عرض مشاركة واحدة
  #498  
قديم 16-04-2021, 06:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,109
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (38)
الحلقة (262)

تفسير سورة النساء (43)


إن طاعة الله عز وجل ورسوله سبيل الهداية والرشاد، وتكون طاعته سبحانه وتعالى باتباع أوامره، واجتناب نواهيه، وحب ما يحبه، وبغض ما يبغضه سبحانه، وكذلك اتباع هدي نبيه صلى الله عليه وسلم وفعل ما أمر وترك ما نهى عنه وزجر، ومن كان هذا حاله فقد استحق موعود الله عز وجل، بأن يدخله سبحانه في رحمته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة النساء
الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع سورة النساء المباركة، وها نحن أيضاً ما زلنا مع الآيات الخمس التي شرعنا بالأمس في دراستها وما وفيناها ما تتطلبه من العلم والمعرفة، فهيا بنا نتلو هذه الآيات، ونتدبر أثناء تلاوتها معانيها، وما تحمله من هدى للمؤمنين والمؤمنات.قال تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا [النساء:66-70].معاشر المستمعين والمستمعات! أليس هذا كلام الله؟ هل هناك من ادعى أنه كلامه من الإنس والجن، هذا الكلام أين يوجد؟ في كتاب الله القرآن العظيم، كتاب الهداية، القرآن كتاب الهداية إلى سبل السلام.. إلى أبواب دار السلام إلى الصفاء والطهر في هذه الحياة، هذا الكتاب الكريم القرآن العظيم الكتاب العزيز الحكيم أعرض عنه المؤمنون والمؤمنات -إلا من رحم الله- وعاشوا على ظلمات الجهل يتخبطون في حيرة متى يعودون إلى هذا الكتاب؟هيا نتأمل! وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ [النساء:66]، أي: فرضنا عليهم، أي: على أولئك الذين يتهربون من التحاكم إلى رسولنا، والإذعان لما في كتابنا هؤلاء الذين يدعون الإيمان وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ [النساء:66]، هل يطيعوننا؟ما يستطيعون، ما أطاعوا الله في أبسط الأشياء كيف يطيعونه في أجلها وأعظمها، الذي ما يطيع الله في هذه العبادات، في هذه الآداب والأخلاق فيسمو بها، يستطيع أن يطيعه في عظائم التكاليف؟ إلا قليل منهم، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لو أمرنا لفعلنا، وبلغ ذلك الخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( إن من أمتي رجالاً إيمانهم في قلوبهم أثبت من الجبال الرواسي ). هذا أولاً.وثانياً: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ [النساء:66]، لو أنهم فعلوا ما يؤمرون به، ويبين لهم فوائد هذا الأمر ونتائجه الطيبة، وانتهوا عما رغبوا عنه؛ ليتركوه من المحرمات والآثام، لو فعلوا لكان خيراً، لهم أليس كذلك؟ إي نعم.وشيء آخر قال: وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا [النساء:66]، أي: للإيمان في قلوبهم.ومن هنا عرفنا -زادنا الله معرفة-: أن العمل الصالح هو الذي يقوي الإيمان، ويزيد في أنواره وطاقته.ومن سنن الله تعالى: أن الحسنة تتولد عنها حسنة، وأن السيئة تتولد عنها سيئة، فأيما مؤمن يقوم آخر الليل يتطهر ويبكي بين يدي الله في صلاة ركعتين إلا ارتفع منسوب إيمانه من الإشارة إلى الخمسين إلى التسعين والمائة.ما من مؤمن في جيبه ريال أو عشرة وحاجته ملحة ويرى من هو ضعف وجوع أشد منه يخرج ذلك ويضعه في يد ذلك المؤمن وهو لا يعرفه ولا يعرف من هو إلا ارتفع منسوب إيمانه فوق ما نتصور.فقط تدفعه نفسه وهواه إلى ارتكاب معصية، فيذكر الله عز وجل، فترتعد فرائصه ويعلن عن توبته قبل أن يقدم على الجريمة نادماً إلا كان إيمانه فوق ما نتصور.ففعل الأمر كترك النهي من شأنهما أن يثبتا الإيمان في قلب صاحبهما، واقرءوا: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ [النساء:66]، في دنياهم وأخراهم، وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا [النساء:66]، أي: للإيمان في قلوبهم، فلا زعزعة ولا انتفاض ولا ولا..، ولكن ثبات واستقرار.وشيء آخر وعطية أخرى: وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [النساء:68]، هذه الآيات هيا نقرأها على مسلمي اليوم هم أحق بها من الأولين؟ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ [النساء:66]، على منابر الجمع في العالم الإسلامي، كل جمعة، بيان الحلال والحرام، بيان سبل السلام، فهل عمل المسلمون بذلك وانتهت الجرائم والخيانات والخبث والسرقة والحسد والبغضاء والكبر والعناد؟ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا [النساء:66]، وإذاً: وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [النساء:68]. وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ [النساء:66]، ما معنى: ( يوعظون به )؟ الرسول أولياؤه خلفاؤه الدعاة يأمرون بما هو خير وإلا لا؟ وينهون عما هو شر ويذكرون نتائج المعصية ونتائج الطاعة هذا هو الوعظ، لو أن السامعين الموعوظين استجابوا ماذا ينتج لهم؟ قال: لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ [النساء:66]، تطهر نفوسهم وتسمو أخلاقهم، وتتحد كلمتهم ويصبحون كواكب السماء في الأرض، وأشد تثبيتاً للإيمان في قلوبهم. وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:67]، لا يقادر قدره ولا يعرف منتهاه، وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [النساء:68]، ذي كلها عروض إلهية معروضة علينا، ونحن معرضون ما نريد أن نسمع هذا الكلام مشغولون، أليس هذا من كتاب الله؟من الأحق بالإجابة في هذه الآيات منا نحن، أولى الخلق نحن أهل الإيمان والإسلام.

