عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 20-05-2021, 03:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,033
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قراءة في ديوان: ملحمة التاريخ

ويُطلِق نداء للرسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ليكيل ما استطاع من المديح والسلام عليه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ويُعلِن للملأ أن النصْر والفتْح هو حمل رسالة الله - سبحانه وتعالى - وحمايتها بالسيف، فإذا التَقَى السبيلان كان النصر والفتح، وهذه قاعدة وسُنَن ثبَّتها الله - سبحانه وتعالى - وحقَّقَها الفاتحون من المسلمين عبر العصور، فيقول:



يَا رَسُولَ الْهُدَى سَلاَمٌ مِنَ اللَّ

هِ وَمِنْ مُؤْمِنٍ لَهُ تَرْدِيدُ




فَإِذَا مَا الْتَقَى عَلَى الْحَقِّ سَيْفٌ

وَبَلاَغٌ فَذَاكَ فَتْحٌ مَجِيدُ




أُمَّةٌ لَمْ تَزَلْ إِلَى اللهِ تَسْعَى

هِيَ فَتْحٌ مِنْهُ وَنَصْرٌ فَرِيدُ



ويُتابِع نداءَ الرسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ليبلغه صلاته وسلامه ووفاءه كما دَأَبَ المؤمنون على مَرِّ العصور، ويذكر المكرمات النبويَّة التي أفاض الله بها عليه، فكانت مَنْهَلاً للمؤمنين، ومَنأًى للمشركين والمنافقين:



يَرْتَوِي الدَّهْرُ مِنْ هُدَاهُ فَيَدْنُو

مُؤْمِنٌ خَاشِعٌ وَيَنْأَى كَنُودُ



ويَستمرِئ النِّداء للرسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لكن هذه المرَّة باسم (المصطفىليقف عند أوصاف الرسول الجديَّة - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ويَتجاوَزها إلى الصِّفات والأخلاق، فقد اكتملَتْ خلقته، واكتَمَل خلقه، ويَكفِيه أنَّه مُمَدَّحٌ في كل آيَة من كتاب الله - عزَّ وجلَّ - بخُلُقِه العظيم، يتلوه المؤمنون أبد الدهر:



حَسْبُكَ الْمَدْحُ أَنْ تَكُونَ عَلَى خُلْ

قٍ عَظِيمٍ يُتْلَى الْكِتَابُ المَجِيدُ




كُلُّ آيٍ مِنَ الْكِتَابِ وَذِكْرٍ

هُوَ ذِكْرٌ عَلَى الزَّمَانِ جَدِيدُ



ويَستمتِع الشاعر بإضافة الرسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - إلى الهدى، ويكرِّر ذلك في بداية كلِّ مقطع من قصيدته، وكأنه يُؤكِّد العنوان لفظًا ومعنًى، ويجعله فاصلة بين نوعيَّات النجوى التي يبثُّها، فهو الذي حمل للبشرية السلام، وربَّى أمَّته على حمايته وحفظه، وكم واسَى المحزونين، ورقت إليه أكبادهم، واطمأنَّت له قلوب الخائفين الوَجِلِين، وأعادَ الحقوق الضائعة إلى أصحابها، ولم يكن ذلك من قوانين البشر، ولا أفكارهم، بل هي شريعة الله، فإن استَقامَ الناس عليها سادَ السلامُ، ونجا الناس من الفتنة، وكأنَّه يَستحضِر قولَ الله - عزَّ وجلَّ -: ï´؟ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ï´¾ [الأنفال: 39] فيقول:



فَاسْتَقِيمُوا للهِ نَبْنِ سَلاَمًا

لَمْ تُخَالِطْهُ فِتْنَةٌ وَوُعُودُ



ويَستمِرُّ النداء للرسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ليُقارِن بين التطبيق النبوي لشريعة الله في إحقاق الحق، وإبطال الباطل، وسيادة العدل والمُساوَاة بين الناس، فلا ظلم ولا عنصريَّة للونٍ أو لعرق، بل أكرمكم عند الله أتقاكم، وبين غياب أمَّة الإسلام عن القرار، وتركها الساحة الفاعلة لغيرها، وانقِلاب المفاهيم كلها، وسيادة أفكار الشياطين، وكثرة الخبث، وانتشار الفتنة، وعموم البَلاء، واشتِعال الأرض، وكثرة الهرج، لكن مَوْكِب الحق وراية هذه الأمَّة ما تَزال تنتظِر أبناءَها ليرفعوها، ويُعِيدوا شريعة الله لموقع القيادة، وَفْقَ النواميس التي بيَّنتها، وجاء بها الرسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم -:



أَشْعِلُوا الْأَرْضَ، فَجِّرُوهَا بَرَاكِي

نَ فَمَادَتْ ذُرًا وَمَادَ عَمُودُ




صَاحَ مِنْ هَوْلِ مَكْرِهِمْ كُلُّ جَبَّا

رٍ وَجُنَّ اللَّهِيبُ وَالأُخْدُودُ




غَيْرَ أَنَّ اليَقِينَ يَبْقَى وَيَمْضِي

مَوْكِبُ الحَقِّ يَجْتَلِي وَيَرُودُ



وفي خاتمة القصيدة يَتساءَل الشاعر خائفًا مرهوبًا: إن كان يرقى إلى مدح النبي الكريم - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لكن أشواقه وحنينه الشديد غلَبَ الرَّهبة، مع تزايُدها من الخشوع الذي يملأ قلبه، فإذا هو الحب والتوحيد والعمل في سبيل الله، وكأنه نذَرَ نفسه لله منذ كان، فكانت جهوده كجيوش وحشود تتابعت مدى العمر، فيقول:



كُلَّمَا لَجَّ فِي فُؤَادِيَ شَوْقٌ

دَفَعَ الشَّوْقُ رَهْبَتِي فَتَزِيدُ




وَإِذَا بِالْخُشُوعِ يَرْفَعُ أَشْوَا

قِي فَتَصْفُو وَتَرْتَقِي فَتَجُودُ






يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.03 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]