عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 03-05-2021, 03:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

بيان توحيد الأسماء والصفات والشرك فيه
ثانياً: توحيد الأسماء والصفات، وهو موجز وليس بطويل، فاعلموا أولاً: أن الله تعالى ليس كمثله شيء، والله الذي لا إليه غيره لا يوجد مثل الله شيء، لا في عالم الملائكة ولا في عالم الجن ولا في عالم الشياطين ولا الإنسان ولا الحيوان، ويستحيل أن يكون مثلهم وهو خالقهم، فهل صانع هذا القلم يكون مثل القلم؟! مستحيل، إذاً فكيف نصبح مثل ربنا؟! إن هذا مستحيل، إذ كل ما في الكون لا يشبه الله شيئاً، واقرءوا قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].ثانياً: لله تعالى أسماء وصفات عرفناها من طريقه هو وطريق رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد جاءت أسماء الله وصفاته في كتابه القرآن العظيم، وقبله في التوراة والإنجيل والزبور وصحف الأنبياء، وتلك الأسماء والصفات علمناها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجب أن نؤمن بها، أي: نصدق بها، وهذا أولاً، وثانياً: ألا ننسب صفة منها لغير الله من مخلوقاته، بل نوحده في أسمائه وصفاته، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن لله مائة اسم إلا اسماً واحداً )، وهي موجودة في القرآن الكريم مفرقة هنا وهناك، وهي كما أخبر صلى الله عليه وسلم مائة اسم إلا اسماً واحداً، وهذه الأسماء لا نطلق اسماً منها على مخلوق أبداً، حتى لا يكون شريكاً لله في اسمه أو صفته.ثالثاً: أن لله صفات ذاتية وفعلية، فالصفات الذاتية يجب أن نؤمن ونقر ونعترف ونعتقد بها، ونحن نعلم أنها صفات لا يشبهها صفة من صفات المخلوقات، فمثلاً: قال الله عز وجل وقوله الحق وهو يخاطب عدوه إبليس: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75]، فـ(يدي): تثنية: يدٍ، فيقال: يدان ويدين، وإذا أضفت قلت: يدا فلان، وفيه دليل على إثبات اليدين لله تعالى، وكذلك (الخلق) فهي صفة من صفات الله الفعلية، إذ هو الخالق لكل شيء. ولذا فاسمع يا عبد الله! هلكت أمم في هذه الصفات، فلا يصح أبداً أن تشبه يدي الله بيد المخلوقات، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]، بل آمن بأن لله يدين، ولكن يستحيل أن تشبه يد المخلوقات، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11].رابعاً: إياك أن تجحد هذه الصفة، وذلك إما بتأويلها فتقول: معنى: (بِيَدَيَّ)، أي: بقدرتي، فلمَ تكذب على الله؟ أأنت ترد على الله؟ الرسول عاش ثلاث وعشرين سنة يعلم أمته التوحيد، وما أوَّل يوماً صفة من صفات الله، وتأتي الجهمية والمعتزلة والطوائف الأخرى فتؤول، وذلك حتى يفرغوا قلوب المؤمنين من وجود الله والإيمان به، وقد بينت لكم بالأمس فقلت: يقولون: مثلاً: لو تشير بيدك إلى الله في السماء فيجب أن تقطع يدك؛ لأنك قد حددت المكان له، وبالتالي فلا تقل: هو فوق ولا تحت ولا عن يمين ولا عن شمال، وخلاصة هذا: أنه لا وجود لله، فالذي لا يكون لا فوق ولا أسفل ولا عن يمين ولا عن شمال ما معنى هذا؟ لا وجود له، إذاً كيف يخاف؟ كيف يرهب؟ كيف يحب؟ كيف يطاع وهو لا وجود له؟ هكذا فعلوا بأمة الإسلام.إذاً: نؤمن بأن لله يدين، وكلنا عقيدة أن يديه لا تشبه يدي المخلوقات أبداً، إذ ليس كمثله شيء.