عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 22-04-2021, 03:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (1)



[1 - 10]


الشيخ جمال عبدالرحمن





6- العاقلة وحب التنزيل

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على أم أيمن فقربت إليه لبناً، فإما كان صائماً وأما قال:{لا أريد}، فأقبلت إليه تضاحكه، فلما كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر لعمر: انطلق بنا نـزر أم أيمن كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما دخلا عليها بكت، فقالا: ما يبكيك فما عند الله خير لرسوله؟ قالت: أبكي أن وحي السماء انقطع، فهيجتهما على البكاء، فجعلت تبكي ويبكيان معها [17].

وفي رواية [18]:{ولكني أبكي على الوحي..} وأم أيمن هي مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وحاضنته، وكانت مولاة لأبيه عبدالله، وهي أم أسامة بن زيد رضي الله عن الجميع.

فأم أيمن رضي الله عنها حين تبكي يظهر من بكائها هموم المرأة المؤمنة العاقلة وأحزانها، تبكي لأنها تابعت القرآن وهو ينـزل آية آية ولم تعد ترى من التنـزيل المزيد.

وقد بكت أيضاً لما قتل عمر؛ لعلمها أن عمر كان حصناً للإسلام ونصراً، ولذلك قيل لها في بكائها على عمر، فقالت: اليوم وهَى الإسلام، أي ضعف[19]. فما هي آلامك وأحزانك أيتها المسلمة؟ لأي شيء تذهب دموعك وتسح عبراتك؟ نريدك باكية على الخطيئة، نادمة على المعصية، نريدك باكية من قراءة القرآن، فإن لم تقدري فمتباكية.

أيتها المسلمة! هل تقرأين من القرآن شيئاً في اليوم والليلة؟ هل أبكتك بعض آياته، ومواقفه الجليلة؟ هل تعلمين بأحكامه، وتهذبين نفسك، وتطهرين سلوكك وقلبك بتوجيهاته وأوامره ونواهيه؟ هذا ما نريده منك أيتها العاقلة.

7- العاقلة وفداؤها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنفسها وأهلها


عن عمارة بن غزية قال: قالت أم عمارة - أمه - رأيتني وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فما بقي إلا نُفَير - نفر قليل - ما يتمون عشرة، وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه - ندافع عنه - والناس يمرون منهزمين، ورآني ولا ترس معي - وهو درع يحمي المقاتل من الضربات - فرأى صلى الله عليه وسلم رجلاً مولياً - هارباً - ومعه ترس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:{ألق ترسك إلى من يقاتل}، فألقاه، فأخذته فجعلت أترس به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل - تقصد اشتد عليهم في القتال راكبو الخيل من الكفار - لو كانوا رجّالة - أي على أرجلهم مثلنا - أصبناهم إن شاء الله، فيقبل رجل على فرس، فيضربني، وترست له - بالدرع - فلم يصنع شيئاً وولى، فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح:{يا ابن أم عمارة، أمك، أمك} أي عاونها على قتل الرجل، فعاونني عليه حتى أوردته شَعوب - اسم للموت[20]. ما شاء الله!

ولو كان النساء كمن ذكرنا
لفضلت النساء على الرجال


ولكن أيتها المسلمة، هل تعرفين لماذا هذا الحب كله والفداء كله لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ اقرئي الفقرة التالية.

8- العاقلة ومنـزلة النبي -صلى الله عليه وسلم- عندها

لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من دفن شهداء أحد انصرف راجعاً إلى المدينة، وخرجت النساء تتفقد أحوال المسلمين، فمر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار، وقد أصيب - قُتل - زوجها وأخوها وأبوها بأحد، فلما نعوا إليها - أبلغت بموتهم - قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه - وكانت لا تعرفه - فأشير إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل - أي هينة[21].

سبحان الله! تلك المرأة من بني دينار يقتل زوجها وأخوها وأبوها ولا تبالي، وكل همها الاطمئنان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأته بعينها سالماً معافى سكن روعها وهدأت نفسها.

سيدي يا رسول الله، لقد كان أصحابك يعرفون حقاً قدرك ومنـزلتك عند الله وعندهم، ففدوك بأنفسهم وأزواجهم وآبائهم وإخوانهم، لكن لما ضعف الإيمان وقلت الهمة وخارت العزيمة تجرأ البعض على أمرك ونهيك وعلى سنتك، بل على شخصك الجليل. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

9- العاقلة مستجيبة لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-

قال الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]. فاستجابت أم حُمَيد رضي الله عنها وعن زوجها أبي حميد الساعدي، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقالت: يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك. فقال لها:{قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي}[22].

قال الراوي عبدالله بن سويد: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله تعالى. وبيت المرأة هو المكان الذي تبيت فيه، وهو أستر مكان في المنـزل كله، فهل تستجيب أخواتنا لتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخص الخروج إلى المساجد وآداب ذلك، في الوقت الذي كثر فيه الاختلاط والسفور والفتن، وغابت الضوابط الشرعية التي تضبط خروج المرأة، وكثر مرضى القلوب والمتعرضون؟ وإن العاقلة لتختار بيتها لتصلي فيه إذا عرفت أن زمننا أشد وأفظع من زمن أم حميد.

ولما خطب النبي صلى الله عليه وسلم في النساء يوم عيد قائلاً:{يا معشر النساء، تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم}[23]، تأثرت النساء جداً بهذا الخبر، فكانت الاستجابة سريعة جداً أيضاً، وفي نفس الموقف، فجعلن يتصدقن من حليهن ويلقين في ثوب بلال رضي الله عنه من أقراطهن وخواتيمهن - والقرط هو الحلق، وفعل النساء هذا الشيء يوم عيد وفرحة وزينة وتباهي بالحلي يدل على سرعة الاستجابة لله ورسوله، والخوف من جهنم، ولو طلب النبي صلى الله عليه وسلم أرواحهن لقدمنها رخيصة افتداء من عذاب النار.

