عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 20-05-2021, 03:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,876
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة في ديوان: ملحمة التاريخ

فَوَاعَجَبًا لِلدَّارِ كَيْفَ تَقَطَّعَتْ

حُدُودًا وَمَادَتْ فِي أَسًى وَشَتَاتِ




أَمُرُّ بِهَا ذِكْرَى فَلاَ الدَّارُ دَارُهَا

وَلاَ حُجُرَاتُ الْعِزِّ بِالْحُجُرَاتِ


ص203.

ويستمرُّ الشاعر على اللحن ذاته - بحر الطويل - وروي (آتِ)، وكأنه يُتابِع قصيدته السابقة؛ ليُشَكِّل منها ملحمة شعريَّة تحتوي ملحمة التاريخ، أو مشهدًا منها، فيُضِيف ستّة وثلاثين بيتًا تحت عنوان (دار الإسلام بين مكر الأعداء وغفلة الأبناء)؛ ليتحدَّث عن ملحمة المؤامرة، المؤامرة التي تُرِيد إخفاء المؤامرة، وتُطلِق تُهَمَة (المريض بمقولة المؤامرة)، أو (عقدة المؤامرة) على كلِّ مَن يحاول توعِيَة المسلمين بِمَخاطِرِها، وتستبدل ذلك بمشروع جلد الذات، وينسى أن معسكر الكفر حاكَ آلاف المشاريع التآمُريَّة لتقسيم العالم الإسلامي والمسلمين، ولو استَطاع لجَعَل كلَّ بيتٍ في ديار الإسلام دولةً مستقلَّة، تُقاتِل جاراتها وتُعادِيهم لصالِحِه وحدَه، وفي سِياق هذا كلِّه الأحداث الحاضرة والسابقة، وستكون اللاحِقة على دربها، وإستراتيجيَّتها التي لم تتغيَّر منذ أبي جهل زمن الرسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - إلى أبي جهل القرن العشرين والحادي والعشرين، وهي اجتثاث الإسلام من جذوره، فيقول في آخرها:



يَكِيدُونَ لِلْإِسْلاَمِ وَيْلَ مَكَايِدٍ

وَعِزُّهُمُ فِيهِ وَصِدْقُ نَجَاةِ




تَجَمَّعَتِ الْأَحْقَادُ سَوْدَاءَ وَالْتَقَتْ

مَطَامِعُهَا مَوْجًا مِنَ الظُّلُمَاتِ




تَدَفَّقَ مِنْهَا الْكَيْدُ وَالْمَكْرُ وَالْأَسَى

قُرُونًا وَأَجْيَالاً وَصَبْرُ دُهَاةِ




وَتَدْفَعُهُمْ عَبْرَ الدُّرُوبِ طَوَائِفًا

تَهَاوَتْ وَأَحْزَابًا وَحَرْبَ فِئَاتِ



وقبل ذلك كشَفَ عن تآمُرهم على دينهم، مع ما فيه من تحريفٍ يُوافِق أهواءَهم، فهم يرفعون رايات الصليب، يتستَّرون خلفها لتحقيق أطماعهم وبلوغ نزواتهم، أليسوا قد ادَّعوا صلب المسيح - عليْه السلام؟ وكذَّبهم الله - سبحانه وتعالى - بقوله: ï´؟ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ï´¾ [النساء: 157]، والمسيح منهم بَراء، كما هو موسى - عليْه السلام - بريء من الكفَرَة الذين يدَّعون من أتْباعه، ويُحَرِّفون رسالته لتُوافِق أهواء شَياطِينهم، وهم يعلمون ما في التوراة من أَوامِر لهم باتِّباع النبي الأميِّ الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر - صلَّى الله عليه وسلَّم - بل يتجرَّؤون على الله، فكيف على الناس؟! فيقول:



وَيُلْقُونَ رَايَاتِ الصَّلِيبِ أَمَامَهُمْ

سِتَارًا يُوارِي نَهْمَةَ الْغَزَوَاتِ




فَيَا أَيُّهَا التَّارِيخُ أَيُّ عِصَابَةٍ

تَوَلَّتْ مِنَ الإِجْرَامِ زَيْفَ رُوَاةِ




أَيُصْلَبُ عِيسَى ثُمَّ يُجْعَلُ خَالِقًا

فَيَا وَيْلَ بُهْتَانٍ وَوَيْلَ جُنَاةِ




يُهِيجُ لَهَا حَشْدُ الضَّلاَلِ حَمِيَّةً

مِنَ الْجَهْلِ أَمْوَاجًا عَلَى الْحَمَلاَتِ




وَلَكِنَّمَا الْأَهْوَاءُ تَقْتُلُ أَهْلَهَا

وَتَرْمِي بِهِمْ فِي سَبْسَبٍ وَفَلاَةِ



وقبل ذلك تَحسَّر على دِيار الإسلام بالنداء الأوَّل، وذكَّرها بما كان يُغنِيها من التُّقَى، وكيف تحوَّلت خَيْراتُها وبركاتها، وتَمَتْرَس فيها الداء، وتتالَتْ عليها الضربات المرَّة، بعد سيادة الجهل، وتفتَّحت أبواب الشياطين، وعبَرَها الكفَّار، بارِزَة عداوتهم، وأحقادهم، يقتلون وينهَبُون، والمسلمون وإن كانوا يَهُزُّون رؤوسهم بقراءة القرآن فإن قلوبهم وسيوفهم في سَكْرَةٍ وغَفْوَةٍ، فيقول:



فَيَا أَيُّهَا الدُّارُ الْغَنِيَّةُ بِالتُّقَى

تَحَوَّلْتِ مِنْ خَيْرٍ وَمِنْ بَرَكَاتِ

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]