تفسير قوله تعالى: (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم ...)

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ [النساء:69]، هذا عرض آخر: من يطع الله والرسول محمداً صلى الله عليه وسلم، فيم نطيع الله والرسول؟ فيما أمرا بفعله، وفيما نهيا عن فعله، هل هناك شيء آخر؟ لا، طاعتهما فيما أمر بقوله أو اعتقاده أو عمله؛ إذ أعمال القلوب والألسن والجوارح هي الطاعات، وانتهوا عما نهى الله عنه ورسوله من المعتقدات الباطلة الكافرة، والأقوال الفاسدة السيئة، ومن الأعمال الطالحة الخاسرة.والسؤال: هل في الإمكان ذكراً أو أنثى بلغه أن طاعة الله وطاعة الرسول هي التي ترفع الآدمية على الملكوت الأعلى، ثم يعزم على أن يطيع والرسول، ثم يبقى في مزرعته أو في بستانه ولا يسأل عن أوامر الله ما هي؛ حتى أطيعه فيها، ما نواهيه؛ حتى أتجنبها، يمكن هذا؟ ومن المستحيل أن يتحقق لك يا ابن آدم طاعة الله وطاعة الرسول قبل أن تعرف فيما تطيع الله وفيما تطيع الرسول، وكيف حال أمة الإسلام ذات المئات الآلاف بل الملايين؟ ما نسبة العالمين بأوامر الله ونواهيه؟ قدروها! ولا عشرة في المائة، ومن أراد البرهنة والتدليل فنقول: أليست خمت سمائنا وأرضنا من الخبث والشر والفساد؟ فما سبب ذلك؟ ما عرفوا، أولاً: ما عرفوا الله معرفة من شأنها توجد لهم حب الله في قلوبهم والرهبة في نفوسهم؛ حتى يتهيئوا لطاعته، ما سألوا عن الله ولا أرادوا أن يعرفوه، ثم من لم يعرف الله المعرفة الحقيقة يطيعه؟ ما يطيعه، معرفة إجمالية تمشي، لكن هل سألوا عن محابِّ الله في صدق، وعزموا على فعلها؟ هل صدقوا في البحث عن مكاره الله فعرفوها مكروهاً بعد مكروه؟ وما عرفوا مكروهاً إلا تركوه؟ ولو رحلوا من بلادهم لا يستطيعون أن يقعوا في هذا المكروه؟ الجواب: لا والله.نسبة العالمين من أهل الإيمان والتقوى نسبة جزئية فقط، فلهذا ما أثرت في المجتمعات، وبعد نبكي، وهل يجدي البكاء؟ ما الحيلة؟ ماذا نصنع؟ نصرخ آمنا بالله، يا ورثة النبي علمونا دلونا ماذا نصنع؟ هذا الصوت ما نستطيع نرفعه؛ لأنهم يقولون: تعالوا بنسائكم وأطفالكم تتعلموا دينكم؛ لتكملوا وتسعدوا، ونحن غير مستعدين؛ فعدنا من حيث بدأنا؛ ليمضي حكم الله فينا. وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ [النساء:69]، العظيم صلى الله عليه وسلم طاعة حقيقة: فعل ما أمرا به وترك ما نهيا عنه، وقد علمنا وزادنا الله علماً حقيقة يسألها بلايين البشر، وهي: أن أوامر الله هي عبارة عن أدوات الإصلاح والإكمال والإسعاد، ما فيها أمراً يضر بك أبداً، وأن منهيات الله والرسول ما هي إلا منهيات كنهي الطبيب عن شرب السم وأكل الجيفة المنتنة، إياك أن تفهم أن هذه الأوامر تنغص حياتك، أو تكدر صفو حياتك، والله ما هي إلا أدوات رفعتك وكمالك وإسعادك.وأن المنهيات ما هي إلا قاذورات وأوساخ منتنة عفنة؛ ليتجنبها عبد الله ووليه، أو نشرح؟هل في الزنا واللواط شيء طاهر طيب؟ هل في الكذب والخيانة والتلصص والإجرام.. هل في الكفر والشرك ما يسعد؟ما هي أوساخ دنسة، لكن لا نلوم إخواننا؛ ما علموهم.. ما عرفوهم. ‏

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.16 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.98%)]