إنها القلوب الحية التي تستجيب لله ورسوله وتختار ما عند الله.

والحديث كما أسلفنا كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلى النساء في يوم عيد، حيث قام صلى الله عليه وسلم يعظهن ويذكرهن بالله. وها هو بتمامه:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{يا معشر النساء، تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار}. فقالت امرأة منهن جزلة[24]: وما لنا يا رسول الله؟ قال:{تكثرن اللعن وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب ٍمنكن}. قالت: يا رسول الله، وما نقصان عقلها؟ قال" {أما نقصان العقل؛ فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل[25]، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي؛ وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين}[26].

10- العاقلة والتعبد بالليل

قال الله تعالى: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ... ﴾ [الزمر: 9]. ها هي حفصة بنت سيرين الأنصارية العالمة الزاهدة العابدة تحفظ القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة، وعاشت سبعين سنة، عمرت كلها بالعبادة والقرآن، مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة - الراحة وقت القيلولة - أو قضاء حاجة كما قال عنها مهدي بن ميمون. ويقول عنها إياس بن معاوية: ما أدركت أحداً أفضله عليها.

وليس معنى هذا دعوة النساء إلى الرهبنة، {فلا رهبانية في الإسلام}[27]، فالإسلام لا يدعو إلى التبتل والانقطاع وترك الأعمال والتربية والخدمة وغير ذلك من الأمور الاجتماعية والحياتية، لكن لا يبغي أحدها على الآخر.

ونموذج آخر هو امرأة رياح بن عمرو القيسي وهو رجل صالح أراد أن يختبر عزيمة امرأته على قيام الليل، فتناوم، فقامت هي تصلي وأيقظته، فادعى التثاقل وأنه سيقوم، فكررت إيقاظه بعد ما مضى ربع الليل، وهكذا إلى أن مضى الليل ولم يقم، فقالت: مضى الليل وعسكر المحسنون وأنت نائم! ليت شعري من غرني بك يا رياح، من غرني بك[28]؟

إن هذا المرأة ما هي إلا نموذج عملي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء}[29] أي رشت عليه من الماء.

وامرأة رياح تأسف على زواجها منه لما رأته لا يقيم الليل، فعلى أي شيء تأسفين في زوجك أيتها المسلمة؟ ألأنه فقير، أم لأنه لا يمتلك سيارة، أم لأنه ليس من أسرة عريقة مرموقة، أم لأنه ضعيف في دينه؟! هذه الأخيرة التي نريد أن تكون مصدر قلق وانـزعاج المسلمة العاقلة.


[1]تلخيص الحبير لابن حجر (ج 1 ص 220)، والمغني (ج 7 ص 416)، وقال: روي أن عمر رضي الله عنه كان يطوف ليلة في المدينة، فسمع امرأة تقول... وذكر الأبيات السابقة، فسأل عمر نساءً: كم تصبر المرأة عن الزوج؟ فقلن: شهرين، وفي الثالث يقل الصبر، وفي الرابع ينفد الصبر. وفي التلخيص: فكتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم أربعة أشهر أن يردوهم. ويروى أنه سأل عن ذلك حفصة، فأجابت بذلك.

[2] البخاري (ج 3 ح 3184).

[3] تفسير القرطبي (ج 18، ص 26).

[4] صحيح الجامع (ح 3795).

[5] الإصابة (ج، ص 238).

[6] مسلم ج 4 ح 2633.

[7] البخاري ج 5 ح 5889، ومسلم ج 3 ح 22/2.

[8] مسلم ج 1 ح 330 وغيره.

[9] رواه أحمد (ج6 ص 360)، وأبو داود (ج1، ص 31)، وقال الألباني في صحيح أبي داود: (حسن) (ح 134).

[10] الاستيعاب لابن عبد البر ج 4 ح 2233.

[11] رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله ثقات. وانظر مجمع الزوائد (6/38).

[12] صحيح أبي داود للألباني ح361.

[13] الخميصة: أي القطعة وهي نوع من الثياب.

[14] البخاري ج 3 ح 2730 عن أبي هريرة.

[15] صحيح أبي داود (ح 280).

[16] تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي ج 1 ص 337.

[17] أخرجه مسلم (7/144)، وأحمد وأبو يعلى من هذا الوجه.

[18] الإصابة لابن حجر ج 8 ص 172.

[19] المصدر السابق نفس الصفحة.

[20] سير أعلام النبلاء للذهبي (2/279)، طبقات ابن سعد (8/413).

[21] سيرة ابن هشام ج 4 ص 50.

[22] صحيح ابن حبان (ج 1 ح 2217).

[23] البخاري (ج 1 ح 298)، ومسلم (ج 1 ح 79)، وغيرهما.

[24] أي: تامة الخلق.

[25] وقد يستخدم بعض البسطاء هذا الحديث مدعاة للتنقيص من شأن المرأة وتعييرها بنقص العقل والدين، وهذا لا يجوز، وإن كان المراد بنقصان العقل قلة الضبط، وكثيراً ما يقع في هذا رجال.

[26] مسلم ج 1 ح 79.

[27] لا رهبانية في الإسلام، والرواية الصحيحة: (ولا تكونوا كرهبانية النصارى). صحيح الجامع ح 2941.

[28] صفوة الصفوة ج 4 ص 44.

[29] صحيح الجامع عن أبي هريرة ح 3494.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.35 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.17%)]