كما أخبر تعالى عن مجيئه في ساحة فصل القضاء فقال: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الفجر:22]، وقال: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ [الزمر:68-69]، جاء ربي لفصل القضاء، فمن قال: الله لا يجيء حتى لا نشبهه بمخلوقاته، فهذه كلمة خبيثة مجوسية؛ لأن الله يقول: وَجَاءَ [الفجر:22]، وهم يقولون: لا، إنما المراد: جاء ملكه أو أمره، فإن سئلوا: ما حملكم على هذا؟ لم يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوَّل صفة من صفات الله عز وجل، قالوا: حتى لا نشبه الله تعالى بخلوقاته.إذاً: الجهمية والمعتزلة والطوائف الهابطة يقولون: ما نعتقد هذا، فيئولون فيقولون: ينزل أمره، أو ملك من ملائكته، فعطلوا صفات الله عز وجل، وكذبوا الله ورسوله، وحكم من كذب الله ورسوله الكفر والعياذ بالله.أيضاً يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه إذا امتلأت النار -أدخل فيها الإنس والجن بالمليارات وبلا عدد- تقول: هل من مزيد؟ واقرءوا الآية من سورة (ق): يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [ق:30]، فيضع الجبار تبارك قدمه فيها فتقول: قط قط قط، أي: يكفي، فيجب أن نؤمن بقدم الجبار جل وعز، ولا يحل أبداً أن يخطر ببالك شبه هذا القدم، فلا تنظر إلى المخلوقات؛ فإنه ليس كمثله شيء.كذلك السمع والبصر، فالله عز وجل يخبر في آياته إنه هو السميع البصير، فقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، فمن أراد أن ينفي صفة السمع أو البصر عن الله فقد أراد أن يحترق، لكن هم لا ينفونها، وإنما يحرفونها ويؤولونها، وهذا كله معناه: أنهم ما رضوا بحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فأرادوا أن يضعفوا في نفوس المؤمنين الخوف والرهبة منه والحب له.وعليه فتوحيد الأسماء والصفات يا أبنائي! يا إخوة الإسلام! أن نؤمن بكل اسم وصفة لله عز وجل، ولا نحرفها ولا نؤولها ولا نجحدها ونكتمها، ولا نشبهها بصفات المخلوقات، إذ له صفاته لا تشبه الصفات، كما أن ذاته لا تشبه الذوات.فهذا الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة في القرن الثاني بعد قرن النبوة، وهو على كرسيه يعلم المؤمنين السنة، فوقف سائل فقال: يا إمام! ما معنى قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]؟ فغضب واحمر وجهه وعرق؛ لأن بدعة قد ظهرت، إذ المفروض أن تؤمن بقول الله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، ولا تسأل: كيف؟ ثم هل عرفت ذات الله حتى تعرف كيفية الجلوس؟ لذا آمن بما أخبر تعالى به، فقال مالك وهو يضبط أعصابه وهو النوراني الموفق: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، يا عسكري! خذه للتأديب. فقوله: الاستواء معلوم، يقال: استوى على سريره أو على عرشه أو على كرسيه، أي: جلس عليه، والكيف مجهول، أي: السؤال عن الكيفية مجهول، إذ إننا لا نعرف الذات، فلو قلنا: جلست النملة على الكرسي، فكيف جلوس النملة؟ هل يتناسب مع الكرسي؟ لا، إذاً فما دمنا أننا ما عرفنا ذات الله فكيف نفسر الجلوس؟ كيف يكون ذلك الجلوس؟ مستحيل أن نعرفه، بل كل ما يخطر ببالك فالله منزه عن ذلك، فلا تفتح المجال للخيالات، وقل دائماً: الله أحد، لم يكن له كفؤاً أحد، ليس كمثله شيء. إذاً: صفات الله التي جاءت في القرآن هي صفات جلال وكمال، وصفات ذاتية وفعلية، فيجب على المؤمن والمؤمنة أن يؤمن بها إيماناً راسخاً يقينياً، ولا يحل له أن يؤولها أو يشبه صفات المخلوقات بها، ويلزم دائماً قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].
