عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-04-2021, 01:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,434
الدولة : Egypt
افتراضي رتب مصاريفك على قدر دخلك

رتب مصاريفك على قدر دخلك
محمد عبد الله عايض الغبان


خلق الله البشر ومايز بينهم في أشكالهم وألوانهم وطبائعهم وقدراتهم وأرزاقهم ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات).
هذا التمايز في الأرزاق لا يعني الاصطفاء، بل هو محض ابتلاء ولو كان اصطفاء لنال الأنبياء والمرسلون وخواص أتباعهم أعلى المراتب وأوسع الأرزق ( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا).
ومن ثم فإن الناس العقلاء يعيشون حسب ظروفهم ودخلهم المادي فأناس أغنياء على درجات وأناس متوسطو الحال وآخرون فقراء على درجات في فقرهم، والكل مخاطب بالسعي في الأرض لكسب الرزق والنفقة على من يعول (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه).
هذا هو الوضع الطبيعي في كل مجتمع، وغالب الناس يسعون إلى الكمال ومزيد من كسب الرزق، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتخذون كل وسيلة لزيادة دخلهم، وهي وسائل مباحة ما لم تصل إلى حد المبالغة في إجهاد النفس أو إلى ضياع حقوق متوجبة على الشخص.
لكن الغريب حقا أنه في بعض مجتمعاتنا يتكلف الناس والأسر عيشة مادية مكلفة تحاكي عيشة الأغنياء في طعامهم وشرابهم وأثاثهم ومراكبهم ومناسباتهم، ويتحملون جراء ذلك الديون الثقيلة، ويتعرضون إلى سؤال الناس أو للتطلع لما عند الآخرين، فيمسحون بذلك مياه وجوههم، وقد يكذبون ويخادعون ويتعرضون للمحاكمات والسجن والهموم والغموم لعدم قدرتهم على أداء الديون التي تورطوا بها مجاراة للأعراف وللأغنياء.
والمؤمن الفطن لا يعرض نفسه لهذه المواقف الحرجة ويركب الصعب والذلول حتى يصل إلى مستوى زعطان وفلتان من الناس، وحتى يمدح في أوساطهم بما لا يتناسب مع واقعه ومستواه المقسوم له من ربه.
ولتجاوز هذا السلوك السيء فإن كل فرد وأسرة يجب أن تعيش عيشة تتناسب مع دخلها من خلال تقسيم متطلباتها إلى ضروريات وحاجيات وكماليات.
فالضروريات هي الأساس الذي لا يستغني عنه أحد، وهي القدر المتيسر من الطعام والشراب والملبس والمسكن بمواصفات طبقة الدرجة التي يصنفون فيها، ثم الحاجيات كبعض أنواع الدواء وما يتيسر من المراكب التي تصلح لوضعهم.
وتأتي الكماليات في مؤخرة القائمة، وهي تختلف حسب البيئات، ويمكن جدا العيش بدونها، ويقسم الدخل بناء على ذلك مع الأخذ في الاعتبار الحالات الطارئة.
وبما أن الموضوع طويل يصعب تفصيله فإن هذه رؤس أقلام يقاس عليها ما سواها، وبدون الترتيب الجيد سيعيش الفقراء ومن يقرب منهم في وضع بائس، فلاهم فقراء حسب مظاهرهم الزائفة ولاهم أغنياء حسب حالهم الحقيقي، وذوبان الفروق بينهم من المستحيلات التي يحاول بعضهم ردمها بتصرفاته التي تعتبر حمقاء وطائشة؛ لما يترتب عليها من مصائب وكوارث تمت الإشارة إليها، وصدق الحق - سبحانه - "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" هذا في الواجبات الشرعية فكيف بما هو دونها!.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.59 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.87%)]