الموضوع: حكايات اليم
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-04-2021, 12:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,030
الدولة : Egypt
افتراضي حكايات اليم

حكايات اليم (1)


محمد صادق عبدالعال








يوم أن التقَم (اليمُّ) ولدي وألقاه إلينا جسدًا غادرته الروح؛ نعتُّه بالغادِر، وتمنَّيت لو أن بيميني ويَساري كل سياط جبابرة الأرض فأُصلِيه عذابًا؛ لم يُصْلَه أحدٌ.

حتَّى إذا آويت لشجرتي التي تتَّكئ على أحد جانبَيه أنوء بجانبِي إعراضًا عنه ورسالةً بالجفاء؛ فيرسل لي بعض ماءٍ، ووردًا من أمواجه يُعالج ما يَبسَ من ودِّ الصحبة؛ لكن هيهات! وأزيد في الإعراض؛ فيَثور لهذا الجفاء فيُلقي بأمواجِه إليَّ جملة واحدة، فأنتفِضُ هائمًا على وجهي متماديًا في إعراضي، فما أحرَّ حرارة الأكباد!

أنَّى أُصافيه وقد شقَّ في صدري المكلوم جَداولَ ماؤها ملحٌ أُجاج؟!
وذات يوم كانت الشمس تودِّع الخلائق والكائنات، وعينايَ التي لا تعرف غيرَها لم تعْدُ عنها حتى تغيب؛ تَنتظر مِن المسافر بَحرًا أن يؤوب، كيف ولقد رأيته يقينًا في الراحلِين!

أغُضُّ الطرفَ حياءً من رب العالمين، أُبصِرُ عينَين جائعتين يجري فيهما الغدرُ مَجرى الدم في العروق، أو كالماء في عطاش الشقوق؛ أخذتني الرجفة والخشية، نظرتُ حولي لم أجد سوى اليمِّ يفتَح لي ذراعيه يستقبلني، يُقلُّني سفينة النجاة، ويُرسل أمواجه العاتية إرهابًا للخَؤون، فيفرُّ هاربًا بين الأجمة والزروع؛ بينما خرجت أنا مُسربَلاً بعباءة البحر، غير مُطالَب بردِّ الجميل.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.35 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.19%)]