عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 22-04-2021, 03:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (4)
الشيخ جمال عبدالرحمن


[31:40]



31- العاقلة وحسن تدللها مع زوجها:
لا شك أن الرجل الحصيف يعطي زوجته الفرصة لتمزح وتتدلل معه، بل ويدللها هو، فإن ذلك من حسن العشرة التي أمر الله تعالى بها في قوله: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. ﴾[النساء: 19]، وإذا كان الأمر كذلك فلا غرابة أن نرى عائشة - رضي الله عنها - تقول: يا رسول الله، أرأيت لو نزلت وادياً وفيه شجرة قد أكل منها، وشجرة لم يؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال صلى الله عليه وسلم: (في التي لم يرتع منها). قالت - رضي الله عنها -: فأنا هي[1].

ومثل هذا الحديث يدخل السرور في نفس الزوج، وهي تقصد - رضي الله عنها - أنه تزوجها بكراً، ولم يسبقه إليها أحد قبله صلى الله عليه وسلم، مثل الشجرة التي لم يؤكل منها، وهذا من حسن العشرة، وتَأَتِّي الأمور والتدلل مع الزوج. وتقول أيضاً: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم - أي سمنت - سابقني فسبقني، فقال: (هذه بتلك)[2].

32- العاقلة وعون زوجها على طاعة ربه:
أم كلثوم بنت الصديق - رضي الله عنهما - ترى زوجها أبا طلحة بن عبيد الله مهموماً لم ينم ليلته، وكان غنياً فتسأله عم أهمه وأقض مضجعه، فقال لها: أتاني من حضرموت سبعمائة ألف درهم، فتفكرت منذ الليلة، فقلت: ما ظن رجل بربه يبيت وهذا المال في بيته؟ قالت: فأين أنت عن بعض أخلائك وأصحابك؟ فإذا أتى الصباح فادع بجفان وقصاع - أواني - وقسمه بينهم، فقال لها: رحمك الله! إنك موفقة بنت موفق، فلما أصبح دعا بجفان ووضع فيها المال، فقسمه بين المهاجرين والأنصار، ولم يكد يترك لبيته شيئاً، فقالت له: أبا محمد، أما كان لنا في هذا المال من نصيب؟ فقال: أين أنت منذ اليوم؟ فشأنك بما بقي، قالت: فما بقي إلا صرة فيها نحو ألف درهم[3].

نعم، فإن أم كلثوم زوجة أبي طلحة لم تجعل الدنيا أكبر همها، فهي تربية أبي بكر الصديق، وأخت عائشة، وزوجها أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومثلها تعد من أمهات نساء الإسلام، عون للزوج على طاعة ربه، لكننا نرى حفيداتها اليوم ولسان حالهن يقول: نفسي نفسي، فساتيني، موضتي، بيتي، حفلاتي، صديقاتي، لكن العاقلة تعلم قول الله تعالى: ﴿ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 109].

33- العاقلة وعون زوجها في عمله:
تقول أسماء بنت الصديق - رضي الله عنها: ـ تزوجني الزبير وما له شيء غير فرسه، فكنت أسوسه - أي أقوم عليه بما يصلحه - وأعلفه، وأدق لناضحه النوى، وأستقي وأعجن، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير - التي أقطعه رسول صلى الله عليه وسلم - على رأسي، وهي على ثلثي فرسخ - ثلاثة كيلو مترات تقريباً - قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعدُ بخادم فكفتني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني[4].

وقولها: فكأنما أعتقني، يدل على شدة المعاناة والتعب الذي كانت تلقاه من ذلك العمل، لكن المرأة كلما استطاعت معونة زوجها في حدود طاقتها فلتفعل، وهي في ذلك في عداد الصالحات.

