عرض مشاركة واحدة
  #102  
قديم 30-04-2021, 06:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

قبل الرحيل



شريفة الغامدي





ها هي أيَّام الشهر الفضيل تُسارِع بالرحيل.









حقًّا والله كانتْ أيامًا معدودات، مضَتْ سريعًا وكأنها سُوَيعات! فلله الحمدُ أنْ بلَّغَنا هذه الأيام الفاضلة، ونسأَلُه - تعالى - القبولَ.





أَزِفَ الرحيلُ، فهل لنا من وقفةٍ مع أنفسنا، نُسائِلها:


ما الذي انسلَخنا به من رمضان؟ ما الذي كسبناه؟ وما الذي أضَفناه لنا ولصحائِفنا فيه؟ ماذا غيَّرنا في داخلنا؟ وماذا أصلَحنا في أنفسنا؟ وما رقعنا من شقوقنا؟


مَن منَّا نالَ الرحمة؟ ومَن غُفِر له؟ ومَن عُتِقَ من النِّيران؟ مَن ابيَضَّتْ صحيفة أعماله؟ ومَن تلطَّخت بالسواد؟


مَن أفلَحَ؟ ومَن تزكَّى؟ ومَن خاب؟ ومَن تردَّى؟


مَن نهى النفس عن الهوى؟ ومَن انساقَ وراء أهوائها؟


مَن منَّا شمَّر وشدَّ المئزر وقام إيمانًا واحتسابًا؟


ومَن منَّا شغلَتْه زحمة الأسواق عن ليلةٍ خير من ألف شهر؟ وما أدراك ما ليلة القدر؟ ليلة العمر، ليلة الرحمة والعتق.


مَن منَّا رُفِعَ له فيها عملٌ صالح؟ ومَن منَّا لم يصدَّه فضلُها عن عمله الطالح؟


مَن منَّا أطال السجود والتعبُّد والدعاء والرَّجاء، مَن منَّا أحسَنَ؟ ومَن منَّا أساء؟





ها هي الرحلة الرمضانيَّة قاربَتْ على الانتهاء، فأين حطَّتْ بك رحالك؟ وما هي وجهتك الأخيرة؟ وما كان زادُك في هذه الرحلة؟ اسأل نفسَك وأجِبْها بصدقِ الصدوق: هل كانتْ رحلة موفَّقة هذا العام أم أنها ككلِّ عام؟!





يا شهر الصيام ترفَّق:


"يا شهر رمضان ترفَّق، دموع المحبين تدفَّق، قلوبهم من ألم الفِراق تشقَّق، عسى وقفة للوداع تُطفِئ من نار الشَّوق ما أحرَق، عسى ساعة توبةٍ وإقلاعٍ ترقع من الصيام ما تخرَّق، عسى مُنقَطِع من ركْب المقبولين يلحَق، عسى أسير الأوزار يُطلَق، عسى مَن استَوجَب النار يُعتق، عسى رحمةُ المولى لها العاصي يُوفَّق"[1].





مَن منَّا أقبَلَ؟ ومَن منَّا أقصَرَ؟ مَن منَّا أتَمَّ؟ ومَن منَّا قصر؟ ومَن أقلَّ ومَن أكثَر، ومَن منَّا تعثَّر ومَن منَّا استغفر؟


مَن عاد كيوم ولدته أمُّه؟ ومَن عاد وعلى جسده جبالٌ من الذنوب تحملها؟


مَن منَّا المقبول فنُهنِّيه كما قال ابن مسعود - رضِي الله عنه؟ ومَن المردود فنعزِّيه؟


مَن منَّا أَذهَبتْ سيِّئاتُه حسناتِه؟ ومَن مِنَّا أذهبتْ حَسناتُه سيِّئاتِه؟


ومَن منَّا أذهَبَ طيِّباته في الحياة الدنيا وشغَلَه الاستكثارُ من الطعام والشراب والملذَّات والملهيات والمسليات؟


مَن لم يزدد في شهر الطاعة إلا غفلة؟





اسأل نفسك وحاسِبْها وعاتِبْها وتَلافِ ما ضيَّعتْ وفرَّطت فيه في هذا الشهر الكريم، فوالله ما بقي منه شيءٌ يُذكَر، اختمْ بالخير شهر الخير؛ فإنما الأعمال بالخواتيم.





واحذر أنْ تكون ﴿ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ﴾ [النحل: 92] بالعودة إلى المعاصي والآثام بعد شهر الصيام، فالطاعة والعبادة والتوبة ليسَتْ في هذا الشهر فقط وتنتَهِي بانتهاء أيَّامه، إنما هو البداية لتَجدِيد العهد والنَّدَم على ما فات والإحسان فيما بقي، فمَن أحسن فيما بقي غُفِر له ما مضى، ومَن أساء فيما بقي أُخِذَ بما مضى وما بقي.







سَلاَمٌ مِنَ الرَّحْمَنِ كُلَّ أَوَانِ

عَلَى خَيْرِ شَهْرٍ قَدْ مَضَى وَزَمَانِ


سَلاَمٌ عَلَى شَهْرِ الصِّيَامِ فَإِنَّهُ

أَمَانٌ مِنَ الرَّحْمَنِ كُلَّ أَمَانِ


لَئِنْ فَنِيَتْ أَيَّامُكَ الغُرُّ بَغْتَةً

فَمَا الْحُزْنُ مِنْ قَلْبِي عَلَيْكَ بِفَانِ










ما فاتَ فاتَ أحبَّتي، وهيْهات أنْ تعود الأيَّام والساعات، فتَدارَكوا الليالي الباقيات.





اللهم اجعَلْنا من المقبولين، ولا تجعلنا من المحرومين.






[1] "لطائف المعارف"؛ ابن رجب الحنبلي.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.16%)]