عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 22-04-2021, 03:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,030
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (2)
الشيخ جمال عبدالرحمن


[11- 20]

11- العاقلة والثبات مع حسن التصرف عند فجيعة المأزق


ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه (الجواب الكافي): "أن رجلاً كان واقفاً بإزاء داره[1]، وكان بابها يشبه باب حمام منجاب[2]، فمرت جارية لها منظر، فقالت: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ فأشار إلى بيته وقال لها: هذا حمام منجاب، فدخلت الدار - وهي لم تعرف أنه خدعها - ودخل وراءها، فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه قد خدعها، أظهرت له البشرى والفرح باجتماعها معه، وقالت له: يصلح أن يكون معنا ما يطيب به عيشنا وتقر به عيوننا، فقال لها: الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين، وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها، فأخذ ما يصلح ورجع فوجدها قد خرجت وذهبت.."[3].

سبحان الله! رغم أنها وقعت في ورطة عظمى،ومصيبة كبرى، لكنها بما تتمتع به من ذكاء وثبات، ورجاحة عقل، وهدوء أعصاب استطاعت بتوفيق الله أن تنجو من هذا المأزق المهين كما تخرج الشعرة من العجين، ولو أنها ارتبكت، وصاحت وبكت؛ لحاول الخبيث كتم فمها وأنفاسها، ثم قام بافتراسها، ليفعل بها ما يريد، وليقضي على الأخضر واليابس من عرضها وشرفها.

نسأل الله تعالى أن يعافي بنات المسلمين من مثل ذلك الخائن اللئيم.

12- العاقلة وتحصين فرجها عن الفاحشة:


ضرب الله تعالى مثلاً في الطهر والعفاف بواحدة من سيدات نساء العالمين، وهي مريم ابنة عمران، فقال تعالى: ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا.. ﴾ [التحريم: 12].

وعلى طريق مريم سارت عاقلات صالحات قانتات، نذكر منهن هذه الأمثلة:
هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان، بايعت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح مع النساء، وبايعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا يسرقن ولا يزنين، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قولتها المشهورة: وهل تزني الحرة[4]؟ وحقاً ما قالت، فإنها تعبر عما ينبغي أن يستقر في قلب كل حرة عاقلة، وأن الحرة حقاً ينبغي إلا تكون أسيرة لشهوتها ولا مطيعة لمن يقضي على عفتها.

وعن جابر رضي الله عنه أنه كان لعبدالله بن أبي بن سلول جارية يقال لها: مسيكة، وأخرى يقال لها: أميمة، فكان يكرههما على الزنى، فشكتا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله:﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ... ﴾ إلى قوله: ﴿ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[5].

وهذه معاذة جارية عبدالله بن أبي بن سلول أيضاً، وكان عنده أسير، فكان ابن سلول يضربها لتمكن الأسير من نفسها، رجاء أن تحبل منه فيأخذ ابن سلول فداء عن الأسير وابنه، وهو العرض الذي قال الله تعالى فيه: ﴿ لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾. وكانت الجارية تأبى عليه، وكانت مسلمة، فأنـزل الله تعالى فيها الآية: ﴿ ... وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.. ﴾[6] [النور: 33]. والقصة رواها الطبراني والبزار[7] عن ابن عباس قال: كانت لعبدالله بن أُبي جارية تزني في الجاهلية، فلما حرم الزنى قالت: لا والله لا أزني أبداً، فنـزلت:﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ.. ﴾ الآية.

وفي القصة الأولى كنا نذكر قول هند:{هل تزني الحرة؟}. وفي غيرها رأينا الجاريات ترفض أيضاً الزنى!

إذن فمن هذه التي تقبل الزنى وتقدم عليه؟ لا شك أنها الوضيعة الحقيرة التي وضعت شرفها وعفتها تحت تصرف الزاني بها، وهي دون الحرة، وأقل من الجارية، فهي أقرب إلى الحيوانات، والعاقلة لا تفعل ذلك.

13- العاقلة والحياء


عن يعلى بن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:{إن الله تعالى حييٌّ ستير يحب الحياء والستر}[8]. وأعظم ما يجمل المرأة حياؤها، وإذا فقدت حياءها فقدت أنوثتها وعفتها وصارت عرضة لكل خلق سيء.

ومن النماذج المشرفة في الحياء ما روته عائشة - رضي الله عنها - قالت: جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة - رضي الله عنها - تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ عليها: ﴿ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ... ﴾ الآية، قالت، عائشة: فوضعت فاطمة بنت عتبة يدها على رأسها حياء، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى منها[9]. فبمجرد أن سمعت فاطمة بنت عتبة نص البيعة: ﴿ وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ ﴾ وضعت يدها على رأسها وأخفت وجهها حياء، حتى أعجب النبي صلى الله عليه وسلم بما رأى منها، فأين كثير من بنات زمننا من ذلك؟!


