عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 21-04-2021, 06:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

تعلمت في رمضان (4)

بغض اليهود والنصارى


د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي


ما زلتُ في فناء مدرسةِ رمضان، أتعلَّم منها بعضَ القِيَم التي يَسْمُو بها الإنسان في واقِع الحياة، ويَمضي يكتب حظَّه مِن رحلة الدارين، تعلمتُ هنا في رُبوع هذه المدرسة متانةَ العقيدة في حياةِ كلِّ إنسان، وأنَّ علينا أن نُعيدَ بناء هذه العقيدة في نفوسنا، وأن نُمكِّن لها في حياتنا، وأن نُعيد وهجَها في أرواحنا مِن جديد.

إنَّ قضيةَ الولاء والبراء أصلٌ عظيم في دِيننا، والتنبيه على هذه القضية في كِتاب الله تعالى جاء كثيرًا؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51]، وقال - تعالى -: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120].

وقال نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن تشبَّه بقومٍ فهو منهم))، ورمضان جاءَ يُعيد حياةَ هذا المعنى في نُفوسِنا مِن جديد في قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في صحيح مسلم: ((إنَّ فَصْل ما بيْن صِيامنا وصيام أهلِ الكتاب أكْلَة السَّحَر))، وأنت ترَى في الحديثِ الإغراءَ بأكلة السَّحَر لا أنَّها كفيلةٌ بعونك على صيام اليوم التالي فحسب، وإنَّما لأنَّها جاءتْ تحمل صورةَ ورُوحَ المخالفة لليهود والنصارى؛ ((إنَّ فَصْل ما بيْن صِيامنا وصيام أهلِ الكتاب أكْلَة السَّحَر))!

إنَّ المتسحِّر الذي يتسحَّر لمجرَّد السحور قد يترُك أكلةَ السَّحَر حين يكون لا حاجةَ له بها، أو متعبًا لا يستطيع القِيام في لحظتها، أو مشغولاً بإدراك حاجتِه ونحو ذلك، أمَّا المتسحِّر بنيَّة المخالفة لأهلِ الكتاب فإنَّك تجده أحرصَ ما يكون على تحقيقِ هذه المخالفة مِن جهة، وأرغبَ ما يكون في طاعة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بإغاظةِ هؤلاء في المخالَفة.

إنَّ رمضان يُعلِّمنا أنَّ المسافة بيننا وبيْن أهل الكتاب مسافةٌ طويلةُ المدَى، شاسعة الأبعاد، وليس ثمة لِقاء في طريقٍ إلا على الإسلام رُوحًا ومعنًى! وإذا كان رسولنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُغرينا بالسحور؛ لأنَّه مخالفة لهؤلاء، ممَّا يدلك على شقَّة المسافة بيْن المسلمين وأهل الكتاب، وهذا درسٌ ينبغي أن تُعاد قراءته عندَ كلِّ أكلة سحَر في كلِّ ليلة مِن ليالي رمضان، فإذا ما انتهى رمضان وخرَج الشهر مِن حياتنا زادتْ متانةُ هذه العقيدة في نفوسنا، وتأصَّلت مسألةُ الولاء والبراء من جديد، وعادتْ رُوحها تبرق وهجًا في نفوسِ المسلمين؛ وإذا كان هذا مع أهلِ الكِتاب، فما بالك بغيرِهم مِن مِلل الكفر في عالَم الأرض؟!

إنَّ المسألةَ دِين، ويجِب على كلِّ إنسان أن ينظُر لكلِّ كافِر من هذا المنظار، مهما كانتِ الدواعي في العَلاقة مع غير المسلمين، وأنْ نُدرِك أنَّ رمضان فرصةٌ لإحياء هذا المفهوم الذي باتتْ مساحته تَضيق في عقولِ وقلوبِ كثيرٍ من المسلمين، والدعوات تتسارَع إلى التقريب، وباتَ الإعلام يشكِّل تصوراتِ ومفاهيمَ كثيرٍ من الناس على غير هُدًى.

والله المستعان ومنه الحَوْل والطَّول.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.64 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.86%)]