بيان توحيد الألوهية والشرك فيه
ثالثاً: توحيد الألوهية، ومعنى الألوهية: النسبة إلى الإله، والإله هو الله، والإله معناه: المعبود بالحب غاية الحب، وبالتعظيم غاية التعظيم، وبالذلة والانكسار له وبين يديه غاية الذلة والانكسار.ولا يحصل على هذه الألوهية كائناً من كان إلا الله؛ لأن الإله بمعنى: المعبود بالحب والتعظيم والطاعة، وهو ذاك الذي امتن عليك بخلقك ورزقك وتدبير حياتك، وما عدا الله فلا، فهل هناك من خلق الشيخ أو رزقه أو دبر حياته؟ لا أحد، إذ لا يوجد في الخلائق من الملائكة والإنس والجن وغيرها من سائر الخلوقات من خلق ولا بعوضة.فلا خالق إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا مدبر إلا الله، فهو رب العالمين، وبالتالي فلا تصح أي عبادة إلا له، وكل من عبد غير الله فقد أشرك في ألوهية الله وخسر خسراناً أبدياً.إذاً: ما هي العبادة التي نخلصها لله ونوحدها له ولا نلتفت أبداً إلى غيره فيها؟ هي العبادة التي شرعها وبينها رسوله، فأنواع العبادات القولية والعملية لا يصح لمؤمن ولا لمؤمنة أن يصرفها لغير خالقه عز وجل، لغير ربه ومالك أمره.ولها مظاهر بإيجاز: منها: الدعاء، فهل تعبدنا الله بالدعاء؟ نعم، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، وقال الرسول في نزول الرب إلى السماء الدنيا: ( هل من داع فأستجيب له؟ ) فالدعاء: سؤال الرب الحاجة، فيا عبد الله الفقير! إذا افتقرت إلى شيء فاسأل ربك، ويقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: ( الدعاء هو العبادة )، سبحان الله! كقوله: ( الحج عرفة )، فحقيقة الحج هو عرفة والطواف والسعي والإحرام ومزدلفة، لكن لا قيمة لها بدون الوقوف بعرفة، إذ من لم يقف بعرفة ما حج ولو طاف سبعين مرة.كذلك من لم يدع الله ما صحت عبادته ولا كان من المؤمنين العابدين، قال تعالى: وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الدعاء مخ العبادة )، فهل هناك حيوان يعيش بدون مخ؟ إذا فسد مخ الآدمي هلك، وكذلك الدعاء إذا فسد بطلت العبادة، والدعاء هو سؤالك غير الله حاجتك. ويبقى إن دعوت من يسمعك ويراك ويقدر على إعطائك، فتقول: يا بني! ائتني بكأس ماء، لقد ظمئت وعطشت، فهذا يجوز؛ لأن الله قد أذن في هذا، إذ قد سألت شخصاً يسمع ويبصر ويقوى على أن يعطيك، لكن لو كان لاصقاً بالأرض مشلولاً، وتقول: يا فلان! أعطني كأس ماء، فهذا عبث وباطل، كذلك تقول لأعمى: من فضلك يا كفيف! دلني على بيت فلان! فهل عاقل يقول ذلك؟! الأعمى لا يعرف الطريق، كيف تقول له: دلني على بيت فلان؟! وبالتالي فالدعاء أن تدعو من يعلم حاجتك، ويرى مكانك، ويقدر على إعطائك وإنقاذك، وهذا لن يكون إلا لله عز وجل، فمن سأل نبياً من الأنبياء، أو ولياً من الأولياء، أو ملكاً من ملائكة الأرض أو السماء وهو لا يراهم ولا يرونه ولا يسمعون صوته ولا يقدرون على إعطائه؛ فقد هبط هذا المخلوق وتمزق، وأصبح شر الحيوانات.ومن هنا عرف العدو الثالوث الأسود من أين يأتي أمة الإسلام، أمة السيادة والقيادة، فسلط عليها من أفسد عقيدتها، فأصبح (75%) من أمة الإسلام من القرن الرابع إلى اليوم يدعون الأولياء، يا سيدي عبد القادر! يا مولاي إدريس! يا سيدي البدوي! وكذلك الروافض: يا فاطمة! يا حسين! يا علي! ونسوا الله عز وجل.وهذا واقع أيها المستمعون والمستمعات، فأي شرك أدهى وأعظم من هذا؟! يقف أمام قبر وينادي: يا فلان! امدد يديك، خذ بيدي، أنا في حماك، أنا في جوارك، أنا كذا وكذا، وهذا قبل وجود دولة عبد العزيز، فقد كنت أسمعه من آلاف الحجاج حول الحجرة الشريفة، واذهب الآن إلى قباب الأولياء في مصر وفي الشام وفي العراق وفي المغرب، بل في أي مكان واسمع وهم ينادون الأولياء بأعلى أصواتهم، فهل يجوز هذا عقلاً؟ وهل يجوز أن تنادي ميتاً لا يعرف عنك شيئاً، ولا يسمع حاجتك، ولا يقدر على أن يمد إليك يد العون، فتضفي عليه صفات الرب وتجعله كأنه الله؟! لا إله إلا الله!وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.68 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.82%)]