطع أعناقهم، قطع ألسنتهم، لله ملك ما في السماوات والأرض وما بينهما، الكل ملك الله، إذ هو خالقه ومدبره، والمصير والعودة إليه الإنس كالجن كغيرهم، الكل يصيرون إلى الله تعالى، أبعد هذا يحتاج إلى ولد أو زوجة؟
تفسير قوله تعالى: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل...)
ثم قال تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا [المائدة:19] مرحباً به أهلاً وسهلاً، نحن قلنا هذا، وهم قالوا: لا، يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ [المائدة:19] يبين لهم ماذا؟ الطريق، طريق السلامة طريق النجاة، طريق السعادة، طريق الكمال البشري، إي والله. عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ [المائدة:19] انقطاع الوحي لفترة من الزمن وهي خمسمائة وسبعون سنة، هذا القول الراجح، فعيسى عليه السلام رفع، وما بعث الله بعده من رسول، وأما الذين ذكروا في سورة (يس) فمن أتباع عيسى وتلامذته، وأما خالد بن سنان الذي يعبد في المغرب والجزائر فقد قالوا: ابن خالة الرسول صلى الله عليه وسلم! وهذه خرافة وكذبة، فمن رفع عيسى عليه السلام انقطع الوحي، حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، والفترة هي خمسمائة وسبعون سنة أو وتسع وستون سنة. قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ [المائدة:19] حتى لا تقولوا: ما جاءنا من بشير ولا نذير، حتى لا تحتجوا علينا وتقولوا: كيف تعذبنا وما أرسلت إلينا من رسول يبشر ولا ينذر؟ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ [المائدة:19]وهو محمد صلى الله عليه وسلم، بشير يبشر من؟ هل يبشر الفساق والفجار والظلمة والمشركين؟ ونذير لمن؟ هل للمؤمنين الربانيين الصالحين؟ لا، يبشر أهل الإيمان والتقوى، وينذر أهل الشرك والمعاصي، والله أسأل أن يجعلنا من أهل التبشير، وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة:19].وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.