وهذه فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم لما رأت جنائز النساء تحمل الواحدة منهن على النعش مكشوفاً وتغطى بثوب فيعرف رأسها وصدرها وحجمها، فاستقبحت فاطمة ذلك، فقالت لأسماء بنت عميس: إني استقبح ما يصنع بالنساء، يطرح على المرأة الثوب فيصفها - أي يظهر حجم أعضائها -، فقالت لها أسماء: يا ابنة رسول الله، ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد - عيدان الجريد - رطبة، فحنتها - أي جعلتها محنية على شكل قوس - ثم طرحت عليها ثوبا، فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله، إذا مت فغسليني أنت وعلي ولا يدخلن أحد عليَّ[10].

قال ابن عبدالبر: هي أول من غطي نعشها في الإسلام على تلك الصفة.

إذا كان هذا حياء فاطمة رضي الله عنها عند الموت، تريد غطاء مرتفعاً من جريد تعرف به المرأة من الرجل ولا يعرف لها حجم وهي تحته فلا ينظر إليها بعد إذ علم أنها امرأة. فماذا نقول لمن تلبس الثياب المجمسة التي تظهر تفصيلات جسمها لتعرضه على البر والفاجر، أهي عاقلة؟! إن الحيية المحتشمة امرأة، والمتبرجة التي لا تستحي أيضاً امرأة، لكن كم من الفرق بين المرأتين؟!!

14- العاقلة ولزوم البيت وعدم التعرض للرجال


في قصة موسى صلى الله عليه وسلم مع المرأتين في سورة القصص، قال الله تعالى: ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ [القصص: 23].

فامتنعت المرأتان عن سقي غنمهما ابتعاداً عن مخالطة الرجال على البئر، وكان بإمكانهما أن يسقيا قبل كثير من الناس، وذلك بالتعرف على بعض الرجال الذين يحبون مخالطة النساء، كما يحدث من كثيرات ممن تظن أنها صاحبة فهم وتصرف، لكنهما لعفتهما امتنعتا عن مجرد الوقوف عند الرجال على البئر، فاعتزلتا بالغنم حتى ينتهي الرعاة من السقي، ثم ذكرتا العلة من خروجهما أنهما مضطرتان بسبب كبر سن الوالد المقعد في البيت، ويوم أن علمت كل منهما بقوة موسى وأمانته سارعت إلى ترك الخروج، وقالت إحداهما: ﴿ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾[القصص: 26]، لكن الرجل حريص؛ لا يستأجره فيختلط ببناته بلا محرم وهو كبير مقعد، فرأى أن زواجه بإحدى بناته حل للمشكلة من جذورها، بل وجعل المهر عملاً يساهم أيضاً في حل المشكلة:﴿ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ... ﴾[القصص: 27]، يعني ثمان سنوات أو عشر من الخدمة تكون مهراً لابنته، فوافق موسى صلى الله عليه وسلم. إن العاقلة هي التي تعرف إن بيتها هو حصنها وصيانتها.

وعن عمرة رضي الله عنها أن الزبير كان شرط ألا يمنعها المسجد، وكانت امرأة خليقة، فكانت إذا تهيأت إلى الخروج للصلاة، قال لها: والله إنك لتخرجين وإني لكاره، فتقول: فامنعني فأجلس، فيقول: كيف وقد شرطت لك ألا أفعل؟ فاحتال لها على الطريق في الغلس، فلما مرت وضع يده على كفلها فاسترجعت، ثم انصرفت إلى منـزلها، فلما حان الوقت الذي كانت تخرج فيه إلى المسجد لم تخرج، فقال لها الزبير: ما لك لا تخرجين إلى الصلاة؟ قالت: فسد الناس، والله لا أخرج من منـزلي، فعلم أنها ستفي بما قالت، فقال: لا روع يا ابنة عمر، وأخبرها الخبر، فقتل عنها يوم الجمل، ثم خطبها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد انقضاء عدتها من الزبير[11].

15- العاقلة في الحج

كثير من النساء تتساهل في الحج في أمور عظيمة لا ينبغي التساهل فيها أمام الرجال، فيكشفن وجوههن ويختلطن بالرجال، ويتعللن بعلل لا تصلح دليلاً على التساهل، فمن قائلة: نحن في حج والقلوب صافية، ومن قائلة: ظروف الحج تختلف عن أي وقت، وغير ذلك، ونسأل: هل قلوب تلك النساء ومن حولهن من الرجال أصفى من قلوب نساء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن حولهن من الصحابة؟ والجواب: لا، فلماذا إذن قالت فاطمة بنت المنذر العفيفة التقية النقية - رضي الله عنها - وهي في الحج: "كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر، تعني جدتها". قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف "جمع خف"، وأن لها تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاً خفيفاً تستتر به عن نظر الرجال[12].

وإذا كان الحج الآن يحضره ملايين من البشر، فلا تكاد تمشي المرأة إلا والرجال خلفها وأمامها وعن أيمانها وعن شمائلها، فهل يجوز لها أن تكشف وجهها؟ العاقلة تقول: لا.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.61%)]