34- العاقلة عند غضب زوجها:
لنسائنا وبناتنا في أمهات المؤمنين أسوة، وخاصة معاملة الزوج، فالزوج بشر يعتريه الغضب، وعلى العاقلة أن تمتص غضب زوجها؛ إما ببشاشتها في وجهه حتى لا يزداد في غضبه، وإما بالانصراف من أمامه حال غضبه إن كان البقاء ربما يصعد الموقف ويزيد من الغضب، وإما بسؤاله بسرعة عما أغضبه لمحاولة إزالة سبب الغضب، وإبداء الاستعداد للاعتذار وإرضاء الزوج، وهذا ما فعلته أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - تقول إنها اشترت نمرقة[5] فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل، قالت: فعرفت في وجهه الكراهية، فقلت: أتوب إلى الله والى رسوله، ماذا أذنبت؟ قال: (ما بال هذه النمرقة؟) فقالت: اشتريتها لتقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم). وقال: (إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة) [6]. فعائشة - رضي الله عنها - اشترت وسادة أو سجادة ليجلس عليها النبي صلى الله عليه وسلم، والظاهر أنها لم تعرف أن التصاوير التي عليها ممنوعة، فلذلك لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم من خارج بيتها ورأى الصور وقف غاضباً ولم يدخل، وهي لم تعلم سبب غضبه، فبادرت بالاعتذار والتوبة مما أغضبه صلى الله عليه وسلم، فبين لها أن الصور يعذب صانعوها يوم القيامة، وإذا عذب صانعوها عذب من يستعملها مثلهم، فمزقت النمرقة وشقتها حتى شوهت الصورة، وجعلتها وسادتين.

ذكر ذلك ابن حجر[7] - رحمه الله - في شرح الحديث وأوردته باختصار.

35- العاقلة عندما يطلقها زوجها:
في أول ظهار[8] وقع في الإسلام، قال أوس بن الصامت لزوجته: أنت علي كظهر أمي، وكان الظهار عند أهل الجاهلية يعد طلاقاً، فشق ذلك على زوجته، فقد كانت وحيدة، فقيرة، ذات صبية صغار، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفتيه في أمرها، فقال لها: (ما أراك إلا وقد حرمت عليه). فحزنت واشتكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجعت النبي صلى الله عليه وسلم وحاورته وجادلته مرة بعد مرة، وهي تنظر إلى السماء وتشتكي وتقول: أشكو إلى الله مما لقيت من زوجي حال فاقتي - فقري - ووحدتي، وقد طالت معه صحبتي ونفضت له بطني - يعني ولدت له كل ما في بطنها - وتقول: اللهم أنـزل على لسان نبيك[9]، يعني وحياً يحل المشكلة.

وسبحان من وسع سمعه الأصوات: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [المجادلة: 1].

وجاء الوحي بالفرج، جاء بالكفارة منزل الوحي، وقد قامت عائشة تغسل شق رأسه صلى الله عليه وسلم.

ما أعظم الشكوى إلى الله واللجوء إليه حين تلجأ العاقلة إلى ربها وخالقها وقت الشدة، تدعو وتشتكي إليه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ. ﴾ [النمل: 62]، بدلاً من أن تشتكي إلى أمها وأبيها والجيران وكل من يعنيه الأمر ومن لا يعنيه، وتلجأ إلى المحاكم وشهود الزور وتطول القضية، وتسوء العاقبة.

36- العاقلة عندما تطلب هي الطلاق من زوجها (الخلع):
جاءت حبيبة بنت سهل زوجة ثابت بن قيس وكان مسلماً صالحاً، وكان أسود دميماً، فقالت: يا رسول الله، إن ثابت بن قيس لا أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكنني أكره الكفر في الإسلام (أي كفران نعمة الزوج والعشير وعدم إعطائه حقه بسبب بغضها لسواده ودمامته). فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتردين عليه حديقته؟) وكان أعطاها حديقة مهراً، فقالت: نعم، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، فقال له: (طلقها طلقة). فطلقها ثابت[10].

وذكر الحافظ في الفتح أنها قالت: يا رسول الله، لا يجتمع رأسي ورأس ثابت أبداً، إني رفعت الخباء فرأيته أقبل في عدة هو أشدهم سواداً وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهاً. فقال: (أتردين...) الحديث[11].

وكثير من النساء إذا نوت الطلاق نوت الشقاق، لكن زوجة ثابت أتت بها صريحة صادقة، لأنها تعلم أنها سترجع إلى ربها يوماً ويحاسبها على كل شيء، فلم ترد أن تعيش مع زوجها حياة مزيفة، تبخسه فيها حقه بسبب بغضها لشكله وهيئته، وفي نفس الوقت قررت أن الطلاق "الخلع" رغبة منها، فلم تظلمه ولم تزعم أنه هو المطلق لتضيع عليه حقه ومهره، وما أحوج نساءنا لهذا الخلق.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.41 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]